أوكرانيا.. صعوبات السلام

بعد أن وضعت الحرب أوزارها.. على السياسيين معالجة الاختلافات العرقية والدينية والتداخلات الخارجية

أوكرانيا.. صعوبات السلام
TT

أوكرانيا.. صعوبات السلام

أوكرانيا.. صعوبات السلام

الأزمة الأوكرانية معقدة متشابكة يكتنف الغموض عددا من جوانبها، والأسباب متباينة، بقدر تباين طبيعة ديموغرافية أوكرانيا وجغرافيتها وكذلك تاريخ الدولة والمنطقة. وعلى الرغم من كل الجهود الرامية إلى تسوية الخلافات القائمة، فإن الهوة لا تزال واسعة تفصلها عن السلام المنشود الذي يظل مرهونا بأمور تبقى في معظمها خارج إرادة الداخل الأوكراني.
بعيدا عن تعرجات التاريخ، ومنها ما يتعلق بأن القديم منه لا يعرف وجودا لدولة أوكرانية، بل وعلى العكس يكشف عن أن كييف العاصمة الحالية للدولة الأوكرانية المعاصرة كانت مركزا للدولة الروسية القديمة تحت اسم «روسيا الكييفية»، يمكن القول إن التركيبة السكانية الحديثة لأوكرانيا تحمل في طياتها بذور شقاق ثمة من يعتبره حجر عثرة يحول دون سرعة تحقيق الاستقرار والسلام في الفترة القريبة المقبلة.
والشقاق هنا يتعلق بتباين الطبيعة الديموغرافية للدولة الأوكرانية في شرقها وغربها، وتعدد الانتماءات العرقية لسكانها من الأوكرانيين والروس والبولنديين والمجريين وغيرهم من القوميات، إلى جانب الانتماءات الدينية، حيث الأرثوذكسية شرقا والكاثوليكية غربا، والتي يضاف إليها اليوم العنصر الخارجي الذي يتمثل في مخططات واشنطن التوسعية.
ورغم أن الاتحاد السوفياتي كان من أهم العوامل التي ساهمت في تذويب الفوارق والانتماءات، وحقق لها الكثير من المكاسب والتوسعات شرقا من خلال ضم شبه جزيرة القرم وأراض شاسعة في جنوب شرقي أوكرانيا، وغربا من خلال ضم أراض شاسعة كانت تابعة لبولندا والمجر ورومانيا، فقد كانت أوكرانيا ولسخرية القدر أيضا من أهم معاول انهياره بعد أن وقع رئيسها الأسبق ليونيد كرافتشوك مع نظيره الروسي بوريس يلتسين والبيلاروسي فياتشيسلاف كرافتشوك وثيقة «بيلوفجسكايا بوشا» في 8 ديسمبر (كانون الأول) 1991 حول إعلان إنهاء الدولة الاتحادية.
وقد جاءت الأزمة الأوكرانية، بكل تفاصيلها التي تناولتها «الشرق الأوسط» في أكثر من تقرير على مدار العام، لتكشف عما سبق وأعلنته الولايات المتحدة من مخططات تستهدف فرض هيمنتها ليس فقط على أوكرانيا، بل وعلى كل المناطق الواقعة على مقربة مباشرة من الدولة الروسية منذ تسعينات القرن الماضي، وهو ما لم تكن موسكو بغافلة عنه. ولذا فإنها تظل في صدارة أصحاب المصلحة المباشرة في العثور على الحلول المناسبة للخروج من الأزمة الراهنة، وإنهاء الاقتتال الدائر على تخوم حدودها الجنوبية، ليس فقط من أجل إنقاذ أوكرانيا ووحدة أراضيها، بل وكذلك المنطقة والعالم ومعهما الشرعية الدولية ومبادئ الأمم المتحدة، وهو ما استطاع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبالتعاون مع نظيره الأوكراني بيترو بوروشينكو التمهيد له من خلال خطة سلام، سباعية النقاط طرحها بوتين وقَبِلَها بوروشينكو مع بعض التعديلات الطفيفة. وكان بوتين أكد أكثر من مرة أن هناك من صنع الأزمة الأوكرانية لخدمة مآرب ذاتية، ويحاول تأجيج نيرانها تصفية لحسابات جديدة وتنفيذ مخططات قديمة، في إشارة لا تخلو من مغزى إلى الولايات المتحدة التي طالما كشفت عن مطامعها في المنطقة منذ تسعينات القرن الماضي، فيما عادت لتشعل نيران «الثورات الملونة» التي اجتاحت المناطق المجاورة لروسيا في جورجيا وأوكرانيا وقرغيزيا خلال السنوات الخمس الأولى من القرن الحالي.
