توقيع مذكرة تفاهم لإنشاء مكتب أممي لحقوق الإنسان في الخرطوم

باشيليت: خطوة أولى لدعم جهود جعل السودان دولة أكثر ديمقراطية

TT

توقيع مذكرة تفاهم لإنشاء مكتب أممي لحقوق الإنسان في الخرطوم

على هامش مشاركته في الاجتماعات الرفيعة المستوى للدورة السنوية الـ74 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، شهد رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك توقيع مذكرة تفاهم لتأسيس مكتب للمنظمة الدولية لحقوق الإنسان في الخرطوم، في خطوة لدعم تحول السودان بلداً أكثر ديمقراطية.
ووقعت مذكرة التفاهم المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشال باشيليت ووزيرة الخارجية السودانية أسماء محمد عبد الله. وسيسعى المكتب إلى دعم الانتقال في أربعة مجالات رئيسية: مكافحة عدم المساواة وتمكين المرأة، الإصلاحات القانونية والمؤسسية لجعل السودان متماشيا مع التزامات حقوق الإنسان الدولية والعدالة لدعم المساءلة والمصالحة، مع المشاركة الفعالة للمرأة والأقليات وتعزيز فتح الفضاء الديمقراطي والمدني. وبالإضافة إلى العاصمة، ستفتتح مكاتب ميدانية لحماية حقوق المواطنين في كل من دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان وشرق السودان.
وعلق حمدوك على المناسبة فقال إن «السودان الجديد ليس لديه ما يخفيه في مسألة حقوق الإنسان. بالعكس تماماً، نحن نعتقد أن مراعاة حقوق الإنسان هي حق أصيل لشعبنا، ويجب أن يتمتع به». وأعرب عن سعادته بهذه الشراكة والتعاون، مؤكداً أن بلاده ستساهم مع مكتب المفوضة السامية في «توفير كل المناخ الملائم» لعمل هذا المكتب. وأضاف أن المكتب الأممي «سيساعدنا كبلد، أكثر مما يساعد المنظمة».
وشهدت مدن السودان ومحافظاته سلسلة من الإضرابات والاحتجاجات الشعبية أدت إلى إطاحة الرئيس السابق عمر حسن أحمد البشير من قبل كبار قادة المؤسسة العسكرية في أبريل (نيسان). وفي يوليو (تموز)، أدى اتفاق لتقاسم السلطة بين المجلس العسكري الحاكم وقوى إعلان الحرية والتغيير إلى تأسيس حكومة انتقالية لمدة ثلاث سنوات.
وقالت وزيرة الخارجية أسماء عبد الله إن إنشاء المكتب «يأتي استجابة لما ورد في الوثيقة الدستورية التي تشكلت على أساسها الحكومة الجديدة في السودان» كما أنها تأتي «استجابة لتطلعات الشعب السوداني في بناء دولة وطنية ديمقراطية حديثة أساسها حقوق الإنسان»، مؤكدة أنها تتطلع إلى أن «يساهم المكتب في دعم جهود الدولة في حماية وتعزيز حقوق الإنسان».
ومن جهتها، خاطبت باشيليت الوفد السوداني، مؤكدة أن هذا الاتفاق «خطوة أولى لدعم كل ما تبذلونه من جهود في صنع سودان أكثر ديمقراطية يفي بكل آمال وأحلام الشعب السوداني». وقالت: «مررت بهذه التجربة في بلدي أيضاً، إذ قمنا بالانتقال إلى الديمقراطية»، منبهة إلى أن هذه «عملية مليئة بالتحديات. ولكن مع إمكانية قيام مكتبنا بمرافقتكم في المجالات والتحديات التي تشعرون بأنها الأكبر والأهم، نأمل في أن نتمكن من تقديم المساعدة في هذه العملية المهمة للغاية التي تمرون بها». ورأت أن هذه «لحظة سعيدة للغاية ولحظة تاريخية للغاية أن أتمكن من توقيع» هذه المذكرة، آملة في أن «نتمكن من تنفيذها في أقرب وقت ممكن». وأعلنت أن مكتبها سيدعم العملية الانتقالية في البلاد من أجل توفير حقوق الإنسان لجميع الشعب السوداني، قائلة: «شهدنا بإعجاب استمرار النساء والرجال والشباب في السودان في تأكيد حقوقهم الإنسانية»، محذرة من أن «الطريق إلى الأمام مليء بالتحديات، لكننا مستعدون للمساعدة في ضمان تغلغل حقوق الإنسان في عملية الانتقال».
كما رحبت باشيليت بتشكيل لجنة تحقيق وطنية مستقلة للتحقيق في قمع المتظاهرين المسالمين في يونيو (حزيران) الماضي مما أدى إلى وفاة عشرات الأشخاص. وقالت إن اتفاق تقاسم السلطة «تضمن العديد من الالتزامات الإيجابية تجاه حقوق الإنسان، بما في ذلك شرعة الحقوق والالتزام بالعمل مع مكتبها». وأكدت أنه وسط تفاؤل باحتمال حدوث انتقال سلمي للسلطة، تفتح التطورات الأخيرة الطريق نحو فترة لاحقة لإجراء انتخابات للعودة إلى الحكم المدني الكامل.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.