سقوط قتلى وعشرات الجرحى في مظاهرات بالعراق

المتظاهرون نددوا بالفساد وطالبوا برحيل الحكومة

متظاهرون خلال مواجهات مع الشرطة في «ساحة التحرير» في بغداد أمس (إ.ب.أ)
متظاهرون خلال مواجهات مع الشرطة في «ساحة التحرير» في بغداد أمس (إ.ب.أ)
TT

سقوط قتلى وعشرات الجرحى في مظاهرات بالعراق

متظاهرون خلال مواجهات مع الشرطة في «ساحة التحرير» في بغداد أمس (إ.ب.أ)
متظاهرون خلال مواجهات مع الشرطة في «ساحة التحرير» في بغداد أمس (إ.ب.أ)

خرج آلاف العراقيين، أمس، في مظاهرات حاشدة في بغداد رفعت شعارات ناقدة للسلطات ومطالبة بتنحيها ومنددة بالفساد وعدم توفر فرص عمل للعاطلين، وخرجت مظاهرات مماثلة وبأعداد أقل في محافظات البصرة وميسان والنجف وذي قار والديوانية.
وتجمع بعض المتظاهرين في «ساحة التحرير» وسط بغداد في ساعة مبكرة من صباح أمس، ثم تصاعد وصول المتظاهرين ليصل إلى الذروة بعد فترة الظهيرة. وأفاد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» بأن بعض المتظاهرين حاولوا عبور «جسر الجمهورية» باتجاه المنطقة الخضراء، لكن القوات الأمنية التي كانت عند الجسر وفرضت طوقاً مشدداً منعت المتظاهرين من العبور، وفي وقت لاحق من عصر أمس، استخدمت قوات مكافحة الشغب القوة المفرطة والدخان المسيل للدموع والمياه الحارة لتفريق المتظاهرين، مما أدى إلى وقوع قتلى وإصابات بين صفوف المتظاهرين، بلغت نحو 3 قتلى و70 جريحاً في بغداد فقط، ضمنهم بعض عناصر مكافحة الشغب، استناداً إلى مصادر أمنية وشهود عيان.
ويؤكد بعض المتظاهرين استخدام بعض الجهات الأمنية الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين. وأشارت بعض المصادر الطبية إلى وقوع نحو 200 إصابة بين صفوف المحتجين في عموم المحافظات.
وفي حين أحجمت وزارة الصحة عن تقديم أي إيضاحات حول أعداد المصابين (حتى إعداد هذا التقرير)، أكد عضو مفوضية حقوق الإنسان علي البياتي لـ«الشرق الأوسط» وقوع عشرات الإصابات جراء استخدام القوات الأمنية خراطيم المياه والغازات المسيلة للدموع، وأن أحد أعضاء المفوضية كان حاضراً في المظاهرة تعرض إلى إصابة. وقال البياتي إن «المادة (38) من الدستور العراقي تكفل للمواطنين حق التظاهر السلمي»، وأهاب بالمتظاهرين «الحفاظ على سلمية المظاهرات».
ولأول مرة منذ سنوات لم تشترك أي جهة سياسية في المظاهرات، وشهدت غياباً رسمياً للحزب الشيوعي العراقي الذي قاد وشارك في غالبية المظاهرات التي حدثت بعد عام 2003، كما أعلن زعيم «التيار الصدري»، أول من أمس، تعليق مشاركة عناصر «التيار» في المظاهرات.