ولذا لم يكن غريبا أن يعلن سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية من على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الأخيرة أن «كييف وقعت ضحية لسياسات الغرب»، وإن حرص على إبداء حسن النوايا والتفاؤل حين قال إنه «لا تزال هناك فرصة لحل الأزمة الأوكرانية سلميا من خلال ما جرى التوصل إليه من اتفاقات». لكن وزير الخارجية الروسية بدا أكثر صراحة حين أشار إلى حقيقة ما يضمره الغرب من دسائس، ويحيكه من مخططات تعتمد على الانقلابات سبيلا إلى تحقيق ما تضمره من «نوايا شريرة». وقال لافروف: «إن الوقت قد حان للتخلي عن محاولات الضغط غير المشروع من جانب دول بعينها على الدول الأخرى».
وأضاف أن «الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أيدا الانقلاب في أوكرانيا، وبررا كل ما قامت به السلطة الأوكرانية الجديدة المعلنة من جانب واحد في كييف من قمع وتعسف وانتهاك لحقوق بعض طوائف الشعب الأوكراني. وكان هؤلاء الأوكرانيون يرفضون محاولات فرض نظام غير دستوري في البلاد، ويريدون الدفاع عن حقهم في لغتهم الأم وثقافاتهم وتاريخهم». فيما خلص الوزير الروسي إلى «ضرورة أن تتبنى الأمم المتحدة بيانا ترفض فيه التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وعدم الاعتراف بالانقلابات كوسيلة لتغيير السلطة».
ولم يكن خافيا على أحد أن الولايات المتحدة تقف وراء كل القلاقل والاضطرابات التي تموج بها كثير من مناطق العالم، وفي مقدمتها اليوم بلدان الفضاء السوفياتي السابق وما يجاورها من مناطق وفي مقدمتها الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. كما يدرك أبعاد المخططات الغربية كثير من صانعي القرار في الكرملين والأوساط السياسية الروسية ومنهم يفجيني بريماكوف وزير الخارجية ورئيس الحكومة الروسية الأسبق، الذي قال في حديث إلى التلفزيون الروسي يوم السبت الماضي: «إن روسيا كان يمكن أن تقدم خدمة جليلة إلى الولايات المتحدة لو كانت تدخلت في النزاع الجاري في جنوب شرقي أوكرانيا». وأضاف بريماكوف ضرورة الاعتراف بأن الولايات المتحدة نجحت عمليا في إخضاع أوروبا واستمالتها إلى كثير من مخططاتها بما في ذلك في أوكرانيا.
وأشار إلى أن أوروبا كان من الممكن أن ترزح تحت وطأة النفوذ الأميركي لما يزيد على مائة عام لو كانت روسيا أخطأت ودفعت بقواتها إلى أوكرانيا. ونذكر بهذا الصدد أن مجلس الاتحاد كان أقر مرسوم السماح للرئيس بوتين باستخدام القوات المسلحة خارج الحدود الروسية في مطلع مارس (آذار) الماضي وهو ما كان يعني الإذن له بإعلان قرار الحرب! على أن المجلس الفيدرالي الروسي سرعان ما أعلن عن إلغاء قراره بعد أن استجاب الرئيس الأوكراني بوروشينكو وأعلن عن سحب قواته المسلحة من جنوب شرقي أوكرانيا لمدة أسبوع.
وذلك كله يعني أن روسيا لم تكن بعيدة عن متابعة ما يدور على مقربة من حدودها بالكثير من الاهتمام الذي بلغ حد التدخل غير المباشر، من خلال متطوعيها الذين تقاطروا عبر الحدود المشتركة للالتحاق بفصائل الحرس الشعبي في مقاطعتي لوغانسك ودونيتسك اللتين أعلنتا انفصالهما من جانب واحد عن أوكرانيا، وهو ما كان في مقدمة الأسباب التي استندت إليها واشنطن وبلدان الاتحاد الأوروبي لفرض العقوبات الاقتصادية والسياسية.
