المختارات الشعرية... ولادة حركات أم مزاج شخصي؟

«ديوان الحماسة» لأبي تمام يبقى الأهم في تاريخ الاختيار الشعري العربي

أحمد شوقي - عباس محمود العقاد - عبد الوهاب البياتي - يوسف الصائغ
أحمد شوقي - عباس محمود العقاد - عبد الوهاب البياتي - يوسف الصائغ
TT

المختارات الشعرية... ولادة حركات أم مزاج شخصي؟

أحمد شوقي - عباس محمود العقاد - عبد الوهاب البياتي - يوسف الصائغ
أحمد شوقي - عباس محمود العقاد - عبد الوهاب البياتي - يوسف الصائغ

شكلت كتب المختارات طريقة ومنهجاً في التأليف، فقد أخذت تلك الطريقة مساحة كبيرة في النقد العربي القديم، وشكلت ظاهرة لافتة في حركة الشعر العربي، فأولى المدونات الشعرية هي عبارة عن مختارات شعرية لـ130 قصيدة، وهي المفضليات، التي تُعدُّ أقدم مجموعة في اختيار الشعر العربي، ومن بعدها ظهرت الأصمعيات، وجمهرة أشعار العرب، وقد فتحت تلك المختارات نافذة للنقدية العربية في تقسيم الشعراء إلى طبقات من الفحول وغير الفحول، وحسب معايير النقد القديم.
ولكن كما أظن تبقى مختارات أبي تمام (ديوان الحماسة) أحد أهم المختارات في تاريخ الاختيار الشعري العربي، حيث كان منسوب الوعي في أعلى مستوياته، هذا إذا علمنا أنَّ الاختيار قطعة من القلب كما يقولون، لذلك جاءت مختارات أبي تمام مبوّبة وموزعة حسب الأغراض، فضلاً عن ابتكاره أغراضاً جديدة، لم تكن معهودة في الشعر العربي، ولكن ثقافة أبي تمام سمحت له أنْ يضع جملة من الأشعار، في باب سماه «باب مذمة النساء» ومن ثم توالت المختارات بهذا الاسم؛ اسم «ديوان الحماسة»، فظهرت «حماسة الشجريين، والحماسة البصرية، وديوان الحماسة للمرزوقي، وللبحتري، وديوان الحماسة للتبريزي».
ومن ثم حدثت شبه قطيعة في فكرة المختارات، حتى وصلنا إلى بداية القرن العشرين، حيث اجتهد الشعراء في أن يكونوا على شكل مجاميع منظمة، تطرح أفكارها وتوجهاتها، فظهر لنا كتاب «الديوان» للعقاد والمازني، وهو يمثل أول مختارات معاصرة تتضمن طروحات فكرية وتنظيرية وفيها مجمل رؤية هذه المجموعة للشعر مع نصوصهم التي اختاروها والتي زعموا أنها تمثل توجههم الشعري المتوافق مع تنظيرهم النقدي، الذي انصب في نقد الشعراء الذين سبقوهم، وبالتحديد أحمد شوقي وأدب المنفلوطي ودعوا فيه إلى التجديد الشعري، الذي طردوا من ساحته شعر المناسبات والإخوانيات، ومن ثم ظهرت جماعة «أبوللو» الذين اجتمعوا في مجلة، ولم تجمعهم مختارات أو ديوان مشترك.
