العثماني: «فبركة» الأحزاب سقطت في المغرب

TT

العثماني: «فبركة» الأحزاب سقطت في المغرب

وجّه رئيس الحكومة المغربية وأمين عام حزب «العدالة والتنمية»، سعد الدين العثماني، انتقادات حادة لحزب «الأصالة والمعاصرة» المعارض، من دون أن يسميه، معتبراً أن النموذج الذي يمثله هذا الحزب «سقط» في المغرب و«تكسر».
وقال العثماني، في كلمة ألقاها أمام منتخبي حزبه، في لقاء جهوي بمدينة أغادير (جنوب البلاد)، لقد «شاهدنا في المراحل الأخيرة سقوط نموذج في العمل السياسي. نموذج فبركة الأحزاب السياسية والنفخ فيها والنزول في الساحة السياسية بوسائل مالية ضخمة، ودعم جهات في الإدارة والاستقواء على الأطراف السياسية».
وأضاف العثماني مهاجماً حزب الأصالة والمعاصرة، الذي يعيش هذه الأيام على إيقاع انقسام كبير في صفوفه، أنه «شكّل فريقاً برلمانياً قبل تشكيل الحزب سنة 2008»، وزاد: «لاحظنا كيف يسقط بالتطاحنات الداخلية التي لا تنتهي، لماذا؟ لأنه لم يبنَ على أساس سليم أول مرة».
وشدّد العثماني، في رسالة غير مباشرة لأطراف في الدولة: «يجب ألا نكرر الأخطاء، وهذا النموذج تكسر تحت صخرة وعي الشعب المغربي، وتحت صخرة نضال أبناء حزب العدالة والتنمية»، لافتاً إلى أن الحياة السياسية السليمة «لا يصنعها المال، ولا الدعم من جهات في الإدارة هو الذي يصنع الأحزاب السياسية السليمة».
وأكد العثماني أن الذي يصنع الحياة السياسية السليمة هو «المناضلات والمناضلون والصراحة والصدق مع الناس والشفافية وعدم الانغماس في الامتيازات الشخصية، وهذا هو الذي يميز الحياة السياسية السليمة، والمناضل والفاعل السياسي النبيل»، معتبراً أنه «لا ديمقراطية من دون حياة سياسية سليمة، ولا حياة سياسية سليمة من دون أحزاب سياسية مستقلة».
وحذّر أمين عام حزب العدالة والتنمية من القضاء على هيئات الوساطة؛ حيث قال مخاطباً منتخبي حزبه: «تصوروا أين ستسير الحياة السياسية من دون هيئات الوساطة، وإذا فقدت البوصلة، فيمكن أن تكون العواقب في بعض الأحيان مسيئة أو مدمرة»، ودعا إلى ترك الأحزاب السياسية «تقود أمورها بذاتها، وإلى استقلالية القرار الحزبي، وأن نحترم الديمقراطية الداخلية لهذه الأحزاب، وتكون ديمقراطية حقيقية». وأفاد العثماني بأن الإدارة «وجدت لتكون محايدة، ونحيّي كثيراً من رجال الإدارة المحايدين، ولكن أحياناً تبرز بعض النماذج التي تحاول أن تمد يدها وتربك الحياة السياسية وتدعم أطرافاً سياسية ضد أخرى»، وأردف منتقداً: «هذا مسيء، ولن يعطي نتيجة، ولن ينفع من يفكر بهذه الطريقة في شيء، وإنما يسيء إلى الوطن وصورته، فلذلك نحن سنعمل جاهدين على أن نعطي للحياة السياسية المعنى الحقيقي الذي ينبغي أن تكون عليه».
كما حثّ العثماني أعضاء حزبه على عدم التأثر بالإجماع التي يوجهها، وقال: «لا تتأثروا بالهجومات وحملات التيئيس ومحاولات التحقير والتنقيص، فهذا تعودنا عليه، واكتسبنا مناعة وقوة، لأنه منذ 20 سنة ونحن نهاجم وما زادنا ذلك إلا قوة». وأعلن العثماني أن القضايا الوطنية الكبرى تحتاج إلى «أن نتعبأ للدفاع عنها في المحافل الدولية»، مؤكداً أن «الاستقرار والأمن» الذي تنعم به بلاده نعمة يفتقدها كثير من البلدان، «تاج ونعمة لا يراها إلا الذين فقدوا الاستقرار، وهذا شيء مهم ينبغي أن نحرص عليه».
وأكد رئيس الحكومة: «لا يمكن أن نسمح بالانتقاص من سيادة الوطن أو مهاجمته، أو أن يتهجم عليه أحد»، في إشارة إلى قضية الوحدة الترابية للمملكة، التي تعتبرها خطأ أحمر، والقضية التي لا تقبل المس أو المساومة. وفي موضوع منفصل، أكد العثماني رفض بلاده القاطع لصفقة القرن ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية، معتبراً أن قضية القدس «خط أحمر»، وقال: «المغرب رسمياً برسائل وتصريحات لجلالة الملك محمد السادس والدبلوماسية الوطنية وجميع القوى السياسية الوطنية، يرفض صفقة القرن وهذا المسار رفضاً نهائياً».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».