«فخ الرقمنة» يبتلع أساطين السياحة التقليدية

الاستهانة بالمنافسين الصغار فتحت أبواب الانهيار

توالي انهيار عدد من عمالقة شركات السياحة خلال الأسابيع الماضية وآخرها «توماس كوك» البريطانية (أ.ف.ب)
توالي انهيار عدد من عمالقة شركات السياحة خلال الأسابيع الماضية وآخرها «توماس كوك» البريطانية (أ.ف.ب)
TT

«فخ الرقمنة» يبتلع أساطين السياحة التقليدية

توالي انهيار عدد من عمالقة شركات السياحة خلال الأسابيع الماضية وآخرها «توماس كوك» البريطانية (أ.ف.ب)
توالي انهيار عدد من عمالقة شركات السياحة خلال الأسابيع الماضية وآخرها «توماس كوك» البريطانية (أ.ف.ب)

تعرّضت شركات تنظيم الرحلات السياحية عام 2019 لأكثر من انتكاسة. فثلاث منها أفلست في ألمانيا بصورة مدوية، تبعها إفلاس شركتين أخريين في بريطانيا وواحدة في فرنسا. وبات واضحاً أن منظّمي الرحلات السياحية يعانون من منافسة شديدة لشركتين سياحيتين رقميتين هما «بوكينغ» و«اكسبيديا». وترزح مجموعة من شركات الطيران منخفضة التكلفة، التي تبيع عروضاً سياحية مدروسة لتغطية تكاليف السفر والفندق معاً، تحت وطأة العائدات المحدودة التي تتراجع عاماً تلو الآخر.
وفي الأسابيع الأخيرة، أعلنت شركات «وايف رايزن» و«غالافيتال» و«إتش آند إتش توريستيك» الألمانية و«ايغل أزور» الفرنسية، و«ذي هوليداي بالاس» و«توماس كوك» البريطانيتان، تباعا عن إفلاسها... مما يطرح عدة أسئلة حول النماذج التجارية المُتّبعة في القطاع السياحي اليوم. ويعزو الخبراء الألمان في برلين إفلاس الشركات السياحية إلى الثورة الرقمية التي فكّكت أعمال الوساطة عبر إنشاء مواقع إلكترونية ربطت المُجهّزين السياحيين، كما «بوكينغ» و«اكسبيديا»، مباشرة بشبكة من ملايين العملاء. هكذا، اضطُرّ المجهّزون السياحيون الصغار لخوض إعادة هيكلة عميقة لنماذجهم التجارية التقليدية التي كانت وما تزال شبه خالية من أي آلية فعّالة لإدارة حالات الطوارئ المالية.
يقول الخبير الألماني في قطاع الهندسة والتخطيط السياحي مارك آرندت في مدينة فرانكفورت إن من يمتلك مفاتيح الرقمنة السياحية هو الفائز. وفي الوقت الحاضر، تهيمن شركتا «اكسبيديا»، التي قفزت مبيعاتها 21.5 في المائة في عام 2018 مقارنة بالعام الأسبق، و«بوكينغ هولدينغ»، التي زادت مبيعاتها 20.7 في المائة عام 2018. على هذه المفاتيح. أما ولادة شركات الطيران منخفضة التكلفة، في الأعوام الأخيرة، فكانت كالسمّ القاتل بالنسبة لمكاتب السفر التقليدية التي عالجت هذه الظاهرة الجديدة باستخفاف شديد.
ويضيف بأن أسباب إفلاس شركة «توماس كوك» السياحية البريطانية العملاقة جاءت من جراء تقاعس إدارتها في معالجة بعض الأمور المصيرية. وعلاوة على تدهور قيمة سهمها من 212 جنيها إسترلينيا عام 2007. إلى 2.45 جنيه إسترليني فقط في مطلع شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2019. كانت الشركة تعاني من نزف مستمرّ في موازنة العائدات. صحيح أن الشركة قامت بقطع التكاليف وتسريح مئات العُمّال، بيد أن خطواتها كانت متأخّرة أمام منافستها الرئيسية وهي شركة «توي» السياحية الألمانية البريطانية. على سبيل المثال، استثمرت شركة «توماس كوك» في مفهوم هندسي عصري للفنادق بهدف توطيد المبيعات واستقطاب المزيد من العملاء إليها. بيد أن شركة «توي» كانت السبّاقة في تبنّي هذا المفهوم وتطبيقه على أرض الواقع. كما أن «توي» راهنت على تجارة الرحلات البحرية الطويلة العابرة للقارات مما جعلها تتفوّق على كافة منافساتها.
ويتابع: «يوجد سببان رئيسيان وراء المصيدة التي آلت إلى إفلاس «توماس كوك» بسرعة. يعود السبب الأول إلى عدم وجود أي موقع إلكتروني، تابع لهذه الشركة، قادر على عرض أسعار تنافسية. واللافت أن إدارات 500 شركة سياحية تتعامل مع «توماس كوك» لم تتمكّن، بدورها، من إغراء الزبائن بعروض طالما توافرت على نحو واسع لدى الشركات المنافسة. أما السبب الثاني فيتمحور حول شركات الطيران منخفضة التكلفة التي سرقت من شركة «توماس كوك»، شيئا فشيئاً، وجهات سياحية مرغوب بها كانت بأيدي شركات طيران الشارتر لعشرات الأعوام. على سبيل المثال، تنجح شركة «أليكانتي» الإسبانية في بيع تذاكر سفر شركات طيران منخفضة التكلفة، إلى هذه الوجهات السياحية، مع حجوز فندقية ضمن عرض واحد يحتوي أيضاً على استئجار سيارة. وهذا ما أخفقت بتسويقه الشركات السياحية التقليدية».
ويختم أن «ثمة شركات عدة ستستفيد من اختفاء شركة «توماس كوك» البريطانية، على رأسها شركة «توي» الألمانية البريطانية التي تصل رسملتها السوقية إلى 5.6 مليار يورو، و«إيزي جيت» و«اكسبيديا» و«بوكينغ»، وهي جميعها شركات ستستغلّ الفراغ الذي خلّفته شركة «توماس كوك» وراءها للمضي قدماً في أعمالها التجارية الدولية النامية».



مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يرتفع مجدداً

شخص يتسوق لشراء الطعام في أحد المتاجر الكبرى استعداداً لعيد الشكر في شيكاغو (رويترز)
شخص يتسوق لشراء الطعام في أحد المتاجر الكبرى استعداداً لعيد الشكر في شيكاغو (رويترز)
TT

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يرتفع مجدداً

شخص يتسوق لشراء الطعام في أحد المتاجر الكبرى استعداداً لعيد الشكر في شيكاغو (رويترز)
شخص يتسوق لشراء الطعام في أحد المتاجر الكبرى استعداداً لعيد الشكر في شيكاغو (رويترز)

تسارعت زيادات الأسعار للمستهلكين في الشهر الماضي، مما يشير إلى أن التراجع المستمر في التضخم على مدار العامين الماضيين قد بدأ يواجه تحديات.

ووفقاً لمؤشر التضخم المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي»، ارتفعت أسعار المستهلكين بنسبة 2.3 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، بحسب بيانات وزارة التجارة التي نُشرت يوم الأربعاء. وتجاوزت هذه الزيادة معدل 2.1 في المائة الذي تم تسجيله في سبتمبر (أيلول)، على الرغم من أنها تبقى أعلى قليلاً من هدف «الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

من جهة أخرى، وفيما يتعلق بأسعار «الأساس» التي تستثني العناصر المتقلبة مثل الطعام والطاقة، فقد ارتفعت بنسبة 2.8 في المائة في أكتوبر مقارنة بالعام الماضي، مقابل 2.7 في المائة في سبتمبر. وتعتبر الأسعار الأساسية مقياساً بالغ الأهمية لدى الاقتصاديين، لأنها توفر رؤية أكثر دقة حول الاتجاه المستقبلي للتضخم.

وشهد التضخم انخفاضاً كبيراً منذ بلوغه ذروته عند 7 في المائة في منتصف عام 2022، وفقاً للمقياس المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي». ومع ذلك، لا يزال التضخم الأساسي السنوي ثابتاً عند 2.8 في المائة منذ فبراير (شباط). ويستمر الارتفاع في أسعار الخدمات، مثل إيجارات الشقق، ووجبات المطاعم، وتأمين السيارات والمنازل.

كما أظهر التقرير الصادر يوم الأربعاء أن الدخل والإنفاق لدى الأميركيين ما يزالان قويين، وهو ما يعد أحد الأسباب الرئيسية لاستمرار نمو الاقتصاد هذا العام رغم المخاوف واسعة الانتشار من حدوث تباطؤ اقتصادي. فقد نما الدخل الشخصي بنسبة 0.6 في المائة من سبتمبر إلى أكتوبر، وهي زيادة تفوق التوقعات، في حين ارتفع الإنفاق الاستهلاكي بنسبة ثابتة بلغت 0.4 في المائة الشهر الماضي.