ولكن بظهور هاتين الحركتين بدأ التوجه نحو التجمعات الشعرية في أنْ تكون عصبة قوية، تقف بوجه السابق، أياً كان ذلك السابق، فأحمد شوقي وقف بوجهه العقاد، والعقاد وقف بوجهه أحمد عبد المعطي حجازي، والآن شعراء قصيدة النثر الشباب في مصر وقفوا بوجه حجازي. وهكذا تدور عجلة التحوَّلات الفكرية والثقافية، في بث أنساقها في كل مرحلة من المراحل، وحين نعود إلى المختارات يجب أنْ نتوقف عند ديوان الشعر العربي لأدونيس الذي يمثل وجهة نظر الحداثة إزاء الشعر العربي، الذي نقاه وخلَّصه من كل ارتباطاته الوظيفية، والغرضية، فاختار لنا شعراً صافياً للشعر وحده، أمَّا المختارات المعاصرة، التي سخنت كثيراً في الربع الأخير من القرن العشرين، وصولاً إلى هذه اللحظة، حيث حاول «حزب البعث» في بداية قبضته على السلطة، أنْ يدعم مجموعة من الشعراء، فظهرت قصائد مختارة من شعراء مجلة «الطليعة العربية» عام 1977 لـ47 شاعراً، من جيل الخمسينات، والستينات، والسبعينات الذين يُعدّون في بداية مشوارهم الشعري في ذلك الوقت، كخزعل الماجدي ومرشد الزبيدي وغزاي درع الطائي وفرج ياسين وساجدة الموسوي وآخرين ليس لهم حضور شعري بارز، ولكن هذه الأنطولوجيا محددة بغرض واحد وواضح؛ وهو التبشير بشعراء القومية العربية، وبأنَّ هؤلاء الشعراء من أجيال مختلفة، وأشكال شعرية متناوبة بين العمود التقليدي، والتفعيلة، يمثلون وجه الوطن العربي المقبل، لذلك طعَّموا هذه المختارات بشعراء عرب مثل سليمان العيسى وخليل الخوري، وما تبقى هم الشعراء العراقيون، الذين احتوت معظم قصائدهم المختارة جانباً واحداً؛ وهو التفاؤل لمستقبل الأمة العربية، وتجاوز الأزمات وبالأخص أيام النكسة، لذلك لم نجد أي شاعر شيوعي، أو من ميول ماركسية، أو حتى مستقل، لذلك فهذه المختارات التي ركزت على الستينيين حذفت منها فاضل العزاوي وفوزي كريم ومن قبلهم سعدي يوسف ويوسف الصائغ وعبد الرزاق عبد الواحد والبياتي وعشرات آخرين، لم يُذكروا في هذه المختارات، لسبب آيديولوجي، لذلك مثلت تلك المختارات وجهة نظر الحكومة، أو السلطة الثقافية المتحكمة بالشأن الثقافي في تلك المرحلة.
ولذلك كان هذا الكتاب منصباً على معظم الجيل الستيني، الذي لم تبشر تلك المختارات بأي حركة أدبية أو فنية، لغلبة الطابع الثوري فيها والآيديولوجي، وكانت هذه المختارات من إعداد الشاعر والناقد الدكتور علي جعفر العلاق، وبعد مرور ما يقارب 10 سنوات، ظهر كتاب للناقد الدكتور حاتم الصكر «مواجهات الصوت القادم» 1986، وهو دراسة نقدية عن تجربة الجيل السبعيني، مع بعض الثمانينيين مع مختارات من نصوصهم، وكانت هذه المختارات لا تمثل توجهاً مؤدلجاً، فهي ليست قريبة من السلطة كما أنها ليست معارضة لها، لكنها أخذت التوجه الفني للشعراء، وانحيازهم للحداثة دون غيرها، ومن ثم توالت فكرة المختارات، أو الدواوين المشتركة، فقد كتب عباس اليوسفي وفرج الحطاب «الشعر العراقي الآن» وكانت مقتصرة على شعراء قصيدة النثر، علماً أنَّ عنوان المختارات يوجب عليهم أنْ يلمَّوا بمجمل الشعر العراقي، لكنهم ينطلقون من فكرة مصادرة أي شكل غير قصيدة النثر، وطرده خارج الشعرية العراقية بل والعربية.
