إردوغان: اتفاق المنطقة الآمنة في سوريا يسير وفق الجدول الزمني المحدد

جاويش أوغلو يقول إن تركيا {غير راضية} عن المحادثات مع الأميركيين

TT

إردوغان: اتفاق المنطقة الآمنة في سوريا يسير وفق الجدول الزمني المحدد

بعد تهديداته السابقة بتنفيذ عملية عسكرية في شرق الفرات بحلول نهاية سبتمبر (أيلول) الجاري، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن استعدادات تركيا والولايات المتحدة بموجب اتفاق إنشاء منطقة آمنة في شمال شرقي سوريا تمضي وفق الجدول الزمني المحدد.
لكن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو سارع أمس إلى الإدلاء بتصريحات متناقضة، إذ قال إن تركيا غير راضية عن وضع المحادثات الحالية مع الولايات المتحدة لإنشاء «منطقة آمنة» في شمال سوريا. وكرر جاويش أوغلو للصحافيين، بعد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، تحذير أنقرة من أنها ستعمل من جانب واحد إذا لم تحقق المحادثات نتائج.
وكان إردوغان قد قال في تصريحات لمجموعة من الصحافيين لدى عودته من نيويورك حيث شارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، نشرت أمس (الجمعة)، إن «الجهود تمضي وفق الجدول الزمني. اكتملت أيضاً كل استعداداتنا على طول الحدود»، لافتاً إلى أنه سيجري تقييماً بشأن الخطوات التي ينبغي اتخاذها وتنفيذها.
وكان إردوغان قد قال في مقابلة مع «رويترز» قبل توجهه إلى نيويورك إنه سيبحث مع نظيره الأميركي دونالد ترمب أثناء وجوده في الأمم المتحدة مسألة المنطقة الآمنة وإمكانية شراء أنظمة «باتريوت» الدفاعية الأميركية. لكن لم يعقد ترمب لقاء مع إردوغان، الذي عاد إلى إسطنبول أول من أمس، واكتفى باتصال هاتفي معه في نيويورك، الأحد الماضي، تم خلاله التطرق إلى العلاقات بين البلدين والتطورات في سوريا.
وسيّرت القوات التركية والأميركية الدورية البرية المشتركة الثانية في ريف مدينة تل أبيض شمال الرقة، الثلاثاء الماضي، ضمن إطار جهود تشكيل المنطقة الآمنة، بعد الدورية الأولى التي سُيّرت في 8 سبتمبر (أيلول) الجاري، إضافة إلى 6 دوريات جوية مشتركة عبر مروحيات تابعة للجيشين.
وكان إردوغان أكد أن أنقرة مصممة على بدء تنفيذ وإنشاء المنطقة الآمنة شرق الفرات في شمال سوريا بحلول الأسبوع الأخير من سبتمبر (أيلول) الجاري، وأنها عازمة على إنشاء «منطقة آمنة» في شمال شرقي سوريا بالشراكة مع الولايات المتحدة، لكنها مستعدة للعمل بمفردها في حال اقتضت الضرورة ذلك وفي حال لم يتم إنشاء المنطقة بحلول نهاية الشهر.
وتسعى أنقرة إلى «توطين» ما لا يقل عن مليون شخص من السوريين في المنطقة الآمنة التي ترغب في أن تكون بعمق 32 كيلومتراً وامتداد 450 كيلومتراً على الحدود مع سوريا، لكن إردوغان قال أخيراً إن المنطقة يمكن أن تتسع لما بين مليونين وثلاثة ملايين لاجئ.
واتفقت تركيا والولايات المتحدة، في أغسطس (آب) الماضي، على إقامة منطقة آمنة في شرق الفرات، وأطلقتا عمل مركز عمليات مشترك لتنسيق الإجراءات ومراقبة الأوضاع فيها. لكن عمق المنطقة وعرضها يثيران الخلافات بين الجانبين. وتطرح واشنطن عمقاً يتراوح ما بين 5 و14 كيلومتراً بامتداد 140 كيلومتراً، مع توفير ضمانات لحليفها الكردي في الحرب على «داعش»، تحالف «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) الذي يتشكل أساساً من «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تعتبرها أنقرة «تنظيماً إرهابياً». وترفض واشنطن أيضاً انفراد تركيا بالسيطرة على المنطقة وتؤكد أن الاتفاق سيعمل على تلبية المخاوف الأمنية المشروعة للجانب التركي.
في السياق ذاته، قال المبعوث الأميركي إلى سوريا، جيمس جيفري، إنّ الاتفاق مع تركيا من أجل إقامة منطقة آمنة في سوريا هو اتفاق عسكري له جوانب سياسية، لافتاً إلى أنهم يعملون بقدر الإمكان على تطبيق الاتفاق العسكري بصدق وبشكل سريع.
وقال جيفري في تصريحات في نيويورك إنهم مستعدون للحديث في قضايا عدة مع تركيا وعلى رأسها عودة اللاجئين. كما أكد أنهم يستمعون للقلق التركي، لكنه أضاف: «لقد أوضحنا أنّ أي عملية عسكرية تركية أحادية، لن تحسن الوضع الأمني لأي طرف».
وتابع: «نعمل على تفاصيل لكننا اتفقنا على العديد من القضايا العسكرية. لا أستطيع الحديث عن عمق المنطقة الآمنة لأننا بحثنا مع تركيا ثلث هذه المنطقة شمال شرقي سوريا فقط. ثمة عمق متفاوت يرتبط بتراجع وحدات حماية الشعب الكردية وسحب الأسلحة الثقيلة والدوريات المشتركة والطلعات الجوية الأميركية - التركية».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.