خريطة طريق فرنسية لتنفيذ مقررات «سيدر»

TT

خريطة طريق فرنسية لتنفيذ مقررات «سيدر»

أكد مصدر دبلوماسي فرنسي لـ«الشرق الأوسط»، أن باريس تنتظر إقرار لبنان موازنة 2020 وإصلاحات مطلوبة، خصوصاً في قطاع الكهرباء والبنى التحتية والإصلاح الإداري، قبل نهاية العام الحالي، لبدء تنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر» لدعم الاقتصاد اللبناني.
وتعد خريطة الطريق تلك «معبراً ملزماً» للوصول إلى الموعد الذي اتفق عليه بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة سعد الحريري، خلال لقائهما الأخير في قصر الإليزيه قبل 10 أيام، حين تمحور حديثهما حول سبل تنفيذ مقررات «سيدر»، وكيفية مساعدة فرنسا في معالجة الوضع الاقتصادي اللبناني.
وأشار المصدر إلى أن الاتصالات جارية بين بيروت وباريس من أجل حل الإشكال الحاصل حول تشكيل «لجنة التوجيه» للمشروعات، ومهمتها أولاً وضع شروط المناقصات لأي مشروع يطرحه لبنان والثانية اختياره، ثم يحال المشروع إلى مجلس النواب لمناقشته وإقراره.
ولفت إلى أن الجانب الفرنسي متمسك بالتشكيل الذي يضمه إلى بريطانيا وكندا والأردن وبنك الاستثمار الأوروبي وصندوق النقد الدولي ومكتب رئيس الحكومة اللبنانية ومكتب نائب رئيس الحكومة ورئيس مجلس الهيئة العليا للخصخصة ومجلس الإنماء والإعمار والتفتيش المركزي.
وذكر المصدر أن التمسك الرسمي الفرنسي يأتي بعد أن كان الحريري اقترح تقليص أعضاء اللجنة وحصرها به وبمجلس الإنماء والإعمار والهيئة العليا للإغاثة، بالنظر إلى أن «تخفيض الأعضاء يرمي إلى السرعة في تنفيذ المشروعات»، وعليه يكون تفادياً للتأخير. وجددت فرنسا اشتراطها الإبقاء على عضوية لجنة الرقابة نفسها «من أجل توفير الشفافية».
وأكد المصدر أن باريس على علم بأن لبنان أعد 4 مشروعات سيحيلها على «سيدر» لدى تحديد ساعة الصفر، للبدء بتنفيذها في المرحلة الأولى في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
يُشار إلى أن القيمة النقدية التي تقررت في نهاية مؤتمر «سيدر» هي 11.5 مليار دولار لتمويل 250 مشروعاً. ويتوقع الخبراء، في حال تم تنفيذها، تنشيط الاقتصاد المتعثر، وإيجاد عدد كبير من الوظائف يقدر بالآلاف، ما قد يحد من هجرة اللبنانيين طلباً للعمل.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.