كما أصدر بيت الشعر الفلسطيني مختارات لمجموعة من الشعراء العراقيين تحت اسم «أنساغ القلب» وكانت تضم كلاً من أحمد الشيخ علي، وخضير الزيدي، وعماد جبار، وكاظم النصار، وكريم شغيدل، وماجد حدام، وكان ذلك عام 2001. ولم يحتوِ الديوان على مقدمة للشعراء إنما كانت مقدمة ترحيبية للشاعر المتوكل طه بوصفه رئيساً لبيت الشعر الفلسطيني في تلك المدة، فلا شيء يدل على أنهم حركة شعرية، بل كانت مجرد نصوص، وكلها من قصيدة النثر أيضاً ما عدا عماد جبار كانت نصوصه من التفعيلة. وقبل ذلك أصدر 3 شعراء جمعتهم الجامعة المستنصرية ديواناً صغيراً مشتركاً، وبطباعة بسيطة جداً جداً سموه «شعراء الألف الثالث» وقد أصدروه عام 1999، وهم كل من عباس عبد معلة، ونوفل هادي الحمداني، ورسول خضر الزبون، وقد كانت هذه المجموعة أو الديوان محاولة لإثبات الوجود، إلا أنَّه لم يحظَ بحضور نقدي، ولا متابعة جيدة، علماً أنَّ عنوانه يُفصح عن اقتحام شعراء جدد لقرن جديد، إلا أن النصوص لم تسعف كثيراً قوة الرغبة التي يحملها الأصدقاء في ذلك الوقت، وكم كنتُ أتمنى لو كتب الأصدقاء مقدمة لديوانهم المشترك، تجمع مجمل أفكارهم عن الشعر، خصوصاً أننا كنَّا على أعتاب نهاية قرن، وبداية قرن جديد، فلو كتبوا مقدمة لكانت مفصلاً مهماً، حتى لو لم تُسعف النصوص، كما حدث مع مقدمة ديوان نازك الملائكة «شظايا ورماد»، حيث نعود دائماً إلى المقدمة، دون أنْ نلتفت كثيراً للشعر.
بعد ذلك أصدر مجموعة من شعراء الموصل ديواناً مشتركاً عام 2002 اسمه «نقوش على وجنة البيبون»، وهم كل من عبد الله البدراني، وجاسم محمد جاسم، وحميد عبد الوهاب، وعبد المنعم الأمير، وعمر عناز، ولم يكن أفضل حالاً من «شعراء الألف الثالث»، حيث رداءة الطباعة، وهي عبارة عن استنساخ بغلاف بسيط جداً، وقد كتب الشاعر كرم الأعرجي مقدمة شعرية لهؤلاء الشباب لم تفصح عن توجه أو حركة شعرية جديدة، لكنْ ما يميز هذه المجموعة المشتركة أنهم اقتصروا على الشعر الموزون والعمودي منه على وجه التحديد كأنهم ردة فعل لبعض المختارات لشعراء قصيدة النثر، وهذا ما صنعه بسام صالح مهدي حين كتب كتابه «حركة قصيدة الشعر» 2005 متضمناً أفكار جماعة قصيدة الشعر وبيانهم الشعري مع نصوصهم التي تغلب عليها العمود ذو النزعة التجديدية. بعد ذلك صدر كثير من الدواوين المشتركة، ومعظمها من بيت الشعر في اتحاد أدباء العراق؛ ففي 2007 صدرت مجموعة مشتركة لشاعرين؛ هما الراحل حبيب النورس والشاعر عماد كاظم عبد الله، بعنوان «شاهدان ومئذنة». وفي عام 2010 صدرت أيضاً مجموعة مشتركة بين الشاعرين رضا السيد جعفر والشاعر نادر عمَّا نوئيل، وقبلها صدرت في 2009 عن نادي الشعر بمناسبة اليوبيل الذهبي لاتحاد الأدباء، مجموعة مشتركة لـ17 شاعراً «أكثر من قمر لليلة واحدة»، وكانت هذه المجموعة معظمها من الشعر الموزون، والملاحظ على مطبوعات الاتحاد من الدواوين المشتركة أنَّها لم تكن تبشر بحركات شعرية، أو توجهات جديدة، فقد خلت كل تلك الدواوين من مقدمات نقدية، أو تنظيرية، لذلك هي تحشّد الشعراء فقط، وتحاول أنْ تُرضي أكثر من جهة، وتوجه، وطرف، وهذه مسألة طبيعية، لطبيعة عمل المؤسسات الثقافية، التي لا تريد أنْ تدخل في سجالات مع المثقفين.
