أبو الغيط لـ«الشرق الأوسط»: تحقيقات هجوم «أرامكو» ستكشف بدقة كل الحقائق

أشاد بـ«الحكمة الشديدة» للقيادة السعودية وطالب بـ«ضبط» الأداء الإيراني في المنطقة... وإعمار سوريا يتكلف 800 مليار

الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد ابو الغيط ( الشرق الأوسط)
الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد ابو الغيط ( الشرق الأوسط)
TT

أبو الغيط لـ«الشرق الأوسط»: تحقيقات هجوم «أرامكو» ستكشف بدقة كل الحقائق

الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد ابو الغيط ( الشرق الأوسط)
الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد ابو الغيط ( الشرق الأوسط)

عبَّر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، عن «ثقته التامة» في أن «لحظة الحقيقة آتية قريباً جداً» في التحقيق الجاري حالياً في «الهجمات الإجرامية» ضد المنشآت النفطية في المملكة العربية السعودية، مؤكداً أنه «سيحدد بدقة» من هو المسؤول، ومن الذي أطلق الصواريخ والطائرات المسيرة، ومن أين، وعندئذ «سيجري التحرك في كل المؤسسات المؤثرة»، بما فيها مجلس الأمن. وإذ أشاد بـ«الحكمة الشديدة» لدى القيادة السعودية، اتهم النظام الإيراني بأنه لا يزال يسعى إلى تصدير الثورة، داعياً إلى «ضبط الأداء الإيراني» في الإقليم.
وذكر أبو الغيط، في حوار مع «الشرق الأوسط»، بأن طهران «مسؤولة» عن دفع «حزب الله» إلى الصدام مع إسرائيل عام 2006، وعن تشجيع «حماس» على الحرب في 2008 و2009. وأوضح أن مصافحته وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أخيراً، خلال اجتماعات الدورة السنوية الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك «لا تعني أن الأبواب باتت مفتوحة» لتعود دمشق إلى شغل مقعدها في الجامعة، موضحاً أن «الإرادة الجماعية العربية» لم تتوفر بعد لتسوية المشكلة مع نظام الرئيس بشار الأسد. ولاحظ أن الشرط الرئيسي هو ألا تكون «سوريا الجديدة»، التي تصل تكاليف إعادة إعمارها إلى ما بين 600 مليار و800 مليار دولار، مرتمية في أحضان إيران. وأكد أن العرب «لا يمكن أن يقبلوا» بهيمنة إسرائيل على فلسطين التاريخية، موضحاً أنه لا يعلم أي شيء عما يسمى «صفقة القرن» لدى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب. غير أنه شدد على أن «أي تسوية يجب أن تكون سياسية - اقتصادية - اجتماعية، وليست ذات بعد اقتصادي فقط»، فإلى نص الحوار:

