ديفيد فينشر.. جديد أفلامه حول «فتاة مختفية»

المخرج الأميركي: آمل أن يغادر الأزواج الصالة وهم يفكرون في علاقاتهم الزوجية على نحو جديد

ديفيد فينشر (في الاطار) و   بن أفلك متهما
ديفيد فينشر (في الاطار) و بن أفلك متهما
TT

ديفيد فينشر.. جديد أفلامه حول «فتاة مختفية»

ديفيد فينشر (في الاطار) و   بن أفلك متهما
ديفيد فينشر (في الاطار) و بن أفلك متهما

في الأيام القليلة المقبلة، سينطلق فيلم جديد للمخرج الفذ ديفيد فينشر عنوانه «فتاة مختفية» عن رواية بيع منها أكثر من 6 ملايين نسخة وأسندت بطولته إلى بن أفلك وروزاموند بايك. الأول في دور الزوج المرتاب في أنه قتل زوجته، والثانية في دور الزوجة التي اختفت، مقتولة أو لا، من دون أثر. الرواية متلاحقة الأحداث والإيقاع، لكنها لا تصل إلى النتيجة مباشرة. هذا أمر جيد للبعض لأنه جزء من لعبة التشويق والغموض، لكنه بالنسبة للبعض الآخر متعب خصوصا أن الرواية لا تكف عن طرح مثل هذه الأسئلة قبل أن تتبرّع بالإجابات في الفصول القليلة الأخيرة. وليس كل الإجابات بل تترك منها ما يكفي لاحتمالات متعددة. 6 ملايين نسخة مبيعة أثبتت أن السؤال الجوهري وراء كل قصّة بوليسية ما زال واحدا: من القاتل؟
بالنسبة للمخرج ديفيد فينشر، هو فيلم تشويقي آخر من بين أعماله. ‫إنه المخرج الذي قدّم سابقا «7» (1995) حول ذلك القاتل الذي يختار ضحاياه نسبة للخطايا السبعة الشهيرة، و«اللعبة» (1997) الذي جرى فيه توريط بطله (مايكل دوغلاس) في لعبة لا سبيل للهروب منها تتضمن القيام بتنفيذ ما يؤمر به بما في ذلك القتل. بعد 10 سنوات وفيلمين غير بوليسيين («نادي القتال»، 1999 و«غرفة الفزع»، 2002) عاد للنوع في «زودياك» (2007) وكرره في «الفتاة ذات الوشم» (2011) ويعود إليه الآن في «فتاة مختفية». ‬
والخيط واحد في كل ما حققه حتى في أفلام غير بوليسية مثل «القضية المثيرة للفضول لبنجامين باتون» و«الشبكة الاجتماعية»، هناك بحث عن الحقيقة بصرف النظر عن الواقع.
هنا في «فتاة مختفية» Gone Girl هي نتاج كل تلك الأسئلة التي يتوّجها السؤال الأول حول ما إذا كان نك (يقوم بدوره بن أفلك) قد قتل زوجته في صبيحة يوم احتفالهما بمرور 5 سنوات على زواجهما أم لا.
مثل «زودياك» و«اللعبة» و«غرفة الفزع» و«7» لا تدور الحكاية في فراغ بل يحيط بها وضع اقتصادي معيّن. ظرف سياسي داخلي يفرز اتجاهات الأحداث. هنا لدينا زوجان أثرت أزمة 2008 الاقتصادية لا على عمليهما فقط، بل على زواجهما وتحاببهما. لا توجد أدلة سريعة للجزم حول هويّة القاتل وعلى عكس أفلام هيتشكوك (التي اختارت منها الكاتبة فيلم «فرتيغو» لتشير إليه في أحداثها)، يبقى أمره غامضا ما يجعل القارئ، ومن ثم المشاهد، محتارا ما إذا كان الزوج مذنبا بالفعل أم هي خطيئة المجتمع و«الميديا» اللذين ينتقلان مباشرة إلى الهجوم والاتهام لمجرد الشك.