وفي عام 2018، صدرت مجموعة مشتركة لشعراء عراقيين بعنوان «تلويحة لأحلام مؤجلة» وتحمل عنواناً فرعياً «شعرية عراقية جديدة»، وقد كانت من إعداد وتقديم الشاعر حسام السراي، وقد ضمت كلاً من الشعراء أحمد عزَّاوي، وحسام السراي، وزاهر موسى، وصادق مجبل، وصفاء خلف، وعلي محمود خضير، وعمر الجفال، ومؤيد الخفاجي، وميثم الحربي، وفي تصوري كانت هذه المجموعة المشتركة واحدة من أكثر المجاميع، أو المختارات الأكثر نضجاً في عموم المختارات للشعر في العراق، حيث كُتبتْ لها مقدمة طويلة أشبه بالبيان الشعري، الذي ينبئ بتصورٍ واضحٍ عن الوضع السياسي، والاجتماعي، والثقافي، وعن المرحلة التي أنجبت هذه المجموعة من الشعراء، ذوي الأعمار المتقاربة نسبياً، وكل هؤلاء الشعراء دعاهم حسام السراي ليكونوا في هذه المختارات، حيث يقول في المقدمة: «عنّي شخصياً تشرفتُ بقبول أصدقائي وزملائي للمشاركة في هذا المشروع، وجمعتُ إسهاماتهم فيه، وكتبتُ هذه المقدمة التي لم تفلت من وقفة عند الشأن العام، إذن هذه المختارات كانت موجهة للذين يُشبهون حسام السراي، لأنَّه لا يوجد أي مختلف عنهم، في هذا السياق، وحتَّى عدد من هؤلاء الشعراء من يكتب العمود والتفعيلة، إلا أنه اشترك بقصائد نثر فقط، ما يعني أنَّ توجه هذه المختارات نحو قصيدة النثر، وربما العنوان الفرعي «نحو شعرية عراقية جديدة» هو الذي حدد البوصلة، رغم أنَّهم لم يحددوا لنا ما خصائص هذه الشعرية العراقية الجديدة، وكيف انبثقت؟ وما ملامحها؟ ولماذا اقتصرت على 9 شعراء فقط دون غيرهم؟ علماً أنَّ لهم عشرات آخرين من جيلهم الذي اشتدَّ عودُه الشعري بعد 2003، كما أنَّ إحدى الصفات التي اتسمت بها هذه المختارات هي المساحة النقدية والشهادات الشعرية التي أدلى بها الشعراء، كل حسب وجهة نظره للشعر، وأسباب كتابته، ونظرته لما يدور حوله، إلا أنَّ ما يُلاحظ على معظم تلك التجارب، هو تركيزهم على التحولات السياسية في البلد، والتحولات الاجتماعية، وجملة المشاكل التي مرَّ بها العراق، من حروب متكررة، وحصار خانق، واحتلال، وحرب أهلية، ومفخخات، وميليشيات، وإرهاب، ولكننا لم نقرأ لهؤلاء الشعراء أي إشارة إلى مرجعياتهم الثقافية، ولم يكتبوا بشهاداتهم الشعرية عن خزينهم المعرفي والثقافي، الذي أسهم باندلاع شعريتهم غير أسباب الحرب والاحتلال، ولكن مع هذا كله تبقى تلك التلويحة إحدى أنضج المختارات الشعرية التي تبشر بجيل شعري متفاعل مع محيطه الثقافي والاجتماعي.



