«حفلة شاي مع رئتي»... معرض تشكيلي يستدعي التجارب الذاتية والعاطفية

شارك بها 3 فنانين مصريين

لوحة لسهى السرجاني
لوحة لسهى السرجاني
TT

«حفلة شاي مع رئتي»... معرض تشكيلي يستدعي التجارب الذاتية والعاطفية

لوحة لسهى السرجاني
لوحة لسهى السرجاني

«تحولتُ إلى غرفة حين تركتُ جزءاً من نفسي في الفراغ، وعكست المرآة الصغيرة صورة وجهي»، عبارة مأخوذة من نص للفنانة التشكيلية سهى سرجاني، كان ضمن مجموعة من اللوحات في معرض فني حمل اسماً لافتاً هو «حفلة شاي مع رئتي»، في قاعة «غاليري سوما للفن المعاصر»، بمشاركة الفنانين مروان الجمل وندى بركة.
لوحات المعرض تدور حول مدينة خيالية تحمل اسم «ساياتيكا»، التي تمثل خريطة ذاتية للجسد وتحمل تاريخه العاطفي، وما تعرض له من صدمات نفسية سببت ألماً جسدياً.
كتبت سهى سرجاني النص بناءً على تجاربها الشخصية، وعرضت النصوص بجانب لوحات الفنانين الثلاثة للربط بينهما، ومنح المتلقي خريطة خاصة لتتبع أثار النصوص التي تحمل الكثير من المشاعر والانفعالات.
تقول سهى سرجاني إن كل شيء بدأ حينما استعارت من صديق لها كتاباً وهو عبارة عن موسوعة للأماكن الخيالية التي ذكرت في الأعمال الأدبية والسير الشعبية العالمية. وقتها قررت سهى خلق مدينتها الخاصة مسترشدة في ذلك بتجاربها المؤلمة في الحياة، خصوصاً أنها من الأشخاص الذين يفضلون الاحتفاظ بالتذكارات المادية التي تحمل ذكريات مهمة، مما أدى إلى تكدسها يوماً بعد يوم داخل حجرتها.
تمزج سهى سرجاني في لوحتها بين النصوص والسيانوتايب - إحدى طرق الطباعة الفنية - مع كولاج من الأشعة الطبية والرسوم التشريحية والصور الشخصية، ولا تمنح لوحتها أسماء سوى اللوحات الخاصة بالنصوص فقط.
في إحدى لوحات سهى سرجاني التي تتصدر واجهة المعرض مزجت بين إحدى الغرف بأثاثها الأزرق وبين أعضاء بشرية داخلية كالقلب والرئتين، وعن تلك اللوحة تقول لـ«الشرق الأوسط»، إنها تحكي من خلال اللوحة تجربة شخصية عايشتها مع عائلتها عند انتقالها من بيتها القديم إلى البيت الجديد. حاملين معهم أثاثاً من البيت القديم. وقتها شعرت كأن البيت الجديد مسكون بالقديم وكلاهما داخل مشاعرها، وجزء من جسدها لما يمثله المنزل من طبيعة حميمية لها.
في منتصف قاعة المعرض تمتد خريطة طولية باللونين الأزرق والأبيض تحمل اسم «المدينة السرية»، عند التدقيق في تفاصيلها نجد أنها تشريح للأعضاء البشرية الداخلية، وترمز بها سهى السرجاني إلى المناطق التي هاجمتها الأمراض بسبب الآلام النفسية والتجارب الصادمة.
رؤية أخرى لأوجاع الجسد وتجاربه، عكسها الفنان مروان الجمل عبر ست لوحات هي عدد مشاركاته في المعرض. يعتبر مروان أن الجسد عالم حقيقي شديد التفرد، ويمثله في لوحاته بصفته التشريحية والخيالية.
في إحدى اللوحات التي حملت اسم «إسقاط مألوف»، نجد أن مروان مزج بين الطبيعة المتغيرة لوسيط مائي كالبحر، وبين الإنسان الواعي لعطايا الطبيعة، الذي لم يظهره الفنان بشكله التقليدي، ولكن بكونه طاقة تحوي الكثير من العناصر كالمعادن والضوء.
في لوحة أخرى حملت اسم «تكوينات حية»، ظهر فيها وجه الإنسان وبداخله عشرات من الأشخاص والعناصر، تمثل التجارب التي مر بها خلال حياته، وعن ذلك يقول مروان إنه يرى أن التأمل في تفاصيل الجسد البشري يعكس تجاربه وعوالمه الداخلية، وقد حاول تجسيد فلسفته تلك، في جميع لوحاته بالمعرض وقد عمل عليها لمدة أربعة أشهر.
أما الفنانة ندى بركة فتعمدت ترك تفاصيل صادمة كالألوان الحادة، أو قدم ديناصور، أو جزء من جلد بشري في لوحات عكست تصورها للمدينة الخيالية. تقول ندى إنها تأثرت كثيراً بأفلام الرسوم المتحركة التي كانت تُعرض للأطفال خلال فترة الستينات، والتي كانت تحوي عناصر وأفكاراً تتخطى المرحلة العمرية للطفل، وتناقش مواضيع جادة أكثر مما يجب.
شاركت ندى بـ11 لوحة مزجت خلالها بين العناصر الحقيقية والعناصر المتخيلة، وكانت ترغب في التشديد على التناقض في الحياة ما بين الجمال والقبح، والجيد والرديء.
وينوي الفنانون الثلاثة تكرار التجربة بنصوص جديدة بقلم زميلتهم سهى، التي شكلت بمدينتها الخيالية عوالم ذلك المعرض.



