القضاء الأميركي يتهم رئيس هندوراس بتلقي ملايين الدولارات من مهربي مخدرات

يُعد «شريكاً مميزاً» لترمب

رئيس هندوراس خوان أورلاندو هيرنانديز (أرشيفية - رويترز)
رئيس هندوراس خوان أورلاندو هيرنانديز (أرشيفية - رويترز)
TT

القضاء الأميركي يتهم رئيس هندوراس بتلقي ملايين الدولارات من مهربي مخدرات

رئيس هندوراس خوان أورلاندو هيرنانديز (أرشيفية - رويترز)
رئيس هندوراس خوان أورلاندو هيرنانديز (أرشيفية - رويترز)

أكد مدعٍ عام فيدرالي في نيويورك أمس (الأربعاء) أن الرئيس الحالي لهندوراس خوان أورلاندو هيرنانديز تلقى رشاوى بملايين الدولارات من مهربي مخدرات بينهم زعيم الكارتل المكسيكي «ال تشابو».
وقال المدعي العام في بداية جلسة محاكمة أحد إخوة الرئيس بتهمة الاتجار بالمخدرات إن «المتهم كان يتمتع بحماية الرئيس الحالي (لهندوراس) الذي تلقى ملايين الدولارات من الرشاوى من مهربي مخدرات أحدهم (خواكين) غوزمان + ال تشابو»، بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية للأنباء.
وأضاف مساعد المدعي العام جيسون ريتشمان في اليوم الأول من محاكمة خوان أنطونيو «توني» هيرنانديز ألفارادو أن «ال تشابو» قام «بتسليم مليون دولار إلى المتهم لنقلها إلى أخيه (الرئيس)».
وكتب رئيس هندوراس في تغريدة على «تويتر» رداً على تصريحات المدعي العام، أن هذه الاتهامات «خاطئة مائة في المائة وعبثية ومثيرة للسخرية».
وفي وثيقة نشرت في أغسطس (آب)، أكد الاتهام أن مهرباً للمخدرات من هندوراس لم يكشف اسمه، ساهم بـ1.5 مليون دولار في الحملة الانتخابية للرئيس الحالي في 2013.
ويبدو أن الجزء الأكبر من هذه الأموال دفع لسياسيين محليين من أجل دعم هيرنانديز الذي كان حينذاك رئيساً للبرلمان.
وفي كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 سبتمبر (أيلول)، دان رئيس هندوراس الذي أعيد انتخابه في 2017 «حملة تشهير يشنها مهربو مخدرات وعصابات وأشخاص فاسدون وقتلة وحتى سياسيون».
وفي هندوراس، دعت مظاهرات عديدة إلى استقالته.
ورئيس هندوراس شريك مميز للرئيس الأميركي دونالد ترمب وأبرم معه الأسبوع الماضي اتفاقاً للتعاون حول طلبات اللجوء، يهدف إلى الحد من الهجرة السرية.
إلى جانب رئيس هندوراس الحالي، يريد مكتب المدعي الفيدرالي في مانهاتن جوفري بيرمان أن يثبت خلال المحاكمة أن الرئيس السابق بورفيريو لوبو (2010 - 2014) أيضاً استفاد من دعم مالي من مهربي مخدرات.
وتفيد الوثيقة التي نشرت في أغسطس (آب) أن المرشح لوبو تسلم من مهرب المخدرات نفسه الذي قدم المال للرئيس الحالي، دفعتين قيمة كل منهما مليون دولار خلال حملة الانتخابات الرئاسية في 2009.
واعتبر مساعد المدعي العام جيسون ريشمان أن الرجلين اللذين ينتميان إلى حزب واحد «انتخبا رئيسين بفضل أرباح تهريب المخدرات جزئياً».
وفي هذه المرحلة لم يوجه القضاء الأميركي الاتهام رسمياً لأي منهما مع أن القانون الفيدرالي الأميركي ينص على عقوبات للوقائع التي وردت.
ويرفض الرئيسان السابق والحالي الاتهامات.
وينص محضر اتهام شقيق الرئيس الحالي على استدعاء خمسة شهود.
وقال أميلكار هيرنانيدز أحد إخوتهما الـ17 وكان حاضراً الأربعاء في المحكمة الفيدرالية في مانهاتن، إن الاتهامات الموجهة لتوني هينانديز مصدرها «مجرمون» وهي «نتيجة مكافحة تهريب المخدرات» التي يقودها الرئيس.
وكان توني هرنانديز (41 عاماً) النائب السابق، أوقف في مطار ميامي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 واتهم بالاتجار بالمخدرات وحيازة أسلحة نارية والإدلاء بشهادة زور.
وتقول الحكومة الأميركية إنه متورط في تهريب المخدرات منذ 2004 على الأقل وشارك لأكثر من عشر سنوات في توزيع الكوكايين.
ويتهمه مدعي مانهاتن الفيدرالي أيضاً بالتورط في جريمتي قتل على الأقل بين عصابات متناحرة في 2011 و2013.
ويمكن أن يحكم عليه في ختام هذه المحاكمة التي من المقرر أن تستمر عشرة أيام، بالسجن خمس سنوات على الأقل ومدى الحياة على الأكثر.
ومنذ سنوات، لاحق القضاء الأميركي قادة سياسيين في مناصبهم أو سابقين ومهربي مخدرات من هندوراس وأوقف بعضهم وأصدر أحكاماً عليهم بعد تحقيق تشرف عليها نيويورك.



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.