السعودية تدشن استراتيجية وطنية للإرشاد الأسري

الوزير الراجحي يسلّم أولى الرخص المهنية في الإرشاد الأسري (الموارد البشرية)
الوزير الراجحي يسلّم أولى الرخص المهنية في الإرشاد الأسري (الموارد البشرية)
TT

السعودية تدشن استراتيجية وطنية للإرشاد الأسري

الوزير الراجحي يسلّم أولى الرخص المهنية في الإرشاد الأسري (الموارد البشرية)
الوزير الراجحي يسلّم أولى الرخص المهنية في الإرشاد الأسري (الموارد البشرية)

دشنت السعودية استراتيجية وطنية للإرشاد الأسري، لمساعدة الأُسر في التغلّب على التحديات المعاصرة، وزيادة التماسك الأسري، وسلّمت في حفل أقيم (الأحد) بمدينة الرياض أولى الرخص المهنية للإرشاد الأسري ومساعدتها في أداء دورها الحيوي.

وقال المهندس أحمد بن سليمان الراجحي، وزير الموارد البشرية في السعودية، إن الاستراتيجية تأتي انطلاقاً من أهمية الإرشاد الأسري كوسيلة فعالة لمساعدة الأسرة في التغلب على التحديات، وتحقيق توازن أفضل في الحياة. وتابع خلال انطلاق أعمال «منتدى الأسرة 2024»، أن الاستراتيجية حدّدت رؤيتها بأنها إرشاد أسري رائد عالمياً لمجتمع حيوي، ونصّت رسالتها على تطوير وإدارة خدمات الإرشاد بمهنية وابتكار عبر أفضل الكفاءات والممارسات العالمية لأسرة مستقرة ومجتمع متماسك ومزدهر، مشيراً إلى أن إعداد الاستراتيجية تطلب جهوداً حثيثة من فرق العمل، استغرقت أكثر من 1200 ساعة عمل عُقدت عبر 12 ورشة عمل بمشاركة ما يزيد عن 13 جهة من مختلف القطاعات ذات العلاقة.

وزيرا الموارد البشرية والتعليم خلال تدشين استراتيجية الإرشاد الأسري (الموارد البشرية)

وتتضمن استراتيجية الإرشاد الأسري أكثر من 12 مبادرة تغطي جميع المتطلبات الأسرية والمجتمعية، وتركز على تمكين وتحسين أداء العاملين في مجال الإرشاد الأسري، وتأهيلهم وتطوير قدراتهم ومهاراتهم، وتعزيز فهم المجتمع لدور الإرشاد الأسري، وأثره الإيجابي في تحسين العلاقات الأسرية وحل النزاعات ودعم الاستقرار. كما شهد الحفل تسليم أولى الرخص المهنية للإرشاد الأسري لعدد من الممارسين، وستعمل الوزارة على إصدار التراخيص لـ500 ممارسٍ خلال عام 2024، والوصول بأعداد ممارسي الإرشاد الأسري إلى 4000 ممارس في نهاية عام 2030.

من جلسات «منتدى الأسرة 2024» في الرياض (الموارد البشرية)

وكشف الراجحي، أن 31 في المائة من سكان السعودية يقضون 8 ساعات أسبوعياً في ألعاب الفيديو، مشيراً إلى أن هذا المؤشر يُظهر حجم مشكلة الانعزال داخل الأسرة، والتحديات التي يمكن أن تنتج عن هذا الواقع. وأوضح أن الأسرة في السعودية تواجه مجموعة من التحديات والقضايا المؤثرة على تماسكها، في عالم تعصف به رياح التغيير، لافتاً إلى أن الجهات الحكومية في السعودية مدّت يد العون والرعاية لمساعدة الأسر، وأولت اهتمامها الشديد لحماية كيانها، وقدمت الدعم الكبير لمساندتها للقيام بأدوارها في المجتمع ورعاية أبنائها وتربيتهم على الالتزام بالقيم السامية والتمسك بالمبادئ الراسخة.

