محكمة البشير ترفض طلب الدفاع تعديل التهم

حمدوك طالب الأمم المتحدة بعدم محاسبة السودان على جرائم النظام السابق

جانب من الجلسة السابعة لمحاكمة البشير في الخرطوم أمس (رويترز)
جانب من الجلسة السابعة لمحاكمة البشير في الخرطوم أمس (رويترز)
TT

محكمة البشير ترفض طلب الدفاع تعديل التهم

جانب من الجلسة السابعة لمحاكمة البشير في الخرطوم أمس (رويترز)
جانب من الجلسة السابعة لمحاكمة البشير في الخرطوم أمس (رويترز)

رفضت المحكمة المنعقدة لمحاكمة الرئيس السوداني المعزول عمر البشير طلبين تقدم بهما دفاعه، واستجابت لطلب ثالث بزيادة عدد شهود الدفاع إلى 4 شهود، على أن يودع الكشف الأخير لشهود الدفاع أمام المحكمة غداً.
والطلبان اللذان رفضتهما المحكمة، يتمثلان في «إعادة تلاوة الاتهامات على المتهم لمنحه فرصة الرد عليها مجدداً، وأيضاً إعادة تعديل التهم الموّجه إليه». وجاء رفض المحكمة استناداً إلى أن قرار الاتهام كان واضحاً منذ البداية.
وقال قاضي المحكمة، الصادق عبد الرحمن، إن المتهم استفاد بإسقاط تهمة حيازة النقد المحلي بأمر الطوارئ الملغى من قبل المجلس العسكري الانتقالي، ومن تهمة إقرار الذمة بحسب قانون الثراء الحرام، وإن محكمته لم تستحدث اتهامات جديدة تستدعي تعديل الاتهام، قاطعاً باستمرار التقاضي من دون تعديل.
ورفض القاضي طلب الدفاع تحديد المبلغ موضوع دعوى «الثراء الحرام»، تحت الزعم بأن هناك مبلغين في الاتهام، وهما 25 مليون دولار و7 ملايين يورو، وهو ما اعتبرته المحكمة محاولة للالتفاف على النص ورفضته، معتمدة في الاتهام على المبالغ التي ضبطت لدى المتهم، وهي (6.997.500) يورو، و(351) ألف دولار، ولم تشر إلى مبلغ 25 مليون دولار التي ذكرها المتهم أثناء استجوابه، وعلى الدفاع إثباتها. وقررت المحكمة مواصلة سماع شهود الدفاع في جلسة حددتها يوم السبت المقبل.
من جهة أخرى، تابع ملايين السودانيين كلمة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في الجمعية العامة للأمم المتحدة، راسمين بذلك سابقة تعد الأولى من نوعها في تاريخ البلاد، إذ انتظر خلالها المواطنون «خطاباً سياسياً» حتى وقت متأخر من الليل مثلما ينتظر عشاق كرة القدم مباريات فرقهم المحببة. وضجت منصات التواصل الاجتماعي بالتهليل لكلمة «رئيس وزراء الثورة» التي دعا فيها العالم إلى التوقف عن محاسبة شعب السودان بجرائم النظام المخلوع، واعتبرت الظهور المميز لحمدوك أنه عودة من الباب الفسيح للمجتمع الدولي، وتحديد قاطع لشكل علاقات السودان المستقبلية مع العالم، تقوم على المصالح المتبادلة، وحفظ السلم والأمن الدوليين.
وقال حمدوك، الذي اختاره الثوار رئيساً للوزراء، في كلمته أمام الجمعية العمومية في وقت مبكر من صباح أمس، إن شعب السودان لم يكن «راعياً للإرهاب أو داعماً له»، مؤكداً أن نظام الرئيس المخلوع عمر البشير الذي انتفض عليه الشعب وثار ضده حتى خلعه هو الذي كان «يدعم الإرهاب ويرعاه». وشدد حمدوك في خطابه إلى العالم على أهمية رفع اسم السودان من قائمة وزارة الخارجية الأميركية للدول الراعية للإرهاب، وطالب واشنطن برفع اسمه من تلك القائمة، ووقف ما سماه «مواصلة معاقبة شعب السودان، بجريرة نظام كان هو المتضرر الأول منه، والفاعل الرئيسي في الإطاحة به وتخليص العالم من شروره»، قائلاً: «هذه العقوبات ألحقت بالشعب السوداني صنوفاً وأنواعاً شتى من المعاناة».
التزام العهود والمواثيق الدولية
وأوضح حمدوك أن ثورة ديسمبر (كانون الأول)، طوت صفحة عهد مظلم من العزلة الدولية والإقليمية التي كان يعيشها السودان، وأورثته قائمة طويلة من العقوبات الدولية، ما يزال أبرزها قائماً، ويتمثل في وجوده ضمن «قائمة الدول الراعية للإرهاب». وحث الإدارة الأميركية وقادة العالم على الاستجابة بسرعة لشطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، باعتبار ذلك مطلباً عادلاً، يحقق الإسراع في إعادة بناء السودان وتنميته، وإزالة آثار العقود الثلاثة المظلمة من التيه الذي تخبط فيه السودان تحت حكم النظام المعزول.
وقطع حمدوك بأن السودان في عهد الثورة سيلتزم بالعهود والمواثيق الدولية كافة، ويحترم المبادئ الأساسية للشعوب ومبادئ القانون الدولي، ومواثيق حقوق الإنسان، وأن يعمل على القضاء على التمييز وعدم المساواة، مضيفاً قوله: «يأتي احترامنا لقيم الصداقة، والسودان يمد أيديه إلى جيرانه في الإقليم والعالم، مسترشداً بقيم الإنسانية والحكمة السودانية، ونؤكد عزمنا على المشاركة الفاعلة في إطار تطوير وترسيخ هذه المواثيق والعهود».
ولقيت كلمة حمدوك قبولاً دولياً لافتاً، وتداولتها وسائل الإعلام الدولية بكثافة، فيما لقيت ترحيباً حاراً داخل البلاد من قبل المواطنين، الذين نقلوا إحساسهم بأن الكلمة «غسلت» أوجاع العزلة التي كانوا يعيشونها إبان حكم المعزول عمر البشير، ورأوا فيها لأول مرة منذ سنين طويلة حضورا لافتا لبلادهم في المحافل الدولية. وتغنت مواقع التواصل بالكلمة، بل وحولتها إلى «مكايدة» للنظام السابق، من خلال المقارنة بين الحضور الدولي الضعيف لرموزه، وحضور رئيس الوزراء، وقال الناشط فاروق سليمان في كلمة بثها على مجموعات التواصل على «واتس آب»، إن عمره بلغ 45 عاماً لم يحضر خلالها خطابا مباشرا لرئيس سوداني في الأمم المتحدة، وتابع: «لذا انتظرته حتى مطلع الفجر دون كلل أو ملل، متحفزاً مقاوماً للسهر والحمى».
وأوضح سليمان أنه ظل طوال زمن الخطاب يغالب دموعه، وقال: «طوال الخطاب لم أكف عن البكاء، ولا أدري سر هذه الدموع المحتقنة والمنخنقة، التي جاءت على سجيتها حارة مدرارة». ووصف دموعه بأنها مزيج من فرح متنام، وتفاؤل مطلق، وحزن على ضحايا الحروب، و«شهداء خلاصنا الباذخ» بسقوط نظام «القتل والقهر». وضاق منتظرو كلمة حمدوك ذرعاً بكلمات رؤساء الدول التي سبقت كلمة رئيسهم، ودونوا تغريدات فكاهية من قبيل «نسهر من أجل حمدوك، النعاس قتلنا، لكن لا بد من الصمود في مثل هذه اللحظة التاريخية»، مثلما احتفى حساب الأمم المتحدة على موقع التراسل «تويتر»، ونقل عنه رسالته إلى العالم، «جئنا إلى الأمم المتحدة، حاملين رسالة سلام إلى العالم، مفادها أن السودان على عتبة بزوغ فجر جديد، ويحدونا الأمل بأن نكون جزءاً من هذا المحفل المحب للسلام».
وعدد حمدوك في كلمته التحديات التي تواجه حكومته، وعلى رأسها وقف الحرب وتحقيق السلام العادل والشامل، وتحقيق الاستقرار في البلاد، وتعهد بالمضي قدما في استكمال أهداف الثورة، ووضع بلاده في مكان متقدم ضمن مسارات تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030. وكان آخر مسؤول سوداني ألقى خطابا في الجمعية العمومية للأمم المتحدة هو النائب الأول للرئيس المعزول، علي عثمان محمد طه، في عام 2010. وظل السودان غارقاً في عزلته الدولية طوال السنوات الماضية، وذلك بسبب مذكرة القبض الصادرة بحق المعزول وعدد من قادته من قبل المحكمة الجنائية الدولية، وسوء إدارته لملفات العلاقات الخارجية، ولقيت كلمة حمدوك القبول لأنها أنهت هذه العزلة، واستهلت عهداً جديداً لعلاقات السودان بالمجتمع الدولي.
حمدوك إلى باريس للقاء ماكرون
ويصل رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك إلى العاصمة الفرنسية باريس اليوم، قادماً من نيويورك بعد مشاركته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك للقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وعدد آخر من المسؤولين الفرنسيين. وعلمت «الشرق الأوسط» أن حمدوك سيصل لباريس اليوم، ليبدأ برنامجه الرسمي غداً الاثنين، ويشارك خلال الزيارة في تشييع الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك. وكان من المقرر أن يزور حمدوك باريس للالتقاء بماكرون الخميس 19 سبتمبر (أيلول) الحالي، بعيد زيارته للعاصمة المصرية القاهرة، ويتوجه بعدها لنيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، بيد أن الزيارة تأجلت بطلب من الجانب الفرنسي، الذي برر التأجيل بأنه لأسباب قاهرة. ومن المنتظر أن يعود حمدوك للبلاد بعد إكمال مباحثاته مع المسؤولين الفرنسيين.



مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ستشهد إطلاق حركة «حماس» سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1890 فلسطينياً.

وعبرت الوزارة، في بيان، عن أملها في أن يكون الاتفاق البداية لمسار يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، لدعم وتثبيت الاتفاق والوقف الدائم لإطلاق النار، كما حثت المجتمع الدولي على تقديم كافة المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ووضع خطة عاجلة لإعادة إعمار غزة.

وشدد البيان على «أهمية الإسراع بوضع خارطة طريق لإعادة بناء الثقة بين الجانبين، تمهيداً لعودتهما لطاولة المفاوضات، وتسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».

وأشارت الخارجية المصرية إلى التزامها بالتنسيق مع الشركاء: قطر والولايات المتحدة، للعمل على التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة العمليات المشتركة، ومقرها مصر؛ لمتابعة تبادل المحتجزين والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد بعد استئناف العمل في معبر رفح.

وكانت قطر التي أدت مع مصر والولايات المتحدة وساطة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت أن 33 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية أعلنت أن 737 معتقلا فلسطينيا سيُطلق سراحهم، إنما ليس قبل الساعة 14,00 ت غ من يوم الأحد.

ووقف إطلاق النار المفترض أن يبدأ سريانه الأحد هو الثاني فقط خلال 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وأعربت الخارجية المصرية في البيان عن «شكرها لدولة قطر على تعاونها المثمر»، كما ثمّنت «الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الأزمة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن».