مواجهة حول قضايا الفساد بين نتنياهو ومستشاره القضائي

بعد قرار النيابة اتهام شركائه في الملفات موضع التحقيق

TT

مواجهة حول قضايا الفساد بين نتنياهو ومستشاره القضائي

في مواجهة مباشرة بادر إليها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع المستشار القضائي للحكومة أفيحاي مندلبليت، تلقى ضربتين من النيابة من شأن كل منهما أن تورطه أكثر في ملفات الفساد وتجعله أكثر عصبية، وبالتالي أكثر اقترافاً للأخطاء.
وكانت الضربة الأولى التي تلقاها نتنياهو قد جاءت من النيابة العامة التي أعلنت انتهاءها من فحص ملفات شركائه في الملفات الثلاثة، رجال الأعمال الذين يشتبه في أنهم قدموا له الرشى، وصاحب جريدة «يديعوت أحرونوت»، وصاحبي موقع «واللا» الإخباري اللذين تفاوضا معه على الحصول على مكاسب تجارية مقابل تحسين صورته في منشوراتهما. وخلصت إلى توصية للمستشار القضائي بضرورة تقديم لوائح اتهام لهم. وأفاد خبراء قانونيون بأن تقديم شركاء نتنياهو إلى القضاء يعني تقديم نتنياهو أيضاً، إذ لا يعقل أن توجه لائحة اتهام لكل واحد من شركائه في الجريمة، ويخرج هو بريئاً. فالقانون يحاسب ويعاقب من يقدم الرشى، ولكنه يعاقب بصورة أشد من يتلقى الرشى.
أما الضربة الثانية فتلقاها نتنياهو مباشرة من المستشار مندلبليت الذي يعد صديقه وكاتم أسراره، وكان نتنياهو قد عينه سكرتيراً لحكومته، ثم رقاه إلى منصب المستشار القضائي. فقد توجه نتنياهو إلى مندلبليت طالباً أن تكون جلسة السماع، المقررة ليومي 2 و3 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، جلسة علنية تبث بشكل مباشر على الهواء. ورد مندلبليت على الطلب في رسالة عاجلة، بعد ساعات قليلة من تسلمه الطلب، ولم يكتفِ بالرد السلبي ورفض الطلب عملياً، بل كانت الرسالة شديدة اللهجة حازمة بشكل خاص. وجاء في الرسالة الموجهة إلى محامي الدفاع عن نتنياهو: «هذا طلب غريب عجيب نادر الحدوث، ولا يمكن قبوله»، وأضاف: «جلسات السماع تهدف إلى إقناع السلطات القانونية ببراءة موكلكم، وليس لإقناع الجمهور بذلك؛ إنه قرار مهني يجب أن يظل مستقلاً عن أي حكم خارجي أو ضغط سياسي. وقد كان من الأفضل، بدلاً من تقديم طلبات غير ذات صلة من الواضح أنها لن تقبل، اتباع التعليمات، وتقديم مذكرات دفاع موسعة على الشبهات المقدمة».
ولم يتقبل نتنياهو هذا الرد، وهاجم مستشاره القضائي علناً، بقوله إن «رده مخيب للآمال. وستكون نتيجته جعلها محاكمة ميدانية غير عادلة لرئيس الحكومة»، وقال أيضاً: «خلال السنوات الأربع الماضية، صاحبت التحقيقات ضدي مئات التسريبات المحرفة والعدوانية والجنائية، التي وجهت إلى مسامع الجمهور بهدف توليد صخب إعلامي جارف ضد رئيس الحكومة، وهذا غير مقبول في الأنظمة الديمقراطية، وبالتالي كان من المناسب معالجة الوضع من خلال فتح أبواب الجلسة أمام الجمهور، ولكي ينكشف الجمهور على جميع الحقائق، وليس على التسريبات الموجهة».
واستطرد نتنياهو مخاطباً مندلبليت: «أنت تعلم أن الشفافية تمنح الحقيقة. ففي جميع الأحوال، ستكون هناك تسريبات، ونحن نشاهد 300 تسريب، من دون أي معالجة وأي تحقيق. لذلك فإن هذه الآلية ستستمر. فلماذا يتغذى الجمهور على أمور جزئية؟ فليخرج كل شيء، وليس فقط أنه ليس لديّ ما أخفيه، وإنما أريد أن يسمع الجميع. هذا هو طلبي، بث حي لجلسة الاستجواب، وهكذا نضمن العدل والحقيقة».
يشار إلى أن جلسة السماع تتمحور حول ثلاثة ملفات جنائية: «الملف 1000» المتعلق بحصول نتنياهو وزوجته ونجله على منافع وهدايا من أثرياء؛ و«الملف 2000» المتعلق بمحادثات نتنياهو مع ناشر «يديعوت أحرونوت»، نواح موزيس، لضمان تغطية داعمة لنتنياهو، مقابل وقف مجانية صحيفة «يسرائيل هيوم»؛ والملف 4000 المتعلق بمنح امتيازات لشركة «بيزك»، مقابل تغطية داعمة في موقع «واللا» الإلكتروني لصاحبيهما ألولوفتش.
وكان مندلبليت قد أعلن أنه ينوي تقديم لائحة اتهام، لكنه خفف التهم، ثم قال إن قراره النهائي سيصدر لاحقاً بعد جلسة الاستماع التي راح نتنياهو يماطل في تحديدها. وقد ترددت أنباء، الأسبوع الماضي، حول صفقة ادعاء أو قرار عفو عن نتنياهو، مقابل اعتزاله السياسة، لكن مسؤولاً قضائياً رفيعاً شدد على أن احتمالاً كهذا ليس وارداً في حالة نتنياهو، رغم أن هناك صفقات ادعاء تعقد مع الغالبية العظمى للمتهمين، لكن توجد مصلحة عامة في القضايا والشبهات ضد نتنياهو. وستتيح هذه الجلسة لمحامي نتنياهو فرصة أخيرة للدفاع عن موكلهم، قبل أن يقرر المستشار القضائي ما إذا كان سيوجه الاتهام إليه أم لا.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.