وبغض النظر عن نتائج هذه العقوبات، فإن موسكو لم تتوقف عن محاولاتها من أجل احتواء الموقف، وتحقيق أكبر قدر من المكاسب بعد إعلانها عن الاستجابة لطلب سكان شبه جزيرة القرم حول العودة إلى الوطن الأم بعد غياب طال لما يقرب من 60 عاما وهو ما أشرنا إليه في أكثر من تقرير من موسكو. وقد كشفت تطورات الأحداث في أوكرانيا وما حولها عن أن كييف لا تملك قرارها، وأن الأمور تُدار من أروقة السياسة فيما وراء المحيط. كما أن الجدل الذي كان ولا يزال يحتدم بين ممثلي مختلف الأوساط السياسية الأوكرانية، يؤكد أن الخلافات الداخلية تظل أعمق مما يتصور كثير من المراقبين، وثمة من يتوقع أن تعصف بالكثير من مساحات الاتفاق المرحلي الذي كانت فصائل الساحة السياسية الأوكرانية توصلت إليه حين نجحت في الإطاحة بالرئيس فيكتور يانوكوفيتش في فبراير (شباط) الماضي.
من هذا المنظور يتوقع كثير من المراقبين ومنهم سيرغي ماركوف مدير معهد الدراسات الاستراتيجية في موسكو الذي قال في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» إن الفترة القريبة المقبلة لا بد أن تشهد انفراط عقد هذه الأوساط واحتدام الخلافات التي من المتوقع أن تنعكس نتائجها السلبية على مجمل الأوضاع في الداخل الأوكراني. وأضاف ماركوف أن «أوكرانيا نفسها تظل معرضة للزوال ولا أحد يمكن أن يصدق ما يقوله زعماؤها حول مستقبل لدولة أوكرانية». وأشار إلى ما قاله الرئيس بوروشينكو في مؤتمره الصحافي الأخير حول الانتخابات البرلمانية في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، مؤكدا أن هذه الانتخابات بالذات لا بد أن تكشف كثيرا من خلافاته مع رئيس حكومته ارسيني ياتسينيوك ورئيس البرلمان الحالي ألكسندر تورتشينوف، ومعهما ارسين اوفاكوف وزير الداخلية متعهد طواغيت المال ممن يمولون كل العمليات القتالية في جنوب شرقي أوكرانيا. وإذا أضفنا إلى كل ذلك، الخلافات التي تتصاعد الآن مع ممثلي الجبهة الشعبية التي تشكلت من حزب باتكفشينا (الوطن) بزعامة «أميرة الثورة البرتقالية» يوليا تيموشينكو وكذلك رموز الأحزاب القومية المتشددة ومنها أوليج تياجنيبوك زعيم حزب سفوبودا (الحرية)، وديمتري ياروش زعيم حركة «القطاع الأيمن»، ممن يتزعمون محاولات إرغام الرئيس بوروشينكو على التراجع عن قرار حول منح الحكم الذاتي للانفصاليين في إطار الدولة الأوكرانية، فإننا سنكون أمام صورة بالغة القتامة تنذر بصراعات يمكن أن تقوض ما تحقق من استقرار هش، بعد توقيع اتفاقات مينسك حول وقف إطلاق النار والتحرك صوب التسوية السياسية مع جنوب شرقي أوكرانيا. وبهذه المناسبة قال ماركوف أيضا إن بوروشينكو يحاول الحديث مع كل من الأطراف المعنية باللغة التي تتسق مع توجهاته، وهو ما لا بد أن يسفر في نهاية المطاف عن انفجار الخلافات، ومنها ما يتعلق بما قد ينجم عن محاولة تطبيق ما أعلنه حول «التطهير السياسي» و«مكافحة الفساد». وبهذه المناسبة يبدو ما يشبه الإجماع حول صعوبة تطبيق قانون «التطهير الحكومي» وإبعاد كل من كان يعمل مع النظام السابق، نظرا لأن الجميع تقريبا خرجوا من معطف هذا النظام وفي مقدمتهم الرئيس بوروشينكو ورئيس حكومته ياتسينيوك. وكان الجدل قد اشتعل في أوكرانيا حول احتمالات تطبيق قانون التطهير في المؤسسات الحكومية الذي أعلن عنه بوروشينكو في مؤتمره