عبد المهدي يتهم إسرائيل رسمياً بقصف معسكرات «الحشد»

فصائل تدعو الحكومة إلى الرد على الهجمات

TT

عبد المهدي يتهم إسرائيل رسمياً بقصف معسكرات «الحشد»

أعلن رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي أن التحقيقات في قصف بعض مواقع «الحشد الشعبي» تشير إلى مسؤولية إسرائيل. وقال عبد المهدي في تصريحات متلفزة، أمس، إن «التحقيقات بشأن قصف معسكرات (الحشد الشعبي) تشير إلى أن إسرائيل هي التي قامت بالعملية»، دون تقديم مزيد من التفاصيل.
ويعد تصريح عبد المهدي أول اتهام رسمي عراقي لإسرائيل فيما كانت الحكومة العراقية شكلت لجان تحقيق بشأن عمليات قصف بدت غامضة لعدد من معسكرات «الحشد الشعبي» في مناطق ومحافظات عدة بالعراق. وفي الوقت الذي أعلنت فيه قيادات «الحشد الشعبي» في وقت مبكر أن إسرائيل نفذت الهجمات، فإن الحكومة العراقية أعلنت من جانبها وعلى لسان أكثر من مسؤول أنها تبحث عن أدلة حقيقية لكي تعلن موقفها من ذلك.
وكانت معسكرات عدة لـ«الحشد الشعبي» تعرضت منذ شهر يوليو (تموز) الماضي لسلسلة تفجيرات؛ كان الأول منها في بلدة آمرلي بمحافظة صلاح الدين، أعقبه تفجير آخر في 28 من الشهر نفسه داخل معسكر «أشرف» في ديالى، شرق العراق، ثمّ معسكر «الصقر»، جنوب بغداد، في 13 أغسطس (آب) الماضي. وبعد ذلك بأيام عدة، وقع تفجير آخر في معسكر «بلد»، قرب تكريت، ثمّ اغتيال قيادي في كتائب «حزب الله» العراقية، يدعى أبو علي الدبي، قرب مدينة القائم على الحدود مع سوريا في الشهر ذاته. وآخر الاستهدافات كان لقاعدة بمنطقة المفرق العراقية الواقعة ضمن المثلث الحدودي العراقي - الأردني - السوري غرب الأنبار.
وعلى صعيد الأوضاع في المنطقة، أكد عبد المهدي في تصريحات لقناة «الجزيرة» القطرية أن «الذهاب إلى الحرب قد يحصل في أي لحظة، وبقرار منفرد، لكن الخروج منها سيكون صعباً وقاسياً»، لافتاً إلى أن «الكثير من المؤشرات تدل على ألا أحد يريد حرباً في المنطقة باستثناء إسرائيل». وتابع عبد المهدي أن «الحديث الآن عن كيفية صياغة نهايات لحل أزمة الخليج».
وإلى ذلك، قال الخبير الأمني فاضل أبو رغيف لـ«الشرق الأوسط» إن «تأكيد القائد العام للقوات المسلحة حول قصف مستودعات تابعة لـ(الحشد الشعبي) في مناطق مختلفة من العراق من قبل إسرائيل، إنما هو تأكيد رسمي لما قيل سابقاً عن ضلوع إسرائيل في عمليات من هذا النوع تعرض لها (الحشد)». وأضاف أن «هناك معلومات وفيرة فيما يتعلق بعمليات القصف التي قامت بها إسرائيل والتي هي جزء من مخطط إسرائيلي سوف يتصاعد خلال الفترة المقبلة باتجاه استهدافات جديدة لمواقع أخرى لـ(الحشد) ما لم تسارع فصائل (الحشد) إلى نقل مخازن أعتدته إلى وزارة الدفاع». وأشار أبو رغيف إلى أن «المرحلة المقبلة ربما تكون أشد احتقاناً من المرحلة السابقة؛ لا سيما مع الإرهاصات التي حدثت مؤخراً بالتزامن مع إقالات حصلت لضباط استخدموا الدعاية والسوشيال ميديا بشكل مبالغ فيه».
من جهته، أكد «تحالف الفتح» الذي يضم فصائل عدة من «الحشد الشعبي»، مثل «بدر» و«عصائب أهل الحق»، أن الدولة العراقية باتت تملك حق الرد بجميع أنواعه تجاه إسرائيل بعد ظهور نتائج التحقيق التي أعلنها رئيس الوزراء. وقال عضو «تحالف الفتح» في البرلمان العراقي محمد البلداوي، في تصريح إن «إعلان رئيس الوزراء بأن إسرائيل هي التي استهدفت معسكرات (الحشد) يتيح للحكومة العراقية اتباع كل السبل وأنواع الرد التي يتيحها القانون الدولي». ودعا الحكومة إلى شراء منظومة صواريخ «إس400» الروسية والأسلحة الهجومية لـ«صد جميع أنواع الاعتداءات التي يتعرض لها العراق».
في السياق نفسه، أكد عضو البرلمان العراقي عن «حركة إرادة»، حسين عرب، لـ«الشرق الأوسط» أن «إعلان رئيس الوزراء بأن إسرائيل تقف وراء الضربات، يجعل الموقف العراقي الرسمي أكثر وضوحاً من ذي قبل». وأضاف: «يتوجب على العراق الآن التوجه إلى المجتمع الدولي بدءاً من الجامعة العربية ومجلس الأمن ومنظمة المؤتمر الإسلامي، لتقديم شكاوى ضد إسرائيل بهذا الخصوص».