كون الفيلم الجديد لفينشر مقتبسا عن كتاب (كحال «الشبكة الاجتماعية» أو «الفتاة ذات الوشم» مثلا) فإن العمل استفاد من الخلفية التسويقية المسبقة بلا ريب، أو كما يقول في هذه المقابلة «من هذه الزاوية تحديدا كان الإنتاج أمرا هيّنا، لكن هذا كل ما هو سهل بالنسبة لهذا العمل».
* ما وجه الصعوبة؟
- الذي يحدث عادة في الاقتباسات هو أن الفيلم يحاول أن يمشي لجانب الأصل. يتّبع الفصول ذاتها ولو على نحو عريض. أحيانا ما يكون الاقتباس بالغ الأمانة بحيث يتساءل المرء عن سبب غياب جرأة المخرج في ذلك العمل أو عن فراغه من وجهة نظره مثلا. عندي أن الاقتباس الأفضل هو الذي يطوّر الشخصيات عندما يتعرّض لنقلها، لأن القصّة ستبقى في أساسها واحدة.
* هل حقيقة أن المؤلفة فلين هي كاتبة السيناريو شكّلت عائقا ما؟
- لا على الإطلاق. طبعا كانت هناك مواقع لا بد من تغييرها لكي تناسب الفيلم المنشود. لكن خبرتها كروائية كانت ثمينة ومثيرة حين النظر إليها من خلال رؤية المؤلف لما يريد نقله إلى الشاشة وما يفترض به أن يخفيه أو يدرك ألا مجال لعرضه كما هو مكتوب.
* يقر الكاتب أن الفيلم لن يكون الكتاب نفسه..
- من تعاملت معهم كانوا من المعرفة بحيث يعرفون هذه الفروق.
* كيف بدأ هذا المشروع معك؟ هل أعجبتك الرواية فقررت تحويلها كما كتب البعض؟
- لم أكن قرأتها قبل أن تُرسل إليّ. أخبرني الإنتاج أن الكاتبة تقوم حاليا بوضع مسودة سيناريو وسألوني إذا ما كنت أفضل لو أني أقوم أنا بهذا العمل أو إذا ما أردت أن يجري تعيين كاتب آخر. نصحت بأن ننتظر ونرى. حين قرأت السيناريو الذي جرى إرساله وجدته تفصيليا أكثر مما يجب.
* إذا ما كتبت سيناريو تفصيليا استندت إذن إلى المادة الروائية أكثر مما يحتاج الفيلم إلى ذلك، أليس هذا صحيحا؟
- نعم. الرواية عليها أن توفر الأحداث والشخصيات وكل شيء لكن عليها أيضا أن تستفيد من المساحة الجديدة التي يخلقها الفيلم وترضى بأن تترك التفاصيل وبل أحيانا فصولا من التي لا يمكن وضع كتاب من دونها في تلك الصفحات والتحرر منها. جلسنا معا وتبادلنا الآراء ثم انطلقت للعمل من جديد.
* متى دخل بن أفلك اللعبة؟
- حال صار لدينا سيناريو جيّد اتصلت به وبعثت له نسخة. كان الكاستينغ مهما جدّا لأن كل ممثل كان عليه أن يبدي رأيا محددا بالشخصية التي يقوم بها. وجدت أن التآلف بين الشخصيات، حتى المتناقضة، عليه أن يجري قبل التصوير. لا أقصد التآلف بمعنى التفاهم بل بمعنى المعرفة.
* هل كان بن أفلك الوحيد الذي فكّرت فيه؟
- لا، لكنه كان الأول على ما أعتقد.
* بالتأكيد هو ممثل جيّد لكن هل هذا هو السبب الوحيد لاختياره؟
- هو ممثل جيّد بالفعل وهذا سبب مهم، لكنه بالنسبة لي يعكس الشخصية التي في العمل على نحو كامل. نك (اسم الشخصية التي يؤديها أفلك) هو رجل يخطئ فيما يقوله. يتفوّه بأشياء ثم يسقط حبيسا فيها. كما نقول «يحشر قدميه في فمه». هناك ممثلون آخرون قد يعكسون حالات مختلفة. هناك من سألني لماذا لم أختر الممثل الذي يمثل القدر الأعلى من الغموض، لكن لو فعلت لكان هذا الشخص غير الشخص المعني أو المناسب. الغامض هو كذلك لأنه عادة لا يخطئ.