الصحافي من منظور أنه يجب أن يشمل كثيرا من العاملين في الرئاسة والحكومة منذ تسعينات القرن الماضي. وفي تصريحاته إلى «الشرق الأوسط» انتقد سيرغي ماركوف عضو مجلس الدوما السابق ومدير معهد الدراسات الاستراتيجية ما طرحه بوروشينكو تحت عنوان «استراتيجية 2020» التي تستهدف صياغة عقد اجتماعي جديد بين المجتمع والسلطة ورجال الأعمال. وقال إن الخلافات حول التهدئة التي أعلنها بوروشينكو ستعصف بكثير من أركان هذه الاستراتيجية، مما قد يسفر عن الحاجة إلى انتخابات رئاسية جديدة. وبهذه المناسبة لم يستبعد الرئيس الأوكراني في مؤتمره الصحافي احتمالات خروج الجماهير إلى الشارع في مظاهرات جديدة قال إنه يأمل أن تكون «إيجابية» مؤيدة لتوجهاته، وهو ما يكتنفه غموض كثير. على أن هناك من المؤشرات ما يقول أيضا إن الانتخابات البرلمانية المقبلة تحمل في طياتها كثيرا من مقدمات الفرقة والتي تمثلها الشعارات المتطرفة التي يرفعها خصوم الرئيس بوروشينكو من رفاق الماضي في حزب باتكفشينا وفصائل القوميين المتطرفين ممن وقفوا إلى جواره إبان رحلة الانقلاب على الرئيس السابق يانوكوفيتش. ومن اللافت أن هذه الشعارات تنادي بإلغاء ما اتخذه بوروشينكو من قرارات تستهدف تحقيق التهدئة ووقف إطلاق النار في جنوب شرقي أوكرانيا والاستجابة لبعض طموحات سكان هذه المناطق في الحكم الذاتي واستخدام اللغة القومية.
وكان الرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف أعرب أيضا عن مخاوفه من احتمالات اشتعال «حرب باردة جديدة» في الوقت الذي يتابع العالم الكثير من فصولها. وأعاد غورباتشوف إلى الأذهان ما فعله الغرب معه حين خدعه بوعود كانت تقضي بعدم تقدم الناتو إلى أبعد من الحدود الشرقية لألمانيا الغربية، مما يؤكد الحذر والحرص تجاه كل ما تقوله الولايات المتحدة على حد قوله.
وقد أصاب فرانك شتاينماير وزير خارجية ألمانيا حين قال صراحة إن «الحل السياسي للأزمة الأوكرانية لا يزال وشأنه في السابق بعيد المنال، ولا أوهام تراودنا حول ذلك». ويذكر الجميع أن الأوضاع كانت حتى الأمس القريب قاب قوسين أو أدنى من اندلاع حرب «ضروس» ثمة من كان يتوق شوقا لأن تنجرف إليها روسيا المجاورة، كما سبق وأشار يفجيني بريماكوف. لكن موسكو وبدلا من أن تقدم على ارتكاب «خطأ العمر»، نجحت في نزع فتيل المواجهة بما قدمته من أفكار التف حولها وزراء خارجية روسيا وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي في برلين، وبما سمح لاحقا ببدء اجتماعات مجموعة الاتصال الثلاثية في مينسك في 5 و9 سبتمبر (أيلول) الماضي بمشاركة ممثلي روسيا والاتحاد الأوروبي ممن نجحوا في تقريب مواقف الأطراف المتنازعة من كييف وجنوب شرقي أوكرانيا.
وإذا كان لافروف وزير الخارجية الروسية أعلن صراحة أن «أوكرانيا تبدو ضحية لسياسات الغرب»، فإنه عاد وأشار إليها على نحو أكثر صراحة ووضوحا، حين قال في معرض تعليقه على خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما والذي تضمن تصنيفه لروسيا بوصفها من أهم الأخطار التي تهدد العالم ووضعها في مرتبة سابقة للإرهاب الدولي: «إن هذا الخطاب يعكس رؤية أميركية للعالم شدد فيها مرارا على استثنائيته هو وبلاده.. رؤية بلاد سجلت في عقيدتها للأمن القومي حقها في استخدام القوة حسب هواها، بغض النظر عن القرارات الصادرة عن مجلس الأمن والقوانين الدولية الأخرى»



منطقة الساحل... ساحة صراع بين الغرب وروسيا

طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)
طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)
TT

منطقة الساحل... ساحة صراع بين الغرب وروسيا

طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)
طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)

يسدلُ الستارُ على آخر مشاهد عام 2024 في منطقة الساحل الأفريقي، ورغم أن هذه الصحراء الشاسعة ظلت رتيبة لعقود طويلة، فإن المشهد الأخير جاء ليكسر رتابتها، فلم يكن أحد يتوقع أن ينتهي العام والمنطقة خالية من القوات الفرنسية، وأن يحل محلها مئات المسلحين الروس، وأنّ موسكو ستكون أقربَ من باريس لكثير من أنظمة الحكم في العديد من بلدان القارة السمراء.ورغم أن الفرنسيين كانوا ينشرون في الساحل أكثر من 5 آلاف جندي لمحاربة الإرهاب، بينما أرسل الروس بدورهم مرتزقة شركة «فاغنر» للمساعدة في المهمة نفسها، التي فشل فيها الفرنسيون، فإن الإرهاب ما زال يتمدد، بل إنه ضرب في قلب دول الساحل هذا العام، كما لم يفعل من قبل.

لم يكن الإرهاب حجةً للتدخل العسكري الأجنبي فقط، وإنما كان حجة جيوش دول الساحل للهيمنة على الحكم في انقلابات عسكرية أدخلت الدول الثلاث، مالي، النيجر وبوركينا فاسو، في أزمة حادة مع جيرانها في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، انتهت بالقطيعة التامة وانسحاب الدول الثلاث من المنظمة الإقليمية التي كانت حتى وقت قريب تمثّلُ حلماً جميلاً بالاندماج والتكامل الاقتصادي.

بالإضافة إلى تصاعد الإرهاب والعزلة الإقليمية، حمل عام 2024 معه لدول الساحل تداعيات مدمرة للتغيّر المناخي، فضرب الجفاف كثيراً من المحاصيل الزراعية، وجاءت بعد ذلك فيضانات دمّرت ما بقي من حقول وقرى متناثرة في السافانا، وتسببت في موت الآلاف، وتشريد الملايين في النيجر وتشاد ومالي وبوركينا فاسو.

صورة وزعها الجيش الفرنسي لمقاتلين من المرتزقة الروس خلال صعودهم إلى مروحية في شمال مالي في أبريل 2022 (الجيش الفرنسي - أ.ب)

الخروج الفرنسي

الساحل الذي يصنّف واحدة من أفقر مناطق العالم وأكثرها هشاشة، كان يمثّلُ الجبهة الثانية للحرب الروسية - الأوكرانية، فكان مسرحاً للصراع بين الغرب وروسيا، وقد تصاعد هذا الصراع في عام 2024، وتجاوز النفوذ السياسي والاستراتيجي، إلى ما يشبه المواجهة المباشرة من أجل الهيمنة على مناجم الذهب واليورانيوم وحقول النفط، والموارد الهائلة المدفونة في قلب صحراء يقطنها قرابة 100 مليون إنسان، أغلبهم يعيشون في فقر مدقع.

يمكن القول إن عام 2024 محطة فاصلة في تاريخ الوجود العسكري الفرنسي في منطقة الساحل، خصوصاً أن الفرنسيين دخلوا المنطقة مطلع القرن التاسع عشر، تحت غطاء تجاري واقتصادي، ولكن سرعان ما تحوّل إلى استعمار عسكري وسياسي، هيمن بموجبه الفرنسيون على المنطقة لأكثر من قرن من الزمان، وبعد استقلال هذه الدول، ظلت فرنسا موجودة عسكرياً بموجب اتفاقات للتعاون العسكري والأمني.

ازداد الوجود العسكري الفرنسي في منطقة الساحل بشكل واضح، عام 2013، بعد أن توجّه تنظيم «القاعدة» إلى منطقة الساحل الأفريقي، ليتخذ منها مركزاً لأنشطته بعد الضربات التي تلقاها في أفغانستان والعراق، ومستغلاً في الوقت ذاته الفوضى التي عمّت المنطقة عقب سقوط نظام العقيد الليبي معمر القذافي عام 2011. حينها أصبح الفرنسيون يقودون «الحرب العالمية على الإرهاب» في الساحل، وأطلقوا عملية «سيرفال» العسكرية في يناير (كانون الثاني) 2013، التي تحوّلت عام 2014 إلى عملية «برخان» العسكرية التي كان ينفق عليها الفرنسيون سنوياً مليار يورو، وينشرون فيها أكثر من 5 آلاف جندي في دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد.

على وقع هذه الحرب الطاحنة بين الفرنسيين وتنظيم «القاعدة»، وانتشار الجنود الفرنسيين بشكل لافت في شوارع المدن الأفريقية، تصاعد الشعور المعادي لفرنسا في الأوساط الشعبية، ما قاد إلى انهيار الأنظمة السياسية الموالية لباريس، وسيطر عسكريون شباب على الحكم في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وكان أول قرار اتخذوه هو «مراجعة» العلاقة مع فرنسا، وهي مراجعة انتهت بالقطيعة التامة.

حزمت القوات الفرنسية أمتعتها وغادرت مالي، ثم بوركينا فاسو والنيجر، ولكن المفاجأة الأكبر جاءت يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 حين قررت تشاد إنهاء اتفاقية التعاون العسكري مع فرنسا، وهي التي ظلت دوماً توصف بأنها «حليف استراتيجي» للفرنسيين والغرب في المنطقة.

وبالفعل بدأ الفرنسيون حزم أمتعتهم ومغادرة تشاد دون أي تأخير، وغادرت مقاتلات «ميراج» الفرنسية قاعدة عسكرية في عاصمة تشاد، إنجامينا، يوم الثلاثاء 10 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، في حين بدأ الحديث عن خطة زمنية لخروج أكثر من ألف جندي فرنسي كانوا يتمركزون في تشاد.

ربما كان تطور الأحداث خلال السنوات الأخيرة يوحي بأن الفرنسيين في طريقهم إلى فقدان نفوذهم التقليدي في منطقة الساحل، ولكن ما يمكن تأكيده هو أن عام 2024 شكّل «لحظة الإدراك» التي بدأ بعدها الفرنسيون يحاولون التحكم في صيغة «الخروج» من الساحل.

صورة جماعية لقادة دول "الإيكواس" خلال قمتهم في أبوجا بنيجيريا يوم 15 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

لقد قرَّر الفرنسيون التأقلم مع الوضع الجديد في أفريقيا، حين أدركوا حجم الجهد الضائع في محاولة المواجهة والضغط على الأنظمة العسكرية المتحالفة مع روسيا، فهذه الأنظمة لا تتوقف عن «إذلال» القوة الاستعمارية السابقة بقرارات «استفزازية» على غرار اعتقال 4 موظفين بالسفارة الفرنسية في بوركينا فاسو، واتهامهم بالتجسس، وبعد عام من السجن، أُفرج عنهم بوساطة قادها العاهل المغربي الملك محمد السادس يوم 19 ديسمبر 2024.

وفي النيجر، قرَّر المجلس العسكري الحاكم، في يونيو (حزيران) 2024، إلغاء رخصة شركة فرنسية كانت تستغل منجماً لليورانيوم شمال البلاد، وسبق أن قرَّرت النيجر، على غرار مالي وبوركينا فاسو، منع وسائل الإعلام الفرنسية من البث في البلاد بعد أن اتهمتها بنشر «أخبار كاذبة».

يدخل مثل هذه القرارات ضمن مسار يؤكد أن «النقمة» تجاه الفرنسيين في دول الساحل تحوّلت إلى قرار نهائي بالقطيعة والخروج من عباءة المستعمِر السابق. وفي ظل مخاوف من اتساع رقعة هذه القطيعة لتشمل دولاً أفريقية أخرى ما زالت قريبةً من باريس، وضع الفرنسيون خطةً لإعادة هيكلة وجودهم العسكري في أفريقيا، من خلال تخفيض قواتهم المتمركزة في السنغال، وكوت ديفوار، والغابون، وجيبوتي.

أسند الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مهمة إعداد هذه الخطة إلى جان-ماري بوكل، حين عيّنه في شهر فبراير (شباط) 2024 مبعوثاً خاصاً إلى أفريقيا، وهي المهمة التي انتهت في نحو 10 أشهر، قدّم بعدها تقريراً خاصاً سلّمه إلى ماكرون، يوم 27 نوفمبر الماضي، ينصح فيه بتقليص عدد القوات الفرنسية المتمركزة إلى الحد الأدنى، وتَحوُّل القواعد العسكرية إلى «مراكز» أكثر مرونة وخفة، هدفها التركيز على التدريب العسكري، وجمع المعلومات الاستخباراتية، وتعزيز الشراكات الاستراتيجية.

الأميركيون أيضاً

حين كان الجميعُ يتحدَّث خلال العقدين الأخيرين عن الانتشار العسكري الفرنسي، والنفوذ الذي تتمتع به باريس في منطقة الساحل وغرب أفريقيا، كان الأميركيون حاضرين ولكن بصمت، ينشرون مئات الجنود من قواتهم الخاصة في النيجر؛ لمساعدة هذا البلد في حربه ضد جماعات مثل «القاعدة»، و«بوكو حرام»، و«داعش». واستخدم الأميركيون في عملياتهم قاعدة جوية في منطقة «أغاديز» خاصة بالطائرات المسيّرة التي تمكِّنهم من مراقبة الصحراء الكبرى وتحركات «القاعدة» من جنوب ليبيا وصولاً إلى شمال مالي.

ولا يزال الأميركيون أوفياء لاستراتيجية الحضور العسكري الصامت في أفريقيا، على العكس من حلفائهم الفرنسيين وخصومهم الروس، ولكن التحولات الأخيرة في منطقة الساحل أرغمتهم على الخروج إلى العلن، خصوصاً حين بدأت مجموعة «فاغنر» تتمتع بالنفوذ في النيجر. حينها أبلغ الأميركيون نظام الحكم في نيامي بأنه لا مجال لدخول «فاغنر» إلى بلد هم موجودون فيه.

