أوكرانيا.. صعوبات السلام

بعد أن وضعت الحرب أوزارها.. على السياسيين معالجة الاختلافات العرقية والدينية والتداخلات الخارجية

أوكرانيا.. صعوبات السلام
TT

أوكرانيا.. صعوبات السلام

أوكرانيا.. صعوبات السلام

الأزمة الأوكرانية معقدة متشابكة يكتنف الغموض عددا من جوانبها، والأسباب متباينة، بقدر تباين طبيعة ديموغرافية أوكرانيا وجغرافيتها وكذلك تاريخ الدولة والمنطقة. وعلى الرغم من كل الجهود الرامية إلى تسوية الخلافات القائمة، فإن الهوة لا تزال واسعة تفصلها عن السلام المنشود الذي يظل مرهونا بأمور تبقى في معظمها خارج إرادة الداخل الأوكراني.
بعيدا عن تعرجات التاريخ، ومنها ما يتعلق بأن القديم منه لا يعرف وجودا لدولة أوكرانية، بل وعلى العكس يكشف عن أن كييف العاصمة الحالية للدولة الأوكرانية المعاصرة كانت مركزا للدولة الروسية القديمة تحت اسم «روسيا الكييفية»، يمكن القول إن التركيبة السكانية الحديثة لأوكرانيا تحمل في طياتها بذور شقاق ثمة من يعتبره حجر عثرة يحول دون سرعة تحقيق الاستقرار والسلام في الفترة القريبة المقبلة.
والشقاق هنا يتعلق بتباين الطبيعة الديموغرافية للدولة الأوكرانية في شرقها وغربها، وتعدد الانتماءات العرقية لسكانها من الأوكرانيين والروس والبولنديين والمجريين وغيرهم من القوميات، إلى جانب الانتماءات الدينية، حيث الأرثوذكسية شرقا والكاثوليكية غربا، والتي يضاف إليها اليوم العنصر الخارجي الذي يتمثل في مخططات واشنطن التوسعية.
ورغم أن الاتحاد السوفياتي كان من أهم العوامل التي ساهمت في تذويب الفوارق والانتماءات، وحقق لها الكثير من المكاسب والتوسعات شرقا من خلال ضم شبه جزيرة القرم وأراض شاسعة في جنوب شرقي أوكرانيا، وغربا من خلال ضم أراض شاسعة كانت تابعة لبولندا والمجر ورومانيا، فقد كانت أوكرانيا ولسخرية القدر أيضا من أهم معاول انهياره بعد أن وقع رئيسها الأسبق ليونيد كرافتشوك مع نظيره الروسي بوريس يلتسين والبيلاروسي فياتشيسلاف كرافتشوك وثيقة «بيلوفجسكايا بوشا» في 8 ديسمبر (كانون الأول) 1991 حول إعلان إنهاء الدولة الاتحادية.
وقد جاءت الأزمة الأوكرانية، بكل تفاصيلها التي تناولتها «الشرق الأوسط» في أكثر من تقرير على مدار العام، لتكشف عما سبق وأعلنته الولايات المتحدة من مخططات تستهدف فرض هيمنتها ليس فقط على أوكرانيا، بل وعلى كل المناطق الواقعة على مقربة مباشرة من الدولة الروسية منذ تسعينات القرن الماضي، وهو ما لم تكن موسكو بغافلة عنه. ولذا فإنها تظل في صدارة أصحاب المصلحة المباشرة في العثور على الحلول المناسبة للخروج من الأزمة الراهنة، وإنهاء الاقتتال الدائر على تخوم حدودها الجنوبية، ليس فقط من أجل إنقاذ أوكرانيا ووحدة أراضيها، بل وكذلك المنطقة والعالم ومعهما الشرعية الدولية ومبادئ الأمم المتحدة، وهو ما استطاع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبالتعاون مع نظيره الأوكراني بيترو بوروشينكو التمهيد له من خلال خطة سلام، سباعية النقاط طرحها بوتين وقَبِلَها بوروشينكو مع بعض التعديلات الطفيفة. وكان بوتين أكد أكثر من مرة أن هناك من صنع الأزمة الأوكرانية لخدمة مآرب ذاتية، ويحاول تأجيج نيرانها تصفية لحسابات جديدة وتنفيذ مخططات قديمة، في إشارة لا تخلو من مغزى إلى الولايات المتحدة التي طالما كشفت عن مطامعها في المنطقة منذ تسعينات القرن الماضي، فيما عادت لتشعل نيران «الثورات الملونة» التي اجتاحت المناطق المجاورة لروسيا في جورجيا وأوكرانيا وقرغيزيا خلال السنوات الخمس الأولى من القرن الحالي.
