خطط تركية لمناطق سكنية بتكلفة 27 مليار دولار في «المنطقة الأمنة»

TT

خطط تركية لمناطق سكنية بتكلفة 27 مليار دولار في «المنطقة الأمنة»

أعلنت وزارة الدفاع التركية أن سلاح الجو التابع للجيش أسقط طائرة مسيرة مجهولة انتهكت المجال الجوي في منطقة عملية «درع الفرات» وولاية كليس الحدودية مع سوريا 6 مرات، في وقت ظهرت تقارير عن خطة تركية لمنطقة عمرانية بتكلفة 27 مليار دولار أميركي في المنطقة الآمنة شمال سوريا.
وذكرت الوزارة، في بيان، أن استهداف الطائرة المسيرة، التي تعذر تحديد هويتها وطرازها، تم من قبل طائرتي «إف 16» أقلعتا من قاعدة «إنجرليك» بولاية «أضنة» (جنوب تركيا) ظهر أمس الاثنين.
وأضاف البيان أن قوات الدرك في ولاية كليس عثرت على حطام الطائرة المستهدفة بين قاعدة «تشلدر أوبا» ومركز «بشيرية» للإقامة المؤقتة.
وفي بيان آخر، قالت وزارة الدفاع التركية إن قوات الدرك ألقت القبض على اثنين من عناصر وحدات حماية الشعب الكردية أثناء محاولتهما التسلل عبر الحدود مع سوريا لتنفيذ عمليات إرهابية داخل البلاد.
وتسعى تركيا من خلال التنسيق مع الولايات المتحدة إلى إنشاء منطقة آمنة في عمق الأراضي السورية لإبعاد الوحدات الكردية (القوام الرئيسي لتحالف قوات سوريا الديمقراطية المعروف بقسد) عن حدودها وإخلاء منطقة شرق الفرات منهم، إلا أن هناك تباينات في المواقف بين أنقرة وواشنطن بشأن عمق المنطقة وعرضها.
وتتداول وسائل الإعلام التركية في الأيام الأخيرة معلومات بشأن المخطط التركي للمنطقة الآمنة التي ترغب تركيا في أن تكون بعمق 32 كيلومترا وعرض 480 كيلومترا.
ونشرت قناة «تي آر تي خبر» الرسمية صورا لمخططات عمرانية، ونماذج لمدن وقرى في شمال وشرق سوريا، من المفترض أن يتم فيها توطين اللاجئين السوريين، التي قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إنها يمكن أن تستوعب ما بين 2 و3 ملايين لاجئ.
وبحسب المشروع التركي، الذي قدر التكلفة بـ27 مليار دولار، سيتم إنشاء مناطق سكنية لتوطين مليون لاجئ سوري في مناطق سكنية، حيث تتضمن الخطة بناء 10 بلدات تتسع الواحدة منها لـ30 ألف شخص، و140 قرية تتسع كل منها لـ5 آلاف شخص، على أن تضم كل قرية، ألف منزل يتألف من 4 غرف بمساحة 100 متر مربع، ويضم كل منزل حظيرته الخاصة، إضافة إلى مسجدين في كل قرية، ومدرستين ومركز شبابي وصالة رياضية.
أما البلدات فستضم 6 آلاف منزل مؤلفة من 3 أو 4 غرف بمساحة 100 متر مربع في المتوسط، وتحتوي البلدة الواحدة على مسجد في مركزها ومساجد أخرى موزعة على الأحياء، وعدد من المدارس والصالات الرياضية ومرافق اجتماعية.
كان الرئيس التركي كشف عن بعض ملامح هذا المخطط في تصريحات الشهر الماضي قائلا إنه عرض على الولايات المتحدة ودول عربية وأوروبية مخططا للمنطقة الآمنة تتضمن إقامة بيوت بها مزارع لتمكين اللاجئين من الاستقرار والعمل داعيا، المجتمع الدولي لدعم الخطة التركية.
ويقول مراقبون إن التقدم في مشروع المنطقة الآمنة رهن بما ستوافق عليه واشنطن التي يبدو حتى الآن أنها تعمل على الشق الأمني من خلال الطلعات الجوية والدوريات المشتركة من خلال مركز العمليات المشتركة مع تركيا لتنسيق إقامة وإدارة المنطقة الآمنة لتلبية احتياجات أنقرة الأمنية «المشروعة».
وتؤكد واشنطن، التي لا ترغب في تنفيذ منطقة بالعمق والمساحة التي تطلبها تركيا ولا ترغب أيضا في إنهاء وجود قسد تماما فيها، أن الآلية الأمنية التي تشكل المرحلة الأولى للمنطقة الآمنة تسير بشكل جيد.
وقال المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، الأسبوع الماضي إن واشنطن مستعدة للحديث في قضايا عدة مع أنقرة، بما فيها عودة اللاجئين، موضحا أن الإدارة الأميركية تعمل مع أنقرة على تفاصيل المنطقة الآمنة من الناحية العسكرية وأنها تحدثت مع أنقرة عن ثلث منطقة شمال شرقي سوريا، وثمة عمق متفاوت مرتبط بتراجع وحدات حماية الشعب الكردية لمسافة عن الحدود التركية، وسحب الأسلحة الثقيلة، والدوريات والطلعات الجوية الأميركية التركية المشتركة.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».