أنقرة متمسكة بالتدخل في سوريا.. و«داعش» يقترب من «قبر سليمان شاه»

مصادر تركية لـ «الشرق الأوسط»: الجيش أبلغ القيادة السياسية استعداده لتنفيذ كل السيناريوهات

جندي تركي خلال دورية قرب الحدود السورية أمس (أ.ف.ب)
جندي تركي خلال دورية قرب الحدود السورية أمس (أ.ف.ب)
TT

أنقرة متمسكة بالتدخل في سوريا.. و«داعش» يقترب من «قبر سليمان شاه»

جندي تركي خلال دورية قرب الحدود السورية أمس (أ.ف.ب)
جندي تركي خلال دورية قرب الحدود السورية أمس (أ.ف.ب)

واصلت أنقرة إيحاءاتها بقرب التدخل العسكري البري في سوريا، على الرغم من تشكيك مصادر تركية بإمكانية القيام بتحرك فردي بمعزل عن الأمم المتحدة أو التحالف الدولي الواسع الذي يضم دولا عربية يمكن أن تقدم الغطاء العربي لتحرك أنقرة. وأشارت مصادر رسمية تركية في المقابل إلى أن أنقرة قد تفكر بالفعل في عمل منفرد، إذا ما استدعت الحاجة، لكنه لن يكون عملا واسع النطاق وسيقتصر على تحركات موضعية ومحددة لمنع أي تهديد محتمل للأمن القومي التركي. وإذ اعترفت المصادر بأن أي تحرك واسع غير ممكن من دون غطاء منطقة حظر جوي، قالت إن خيارات أخرى مطروحة على الطاولة.
وأرجأ البرلمان التركي أمس بحث موضوع المذكرة التي ستطرحها الحكومة التركية أمامه، التي تسمح له بالتدخل عسكريا في سوريا، وهي المذكرة ذاتها التي أقرها البرلمان العام الماضي لسنة واحدة. ومن المتوقع أن يرسل مجلس الوزراء المذكرة بحلتها الجديدة إلى البرلمان لمناقشتها غدا (الخميس)، فيما توقعت مصادر برلمانية تركية أن تكون الجلسة البرلمانية مغلقة أمام وسائل الإعلام؛ إذ سيتحدث فيها أيضا قادة الجيش والاستخبارات.
وقال نائب رئيس الوزراء التركي بولنت أرينج، أمس، إن التفويض البرلماني الذي سيسمح لتركيا بعمل عسكري في العراق وسوريا سيشمل «كل التهديدات والمخاطر المحتملة». كما كشف عن أن مقاتلي تنظيم «داعش» يتقدمون صوب «قبر سليمان شاه» في شمال سوريا، وهي منطقة تعدها تركيا ذات سيادة خاصة ويحرسها جنود أتراك. وترى أنقرة أن «قبر سليمان شاه»، جد مؤسس الدولة العثمانية، ضمن أراضيها بموجب اتفاقية وقعت مع فرنسا عام 1921 عندما كانت سوريا تحت الحكم الفرنسي.
وأتى تأجيل البحث في التفويض البرلماني، على خلفية اجتماع مهم للحكومة التركية انتهى إلى عقد قمة أمنية مصغرة شارك فيها رئيس أركان الجيش وكبار قادة الأركان، بالإضافة إلى رئيس الاستخبارات التركية هاكان فيدان. وقالت مصادر تركية إن البحث تناول الوضع في سوريا و«المخاطر المتأتية على تركيا جراء الاشتباكات قرب الحدود». وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن قادة الجيش وضعوا أمام الوزراء الخيارات العسكرية الممكن اتباعها في الملف السوري. وأشارت إلى أنه طرح أكثر من سيناريو لمواجهة الأزمة، وأن الجيش التركي أبلغ القيادة السياسية أنه جاهز لتنفيذ أي منها، وأنه قادر على فرض منطقة آمنة، متوقعا أن يحتاج فرضها إلى نحو 15 ألف جندي على الأقل، مع تأمين الحماية الجوية لهم. ووضع رئيس الاستخبارات الوزراء في أجواء المعلومات المتوفرة لدى الاستخبارات عن الوضع في الشمال السوري، ومنها أن نحو 3 آلاف مقاتل من تنظيم «حزب العمال الكردستاني» (بي كي كي) المحظور موجودون في الأراضي السورية ويقاتلون إلى جانب أكرادها.
لكن مسؤولا كرديا تركيا نفى أن يكون الأكراد يشكلون خطرا على تركيا. وزار الرئيس المشارك للحزب الديمقراطي الشعبي صلاح الدين دمرطاش مدينة عين العرب السورية التي يحاصرها تنظيم «داعش»، ودعا تركيا إلى الإسراع في التدخل لمساعدة سكانها الأكراد. وقال لدى عودته إلى معبر مرشد بينار الحدودي التركي: «لقد اجتزنا الحدود حتى كوباني (الاسم الكردي لعين العرب) والتقينا فيها مسؤولا في حزب الاتحاد الديمقراطي (الفرع العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري)». وأضاف أن «الإرهابيين لا يبعدون سوى كيلومترين اثنين فقط. كوباني محاصرة من جميع الجوانب من قبل مقاتلي (داعش)». ودعا الحكومة التركية إلى اتخاذ تدابير ضد الجهاديين. وقال إن «التدخل التركي يمكن أن يقلل من خيبة الأمل لدى الشعب التركي. إذا وحد الجميع جهودهم، فلا يستطيع أحد التغلب على شعب يدافع عن قضية عادلة». وشدد أيضا على أهمية التدخل التركي من أجل نجاح عملية السلام التي بدأت في 2012 بين الحكومة وحزب العمال الكردستاني. وأضاف أن «الأكراد لا يشكلون تهديدا لتركيا».
وفي حين واصلت القوات التركية تعزيز وجودها في المناطق الحدودية، ذكرت صحيفة «صباح» الموالية للحكومة أن فرقتين من الجيش قوامهما نحو 10 آلاف جندي في حالة تأهب على الحدود لتوفير «منطقة آمنة» للمدنيين داخل الأراضي السورية وتدعمهما طائرات الهليكوبتر العسكرية عند الضرورة في حين تنفذ مقاتلات نفاثة مهام استطلاعية.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إنه من الظلم ترك تركيا تتحمل وحدها مسؤولية اللاجئين الفارين من سوريا، والعراق، مؤكدا على «ضرورة مشاركة الأمم المتحدة، وبقية دول العالم في تحمل هذا العبء»، مشيرا إلى أن أحد أهم الحلول التي تطرحها تركيا في هذا الخصوص، «هو إنشاء منطقة آمنة في سوريا، يحظر الطيران فوقها، ويجري تسكين النازحين الفارين من مناطق الاشتباكات بها، حيث يمكن توفير البنية التحتية اللازمة للتعامل مع النازحين بإشراف الأمم المتحدة». وفيما يتعلق بالوضع في سوريا، قال وزير الخارجية: «على بشار الأسد أن يرحل، كما رحل نوري المالكي عن الحكم في العراق»، مؤكدا على ضرورة بدء عملية تحول سياسي في إطار «اتفاق جنيف» في سوريا.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.