معارك «حزب الله» و«داعش» محصورة في القلمون.. وترجيحات بمواجهة في جنوب دمشق

المسافة الفاصلة بين مقاتليهما في حلب تصل إلى 30 كيلومترا

معارك «حزب الله» و«داعش» محصورة في القلمون.. وترجيحات بمواجهة في جنوب دمشق
TT

معارك «حزب الله» و«داعش» محصورة في القلمون.. وترجيحات بمواجهة في جنوب دمشق

معارك «حزب الله» و«داعش» محصورة في القلمون.. وترجيحات بمواجهة في جنوب دمشق

تنحصر خريطة المواجهات الميدانية بين مقاتلي «حزب الله» اللبناني، الذي يقاتل إلى جانب القوات النظامية، وتنظيم «داعش»، في منطقة القلمون بريف دمشق الشمالي التي دخلها الحزب قبل عام، بعد استعادة السيطرة على مدينة القصير في ريف حمص الجنوبي.
ولم تفرض جغرافيا انتشار «حزب الله»، تماسا مع «داعش»، في أي موقع سوري غير القلمون، كون مقاتلي الحزب ينتشرون في دمشق وريفها، وحمص، ومدينة حلب، بحسب ما يقول ناشطون. أما «داعش»، فينتشر مقاتلوه في شرق وشمال سوريا، حيث لا تماس مع مقاتلي الحزب، لكن مقاتلي «داعش» يتمركزون في حلب على بعد أقل من 30 كيلومترا في مدينة الباب (شرق حلب)، في حين يقاتل الحزب في منطقة الشيخ نجار الواقعة شرق مدينة حلب، على محور المدينة الصناعية، إلى جانب القوات النظامية.
ويوجد مقاتلو «داعش» في مناطق انتشار «حزب الله»، في جنوب دمشق، بعدما طردهم مقاتلو «الجبهة الإسلامية» وحلفاؤهم من الغوطة الشرقية لدمشق، إثر اشتباكات استمرت أسابيع. أما في القلمون، فإن عديدهم «ليس كبيرا»، كما يقول ناشطون، علما بأن المنطقة «يسيطر عليها مقاتلو (جبهة النصرة) وفصائل عسكرية أخرى». وكان مسؤول في تنظيم إسلامي متشدد، هو أبو حسن الفلسطيني، أعلن في شهر يوليو (تموز) الماضي مبايعته لـ«داعش» في القلمون، ليكون ومجموعته، ثاني وجود لـ«داعش» في ريف دمشق، بعدما كان موجودا على نطاق ضيق في الغوطة الشرقية الخاضعة لسيطرة «جيش الإسلام». ويمتد وجود التنظيم المتشدد في القلمون، إلى التلال الجردية التابعة لبلدة عرسال اللبنانية الحدودية مع سوريا.
لكن تغيرا طرأ قبل يومين في جنوب دمشق، يمهد لوضع «داعش» على تماس مع مقاتلي «حزب الله» في تلك المنطقة. وفي ظل الهجمة التي تتعرض لها الغوطة الغربية، وبعد أسبوع على بدء التحالف الدولي ضرباته للمتشددين في شمال سوريا، أفاد ناشطون بانسحاب فصائل تابعة للجيش السوري الحر والجبهة الإسلامية المعارضة من حي الحجر الأسود في العاصمة دمشق، في خطوة لإنهاء حصارها المفروض على تنظيم «داعش» في المنطقة الواقعة جنوب المدينة.
وكانت فصائل تابعة للجيش السوري الحر فرضت حصارا على تنظيم «داعش» الشهر الماضي بعد اشتباكات ومعارك اندلعت بين الطرفين، وذلك إثر قيام التنظيم بمهاجمة مقرات تابعة لـ«جيش الإسلام» و«الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» في بلدة يلدا المجاورة.
وأوضح ناشط ميداني معارض، أن الانسحاب جاء بعد ضربات التحالف الدولي ضد التنظيم؛ إذ اشترطت الفصائل المحاصرة على التنظيم «الكف عن محاربة فصائل المعارضة في المنطقة مقابل فك الحصار عنه»، مؤكدة جهوزيتها لمعاودة قتال «داعش» مجددا «في حال أخل التنظيم بالاتفاق». ونقل مكتب «أخبار سوريا» المعارض عن المصدر إشارته إلى «تخوف فصائل المعارضة المسلحة من إمكانية توجيه التحالف ضربات على مناطق جنوب دمشق، بحجة وجود (داعش) هناك»، مبينا أن ذلك سيكون «كارثة إنسانية» بحسب وصفه، نظرا لوجود أعداد كبيرة من المدنيين في الحي. ويوجد «حزب الله» في منطقة جنوب دمشق، منذ دخول المعركة بذريعة حماية المقامات الدينية في المنطقة، وأهمها مقام السيدة زينب، في ربيع عام 2013. وتمكن الحزب، بمساندة مقاتلين من الميليشيات الشيعية العراقية، وقوات النظام السوري، من استعادة السيطرة على مناطق واسعة في المنطقة. وبعد فك الحصار عن «داعش»، الذين يقل عددهم عن 100 عنصر، كما يقول ناشطون، فإن مقاتلي الحزب يكونون قد باتوا على تماس مع هؤلاء المقاتلين على محاور يسيطر عليها النظام في محيط يلدا والحجر الأسود.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.