ولذا لم يكن غريبا أن يعلن سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية من على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الأخيرة أن «كييف وقعت ضحية لسياسات الغرب»، وإن حرص على إبداء حسن النوايا والتفاؤل حين قال إنه «لا تزال هناك فرصة لحل الأزمة الأوكرانية سلميا من خلال ما جرى التوصل إليه من اتفاقات». لكن وزير الخارجية الروسية بدا أكثر صراحة حين أشار إلى حقيقة ما يضمره الغرب من دسائس، ويحيكه من مخططات تعتمد على الانقلابات سبيلا إلى تحقيق ما تضمره من «نوايا شريرة». وقال لافروف: «إن الوقت قد حان للتخلي عن محاولات الضغط غير المشروع من جانب دول بعينها على الدول الأخرى».
وأضاف أن «الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أيدا الانقلاب في أوكرانيا، وبررا كل ما قامت به السلطة الأوكرانية الجديدة المعلنة من جانب واحد في كييف من قمع وتعسف وانتهاك لحقوق بعض طوائف الشعب الأوكراني. وكان هؤلاء الأوكرانيون يرفضون محاولات فرض نظام غير دستوري في البلاد، ويريدون الدفاع عن حقهم في لغتهم الأم وثقافاتهم وتاريخهم». فيما خلص الوزير الروسي إلى «ضرورة أن تتبنى الأمم المتحدة بيانا ترفض فيه التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وعدم الاعتراف بالانقلابات كوسيلة لتغيير السلطة».
ولم يكن خافيا على أحد أن الولايات المتحدة تقف وراء كل القلاقل والاضطرابات التي تموج بها كثير من مناطق العالم، وفي مقدمتها اليوم بلدان الفضاء السوفياتي السابق وما يجاورها من مناطق وفي مقدمتها الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. كما يدرك أبعاد المخططات الغربية كثير من صانعي القرار في الكرملين والأوساط السياسية الروسية ومنهم يفجيني بريماكوف وزير الخارجية ورئيس الحكومة الروسية الأسبق، الذي قال في حديث إلى التلفزيون الروسي يوم السبت الماضي: «إن روسيا كان يمكن أن تقدم خدمة جليلة إلى الولايات المتحدة لو كانت تدخلت في النزاع الجاري في جنوب شرقي أوكرانيا». وأضاف بريماكوف ضرورة الاعتراف بأن الولايات المتحدة نجحت عمليا في إخضاع أوروبا واستمالتها إلى كثير من مخططاتها بما في ذلك في أوكرانيا.
وأشار إلى أن أوروبا كان من الممكن أن ترزح تحت وطأة النفوذ الأميركي لما يزيد على مائة عام لو كانت روسيا أخطأت ودفعت بقواتها إلى أوكرانيا. ونذكر بهذا الصدد أن مجلس الاتحاد كان أقر مرسوم السماح للرئيس بوتين باستخدام القوات المسلحة خارج الحدود الروسية في مطلع مارس (آذار) الماضي وهو ما كان يعني الإذن له بإعلان قرار الحرب! على أن المجلس الفيدرالي الروسي سرعان ما أعلن عن إلغاء قراره بعد أن استجاب الرئيس الأوكراني بوروشينكو وأعلن عن سحب قواته المسلحة من جنوب شرقي أوكرانيا لمدة أسبوع.
وذلك كله يعني أن روسيا لم تكن بعيدة عن متابعة ما يدور على مقربة من حدودها بالكثير من الاهتمام الذي بلغ حد التدخل غير المباشر، من خلال متطوعيها الذين تقاطروا عبر الحدود المشتركة للالتحاق بفصائل الحرس الشعبي في مقاطعتي لوغانسك ودونيتسك اللتين أعلنتا انفصالهما من جانب واحد عن أوكرانيا، وهو ما كان في مقدمة الأسباب التي استندت إليها واشنطن وبلدان الاتحاد الأوروبي لفرض العقوبات الاقتصادية والسياسية.
وبغض النظر عن نتائج هذه العقوبات، فإن موسكو لم تتوقف عن محاولاتها من أجل احتواء الموقف، وتحقيق أكبر قدر من المكاسب بعد إعلانها عن الاستجابة لطلب سكان شبه جزيرة القرم حول العودة إلى الوطن الأم بعد غياب طال لما يقرب من 60 عاما وهو ما أشرنا إليه في أكثر من تقرير من موسكو. وقد كشفت تطورات الأحداث في أوكرانيا وما حولها عن أن كييف لا تملك قرارها، وأن الأمور تُدار من أروقة السياسة فيما وراء المحيط. كما أن الجدل الذي كان ولا يزال يحتدم بين ممثلي مختلف الأوساط السياسية الأوكرانية، يؤكد أن الخلافات الداخلية تظل أعمق مما يتصور كثير من المراقبين، وثمة من يتوقع أن تعصف بالكثير من مساحات الاتفاق المرحلي الذي كانت فصائل الساحة السياسية الأوكرانية توصلت إليه حين نجحت في الإطاحة بالرئيس فيكتور يانوكوفيتش في فبراير (شباط) الماضي.
من هذا المنظور يتوقع كثير من المراقبين ومنهم سيرغي ماركوف مدير معهد الدراسات الاستراتيجية في موسكو الذي قال في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» إن الفترة القريبة المقبلة لا بد أن تشهد انفراط عقد هذه الأوساط واحتدام الخلافات التي من المتوقع أن تنعكس نتائجها السلبية على مجمل الأوضاع في الداخل الأوكراني. وأضاف ماركوف أن «أوكرانيا نفسها تظل معرضة للزوال ولا أحد يمكن أن يصدق ما يقوله زعماؤها حول مستقبل لدولة أوكرانية». وأشار إلى ما قاله الرئيس بوروشينكو في مؤتمره الصحافي الأخير حول الانتخابات البرلمانية في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، مؤكدا أن هذه الانتخابات بالذات لا بد أن تكشف كثيرا من خلافاته مع رئيس حكومته ارسيني ياتسينيوك ورئيس البرلمان الحالي ألكسندر تورتشينوف، ومعهما ارسين اوفاكوف وزير الداخلية متعهد طواغيت المال ممن يمولون كل العمليات القتالية في جنوب شرقي أوكرانيا. وإذا أضفنا إلى كل ذلك، الخلافات التي تتصاعد الآن مع ممثلي الجبهة الشعبية التي تشكلت من حزب باتكفشينا (الوطن) بزعامة «أميرة الثورة البرتقالية» يوليا تيموشينكو وكذلك رموز الأحزاب القومية المتشددة ومنها أوليج تياجنيبوك زعيم حزب سفوبودا (الحرية)، وديمتري ياروش زعيم حركة «القطاع الأيمن»، ممن يتزعمون محاولات إرغام الرئيس بوروشينكو على التراجع عن قرار حول منح الحكم الذاتي للانفصاليين في إطار الدولة الأوكرانية، فإننا سنكون أمام صورة بالغة القتامة تنذر بصراعات يمكن أن تقوض ما تحقق من استقرار هش، بعد توقيع اتفاقات مينسك حول وقف إطلاق النار والتحرك صوب التسوية السياسية مع جنوب شرقي أوكرانيا. وبهذه المناسبة قال ماركوف أيضا إن بوروشينكو يحاول الحديث مع كل من الأطراف المعنية باللغة التي تتسق مع توجهاته، وهو ما لا بد أن يسفر في نهاية المطاف عن انفجار الخلافات، ومنها ما يتعلق بما قد ينجم عن محاولة تطبيق ما أعلنه حول «التطهير السياسي» و«مكافحة الفساد». وبهذه المناسبة يبدو ما يشبه الإجماع حول صعوبة تطبيق قانون «التطهير الحكومي» وإبعاد كل من كان يعمل مع النظام السابق، نظرا لأن الجميع تقريبا خرجوا من معطف هذا النظام وفي مقدمتهم الرئيس بوروشينكو ورئيس حكومته ياتسينيوك. وكان الجدل قد اشتعل في أوكرانيا حول احتمالات تطبيق قانون التطهير في المؤسسات الحكومية الذي أعلن عنه بوروشينكو في مؤتمره الصحافي من منظور أنه يجب أن يشمل كثيرا من العاملين في الرئاسة والحكومة منذ تسعينات القرن الماضي. وفي تصريحاته إلى «الشرق الأوسط» انتقد سيرغي ماركوف عضو مجلس الدوما السابق ومدير معهد الدراسات الاستراتيجية ما طرحه بوروشينكو تحت عنوان «استراتيجية 2020» التي تستهدف صياغة عقد اجتماعي جديد بين المجتمع والسلطة ورجال الأعمال. وقال إن الخلافات حول التهدئة التي أعلنها بوروشينكو ستعصف بكثير من أركان هذه الاستراتيجية، مما قد يسفر عن الحاجة إلى انتخابات رئاسية جديدة. وبهذه المناسبة لم يستبعد الرئيس الأوكراني في مؤتمره الصحافي احتمالات خروج الجماهير إلى الشارع في مظاهرات جديدة قال إنه يأمل أن تكون «إيجابية» مؤيدة لتوجهاته، وهو ما يكتنفه غموض كثير. على أن هناك من المؤشرات ما يقول أيضا إن الانتخابات البرلمانية المقبلة تحمل في طياتها كثيرا من مقدمات الفرقة والتي تمثلها الشعارات المتطرفة التي يرفعها خصوم الرئيس بوروشينكو من رفاق الماضي في حزب باتكفشينا وفصائل القوميين المتطرفين ممن وقفوا إلى جواره إبان رحلة الانقلاب على الرئيس السابق يانوكوفيتش. ومن اللافت أن هذه الشعارات تنادي بإلغاء ما اتخذه بوروشينكو من قرارات تستهدف تحقيق التهدئة ووقف إطلاق النار في جنوب شرقي أوكرانيا والاستجابة لبعض طموحات سكان هذه المناطق في الحكم الذاتي واستخدام اللغة القومية.
وكان الرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف أعرب أيضا عن مخاوفه من احتمالات اشتعال «حرب باردة جديدة» في الوقت الذي يتابع العالم الكثير من فصولها. وأعاد غورباتشوف إلى الأذهان ما فعله الغرب معه حين خدعه بوعود كانت تقضي بعدم تقدم الناتو إلى أبعد من الحدود الشرقية لألمانيا الغربية، مما يؤكد الحذر والحرص تجاه كل ما تقوله الولايات المتحدة على حد قوله.
وقد أصاب فرانك شتاينماير وزير خارجية ألمانيا حين قال صراحة إن «الحل السياسي للأزمة الأوكرانية لا يزال وشأنه في السابق بعيد المنال، ولا أوهام تراودنا حول ذلك». ويذكر الجميع أن الأوضاع كانت حتى الأمس القريب قاب قوسين أو أدنى من اندلاع حرب «ضروس» ثمة من كان يتوق شوقا لأن تنجرف إليها روسيا المجاورة، كما سبق وأشار يفجيني بريماكوف. لكن موسكو وبدلا من أن تقدم على ارتكاب «خطأ العمر»، نجحت في نزع فتيل المواجهة بما قدمته من أفكار التف حولها وزراء خارجية روسيا وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي في برلين، وبما سمح لاحقا ببدء اجتماعات مجموعة الاتصال الثلاثية في مينسك في 5 و9 سبتمبر (أيلول) الماضي بمشاركة ممثلي روسيا والاتحاد الأوروبي ممن نجحوا في تقريب مواقف الأطراف المتنازعة من كييف وجنوب شرقي أوكرانيا.
وإذا كان لافروف وزير الخارجية الروسية أعلن صراحة أن «أوكرانيا تبدو ضحية لسياسات الغرب»، فإنه عاد وأشار إليها على نحو أكثر صراحة ووضوحا، حين قال في معرض تعليقه على خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما والذي تضمن تصنيفه لروسيا بوصفها من أهم الأخطار التي تهدد العالم ووضعها في مرتبة سابقة للإرهاب الدولي: «إن هذا الخطاب يعكس رؤية أميركية للعالم شدد فيها مرارا على استثنائيته هو وبلاده.. رؤية بلاد سجلت في عقيدتها للأمن القومي حقها في استخدام القوة حسب هواها، بغض النظر عن القرارات الصادرة عن مجلس الأمن والقوانين الدولية الأخرى»



تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»