> أود أن أشكرك لأنك تستقبلني في حين يلقي وزير الخارجية السوري وليد المعلم، خطابه أمام الجمعية، علماً بأننا شهدنا مصافحة ودية بينك وبينه، ما الذي حصل؟
- لم يحصل أمر يدفع إلى التفكير فيما بعد اللقاء. هذه ليست التحية الأولى، فخلال العام الماضي التقيته صدفة وحييته، وهذا العام كنت متجهاً نحو المصعد، فإذا به واقف مع مساعديه فحييته وحياني. هو صديق قديم، وهو وزير خارجية سوريا عندما كنت وزيراً للخارجية في مصر، وهو كان سفيراً لبلاده في واشنطن عندما كنت مندوباً دائماً لمصر لدى الأمم المتحدة، وكان يحضر دائماً إلى نيويورك وكنا نلتقي. لا ينبغي أن نقضي على البعد الإنساني بين البشر والعرب؛ خصوصاً أنني الأمين العام لجامعة الدول العربية. أحافظ على الصلات والأواصر مع كل العرب مهما كانت اختلافاتي أو عدم اختلافاتي معهم في الرؤى.
> لكن سوريا خرجت من الجامعة منذ بدء الأزمة السورية. وهناك الآن بحث جدي عن طريق للحل السياسي. هل باتت أبواب الجامعة مفتوحة الآن لعودة سوريا؟
- ليس بعد. منذ نحو ثلاث سنوات، وهناك طرح من بعض الأطراف العربية يسأل متى تعود سوريا وينبغي أن تعود سوريا إلى مقعدها... هذا الطرح الذي يأتي أساساً من العراق، وأحياناً من لبنان. كان رد الفعل دائماً أن الأمور ليست ناضجة بعد. هذا القول لا يزال سائداً في الإطار العربي، على الرغم من أن دولاً عربية أعادت العلاقات، وأعادت فتح السفارات مع سوريا. غير أن الإرادة الجماعية العربية لم تصل بعد إلى اللحظة التي تفيد بأنه ليست لدينا مشكلة مع الحكم في سوريا. وبالتالي إذا رغبت في العودة ندعوها إلى مقعدها. هناك نزاع سوري - سوري داخلي: حكم يصف جماعات بأنها إرهابية، ومعارضة تقول إن هذا الحكم يطبق فلسفة لا نقبلها. هناك اتهامات متبادلة. حصلت حرب أهلية، وتدخلت روسيا، واقترب الحكم من تحقيق نجاحات عسكرية رئيسية حتى بات يسيطر على أربعة أخماس أراضي سوريا، هناك مناطق كاملة غير خاضعة لتأثير الحكم. لكن هذه ليست أيضاً المشكلة. المشكلة الحقيقية هي أن السوريين لم يتوافقوا بعد على شكل الدستور الجديد؛ الحكم؛ أسلوب جديد للاقتراب من الانتخابات، وكيف تجرى، ومن يشارك فيها. المأساة السورية شهدت أمرين: نصف مليون قتيل أو أكثر، وملايين اللاجئين خارج سوريا والنازحين داخل أقاليم سوريا. عندما يصل أهل سوريا، معارضةً وحكماً، إلى صورة من صور التوافق الداخلي على أساس دستور جديد أو دستور معدل. عندما تستقر الأمور، وتنطلق سوريا الجديدة، أتصور عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة. وهناك أمر مهم للغاية يتعلق بأن سوريا الجديدة لن تكون مرتمية في أحضان إيران. هذا شرط عربي رئيسي لكي يسمح لسوريا بالعودة إلى الجامعة.
> هل هناك مؤشرات مبشرة؟
- توجد إشارة وحيدة بزغت الأسبوع الماضي بالتوافق على تشكيل اللجنة الدستورية. وزير الخارجية السوري يتحدث عن نية الحكم في التفاعل الكامل مع عمل هذه اللجنة. المبعوث الدولي غير بيدرسن قال لي إنه يأمل في أن تتحرك هذه اللجنة بفاعلية لتحقيق هدف التوافق السوري - السوري على المسار الجديد.
> خلاصة القول إن سوريا الجديدة هي التي ستدخل إلى الجامعة مجدداً؟
- نعم، اللهم إذا كان للدول العربية رأي آخر. الأمين العام يستجيب لإرادة الدول الأعضاء في الجامعة.