وكان ناشطون رفضوا في وقت سابق مشاركة الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، خصوصاً الجهات المرتبطة بـ«تحالف سائرون» المدعوم من مقتدى الصدر والمتحالف مع الحزب الشيوعي وله 54 مقعدا نيابياً. ويرى طيف واسع من المتظاهرين عدم أحقية تلك الجهات في المشاركة بالمظاهرات مع امتلاكها هذا العدد الكبير من المقاعد النيابية ومشاركتها الفاعلة في الحكومة وحصولها على مناصب حكومية.
ولاحظ مراقبون فوارق جوهرية طرأت على الاحتجاجات الجديدة، نظراً لطبيعة الشعارات المرفوعة والجهات الداعمة والمؤيدة لها، ومن بين ما رفع خلال المظاهرات شعار: «إسقاط الحكومة وتشكيل حكومة إنقاذ وطني».
وفي هذا الاتجاه؛ يقول أستاذ علم الاجتماع في جامعة بغداد علي طاهر إن «سوء أوضاع الطاقة الكهربائية، والبطالة، ومحاربة الفساد، كانت أبرز الأسباب لاندلاع مظاهرات الأعوام السابقة، أما اليوم فالأمر مختلفة كثيراً». ويضيف طاهر في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «أسباباً أخرى على ما يبدو تضاف إلى قوائم المحتجين، منها المطالبة بهوية وطنية جامعة، برموز عابرة للتخندقات، حكومة قوية غير ناعسة».
ورفع عشرات المتظاهرين في بغداد صوراً لقائد جهاز مكافحة الإرهاب السابق عبد الوهاب الساعدي الذي نقله رئيس الوزراء إلى دائرة «الإمرة» في وزارة الدفاع. وكان ناشط مدني يدعى أحمد الحلو، ظهر مساء الاثنين، بشريط فيديو وهو يعلن عن تشكيل حكومة إنقاذ وطني مؤلفة من نحو 20 وزارة ووضع على رأسها عبد الوهاب الساعدي، مما أثار موجة من عدم الرضا بين صفوف الناشطين.
وفي إشارة إلى عدم حضور الشيوعين والصدريين في المظاهرات، رأى الباحث الاجتماعي علي طاهر، أن «المتظاهرين هذه المرة احتجوا على من اختطفوا الاحتجاجات السابقة وصاروا جزءاً من المعادلة المحاصصاتية الطائفية الفاسدة». كذلك يلاحظ طاهر أن «الضعف والهوان في سياسة العراق الخارجية، إلى جانب الإذلال المتواصل للقوات المسلحة النظامية... كانت واضحة في المطالب الاحتجاجية الجديدة».
وخرج الآلاف بمظاهرات في محافظة البصرة الجنوبية، قوبلت بإجراءات أمنية مشددة من قوات الأمن التي قامت باعتقال 15 منهم دون أوامر قضائية ثم عادت وأطلقت سراحهم.
وأفاد ناشطون في محافظة ذي قار بتظاهر المئات من الناشطين والأهالي للمطالبة بـ«تغيير النظام بسبب فشله في إدارة الدولة وتحسين واقع الحال الذي يعيشه الشعب العراقي». كما طالب ناشطون بتشكيل «حكومة إنقاذ وطني»، وأكدوا وقوع صدامات مع عناصر الشرطة ووقوع عدد كبير من الإصابات بين المتظاهرين.



انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)

أرغم الحوثيون جميع الموظفين في مناطق سيطرتهم، بمن فيهم كبار السن، على الالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن ما يقولون إنها استعدادات لمواجهة هجوم إسرائيلي محتمل.

جاء ذلك في وقت انضم فيه موظفون بمدينة تعز (جنوب غرب) الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى إضراب المعلمين، مطالبين بزيادة في الرواتب.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين، وعلى الرغم من أنهم لا يصرفون الرواتب لمعظم الموظفين، فإنهم وجّهوا بإلزامهم، حتى من بلغوا سن الإحالة إلى التقاعد، بالالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن الإجراءات التي تتخذها الجماعة لمواجهة ما تقول إنه هجوم إسرائيلي متوقع، يرافقه اجتياح القوات الحكومية لمناطق سيطرتهم.

وبيّنت المصادر أن هناك آلاف الموظفين الذين لم يُحالوا إلى التقاعد بسبب التوجيهات التي أصدرها الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي بوقف الإحالة إلى التقاعد، إلى حين معالجة قضايا المبعدين الجنوبيين من أعمالهم في عهد سلفه علي عبد الله صالح، وأن هؤلاء تلقوا إشعارات من المصالح التي يعملون بها للالتحاق بدورات التدريب على استخدام الأسلحة التي شملت جميع العاملين الذكور، بوصف ذلك شرطاً لبقائهم في الوظائف، وبحجة الاستعداد لمواجهة إسرائيل.

تجنيد كبار السن

ويقول الكاتب أحمد النبهاني، وهو عضو في قيادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، إنه طلب شخصياً إعادة النظر في قرار تدريب الموظفين على السلاح، لأنه وحيد أسرته، بالإضافة إلى أنه كبير في العمر؛ إذ يصل عمره إلى 67 عاماً، واسمه في قوائم المرشحين للإحالة إلى التقاعد، بعد أن خدم البلاد في سلك التربية والتعليم واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم لما يقارب الأربعين عاماً.

ومع تأكيده وجود الكثير من الموظفين من كبار السن، وبعضهم مصابون بالأمراض، قال إنه من غير المقبول وغير الإنساني أن يتم استدعاء مثل هؤلاء للتدريب على حمل السلاح، لما لذلك من مخاطر، أبرزها وأهمها إعطاء ذريعة «للعدو» لاستهداف مؤسسات الدولة المدنية بحجة أنها تؤدي وظيفة عسكرية.

حتى كبار السن والمتقاعدون استدعتهم الجماعة الحوثية لحمل السلاح بحجة مواجهة إسرائيل (إ.ب.أ)

القيادي في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ذكر أنه لا يستبعد أن يكون وراء هذا القرار «أطراف تحمل نيات سيئة» تجاه المؤسسات المدنية، داعياً إلى إعادة النظر بسرعة وعلى نحو عاجل.

وقال النبهاني، في سياق انتقاده لسلطات الحوثيين: «إن كل دول العالم تعتمد على جيوشها في مهمة الدفاع عنها، ويمكنها أن تفتح باب التطوع لمن أراد؛ بحيث يصبح المتطوعون جزءاً من القوات المسلحة، لكن الربط بين الوظيفة المدنية والوظيفة العسكرية يُعطي الذريعة لاستهداف العاملين في المؤسسات المدنية».

توسع الإضراب

وفي سياق منفصل، انضم موظفون في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى الإضراب الذي ينفّذه المعلمون منذ أسبوع؛ للمطالبة بزيادة الرواتب مع تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار وارتفاع أسعار السلع.

ووفقاً لما قالته مصادر في أوساط المحتجين لـ«الشرق الأوسط»، فقد التقى محافظ تعز، نبيل شمسان، مع ممثلين عنهم، واعداً بترتيب لقاء مع رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك؛ لطرح القضايا الحقوقية المتعلقة بالمستحقات المتأخرة وهيكلة الأجور والمرتبات وتنفيذ استراتيجية الأجور، لكن ممثلي المعلمين تمسكوا بالاستمرار في الإضراب الشامل حتى تنفيذ المطالب كافّة.

المعلمون في تعز يقودون إضراب الموظفين لتحسين الأجور (إعلام محلي)

وشهدت المدينة (تعز) مسيرة احتجاجية جديدة نظّمها المعلمون، وشارك فيها موظفون من مختلف المؤسسات، رفعوا خلالها اللافتات المطالبة بزيادة المرتبات وصرف جميع الحقوق والامتيازات التي صُرفت لنظرائهم في محافظات أخرى.

وتعهّد المحتجون باستمرار التصعيد حتى الاستجابة لمطالبهم كافّة، وأهمها إعادة النظر في هيكل الأجور والرواتب، وصرف المستحقات المتأخرة للمعلمين من علاوات وتسويات وبدلات ورواتب وغلاء معيشة يكفل حياة كريمة للمعلمين.