طهران لا تزال «منفتحة» على الحوار وبومبيو يدافع عن فاعلية العقوبات

طهران لا تزال «منفتحة» على الحوار وبومبيو يدافع عن فاعلية العقوبات
TT

طهران لا تزال «منفتحة» على الحوار وبومبيو يدافع عن فاعلية العقوبات

طهران لا تزال «منفتحة» على الحوار وبومبيو يدافع عن فاعلية العقوبات

أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس، أن طهران لا تزال «منفتحة» على الحوار بعد فشل المبادرة الفرنسية التي هدفت للتقريب بين الأميركيين والإيرانيين على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، فيما أعرب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عن تفاؤله حيال إظهار العقوبات على إيران تأثيرها.
وأكد روحاني أن إيران كانت جاهزة لإجراء «مفاوضات مثمرة»، وذلك في إشارة إلى جهود نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون الدبلوماسية في نيويورك يومي 23 و24 سبتمبر (أيلول) الماضي.
وسعى ماكرون إلى أن يتم عقد لقاء مباشر بين روحاني ونظيره الأميركي دونالد ترمب، لكن إيران رهنت أي تغيير في موقفها برفع العقوبات أولاً.
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في أعقاب لقاء مع نظيره الإيطالي لويجي دي مايو، في روما أمس: «نظريتنا تعمل، وموارد إيران تتناقص مقارنة بذي قبل»، وأعرب أيضاً عن تفاؤله حيال الدخول في محادثات مع الإيرانيين والتوصل إلى تهدئة.
من جهته، أعلن الرئيس روحاني في مجلس الوزراء: «من وجهة نظري، لا تزال الطريق (أمام الحوار) مفتوحة». وأوضح أن فرنسا أعدت خطة «كانت قابلة للقبول»، لكن «البيت الأبيض هو من منع التوصل لنتيجة» بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فيما ذكرت وكالة «رويترز» عن روحاني أن خطة ماكرون للمحادثات بين الولايات المتحدة وإيران «تلقى قبولاً على نطاق واسع في بلاده»، مضيفاً أن بعض الصياغات تحتاج لتعديل في الخطة التي تنص على ألا تسعى إيران للحصول على أسلحة نووية، وأن تساعد في أمن المنطقة وممراتها المائية، وأن ترفع واشنطن جميع العقوبات. وتسمح الخطة لإيران كذلك باستئناف مبيعات النفط على الفور.
وأعرب روحاني عن شكره «للرئيس الفرنسي، فقد بذل قصارى جهده خلال الساعات الـ48 في نيويورك، خصوصاً خلال الساعات الـ24 الأخيرة» هناك، وذلك في كلمة نقلها التلفزيون الرسمي. وأضاف أنه في «ذروة... المفاوضات الدبلوماسية، أعلن الرئيس الأميركي مرتين» خلال 24 ساعة «بوضوح أن (الولايات المتحدة) تريد تكثيف العقوبات ضد إيران». وتابع: «قلت لأصدقائنا الأوروبيين: ما الذي علينا تصديقه؟ هل نصدق ما تقولونه أنتم من أن الولايات المتحدة حاضرة (لرفع العقوبات)، أم ما يقوله الرئيس الأميركي؟»، عادّاً أن انعدام الثقة هو ما منع عقد اللقاء بينه وبين ترمب في نيويورك. ولم يشر روحاني خلال كلمته إلى أنه كان ينوي عقد محادثة مباشرة مع ترمب، هاتفياً أو وجهاً لوجه، لكنه ذكر أن قوى أوروبية تواصل جهودها لترتيب محادثات.