* في أفلامك السابقة ابتعدت عن أفلام تبحث في العلاقة بين الأزواج. في «7» اكتفيت بمشهد واحد لبراد بت وزوجته (غوينيث بولترو) وفي «غرفة الفزع» الزوج غائب تماما. هل تعد أن هذا بداية تغيير في المواضيع التي تتطرّق إليها؟
- ليس تماما وليس بالضرورة. هذه القصّة تفرض هذا المنحى. والجانب الذي أثارني أكثر من سواه في هذا العمل هو الجانب الزوجي تحديدا.
* كيف ذلك؟
- الرواية تحمل دلالات كثيرة. تريد أن تتطرّق إلى الكثير من القضايا وتفعل ذلك بكل تأكيد. لكن هذا لا يعني أن الفيلم عليه أن ينقلها جميعا. ما اخترته هو ما أثارني أكثر من سواه فيها. كيف ينظر المجتمع إلى زوجين في فترتين مختلفتين. هما بالنسبة للمحيط شيء مختلف قبل اختفاء الزوجة عما هما بعد اختفائها. إنه الجزء المثير حول الموضوع المتعلق بحياة كل منا الخاصّة. من نحن بالفعل. هل يظهر كل واحد منّا على حقيقته بوضوح؟ الزواج حالة مغلقة لا يعرف عنها أحد أي شيء باستثناء الزوجين وما يعرفانه وما يجهله الناس قد يكشف عن مفاجآت كثيرة. تلك الخصوصية تغلف الحقيقة بالضرورة وآمل أن يغادر المتزوجون من الجنسين الصالة وهم يفكّرون في علاقتهم الزوجية على نحو جديد مخالف لما كان سائدا قبل دخول الفيلم. هي حكاية تشويقية لكن خامتها اجتماعية وعاطفية.
* سيقسم الفيلم جمهوره بين خيارين، إما أنت مع الرجل أو مع المرأة وهذا لا علاقة له بإذا ما كان الزوج قاتلا أو لا. صحيح؟
- صحيح. له علاقة فقط من حيث أإن الدوافع ربما كانت هناك. لكنك على حق. سيكون هناك معسكر مع الزوجة ومعسكر مع الزوج أو لنقل معسكر لا يجد أن ما يقوم به الزوج خطأ.. لا أدري.. علي أن أنتظر ردود الفعل.
* كما ذكرت لم يكن هناك مشكلة في تمويل هذا الفيلم. متى كانت لديك مشكلة وأنت مخرج معروف ولديك أسلوبك الخاص وسلسلة من الأفلام الناجحة؟
- آخر فيلمين لي كانا الأسهل (الآخر هو «الشبكة الاجتماعية») لكن بالتأكيد مرّت علي مراحل كنت أجهد في سبيل إقناع شركات الإنتاج بأن مشروعي المقبل سيكون جيّدا كما كان سابقه. هذا حدث عندما أخرجت «غرفة الفزع» و«نادي القتال». المسألة التي تعنيني في هذا الشأن هي ما الخيارات التي كانت متاحة لي حتى ذلك الحين.
* ما هي؟
- كانت إما أن أرضى بما يريد الطرف الآخر مني أن أحققه أو أن أواصل العمل على ما أريد تحقيقه أنا. كنت محظوظا إلى حد بالتزامي بما أريد أنا تحقيقه لأنه لا تستهويني الأعمال التي تساق كتجارب. كثيرة هي المشاريع التي أرسلت إليّ. كانت لدي خيارات من نوع إخراج أفلام سوبر هيرو وكوميكس.. هذا اختيار سهل وبالنسبة لمخرجين كثيرين هو الاختيار الصحيح. بالنسبة إلي كنت دائما أعتذر عنها لأنها لا تعنيني.
* حسنا فعلت.
- شكرا.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».