أختلف مع لافروف

> سوريا كانت من المواضيع التي شهدتها الجمعية العامة. غير أن غالبية الأضواء كانت موجهة نحو ملف المشكلة مع إيران... إيران كانت ولا تزال جوهر المشكلة؟
- كانت ولا تزال. يمكن وصف هذا الأمر بأنه مواجهة محتدمة بين إيران والدول المعادية لتصرفاتها وأدائها في الإقليم. أعتقد أن الأمور ستتحرك فور اطلاعنا جميعاً، في مجلس الأمن والمجتمع الدولي والمجتمع الإقليمي، على نتائج التحقيقات الجارية الآن حول من هو المسؤول، ومن الذي أطلق وتسبب في هذا الدمار في المؤسسات النفطية السعودية. عندما يأتي هذا التقرير، ويؤشر بثقة إلى هذا الاتجاه أو ذاك. عندئذ سيجري التحرك على أساسه، سواء في مجلس الأمن، أو في الجمعية العامة، أو في جامعة الدول العربية، أو في كل المؤسسات المؤثرة. وزير الخارجية الروسي (سيرغي لافروف) قال أمام الجمعية العامة إن هذه قصة مختلقة. أنا لا أراها على الإطلاق مختلقة. هناك بالتأكيد أضرار لحقت بالمملكة العربية السعودية، وعمليات قصف تعرضت لها المملكة العربية السعودية بأدوات متقدمة جداً في الدمار والتدمير.
> ما هو انطباعك عن هذه الهجمات وما سبقها من اعتداءات ضد المملكة؟
- طبعاً، يجب أن يجري ضبط الأداء الإيراني في الإقليم. لا يمكن أن يسمح، ولا يحق لدولة أن تتحرك في اتجاه دولة أخرى بهذه الأساليب غير القانونية. لا يمكن الافتئات على القانون الدولي هكذا، وإلا تسود شريعة الغاب، فيتمكن هذا أو ذاك من التلصص من أجل أن يضرب من دون أن يصيبه شر أو ضرر. أنا لا أقول إن إيران أطلقت الصواريخ والطائرات المسيرة. أنتظر التقرير. لكن لدي مؤشرات تفيد بأن هذه الأسلحة صنعت في إيران. السؤال من أطلقها ومن أين أطلقت، المحققون ذوو معرفة وسيجيبون. الرصد الحديث في العلوم العسكرية بالتكنولوجيات الحديثة يؤمّن تماماً الحقائق عن عملية الإطلاق والقصف والتدمير.
> أنت واثق من أنه سيجري تحديد من قام بهذه العملية؟
- أنا متأكد تماماً أننا سنصل إلى نتيجة، كثقتي في قدرة طبيب شرعي على تحديد سبب وفاة شخص ما في حادث... قرأت في دورية «الفورين أفيرز» عن تفجير نووي إسرائيلي تحت الأرض في جنوب أفريقيا عام 1979، ورصد ذلك قمر اصطناعي أميركي. فما بالك بالعلوم اليوم، أي بعد 40 عاماً من ذلك.

ربيع؟ لا... إنه «التدمير العربي»

> تبجح مسؤولون إيرانيون بأنهم يسيطرون على أربع عواصم عربية...؟
- قالوا هذا كثيراً خلال السنوات الأخيرة، للأسف. شكراً للخلل الذي أصاب العالم العربي والأمة العربية...
> أنت الأمين العام للجامعة وتتحدث عن خلل؟
- طبعاً هناك خلل ما حصل في ثلاثة أحداث: عام 1990 عندما قام العراق بحماقة الرئيس صدام حسين بغزو الكويت، فتسبب بهذا الاقتحام على الفضاء العربي، قبل أقول أيضاً الخلل عندما اتجه العراق إلى الاصطدام مع إيران عام 1980، ثم الخلل الآخر الذي سببه الغزو الأميركي للعراق عام 2003، وكذلك الخلل الرابع فيما سماه البعض الربيع وأنا أسميه التدمير.
> «الربيع العربي» تسميه التدمير العربي؟ لماذا؟
- بالتأكيد. لأنه أدى إلى تحلل دول والقضاء على دول وإضعاف دول. يهدد التحلل دولاً مثل سوريا وليبيا واليمن... التدمير في سوريا بلغ في رؤى البعض ما بين 600 مليار و800 مليار دولار.
> لكن في سوريا كان الناس يعانون القهر وحاولوا التحرر من القهر...؟
- هذه النتيجة. أنا أتفق معك في هذه الرؤية. هناك قهر والناس حاولوا. لكن عندما تأخذ مثل هذا القرار في الاندفاع للحرب الأهلية، ينتصر أحد الأطراف. الحكم هو الذي انتصر.
> ما الذي ترغب إيران في تحقيقه؟
- المشكلة هي أن في إيران من يرغب في الترويج للثورة منذ انطلاقها عام 1979.
> لا نزال عند المشكلة ذاتها...
- تماماً. يرغبون في تصدير الثورة، وفي الدفاع عنها ضد من يتصورونهم خصومها، وهم ليسوا بالضرورة خصومها. الآلية الدفاعية لهذه الثورة تكمن في تصدير الثورة، وفي التصدي لهذا الطرف أو ذاك. أنا على ثقة مما سأقوله لك الآن وبعد عشر سنين من الأحداث: إيران مسؤولة في دفع «حزب الله» إلى الصدام مع إسرائيل عام 2006، كرسالة لإسرائيل مفادها نستطيع أن نطولكم، و«حماس» في 2008 و2009 عندما تحدت إسرائيل كانت بدفع وتشجيع من إيران. هذه واضحة وضوح الشمس. إذا استطعت أن ألحق بك ضرراً بأقل تكلفة، سأفعل ذلك.
> جرى التعدي والتمادي في التعدي على دول عربية كثيرة، وعلى المملكة العربية السعودية مرات عدة. ووجدوا أن الأمر سهل إلى أن قررت المملكة العربية السعودية أن تقف وتقول: لا. لن نسمح لإيران بالتدخل في شؤوننا الداخلية.
- لا ينبغي أن يسمحوا لإيران بأن تتدخل في الشؤون الداخلية للمملكة أو للخليج.
> هل يوجد تضامن عربي مع المملكة في ذلك؟
- إلى حد كبير للغاية، هناك تضامن عربي في الوقوف مع المملكة ومع دول الخليج في هذا الشأن، وأحيلك إلى لجنة إيران الرباعية، التي تجتمع كل ستة أشهر، وهي تتبنى في كل مرة وثيقتين؛ الأولى بيان ملزم لأعضاء اللجنة المؤلفة من كل من مصر والبحرين والإمارات والمملكة العربية السعودية وعضوية الأمين العام للجامعة في شأن الأداء الإيراني والتدخلات الإيرانية في الإقليم، والأخرى عبارة عن قرار خاص بالتدخلات الإيرانية في الإقليم العربي، ويقره الاجتماع الوزاري بإجماع كل الأعضاء.