وأكد مصدر دبلوماسي فرنسي أن ماكرون تمكن من إقناع ترمب بالاتصال بروحاني في 24 سبتمبر الماضي عبر خط مؤمن أعده الوفد الفرنسي خصيصاً لهذا الغرض في نيويورك، وبموافقة الطرفين، يربط بين فندق «لوتي» حيث يقيم الرئيس الأميركي وفندق «ميلينيوم» حيث الوفد الإيراني، لكن روحاني رفض في نهاية الأمر قبول الاتصال.
وأعلن روحاني مطلع سبتمبر الماضي أن إيران ترفض بالمبدأ فكرة «مفاوضات ثنائية مع الولايات المتحدة». لكنه مع ذلك فتح الباب أمام مفاوضات مع واشنطن «كما في الماضي» حول الملف النووي، أي ضمن إطار صيغة «5+1»، إذا قامت الولايات المتحدة برفع عقوباتها عن إيران.
وتضمّ مجموعة «5+1» الصين وبريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وروسيا، أي الدول الست التي تفاوضت مع طهران حول الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه عام 2015 في فيينا.
وكانت ألمانيا وفرنسا من بين الدول الموقعة على الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران وقوى عالمية عام 2015 وأعلن ترمب انسحاب الولايات المتحدة منه العام الماضي.
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إن خطة ماكرون المؤلفة من 4 نقاط للمحادثات «قُدمت بكلماته هو، ولا تشمل وجهات نظرنا» لكن العمل سيستمر.
ونقلت وكالة «إرنا» الرسمية عن ظريف قوله: «من الضروري أن تستمر هذه المفاوضات إلى حين طرح القضايا على نحو واضح. سنواصل هذه الاتصالات»، مشددا على أن إيران لا تسعى لحيازة أسلحة نووية.
وازداد التوتر بين طهران وواشنطن منذ انسحاب الأميركيين من الاتفاق النووي في مايو (أيار) 2018، وإعادتهم فرض عقوبات اقتصادية مشددة على إيران.
واقترب البلدان من مواجهة مباشرة في يونيو (حزيران) الماضي، على خلفية تصعيد عسكري في الخليج.
وأدت هجمات صاروخية في 14 سبتمبر الماضي ضد منشأتين نفطيتين سعوديتين، نسبتها واشنطن والأوروبيون إلى إيران، إلى مزيد من التوتر.
إلى ذلك، شجب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، الهجوم على منشأتي نفط سعوديتين الشهر الماضي، لكنه أبدى تحفظاً على تحميل إيران مسؤولية الهجوم، وقال إن «الولايات المتحدة لم تقدم أي دليل على ضلوع طهران في الأمر». وذكر في مؤتمر عن الطاقة في موسكو أن فرنسا حاولت ترتيب اجتماع بين الرئيسين الإيراني والأميركي عقب الهجوم، لكن المساعي فشلت لأن طهران تريد رفع العقوبات الأميركية المفروضة عليها.
وقال بوتين: «نشجب تلك (الهجمات)، لكننا ضد إلقاء المسؤولية على إيران، لأنه لا دليل على ذلك»، مضيفاً أن نظيره الإيراني حسن روحاني أبلغه شخصياً بأنه «لا صلة لطهران بالهجمات» وفقاً لـ«رويترز».
ولروسيا علاقات وثيقة مع كل من إيران والسعودية، وعزا بوتين الفضل في استقرار أسعار الطاقة العالمية إلى التعاون بين موسكو والرياض.



