مصر تحقق مع قيادي «إخواني» متهم بدعم «حسم» و«لواء الثورة»

خالد المهدي سلمته الكويت للقاهرة وصادر بحقه حكم بالسجن

TT

مصر تحقق مع قيادي «إخواني» متهم بدعم «حسم» و«لواء الثورة»

أكد مصدر أمني مصري، أن «سلطات التحقيق في البلاد تجري تحقيقات مع خالد المهدي، أحد القيادات الشابة بتنظيم (الإخوان)، والذي سلمته الكويت لمصر منذ عدة أيام، وهو صادر بحقه حكم بالسجن المشدد 10 سنوات (أول درجة) في أحداث عنف، والاعتداء على أماكن شرطية، وهو متهم بدعم الخلايا النوعية لـ(الإخوان) وفي مقدمتهم حركتا (حسم) و(لواء الثورة)، وتمويل عناصر التنظيم في مصر، والتحريض على التظاهر والفوضى».
وقال عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات المتطرفة، إن «المهدي هو أحد الكوادر الشابة لـ(الإخوان) في محافظة الشرقية، وكان قد تم توقيفه في الكويت قبل أشهر، أثناء محاولته التوجه إلى تركيا، وحققت سلطات الكويت معه، وتم تسليمه لمصر بعد ذلك، وفق مذكرة من القاهرة بشأن التهم الموجهة له».
ولمح عبد المنعم إلى «وجود ارتباط بين المهدي وخلية الكويت التي تم توقيفها في يوليو (تموز) الماضي بالكويت، والخاصة بالنشاط الاقتصادي، الذي يصب في صالح التنظيم (الذي تعتبره السلطات المصرية إرهابياً)».
وفي يوليو الماضي، سلمت السلطات الكويتية خلية «إخوانية» ضمت 8 مصريين. وأعلنت الكويت حينها أنه «صدرت بحق أفراد الخلية أحكام قضائية من قبل القضاء المصري، تراوحت بين 5 إلى 15 عاماً».
وقال المصدر الأمني الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن «مصر تسلمت خالد المهدي قبل أيام من الكويت، وهو من مركز فاقوس، قرية أكياد بالشرقية، بدلتا مصر، هرب إلى السودان، ومنه إلى الكويت، عقب ثورة (30 يونيو) التي أطاحت بحكم (الإخوان) في عام 2013، وهو ينتمي لحزب (الحرية والعدالة) المنحل، ذراع (الإخوان) السياسية في مصر».
وأكد مقربون من أسرته في الشرقية، لـ«الشرق الأوسط»، أن «المهدي كان يشغل منصباً قيادياً في حزب (الإخوان) بالشرقية، وكان يقوم بتوجيه الدعوة لشباب الشرقية، للسفر للقاهرة، للمشاركة في المظاهرات، التي كان ينظمها (الإخوان) عقب عزل محمد مرسي».
من جانبها، قالت مصادر مطلعة، إن «الجهات الأمنية المصرية قامت بحصر عناصر تابعة لـ(الإخوان) هربت من مصر، ومتورطة في قضايا تمس أمن البلاد، وجرى التنسيق مع السلطات الأمنية في الكويت بهذا الشأن».
وأكد اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «مصر مرتبطة باتفاق مع الكويت، ودول عربية عدة، بشأن تسليم وتسلم المطلوبين والمدانين بأحكام قضائية»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر قدمت أيضاً معلومات للكويت تثبت أن المتهم (إرهابي)، متورط في قضايا عنف، وصادر بحقه حكم غيابي في جرائم عنف وقتل وشغب».
وأكد عمرو عبد المنعم، لـ«الشرق الأوسط»، أن «السلطات المصرية تتهم المهدي بدعم الخلايا النوعية لـ(الإخوان) وفي مقدمتهم حركتا (حسم) و(لواء الثورة)، وتمويل عناصر التنظيم في مصر بإمدادهم بأموال من الخارج، والتحريض على التظاهر والفوضى، ورصد أهداف حية عبارة عن مؤسسات عسكرية وشرطية وشخصيات قضائية، للقيام بعمليات عنف، وأيضاً مد أسر سجناء (الإخوان) في مصر بالأموال، عن طريق إرسال أموال مع القادمين من الكويت لتوصيلها لهم».
ولفت عبد المنعم إلى أن «تحقيقات الأجهزة الأمنية الأولية، كشفت وجود علاقة بين المهدي، ويحيى موسى (عضو مكتب الإرشاد بتنظيم «الإخوان»، وهارب إلى تركيا)، والمتهم في قضية قتل النائب العام الأسبق المستشار هشام بركات».
وفي فبراير (شباط) الماضي، نفذت السلطات المصرية حكم الإعدام في 9 من تنظيم «الإخوان»، أدينوا بالمشاركة في استهداف النائب العام. وقالت سلطات التحقيق إن «يحيى موسى هو العقل المدبر للعملية، ويقف وراء تفجيرات عدد من الكنائس أيضاً». وأكدت التحقيقات بحسب الأوراق في القضية، أن «جميع المتهمين اعترفوا بأن موسى هو الذي أعد وخطط واختار المجموعات المنفذة للعملية، وحدد دور كل مجموعة على حدة، وزودهم بالأموال اللازمة لشراء المتفجرات».
وأدرجت السلطات المصرية عن طريق «الإنتربول» اسم موسى في النشرات الحمراء للمطلوبين أمنياً، لصدور حكم قضائي ضده بالإعدام، وتورطه في التدبير والتخطيط لاستهداف الكنائس، وقيامه بتولي وإعداد وتجهيز عدد من عناصر «الإخوان» وتدريبهم في معسكرات لارتكاب أعمال إرهابية.
وبحسب تقارير صحافية كويتية، فإن «المهدي اعترف بأن بعض عناصر (الإخوان) بعد التضييق عليهم في عدة دول عربية، قاموا بنقل أماكن إقامتهم إلى إيران، وأقاموا مشروعات صغيرة هناك، وأنه حاول استقطاب وتجنيد بعض أبناء الجالية المصرية المقيمين في الكويت». وأضافت التقارير ذاتها أن «المهدي قام بإنشاء ميليشيات إلكترونية في الكويت و3 دول أخرى، للهجوم على الدولة المصرية، والتشكيك في المشروعات القومية، ونشر الإشاعات، وأن الأجهزة الأمنية المصرية قبضت على عناصر من (الإخوان) في وقت سابق بمحافظة الشرقية، كانت تعمل في لجان إلكترونية تابعة للمهدي، وإنه كان يقوم بإرسال أموال لهم عبر وسطاء آخرين في القاهرة».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.