استراتيجية عربية للتصدي للتدخلات الإيرانية

> يعني هذا أن هناك استراتيجية عربية واضحة للتصدي للتدخلات الإيرانية؟
- بالتأكيد، فالقرار يتضمن استراتيجية عربية واضحة جداً... ولذا تجد أن هناك صعوبات في علاقات إيران مع عدد كبير من الدول العربية، لأنها تطبق هذه الاستراتيجية. هناك دولتان لديهما تحفظات على بعض الفقرات فحسب. العراق لديه تحفظ على فقرة تتحدث عن بعض التيارات الداخلية في العراق. ويشير القرار إلى تيار داخلي في لبنان. هاتان الفقرتان هما موضوع التحفظ فقط لا غير.
> بدل التصدي العربي للنفوذ الإيراني في لبنان نجد العرب ينكفئون...؟
- المسألة في لبنان معقدة للغاية، والتوازن الداخلي اللبناني - اللبناني يفرض أحياناً على الأطراف العربية وضعاً معيناً، لأن العرب لا يرغبون في مشاهدة احتدام ساخن على الأراضي اللبنانية يؤدي إما إلى تكرار تجربة الحرب الأهلية لعامي 1975 - 1976، أو تكرار لتجربة 2008 عندما سقطت بيروت في قبضة طرف واحد (حزب الله).
> هذا ما أعنيه بأنه يحصل تغلغل إيراني من تصدٍ عربي، والأمر لا يتعلق فقط بالمواجهة العسكرية، بل أحياناً بالدعم المالي...
- المسائل تتجاوز أحياناً الدعم الاقتصادي، وتأثيره على التحول من هنا أو هناك، لتكشف عن الامتداد الآيديولوجي. أحياناً كثيرة لا يشرى الاقتناع الآيديولوجي بالمساعدات الاقتصادية أو الدعم المالي.
> كيف يمكن التصدي لـ«حزب الله» في لبنان إذن؟
- لا أرغب في التحدث عن موضوع داخلي للبنان.
> ولكن «حزب الله» دخل إلى سوريا وإلى العراق ووصل إلى اليمن...
- «حزب الله» أيضاً جزء من الحكومة اللبنانية. لا أرغب في التطرق إلى موضوع بهذه الحساسية، لأن هذا أمر يخص اللبنانيين في علاقتهم بالحزب، لأن هناك شريحة عريضة جداً من الشعب اللبناني، وإن كان على الجانب الآخر القرار الذي تطرحه الجامعة العربية يؤشر إلى هذا الحزب. وهذا ما يدفع الحكومة اللبنانية إلى التحفظ على هذه الفقرة تحديداً.
> الآن نحن أمام مفترق بسبب هذه الاعتداءات ضد المملكة...
- نحن قادمون إلى لحظة الحقيقة قريباً جداً فور ظهور التقارير، التي ستكون حاسمة في التأشير، وماذا نفعل، وماذا بعد. يجب على العاقل والحكيم، وأنا أرى حكمة شديدة لدى المملكة العربية السعودية في اللحظة الحاسمة الحالية في الانتظار.
> هل تخشى حرباً؟
- طبيعي، ومن لا يخشى الحرب. ما أسهل أن تدخل حرباً، وما أصعب أن تقدر كيف ستنتهي الحرب، وكيف تخرج من المواجهة سالماً. القصفات ضد المملكة، وهي إجرامية... إجرامية. والتعرض لحاملات النفط في المياه الإقليمية الإماراتية وفي مضيق هرمز، كلها مسائل بالغة الخطورة على الاستقرار في هذا الإقليم، وحتى الاستقرار الاقتصادي في العالم. وبالتالي يجب أن تواجه بحزم، وهناك وسائل كثيرة لا تصل إلى المواجهة العسكرية لتحقيق هذه الأهداف، لأن من فعل هذا قد يفعلها مرة أو اثنتين أو ثلاث بعواقب مخيفة على المجتمع الدولي والمجتمع الإقليمي وأهل الخليج والشرق الأوسط بكامله. هناك وسائل للعقاب ناجعة جداً، وأحياناً كثيرة تفرض ثقلها على دولة ما أو طرف ما أو جماعة ما، حتى تقود هذه الدولة أو الجماعة أو الطرف إلى أن تتوقف عن أفعالها.