وحين اختارت النيجر التوجه نحو روسيا و«فاغنر»، قرَّر الأميركيون في شهر أغسطس (آب) 2024 سحب قواتهم من النيجر، وإغلاق قاعدتهم العسكرية الجوية الموجودة في شمال البلاد.

وأعلن الأميركيون خطةً لإعادة تموضع قواتهم في غرب أفريقيا، فتوجَّهت واشنطن نحو غانا وكوت ديفوار وبنين، وهي دول رفعت من مستوى تعاونها العسكري مع الولايات المتحدة، وتسلّمت مساعدات عسكرية كانت موجهة إلى النيجر، عبارة عن مدرعات وآليات حربية.

دبابة فرنسية على مقربة من نهر النيجر عند مدخل مدينة غاو بشمال مالي يوم 31 يناير 2013 (أ.ب)

البديل الروسي

لقد كانت روسيا جاهزة لاستغلال تراجع النفوذ الغربي في منطقة الساحل، وهي المتمركزة منذ سنوات في ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى، فنشرت المئات من مقاتلي «فاغنر» في مالي أولاً، ثم في بوركينا فاسو والنيجر، كما عقدت صفقات سلاح كبيرة مع هذه الدول.

لكن موسكو حاولت في العام الماضي أن ترفع من مستوى تحالفها مع دول الساحل إلى مستويات جديدة. فبالإضافة إلى الشراكة الأمنية والعسكرية، كان الروس يطمحون إلى شراكة اقتصادية وتجارية.

ولعل الحدث الأبرز في هذا الاتجاه كان جولة قام بها وفد روسي بقيادة نائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك، نهاية نوفمبر الماضي، وقادته إلى دول الساحل الثلاث: مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

كان الهدف من الجولة هو «تعزيز الشراكة الاقتصادية»، مع تركيز روسي واضح على مجال «الطاقة». فقد ضم الوفد الروسي رجال أعمال وفاعلين في قطاع الطاقة، وسط حديث عن اتفاقات لإقامة محطات لإنتاج الطاقة الشمسية، تتولى شركات روسية تنفيذها في الدول الثلاث.

وفي شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وقَّع رؤساء مالي وبوركينا فاسو والنيجر اتفاقاً مع وكالة الفضاء الروسية، ستقدم بموجبه الوكالة الروسية لهذه الدول «صور الأقمار الاصطناعية»؛ من أجل تعزيز مراقبة الحدود وتحسين الاتصالات، أي أن روسيا أصبحت العين الرقيبة على دول الساحل بعد أن أُغمضت العين الفرنسية. هذا عدا عن نجاح روسيا في اللعب بورقة الأمن الغذائي، فكان القمح الروسي أهم سفير لموسكو لدى دول الساحل، وفي العام الماضي أصبحت موسكو أكبر مورِّد للحبوب لهذه الدول التي تواجه مشكلات كبيرة في توفير حاجياتها من الغذاء، فأصبح القمح الروسي يسيطر على سوق حجمها 100 مليون نسمة.

رغم المكاسب التي حققتها روسيا في منطقة الساحل الأفريقي، فإن عام 2024 حمل معه أول هزيمة تتعرَّض لها مجموعة «فاغنر» الخاصة، منذ أن بدأت القتال إلى جانب الجيش المالي، قبل سنوات عدة.

جاء ذلك حين تصاعدت وتيرة المعارك بين الجيش المالي والمتمردين الطوارق، إثر انسحاب مالي من اتفاقية الجزائر المُوقَّعة بين الطرفين عام 2015، ودخل الطرفان في هدنة بموجبها امتدت لقرابة 10 سنوات. لكن الهدنة انتهت حين قرر الماليون الزحف العسكري نحو الشمال حيث يتمركز المتمردون.

استطاع الجيش المالي، المدعوم من «فاغنر»، أن يسيطر سريعاً على كبريات مدن الشمال، حتى لم تتبقَّ في قبضة المتمردين سوى قرية صغيرة، اسمها تينزواتين، على الحدود مع الجزائر، وعلى مشارفها وقعت معركة نهاية يوليو (تموز) 2024، قُتل فيها العشرات من الجيش المالي و«فاغنر»، ووقع عدد منهم في الأسر.

كانت هزيمة مفاجئة ومذلة، خصوصاً حين نشر المتمردون مقاطع فيديو لعشرات الجثث المتفحمة، بعضها يعود لمقاتلين من «فاغنر»، كان من بينهم قائد الفرقة التي تقدّم الدعم للجيش المالي من أجل استعادة السيطرة على شمال البلاد.

