بن فليس يعرض مضمون «كتاب أبيض» حول «تزوير» انتخابات الرئاسة الجزائرية السابقة

قال إن أصوات عائلته لم تصب في مصلحته في استحقاق 17 أبريل الماضي

علي بن فليس
علي بن فليس
TT

بن فليس يعرض مضمون «كتاب أبيض» حول «تزوير» انتخابات الرئاسة الجزائرية السابقة

علي بن فليس
علي بن فليس

اتهم علي بن فليس، رئيس الوزراء الجزائري الأسبق (2001 - 2003)، الحكومة والبرلمان والمجلس الدستوري بـ«التواطؤ في تزوير نتائج انتخابات الرئاسة» التي جرت في 17 أبريل (نيسان) الماضي، وأفرزت عبد العزيز بوتفليقة رئيسا لولاية رابعة، فيما جاء بن فليس الثاني في الترتيب بعيدا جدا عمن يسميه «مرشح النظام» الذي وصفه بـ«الرئيس غير الشرعي».
وعرض بن فليس أمس، في مؤتمر صحافي بالعاصمة «كتابه الأبيض حول تزوير الاستحقاق الرئاسي»، وسرد أحداثا وقعت قبل وأثناء العملية الانتخابية، عدها «أدلة قوية على حدوث تزوير شامل»، من بينها عدم تقديم الرئيس المترشح شهادة طبية تثبت أنه سليم بدنيا، كما أنه لم يصرح بممتلكاته كما يفرض القانون ذلك. وقال بن فليس إن أصوات أفراد عائلته لم تصب لفائدته في الاستحقاق.
وذكر بن فليس أن «كتابي الأبيض يثبت بما لا يدع أضيق مكان للشك أن التزوير كأداة سلطة أضحى في حد ذاته منظومة لها منطق خاص بها، ولها غاية تميزها، ولها علة وجود تضبط سريان مفعولها. هذه هي المنظومة التي ارتأيت من الأصح ومن الأحق ومن الأدق أن أسميها (تحالف من أجل التزوير)». وبرر رئيس الوزراء الجزائري الأسبق طول المدة التي استغرقها إعداد الكتاب، بقوله إنه واجه عراقيل كثيرة منها خوف المبلغين عن التزوير، من التعرض للانتقام.
وأوضح بن فليس أن «التاريخ السياسي لبلادنا سيسجل، لا محالة، أن الاقتراع الرئاسي الأخير أسهم بقدر كبير في تفاقم أزمة نظام حقيقية يواجهها البلد اليوم بقلق مشروع. إنني أدعو كل من يثير في أنفسهم مثل هذا الوضع عدم الارتياح وعدم الرضا به إلى وقفة مراجعة للذات بشأنه وإلى التمعن في تبعاته الخطيرة وإلى النظر إلى هذا الوضع المتدهور بموضوعية وتجرد، وهي وضعية رهانها استقرار دولتنا وتماسك أمتنا وطمأنينة شعبنا». وتابع «التزوير ليس فقط لعبة سياسية غير صحية، ولا هو خداع سياسي يمكن أن يغتفر، ولا هو إخلال عادي وعابر لأخلاقيات السياسة المعهودة.. إن التزوير يتجاوز كل هذا بكثير، فهو مساس غير مقبول بحرمة الدولة، وهو في الوقت نفسه جريمة ضد الأمة».
يشار إلى أن علي بن فليس كان من أقرب المقربين إلى بوتفليقة. فقد كان مدير حملته الانتخابية في استحقاق 1999. ولما أصبح بوتفليقة رئيسا عينه أمينا عاما بالرئاسة ثم مديرا للديوان بها، ثم رئيسا للحكومة. وبفضل بوتفليقة أصبح بن فليس أمينا عاما لـ«جبهة التحرير الوطني» التي تعرف بـ«حزب السلطة». وحدث الطلاق بين الرجلين عشية انتخابات الرئاسة في 2004 عندما أبدى بن فليس رغبة في منافسة بوتفليقة.
وأفاد بن فليس بأن الجزائر «هي آخر بلد يطلق فيه العنان للتزوير من دون مساءلة ومن دون ردع ودون محاسبة. وحتى ولو حز ذلك في أنفسنا ومس مساسا مؤلما بمشاعرنا الوطنية، فيجب علينا الاعتراف بأن بلدنا أصبح موضوع سخرية أو شفقة لدى كل من يستغربون ما آل إليه الانحلال المؤسساتي، والانحطاط السياسي في بلادنا». وطالب بانسحاب وزارة الداخلية من تنظيم العمليات الانتخابية، وتعويضها بـ«هيئة مستقلة» متكونة من شخصيات مشهود لها بالكفاءة والنزاهة. وأضاف «لو كان حكامنا متأكدين من أنهم يشرفون على نظام سياسي قائم حقا بإرادة شعبنا، فلماذا يتخوفون من إخضاع طرحهم هذا للإثبات عن طريق اقتراع تحمي نفس الهيئة (المستقلة) أصالته؟».
وأطلق بن فليس تكتلا معارضا للسلطة بعد انتخابات الرئاسة الماضية، سماه «قطب التغيير» يضم عدة أحزاب وشخصيات بعضها اشتغل في مؤسسات الدولة لفترة طويلة. كما يشارك في أنشطة «تنسيقية التغيير والانتقال الديمقراطي» الذي يضم أحزابا إسلامية وعلمانية وليبرالية معارضة لسياسات الرئيس.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».