تحقيقات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي: أحداث 7 أكتوبر كان ممكناً منعها

قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)
قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)
TT

تحقيقات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي: أحداث 7 أكتوبر كان ممكناً منعها

قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)
قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)

نشر جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) ملخصاً لتحقيقاته في إخفاقاته خلال الفترة التي سبقت هجوم جماعة «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وخلص إلى وجود إخفاقات داخل المنظمة، لكنه أشار في الغالب إلى عناصر خارجية مثل التقسيم غير الواضح للمسؤوليات مع الجيش الإسرائيلي، وسياسة حكومية دفاعية مفرطة فيما يتعلق بغزة على مرِّ السنين، وعدم ملاءمة جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي لمواجهة عدو يشبه في طريقة قتاله «حماس»، وفق ما نقلته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

ويقول جهاز الأمن إن هناك حاجة إلى تحقيق أوسع نطاقاً، وهو تلميح محتمل إلى الحاجة المتصورة إلى لجنة تحقيق حكومية، التي رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تأسيسها.

ويقول الجهاز إن كثيراً من نتائج التحقيق لا يزال سرِّياً، لأنها ستكشف عن أدوات وأساليب استخباراتية سرية لدى «شين بيت».

وقد توصَّل التحقيق إلى أن «شين بيت» فشل في توفير تنبيه للهجوم الواسع النطاق الذي شنَّته «حماس» في السابع من أكتوبر. ولم تسفر إشارات التحذير التي تلقاها «شين بيت» في ليلة السادس من أكتوبر عن اتخاذ إجراءات كبرى من الأجهزة الإسرائيلية.

وبينما تمكَّن فريق صغير من ضباط النخبة من «شين بيت»، والشرطة الإسرائيلية الذين تم نشرهم على حدود غزة قبل الهجوم من المساهمة في القتال، فإنهم لم يتمكَّنوا من منع الهجوم الضخم الذي شنَّته «حماس».

رونين بار رئيس جهاز الأمن الداخلي (شين بيت) يشارك في حفل أُقيم في متحف ياد فاشيم للهولوكوست في القدس يوم ذكرى الهولوكوست... 5 مايو 2024 (متداولة)

أسباب الفشل

يشير التحقيق إلى أسباب عدة، تتعلق بالاحتراف والإدارة لدى الأجهزة الإسرائيلية، التي أسهمت في الفشل في صدِّ هجوم 7 أكتوبر. ويقول «شين بيت»: «تم فحص الفشل التنظيمي بدقة، وتم تعلم الدروس، وما زال يتم تعلمها».

بالإضافة إلى ذلك، وجد التحقيق أن «شين بيت» لم يقلل من شأن «حماس»، بل على العكس من ذلك، حيث كان لدى الجهاز «فهم عميق للتهديد، وكانت لديه مبادرات ورغبة في إحباط التهديد، خصوصاً (القضاء) على قادة (حماس)».

وبحسب التحقيقات، فإن هناك أسباباً عدة وراء عدم قيام جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) بإعطاء أي إنذار مسبق للهجوم الشامل الذي شنَّته «حماس»:

- خطط «حماس» للغزو البري، التي حصل عليها الجيش الإسرائيلي في وثيقة تُعرَف باسم «أسوار أريحا»، لم يتم التعامل معها بشكل صحيح على مدى سنوات عدة، ولم يتم تحويل الخطط إلى سيناريو يتدرب عليه الجيش وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي.

- عدم وضوح تقسيم المسؤولية بين الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي فيما يتعلق بالمنظمة التي ينبغي لها أن تقدم إنذاراً للحرب، وسط تحوّل «حماس» من جماعة عسكرية صغيرة إلى قوة عسكرية كاملة.

- وفق التحقيق، كان تركيز جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) على إحباط الهجمات الإرهابية، ولم تكن أساليبه قابلةً للتطبيق على عدو يتصرف كجيش.

- خلال الليل بين السادس والسابع من أكتوبر، كانت هناك فجوات في «التعامل مع المعلومات ودمج الاستخبارات»، فضلاً عن العمليات التي لم تتبع البروتوكول المعتاد، ونقص «الاندماج» مع استخبارات الجيش الإسرائيلي.

- كانت هناك فجوات في عمل آليات الإشراف الاستخباراتي.

- كان التقييم هو أن «حماس» كانت تحاول تسخين الوضع بالضفة الغربية، ولم تكن مهتمةً بفعل ذلك في قطاع غزة.

- كان لدى «شين بيت» «فهم غير صحيح» لقوة الحاجز الحدودي الإسرائيلي مع غزة وقدرة الجيش الإسرائيلي على الرد.

