أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف أمس، أن موسكو تعمل للتوصل إلى اتفاق بين دمشق وأنقرة حول ترتيبات المنطقة الحدودية.
وقال لافروف خلال مشاركته في منتدى «فالداي» للحوار الاستراتيجي في سوتشي إن «موسكو تعمل لإبقاء هذا الملف (الوضع في المنطقة الحدودية) موضع تفاعل بين سلطات الجمهورية العربية السورية وجمهورية تركيا. كما أعتقد أن الطرفين قد يتفقان على ذلك، وسوف نساهم في التوصل إلى ذلك بكل الطرق الممكنة».
وكانت موسكو تجنبت إعلان اعتراض واضح على خطط أنقرة لإنشاء منطقة آمنة على طول الشريط الحدودي، وأكدت أنها «تتفهم المطالب المشروعة للمحافظة على أمن تركيا»، لكنها ذكرت في المقابل، أكثر من مرة بضرورة فتح الحوار مع الحكومة السورية. وأطلق الرئيس فلاديمير بوتين إشارة إلى تحول محتمل في الموقف الروسي المعارض للاتفاقات التركية الأميركية في الشمال السوري، عندما أعلن بعد محادثاته مع نظيره التركي الشهر الماضي أن «المنطقة الآمنة قد تكون عنصرا مهما للحفاظ على سلامة الأراضي السورية» في إشارة إلى منع سيناريوهات تقسيم البلاد، أو إنشاء كيانات انفصالية فيها.
وأبلغ مصدر روسي «الشرق الأوسط» في وقت سابق، أن «مشكلة موسكو ليست مع الخطط التركية، بقدر ما هي مع الوجود الأميركي في هذه المنطقة، وأن روسيا مقتنعة أنه في النتيجة لا بد من فتح قنوات حوار بين أنقرة ودمشق لتسوية الملفات العالقة».
وقال لافروف أمس، مخاطبا المنتدى إن «الولايات المتحدة لم ترغب في أن تتعاون تركيا بشكل مباشر مع الجمهورية العربية السورية. أرادت واشنطن السيطرة على هذا الموضوع والسيطرة على الحدود أيضاً، كما أنها أثناء المفاوضات أو خلال توليها المفاوضات، سمحت للأتراك أن يشكلوا ائتلافا يتكون من بعض رجال الشرطة العسكرية والمراقبين، وهذا ما لا يناسب تركيا. أنا أفهم الموقف جيدا عندما يحاول بلد لا علاقة له على الإطلاق بهذه المنطقة، ولا بالمشاكل الأمنية على هذه الحدود، أن يسعى لفرض رؤيته».
وأعرب عن قناعته بأنه «بالطبع سيكون التوصل إلى اتفاق أمرا جيدا، ولكن ذلك يجب أن يقوم على الاحترام الكامل لسيادة الجمهورية العربية السورية ووحدة أراضيها، وهذا لم يكن موقف واشنطن المبدئي، كما لم يكن هناك أي استعداد لأخذ المخاوف التركية المشروعة في الاعتبار، بحسب هذا الموقف الأولي. لقد سمعنا أن الرئيس (رجب طيب) إردوغان حذر منذ فترة طويلة، من أنه لا يمكنه الانتظار إلى الأبد، من دون حل المشكلة، لذلك إذا لم يكن هناك اتفاق مع الأميركيين وفقاً لتلك المبادئ في غضون أسابيع قليلة، فله الحق في حل هذه المشكلة من دونهم».
ورغم انتقاده القوي لواشنطن، لكن لافروف تحدث عما وصفها «بارقة تفكير سليم برزت خلال اتصالاتنا مع الزملاء الأميركيين والغربيين»، وزاد أنهم «رحبوا على مضض بالاتفاقات التي تم التوصل إليها بمساعدة (صيغة آستانة) بين الحكومة والمعارضة السوريتين بشأن تشكيل اللجنة الدستورية وتحديد قواعدها وإجراءاتها».
وعبر لافروف عن أمل موسكو في أن تتحلى الأمم المتحدة بعدم التحيز في مساعدتها اللجنة الدستورية، مشيرا إلى أن العمل الذي ينتظر الجميع مستقبلا «أصعب بكثير» مما سبق. وشدد على أن ثلاثي آستانة (روسيا وتركيا وإيران) «لن يقف مكتوف اليدين وسيبذل قصارى جهده لمنع أي تدخل خارجي في المفاوضات بين السوريين».