إبعاد «حماس» عن إدارة غزة... هل يجهض خطة «التهجير»؟

مسلحون من «حماس» قبل تسليم رهائن إسرائيليين إلى فريق الصليب الأحمر في خان يونس (أ.ف.ب)
مسلحون من «حماس» قبل تسليم رهائن إسرائيليين إلى فريق الصليب الأحمر في خان يونس (أ.ف.ب)
TT

إبعاد «حماس» عن إدارة غزة... هل يجهض خطة «التهجير»؟

مسلحون من «حماس» قبل تسليم رهائن إسرائيليين إلى فريق الصليب الأحمر في خان يونس (أ.ف.ب)
مسلحون من «حماس» قبل تسليم رهائن إسرائيليين إلى فريق الصليب الأحمر في خان يونس (أ.ف.ب)

وسط حالة من الضبابية تحيط بمستقبل قطاع غزة، جاء إعلان مصري عن عدم مشاركة «حماس» في إدارة القطاع ليمنح أملاً في إزالة عثرة بملف «اليوم التالي» في مواجهة تشبث من إدارة دونالد ترمب بـ«التهجير» شرطاً لإعادة الإعمار، ورفض عربي واسع، ومساعٍ لحلول تنهي تعقيدات المشهد السياسي.

ورغم عدم وجود موقف واضح وصريح لـ«حماس»، فإن ذلك يحمل «موافقة ضمنية من الحركة»، حسب تقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بما سيعزز الخطة المصرية - العربية التي تجري حالياً، ويجعلها بديلةً لسيناريوهات ترمب ونتنياهو الداعمة لتهجير الفلسطينيين، ومن ثم المضي في إعمار القطاع دون إخراج سكانه، وإيجاد مسار تهدئة مؤقت أو مستدام بالقطاع مع الوقت.

وخلال زيارته الحالية لإسرائيل، قال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، في مؤتمر صحافي، الأحد، مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إن ترمب أكد أنه «لا يمكن لـ(حماس) أن تستمر كقوة سياسية وعسكرية أو مستقبل في غزة»، مضيفاً: «ترمب كان جريئاً جداً في رأيه حول ما يجب أن يكون عليه مستقبل غزة، ليس الأفكار المملة نفسها من الماضي، بل شيء جريء»، في إشارة أقل حدة من تصريحات الرئيس الأميركي بشأن طلب تهجير الفلسطينيين لمصر والأردن.

وكان مصدر مصري مطلع على مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة، أفاد السبت، لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، بأن هناك «اتصالات مصرية مكثّفة لتشكيل لجنة مؤقتة للإشراف على عملية إغاثة القطاع وإعادة إعماره»، مشيراً إلى أن «(حماس) تؤكد التزامها باتفاق وقف إطلاق النار بمراحله الثلاث، وعدم مشاركتها في إدارة القطاع خلال المرحلة المقبلة».

وهو ما يتسق مع طرح الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، قبل أيام في مقابلة متلفزة، بأنه «إذا كانت الرؤية الدولية، والمصلحة الفلسطينية، تتطلبان أن تتنحى (حماس) عن الوجود في الصورة بهذا الشكل الواضح، فليكن وبإرادة عربية، وبتوافق وتراضٍ فلسطيني، وتأخذ السلطة الفلسطينية مسؤوليتها وتدير هذا القطاع، من خلال أي طرح من مصر أو القمة العربية (الطارئة المقبلة أواخر الشهر بدعوة من القاهرة) إذا ما قررت ذلك».

وأيّد المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، أنور قرقاش، الجمعة، أبو الغيط، قائلاً في منشور عبر منصة «إكس»: «الدعوة العقلانية لأمين عام الجامعة العربية، بتنحي (حماس) عن إدارة غزة في محلها، فمصلحة الشعب الفلسطيني يجب أن تتقدم على مصلحة الحركة، خصوصاً في ظل الدعوات لتهجير الفلسطينيين من غزة».

وبرأي سفير فلسطين السابق، بركات الفرا، فإن تصريحات روبيو تأتي في سياق عدم الرغبة ببقاء «حماس»، وهي رغبة تتلاقى مع أطروحات عربية، خصوصاً وهي تستخدم ذريعةً لاستمرار الحرب، وبالتالي ما ذكره المصدر المصري بشأن «حماس» هو سد لهذه الثغرات.

وبشأن موقف «حماس»، أكد الفرا أن «مصر لم تصرح من فراغ، وهي دولة كبيرة مسؤولية، وبالتالي التصريحات جاءت بعد أن أقنعتها في ظل التطورات والتصعيد في ملف التهجير، والحركة وافقت وإلا كانت ستنفي على الفور».

وباعتقاد أستاذ العلوم السياسية الدكتور طارق فهمي، فإن «إبعاد (حماس) عن المشهد أو مشاركتها بصورة غير مباشرة، أو تحولها لطرف ليس رئيسياً في المعادلة أمر مهم بهذه المرحلة الحاسمة كي لا نعطي ذريعة لإسرائيل»، مشيراً إلى أن «(حماس) لن تتنحى بشكل كامل هي تدرك أنها ستبقى ضمن الفواعل والقوى الرئيسية على أساس أننا في مرحلة حاسمة تتعامل مع الواقع ضمن شراكة فلسطينية محسوبة وخطة مصرية عربية تعد لتجاوز أي ذرائع».

وسبق أن ذكر روبيو، في 12 فبراير (شباط) الحالي، خلال مقابلة متلفزة، أن المقترح الذي تقدَّم به ترمب بشأن تهجير سكان غزة، هو «المخطط الوحيد المتاح»، قائلاً: «على الحلفاء تقديم بديل إذا كانت لديهم خطة أفضل».

طفل فلسطيني يحمل حاوية على رأسه في المغراقة وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وكشف وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال لقاء وفد من مجلس النواب الأميركي، الأحد، بالقاهرة، أن تلك الخطة المصرية لإعمار غزة دون تهجير «تتم بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية والدول العربية والإسلامية وبدعم من المجتمع الدولي».

فيما أعرب رئيس الكونغرس اليهودي العالمي رونالد لاودر في بيان عقب مقابلة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالقاهرة عن تطلعه للمقترح المصري العربي بشأن غزة، بعد تأكيد الرئيس المصري «أهمية البدء في إعادة إعمار قطاع غزة، مع ضرورة عدم تهجير سكانه من أراضيهم»، مشيراً إلى أن «مصر تعد خطة متكاملة في هذا الشأن»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية الأحد.

وباعتقاد الفرا، فإن إعلان عدم مشاركة «حماس» بإدارة غزة سيعزز الموقف العربي وخطة مصر التي تعد مشكورة لإعادة إعمار غزة دون تهجير، لنرى موقفاً قوياً وصريحاً وموحداً بالقمة العربية مبنياً على أسس وخطة واضحة لا يمكن أن تقف إسرائيل أو واشنطن أمامها بذريعة وجود «حماس»، بالتالي إفشال أي مخططات تعد.

وبرأي فهمي، فإن «طرح مشروع بديل مهم، كما تفعل مصر، سينال مشروعية وقوة في (القمة العربية) أواخر الشهر الحالي أمام تمسك ترمب بفكرة التهجير».