وهم تخلي العرب عن الفلسطينيين

> هل يوجد أمل في الموضوع الفلسطيني؟
- الوضع الحالي لا يؤشر إلى ذلك، لأن هناك حكومة أميركية موالية بالكامل لإسرائيل. وتتخذ من الإجراءات ما يؤدي إلى الدفع بالفلسطينيين إلى عدم النقاش، ولحسم مسائل حيوية للتسوية. يدفعون بها في اتجاه نصرة إسرائيل، ومنها موضوعات القدس واللاجئين والجولان... كلها مسائل تخرب التسوية. في هذه اللحظة لست من المتفائلين بالاحتمالات لحركة جادة؛ خصوصاً أن المجتمع الإسرائيلي أيضاً يتصور خطأ أنهم نجحوا في مد أيديهم عبر الفلسطينيين إلى الدول العربية، وهي ليست بحقيقة. ليست الحقيقة، بل هم يروجون هكذا لأنفسهم ولمجتمعاتهم المحلية.
> يريدون تطبيع العلاقات مع الدول العربية، وبالتالي يصير الموضوع سهلاً...
- لن يحصل هذا. وأقول في كل المحافل الدولية والموائد المستديرة والاجتماعات التي أتحدث فيها: واهم من يتصور أن العرب سيتخلون عن القضية الفلسطينية. العرب يتمسكون بتأييد الفلسطينيين، ولا يمكن أن يقبلوا أن تهيمن إسرائيل على فلسطين التاريخية، وأن يقضى على حقوق الفلسطينيين. لن يحدث.
> وما هي إذن «صفقة القرن»؟
- لا أعلم عنها أي شيء، لأنهم لا يتحدثون عنها. وعندما يطرحونها سنرى، وإن كان ما يتردد عنها يؤشر إلى أفكار خاصة بما يسمى السلام الاقتصادي، أي أن نعطي الفلسطينيين منزلاً وسيارةً في مقابل أن ينسوا القدس واللاجئين، وحقهم في دولة وعلم ونشيد وطني. لن يحصل هذا. التسوية يجب أن تكون سياسية - اقتصادية - اجتماعية، وليست ذات بعد اقتصادي فقط.
> هل ترى بارقة أمل في العالم العربي؟ وأين؟
- هناك دائماً أمل لأن الأمة العربية حيّة وقادرة، ولديها تراثها وثقافتها. وهناك دول عربية لها تأثير وقوة. عندما تعمل هذه الدول مع بعضها بعضاً... هناك تطور رئيسي في السودان وتطور رئيسي في مصر. مصر الآن تنطلق. الخليج. ما يحصل في السعودية خيال. كل هذا أمر جيد للغاية.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.