وتطرق لافروف إلى رغبة روسيا في الحفاظ على وجودها العسكري في سوريا في قاعدة «حميميم» الجوية وقاعدة طرطوس البحرية، مشيرا إلى أن «هذا الوجود يأتي بموافقة من الحكومة الشرعية لدولة عضو في الأمم المتحدة، وأن روسيا تعتزم استخدام هذا الوجود لدعم الأمن والسلام في هذا البلد والمنطقة بأسرها فقط، دون محاولة فرض إرادتها على أحد».
على صعيد آخر، نفت وزارة الدفاع الروسية صحة معطيات سربتها وسائل إعلام روسية حول قيام الجيش الروسي بتجربة لاختبار النظام الصاروخي الحديث «إس 500» على الأراضي السورية أخيرا، وأفادت في بيان بأنه «ليس هناك حاجة لاختبار واستخدام هذه الأنظمة الصاروخية الواعدة في سوريا».
ولفت البيان إلى أنه «تم تصميم (إس 500) للتعامل مع الأهداف الباليستية والديناميكية الفضائية على مسافات بعيدة جدا. لم تكن هناك حاجة للاختبار وخاصة استخدام نظام الصواريخ المضادة للطائرات هذه في سوريا».
وزاد: «نظام الدفاع الجوي الذي يؤمن الحماية للمنشآت العسكرية الروسية في طرطوس وحميميم تم نشره على عدة مستويات وارتفاعات، لتوفير غطاء جوي يمكن الاعتماد عليه، باستخدام أحدث الأنظمة الروسية من صواريخ (إس 400) و(بانتسير إس)، و(تور إم 2) ومقاتلات (سوخوي 35 إس) وهذه المجموعة بأكملها يمكنها التصدي لمختلف الأهداف الجوية على جميع الارتفاعات وبكل السرعات»، مضيفا أن «اختبار مختلف أنظمة الدفاع الجوي الروسية في سوريا يؤخذ بالتأكيد في الاعتبار عند تطوير أنظمة أسلحة واعدة، وكذلك الوحدات الفردية والأنظمة الفرعية. وإذا لزم الأمر، يمكن اختبار العناصر الفردية للأنظمة في ظروف القتال الحقيقية».
وكانت صحيفة «إزفيستيا» الروسية قد نقلت أمس، عن مصادر في وزارة الدفاع والمجمع الصناعي العسكري، أن الجيش الروسي أجرى في سوريا اختبارات ناجحة على أهم عناصر منظومة صواريخ «إس 500» للدفاع الجوي. وزادت أن الصواريخ المجربة أصابت أهدافها بدقة، وأن هذه هي التجربة الثانية الناجحة لـ«إس 500» بعدما كانت موسكو جربتها سابقا في ميدان خاص للتجارب في مقاطعة أستراخان الروسية.
إلى ذلك، ذكرت صحيفة «الوطن» أن الجيش السوري بدأ، أمس، مع قوات روسية وإيرانية مناورات عسكرية مشتركة غرب دير الزور، تشمل تحليق الطائرات وإطلاق الصواريخ.
وقالت «الوطن» إن هذه التطورات تترافق مع مؤشرات ظهرت مؤخراً على قرب الانتهاء من ملف إدلب، وارتفاع سخونة التوتر تدريجياً في مناطق شمال وشمال شرقي دير الزور، مع تحريك القوات الأميركية وميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية - قسد» أدواتهما هناك، والاعتداء على مقرات الجيش العربي السوري والقوات الرديفة في المنطقة.
وأضافت: «تترافق هذه التطورات مع انتفاضات أهلية ضد (قسد) والاحتلال الأميركي في معظم مناطق سيطرتها، ويطالب المشاركون فيها بطرد مسلحي (قسد) والاحتلال وعودة سيطرة الدولة السورية».
موسكو تتوسط بين دمشق وأنقرة حول المنطقة الحدودية
أنباء عن مناورات سورية ـ روسية ـ إيرانية قرب دير الزور
موسكو تتوسط بين دمشق وأنقرة حول المنطقة الحدودية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة