ليبيا: حكومة السراج تتمسك باتفاق الصخيرات وتطالب بانسحاب حفتر

«الجيش الوطني» يعلن إسقاط الطائرة المسيّرة الـ25 لتركيا في معارك طرابلس

TT

ليبيا: حكومة السراج تتمسك باتفاق الصخيرات وتطالب بانسحاب حفتر

أعلن الجيش الوطني الليبي الذي يقوده المشير خليفة حفتر إسقاط الطائرة التركية المسيّرة الرقم 25 منذ بدء هجومه لتحرير العاصمة طرابلس قبل نحو خمسة شهور، فيما حددت حكومة الوفاق التي يرأسها فائز السراج ما وصفته بـ«ثوابت أساسية» لإنجاح الجهود الدولية بما في ذلك احتمال استضافة ألمانيا لاجتماع يضم الأطراف المعنية بالملف الليبي.
وبعدما قالت حكومة السراج، في بيان، إنها تتابع «الجهود المبذولة من قبل عدد من الدول لإيجاد تسوية سياسية وحل سلمي للأزمة الراهنة»، وأثنت على دور ألمانيا، رأت أن أولى ثوابتها هي «ضرورة الالتزام بالاتفاق السياسي»، في إشارة إلى اتفاق السلام المبرم بمنتجع الصخيرات بالمغرب نهاية عام 2015. و«الأجسام المنبثقة عنه كمرجعية أساسية لأي حوار أو اتفاق»، مع وقف التعامل مع ما وصفها البيان بـ«المؤسسات الموازية» للحكومة.
واعتبرت حكومة الوفاق أيضاً أن «أي حديث عن وقف إطلاق النار يرتبط بانسحاب القوات المعتدية من حيث أتت ودون شروط»، في إشارة إلى قوات «الجيش الوطني» المتمركزة جنوب طرابلس.
وشددت حكومة السراج على أن «الحل السياسي الوحيد يكون من خلال خطة الأمم المتحدة التي تنص على عقد مؤتمر وطني جامع، مثلما كان مقرراً في غدامس 14 أبريل (نيسان) الماضي، والذي تم تقويضه بالعدوان على طرابلس ومحاولة الانقلاب على الشرعية»، بحسب وصفها. وأكدت أن «مؤسسة النفط الليبية في طرابلس هي المؤسسة الشرعية الوحيدة وتحت الإشراف المباشر لها، كما ورد في قرارات مجلس الأمن ذات العلاقة»، في إشارة إلى إجراءات لإنشاء مؤسسة نفطية مستقلة في شرق ليبيا.
وطالبت حكومة السراج بمشاركة «كافة الدول المعنية بالشأن الليبي في المؤتمرات والاجتماعات الدولية التي تبحث عن حل سياسي للأزمة، دون إقصاء، مثلما يحدث في الاجتماعات التحضيرية لمؤتمر برلين القادم» الذي تعتزم ألمانيا استضافته بدعم من الأمم المتحدة، خلال الأسابيع المقبلة، لبحث فرص التسوية والحل السياسي.
من جانبها، أدانت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا التهديدات التي وجهها أفراد في إحدى الجماعات المسلحة ضد وزارة المالية بحكومة السراج. واعتبرت البعثة، في بيان، أن هذا التصرف يشكل «انتهاكاً خطيراً لسيادة القانون»، معربة عن دعمها الكامل لقرار السلطات المختصة بتحديد الجناة ومقاضاتهم، وقالت إنها تقف على أهبة الاستعداد لتقديم كل الدعم اللازم لمؤسسات الدولة والمسؤولين في سعيهم إلى خدمة الشعب الليبي عبر التنفيذ الكامل لسيادة القانون.
بدوره، قال بيان للمركز الإعلامي لـ«غرفة عمليات الكرامة» في «الجيش الوطني»، إن قواته أسقطت مساء أول من أمس الطائرة المسيّرة الـ25 للأتراك (يدعمون القوات الموالية لحكومة الوفاق)، مشيراً إلى أن الطائرة التي سقطت في مدينة ترهونة حاولت استهداف تمركزات قوات الجيش.
ولم يكشف الجيش الوطني أي معلومات إضافية، لكن مصدراً عسكرياً في الجيش قال لـ«الشرق الأوسط» إن إسقاط الطائرة التركية جاء في إطار «التصدي للدور العسكري الذي تلعبه تركيا لصالح الميليشيات الموالية لحكومة السراج».
بدوره، اعتبر مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة أن سماء ليبيا على الأرجح هي «أكبر مسرح لحرب الطائرات المسيّرة في العالم». وتحدث، في فيديو نشرته الأمم المتحدة، عن «استخدام مكثف جداً للطائرات المسيّرة» في الأسابيع الأخيرة، مشيراً إلى أنها نُشرت «600 مرة في جهة و300 مرة على الجهة الأخرى»، دون أن يوضح أي جهات يشير إليها.
كما عبر سلامة عن قلقه من اتساع «النطاق الجغرافي للعنف» بتبادل الهجمات بالطيران المسيّر بين الطرفين للمرة الأولى عبر استهداف قاعدتي الجفرة ومصراتة الجويتين نهاية يوليو (تموز) الماضي.
ويواصل طرفا القتال في طرابلس تكثيف هجماتهما بالطائرات المسيرة، حيث تستهدف طائرات حكومة الوفاق قاعدة الجفرة الجوية على بعد 650 كيلومتراً جنوب شرقي طرابلس، والتي تتخذها قوات الجيش قاعدة عمليات وإمداد رئيسية، لأنها بوابة حيوية تربط بين مدن شرق ليبيا وجنوبها وغربها. أما قوات الجيش الوطني فتواصل ضرب القاعدة الجوية في طرابلس (معيتيقة) ومصراتة التي تبعد نحو 200 كيلومتر شرق العاصمة.
إلى ذلك، اتهم الجيش الوطني تنظيم «الإخوان المسلمين» وميليشيات في مدينة مصراتة بالتورط في مقتل من وصفه بـ«مجرم الحرب تاجر السلاح بائع الوطن» هشام أ. إثر محاولته «إغراء شباب من ترهونة ورشوتهم لاغتيال محمد الكاني مقابل 10 ملايين دينار». والكاني هو واحد من أبرز الداعمين لـ«الجيش الوطني» في ترهونة.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».