افتتاح «مركز الدرعية» الوجهة الأولى لفنون الوسائط الجديدة في الشرق الأوسط وأفريقيا

المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)
المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)
TT

افتتاح «مركز الدرعية» الوجهة الأولى لفنون الوسائط الجديدة في الشرق الأوسط وأفريقيا

المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)
المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)

نحو إثراء المشهد العالمي لفنون الوسائط الجديدة عبر تقديم وجوه إبداعية من المنطقة، تجمع بين الفن، والتكنولوجيا، والابتكار، افتتح مركز الدرعية لفنون المستقبل أبوابه رسمياً، اليوم (الثلاثاء)، بوصفه أول مركز مخصص لفنون الوسائط الجديدة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، متخذاً من منطقة الدرعية التاريخية المسجّلة في قائمة اليونيسكو للتراث العالمي موقعاً له.

ويأتي المركز في مبادرة تجمع بين وزارة الثقافة، وهيئة المتاحف، وشركة الدرعية في السعودية، في الوقت الذي انطلق ببرنامج متنوع يشمل أنشطة ومعارض فريدة ومبادرات تفاعلية مع الجمهور، مع التركيز على تمكين الفنانين والباحثين ومتخصصي التكنولوجيا من داخل المنطقة وخارجها، في بيئة إبداعية مجهزة بأحدث المختبرات والاستوديوهات الرقمية ومساحات العرض المبتكرة.

وقالت منى خزندار المستشارة في وزارة الثقافة السعودية إن «مركز الدرعية لفنون المستقبل يجسّد التزامنا بتطوير الإنتاج الفني المبتكر واحتضان أشكال جديدة من التعبير الإبداعي، فمن خلاله نسعى إلى تمكين الفنانين والباحثين ودعمهم لإنتاج أعمال بارزة والخروج بأصواتهم الإبداعية إلى الساحة العالمية».

وأشارت إلى أن المركز سيُوظّف مساحاته للتعاون والإبداع لترسيخ مكانة المملكة في ريادة المشهد الثقافي والتأكيد على رؤيتها في احتضان أشكال التعبير الفني محلياً وعالمياً.

من جانبه، بين الدكتور هيثم نوار مدير مركز الدرعية لفنون المستقبل أن افتتاح المركز يمثّل منعطفاً في السردية القائمة حول فنون الوسائط الجديدة، لكونه يخرج بالمرئيات والتصوّرات الإقليمية إلى منابر الحوار العالمية.

المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)

وقال: «إن المركز سيتجاوز حدود الإبداع المتعارف عليها نحو آفاق جديدة، وسيقدّم للعالم مساحة للابتكار والنقد الفني البنّاء عند تقاطع الفن والعلوم والتكنولوجيا».

وتتزامن انطلاقة مركز الدرعية لفنون المستقبل مع افتتاح معرضه الأول بعنوان «ينبغي للفنّ أن يكون اصطناعياً... آفاق الذكاء الاصطناعي في الفنون البصرية» خلال الفترة من 26 نوفمبر (تشرين ثاني) إلى 15 فبراير (شباط) المقبل، حيث يستكشف المعرض، الذي أشرف عليه القيّم الفني جيروم نوتر، تاريخ فن الحاسوب منذ نشأته في ستينات القرن الماضي وحتى يومنا الحاضر، من خلال أعمال فنية متنوعة تحمل توقيع أكثر من 30 فناناً إقليمياً وعالمياً.

وسيحظى الزوار بفرصة استكشاف أعمال من صنع قامات في الفن أمثال فريدر نايك (ألمانيا) وفيرا مولنار (هنغاريا/فرنسا) وغيرهما من المُبدعين في ميادين الابتكار المعاصر مثل رفيق أناضول (تركيا) وريوجي إيكيدا (اليابان).

وسيكون للفنانين السعوديين لولوة الحمود ومهند شونو وناصر بصمتهم الفريدة في المعرض، حيث يعرّفون الزوّار على إسهامات المملكة المتنامية في فنون الوسائط الجديدة والرقمية.

وبالتزامن مع الافتتاح، يُطلق المركز «برنامج الفنانين الناشئين في مجال فنون الوسائط الجديدة»، بالتعاون مع الاستوديو الوطني للفن المعاصر - لوفرينوا في فرنسا. ويهدف البرنامج، الذي يمتد لعام كامل، إلى دعم الفنانين الناشئين بالمعدات المتطورة والتوجيه والتمويل اللازمين لإبداع أعمال متعددة التخصصات.

وأعلن المركز عن برنامج «مزرعة» للإقامة الفنية، المخصص لفناني الوسائط الرقمية، في الفترة من فبراير (شباط) حتى أبريل (نيسان) 2025، ويهدف إلى استكشاف العلاقة بين الطبيعة والتكنولوجيا والمجتمع من خلال موارد المركز.

ويجسد مركز الدرعية لفنون المستقبل «رؤية السعودية 2030»، التي تسعى إلى تعزيز الابتكار، والتعاون العالمي، وترسيخ مكانة المملكة بوصفها وجهة رائدة في الاقتصاد الإبداعي العالمي.