- لم يتم التشكيك في نوايا «حماس» المزعومة بشكل كافٍ في أثناء التقييمات.

- كانت المعلومات الاستخباراتية قليلة نسبياً، بما في ذلك نتيجة لحرية العمل المحدودة في قطاع غزة، خصوصاً من قبل «شين بيت» بشكل مستقل.

بناء قوة «حماس»

كما توصَّل تحقيق «شين بيت» إلى أسباب عدة مكَّنت «حماس» من بناء قواتها لهجوم السابع من أكتوبر، واتخاذ القرار بتنفيذ الهجوم وفق تحقيقات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي:

- كانت سياسة إسرائيل تجاه غزة تتمثل في الحفاظ على فترات من الهدوء، الأمر الذي مكَّن «حماس» من بناء قوة هائلة.

- تدفق الأموال إلى غزة وتسليمها إلى الجناح العسكري لحركة «حماس».

- التآكل المستمر لردع إسرائيل.

- وبحسب التحقيق، محاولة التعامل مع منظمة «إرهابية» على أساس الاستخبارات والتدابير الدفاعية، مع تجنب المبادرات الهجومية.

- ومن بين العوامل المُحفِّزة لقرار «حماس» بتنفيذ الهجوم، الانتهاكات الإسرائيلية على الحرم القدسي، والموقف تجاه السجناء الفلسطينيين، والإدراك بأن المجتمع الإسرائيلي أصبح ضعيفاً.

رئيس «شين بيت» الإسرائيلي رونين بار (يمين) ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي حينها الفريق أول هرتسي هاليفي (يسار) يجريان تقييماً مع كبار الضباط في خان يونس جنوب قطاع غزة... 11 ديسمبر 2023 (الجيش الإسرائيلي)

رئيس «شين بيت»: أتحمّل المسؤولية

وفي بيان مصاحب، قال رئيس «شين بيت»، رونين بار، إن الوكالة «لم تمنع مذبحة السابع من أكتوبر... وبصفتي رئيساً للمنظمة، سأتحمل هذا العبء الثقيل على كتفي لبقية حياتي».

وأضاف: «كشف التحقيق أنه لو تصرف جهاز (شين بيت) بشكل مختلف، في السنوات التي سبقت الهجوم وخلال ليلة الهجوم - سواء على المستوى المهني أو المستوى الإداري - لكان من الممكن تجنب المذبحة. هذا ليس المعيار الذي توقَّعناه من أنفسنا، أو الذي توقَّعه الجمهور منا».

وتابع: «يظهر التحقيق أن جهاز (شين بيت) لم يقلل من شأن منافسنا، بل على العكس من ذلك، فقد أخذ زمام المبادرة، وذهب إلى الهجوم وحاول قطع التهديد في مهده ، ولكن على الرغم من كل هذا، فشلنا».

ويضيف بار أن التحقيق الحقيقي في الإخفاقات يتطلب تحقيقاً أوسع نطاقاً يجسد أيضاً الاتصال والتعاون بين العناصر الأمنية والسياسية.

ويقول: «إن الطريق إلى الإصلاح، كما أكد التقرير، يتطلب عملية واسعة من الوضوح والحقيقة». وأضاف: «لذلك طلبت من لجنة التحقيق والقيادة العليا للوكالة التحقيق ومناقشة، ليس فقط الأسباب التي أدت إلى فشل الخدمة، بل أيضاً إلقاء نظرة واسعة على جميع عمليات العمل ذات الصلة في المنظمة، بوصفها جزءاً من الدروس المستفادة وفرصةً للتغيير الشامل. لكن هذا يتطلب أيضاً الاستعداد للتغيير في الواجهة السياسية والأمنية، وإلا فإن الفشل قد يعود في المستقبل».

وأضاف: «أعتقد أن هذه المنظمة قوية، ومستقرة، ومتواضعة، وقيمها أكثر احترافية مما كانت عليه عشية المذبحة».