وعلى صعيد الإرشاد الأسري، قال الراجحي: «نحن مقصرون في هذا الملف، والتربية هي التحدي الأكبر الذي تواجهه الأسر في وجه متغيرات كثيرة، مثل الغزو الفكري غير الطبيعي، وتحدي المحافظة على الأخلاق والمبادئ والدين والترابط، والتحديات الناشئة عن مواقع التواصل على الإنترنت». وأردف: «لا تخلو أسرة من تحديات ومشاق، تأخذ صوراً مختلفة بين أسرة وأخرى، وهي بين إمكانية احتواء هذه التحديات والعجز عن تجاوزها. وفي رأيي، إن هناك خلافات وتحديات كثيرة كان يمكن حلّها لو تيسّر أن يتدخل مختص في الإرشاد الأسري». وكشف الراجحي أن وزارة الموارد البشرية، لديها 98 مركزاً متخصصاً في الإرشاد الأسري، وأن ما لا يزيد عن 14 في المائة فقط يستفيد من هذه الخدمات في السعودية، وأرجع ذلك إلى مستوى الوعي بقيمة الإرشاد الأسري، وأكد الراجحي أن الوزارة تستهدف الوصول إلى 197 مركزاً للإرشاد الأسري عام 2027.

مركز وطني لتطوير المناهج السعودية

من جانبه، قال يوسف البنيان، وزير التعليم، إن السعودية أطلقت مركزاً وطنياً لتطوير المناهج، يعمل بالتعاون مع كل الجهات ذات العلاقة، وذلك بهدف تطوير مناهج مدرسية بتركيبة تكاملية، لا يقتصر المحتوى فيها على البُعد المعرفي فقط، بل يستوعب بالإضافة إليه، البُعدين المهاري والقيمي، بما يعزّز بقاء مكون الأسرة واستقرارها في المجتمع السعودي. وأضاف خلال مشاركته في «منتدى الأسرة 2024»، أن الأسر هي المكون الرئيسي للمجتمع ولاستقراره، وأن تجويد التعليم ومخرجاته يرتكز أساساً على التكامل بين الأسرة والمدرسة، مشيراً إلى أن هدف الوصول إلى مواطن صالح يتطلب عملاً تكاملياً بين القطاعات الحكومية والأهلية كافة. وتابع: «لدينا تحدي الانضباط المدرسي، وهذا يتطلب زيادة جاذبية المدرسة، ورفع رفاهية الطالب فيها، ومقاومة بيئات التنمر، وهو جزء من مهام الإرشاد الأسري».

من «منتدى الأسرة 2024» في الرياض (الموارد البشرية)

حوكمة محتوى إعلانات المؤثرين

من جهته، قال عبد اللطيف العبداللطيف، الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم الإعلام في السعودية، إن قطاع الإعلام يشهد تغيراً متسارعاً، أصبح خلاله المحتوى يصل إلى أبعد ممّا كان يصل إليه سابقاً، وإن التصنيف السعودي للإنتاج المرئي والألعاب الإلكترونية، يُخضع جميع أفلام السينما والألعاب الإلكترونية له قبل عرضها أو تداولها داخل المملكة، وإن التصنيف يعمل بوصفه عاملاً مساعداً للأسر في اختيار ما يتلاءم مع المستوى العمري لأبنائها، وحمايتهم من المحتوى الذي قد يكون له أثر سلبي على سلوكهم ومعتقداتهم.

وكشف العبداللطيف أن الهيئة خلال عام واحد تُصنّف نحو 700 لعبة إلكترونية وأكثر من 600 فيلم سينمائي، بالإضافة إلى حوكمة محتوى إعلانات المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي، وضبط جودة محتوى الإعلانات لتتواءم مع الأخلاق والقيم الاجتماعية في السعودية، وقد ضُبط خلال العام الماضي أكثر من 22 ألف مخالفة محتوى، ومصادرة أكثر من 4 آلاف لعبة مخالفة، مؤكداً أن الرقابة الأبوية هي خط الدفاع الأول لحماية الأسر والأبناء من آثار بعض الطروحات الإعلامية.