مخطط لترحيل عشرات آلاف الفلسطينيين من الخليل والضفة

تقرير حقوقي إسرائيلي قال إنه يُنفذ منذ 25 عاماً

مخطط لترحيل عشرات آلاف الفلسطينيين من الخليل والضفة
TT

مخطط لترحيل عشرات آلاف الفلسطينيين من الخليل والضفة

مخطط لترحيل عشرات آلاف الفلسطينيين من الخليل والضفة

حذر «مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلّة - (بتسيلم)»، في تقرير جديد له، من مخطط يجري تطبيقه منذ 25 عاماً لترحيل عشرات ألوف من مدينة الخليل ومن بلدات وقرى أخرى يطمع فيها المستوطنون، ويسعون لمصادرتها من أصحابها الشرعيين الفلسطينيين، وتهويدها، وتحويلها إلى بؤر استيطانية. وقالت إن حكومات إسرائيل كلها شريكة في هذا المخطط وتطبيقه، بمن في ذلك السياسيون من اليسار والوسط، وكذلك الجيش والمخابرات وحتى الجهاز القضائي.
ووصف المركز ما يجري في الخليل وهذه المناطق الفلسطينية بـ«مناطق دمار حضري، ناتج عن العبثية الكامنة في قيام كتائب الجنود بخدمة حفنة تتألف من 700 مستوطن في قلب مدينة فلسطينية يسكنها أكثر من 200 ألف نسمة».
وأظهر تقرير المركز الإسرائيلي المذكور، الصادر بعنوان «تحت الغطاء الأمني: السياسة الإسرائيلية في الخليل كوسيلة للنقل القسري لسكانها الفلسطينيين»، كيف تتشبث إسرائيل بالذرائع الأمنية لتنفيذ سياسة في وسط المدينة القديمة جعلت حياة السكان الفلسطينيين غير محتملة، في سبيل جعلهم يهجرون المدينة. ويقول إن هذه السياسة تستند إلى نظام فصل عنصري متطرف (أبرتهايد) تنفذه إسرائيل في المدينة منذ 25 عاماً، وعملياً، منذ 25 فبراير (شباط) 1994، عندما نفذ الطبيب اليهودي المستوطن في مستعمرة قريات أربع، باروخ غولدشتاين، مذبحته بحق المصلين المسلمين في الحرم الإبراهيمي، وقتل منهم 29 شخصاً وجرح عشرات آخرين (وأكملت قوات الاحتلال المذبحة يومها فقتلت 20 فلسطينياً آخرين، لدى خروجهم للاحتجاج).
ويوضح التقرير أن «نظام الفصل في الخليل يعتمد على مجموعة من القيود على الحركة التي تخلق منطقة مفصولة عن بقية أجزاء المدينة، يمنع فيها بشكل مطلق، تحرك الفلسطينيين سيراً على الأقدام أو بالسيارات. ومن أجل تطبيق هذا النظام، أقام الجيش في منطقة محدودة ما لا يقل عن 22 نقطة تفتيش و64 إغلاقاً مادياً من مختلف الأنواع، التي تقصي الفلسطينيين عن شوارع مدينتهم»، ويضيف: «في الخليل، من المستحيل تجاهل الدمار الوحشي الذي خلفه إغلاق المنازل القديمة التي تعود إلى الحقبة المملوكية في (مسار المصلين) - من شارع الشهداء، الذي كان سابقاً المركز التجاري الصاخب في جنوب الضفة الغربية، والذي تم إفراغه تماماً من سكانه ومن المنازل المهجورة على امتداده - كما لا يمكن تجاهل عشرات الحواجز التي تعزل المستوطنة عن بقية أجزاء المدينة، والتي يجري تحسينها كما لو كانت قلاعاً من العصور الوسطى، وغمرها بالكاميرات والتقنيات المتقدمة للتعرف على الوجوه».
ويبين التقرير أنه «لا يزال هناك فلسطينيون ينجون من نظام الفصل الوحشي. لكن أعدادهم تتناقص تدريجياً. فبينما زاد عدد سكان الخليل الخاضعين للسيطرة الفلسطينية بنسبة 45 في المائة منذ توقيع اتفاقية الخليل، أي من 115 ألفاً، في عام 1997 إلى 166 ألفاً، اليوم، انخفض عدد السكان في المنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية من 35 ألفاً إلى 34 ألف نسمة. ويقول جميع الفلسطينيين الذين بقوا في الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل، تقريباً، إنهم لو تمكنوا من ذلك، لكانوا قد هجروا منذ فترة طويلة مدينة الأشباح التي سجنتهم فيها إسرائيل. قوات الأمن تدير حياتهم، وكل عمل يومي يقومون به، يشتق من طابور الانتظار والإهانة على الحواجز - المشي إلى العمل أو المدرسة، زيارة الأقارب المتبادلة، المناسبات العائلية وحتى التسوق. يضاف إلى ذلك العنف اليومي للجنود والشرطة والمستوطنين الذين يكادون يحصلون دائماً على الحصانة».
ويستعرض التقرير قائمة تدابير القمع المألوفة، على النحو التالي: «عمليات تفتيش مهينة، اقتحامات ليلية للبيوت واعتقالات لأسباب واهية؛ في الخليل، يتم تقديم هذه القائمة للسكان الفلسطينيين بجرعات متزايدة». ويهدف نظام الفصل هذا إلى «إفراغ الخليل من العرب»، كما وصفه في عام 2007 حجاي ألون، مساعد وزير الأمن السابق عمير بيرتس. و«يوجد له تعريف واضح في القانون الإنساني الدولي: النقل القسري للسكان المدنيين وهو ما يعادل جريمة حرب».
ويتهم التقرير ألوف القادة الإسرائيليين بالمسؤولية عن هذا الترحيل. ويقول: «قليل من هذا العمل يجري في الخفاء، والكثير منه يحدث على الملأ. وتشارك أيدي الكثير من الإسرائيليين في ذلك؛ قضاة المحكمة العليا على مختلف أجيالهم؛ كبار قادة الجيش والأمن؛ ورجال النيابتين العسكرية والمدنية؛ وبالطبع، السياسيون من اليمين واليسار».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.