طائرة ميراج فرنسية تُقلع من قاعدة في إنجامينا... (أ.ف.ب)

المفاجأة الأوكرانية

اللافت بعد هزيمة «فاغنر» والجيش المالي في «معركة تينزواتين» هو اكتشاف دور لعبته أوكرانيا في دعم المتمردين من أجل كسر كبرياء روسيا، من خلال إذلال «فاغنر»، وهو ما أكدته مصادر أمنية وعسكرية أوكرانية.

تحدَّثت مصادر عدة عن حصول المتمردين في شمال مالي على تدريب خاص في أوكرانيا، واستفادتهم من طائرات مسيّرة حصلوا عليها من كييف مكّنتهم من حسم المعركة بسرعة، بالإضافة إلى معلومات استخباراتية وفّرتها لهم المخابرات الأوكرانية وكان لها الأثر الكبير في الهزيمة التي لحقت بقوات «فاغنر» وجيش مالي.

لم يكن لأوكرانيا، في الواقع، أي نفوذ في منطقة الساحل الأفريقي، ولا يتجاوز حضورها سفارات شبه نائمة، لكنها وبشكل مفاجئ ألحقت بروسيا أول هزيمة على صحراء مالي، وأصبحت تطمح لما هو أكثر من ذلك. ولكن مالي أعلنت بعد مرور أسبوع على «معركة تينزواتين»، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع أوكرانيا، وتبعتها في ذلك النيجر وبوركينا فاسو، كما تقدَّمت مالي بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي تتهم فيها أوكرانيا بدعم «الإرهاب» في منطقة الساحل الأفريقي.

رغم مكاسب روسيا في الساحل، إلا إن عام 2024 حمل معه أول هزيمة لمجموعة «فاغنر» منذ أن بدأت القتال إلى جانب جيش مالي

قادة مالي الكولونيل أسيمي غويتا، والنيجر الجنرال عبدالرحمن تياني، وبوركينا فاسو النقيب إبراهيم تراوري خلال لقاء لـ "تحالف دول الساحل" في نيامي، عاصمة النيجر، يوم 6 يوليو الماضي (رويترز)

خطر الإرهاب

في 2024 كثّفت جيوش دول الساحل حربها ضد التنظيمات الإرهابية، ونجحت في تحقيق مكاسب مهمة، وقضت على مئات المقاتلين من تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، وقد ساعدت على ذلك الشراكة مع روسيا، حيث حصلت جيوش الساحل على أسلحة روسية متطورة، كما كان هناك عامل حاسم تَمثَّل في مسيّرات «بيرقدار» التركية التي قضت على مئات المقاتلين.

لكن الخطوة الأهم في الحرب، جاءت يوم 6 مارس (آذار) 2024، حين أعلن قادة جيوش دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو إنشاء «قوة عسكرية مشتركة»؛ لمواجهة الجماعات الإرهابية التي تنشط في المنطقة، خصوصاً في المناطق الحدودية، ما قلّص من قدرة التنظيمات الإرهابية على التنقل عبر الحدود.

في هذه الأثناء قرَّرت دول الساحل رفع مستوى هذا التعاون مطلع يوليو 2024، من خلال تشكيل «تحالف دول الساحل»؛ بهدف توحيد جهودها في مجال محاربة الإرهاب، ولكن أيضاً مواقفها السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، قبل أن تتجه نحو تشكيل عملة موحدة وجواز سفر موحد.

في غضون ذلك، لم تتوقف التنظيمات الإرهابية عن شنِّ هجماتها في الدول الثلاث، ولعل الهجوم الأهم في العام الماضي ذاك الذي نفَّذه تنظيم «القاعدة» يوم 17 سبتمبر الماضي ضد مطار عسكري ومدرسة للدرك في العاصمة المالية باماكو. شكّل الهجوم الذي خلّف أكثر من 70 قتيلاً، اختراقاً أمنياً خطيراً، أثبت من خلاله التنظيم الإرهابي قدرته على الوصول إلى واحدة من أكثر المناطق العسكرية حساسية في قلب دولة مالي.

في يوم 28 يناير 2024 أعلنت الأنظمة العسكرية الحاكمة، في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، الانسحاب من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، التي فرضت عقوبات ضد دول الساحل إثر الانقلابات العسكرية التي وقعت فيها، وفي يوليو عادت لتُشكِّل «تحالف دول الساحل».

يؤكد التحالف الجديد رغبة هذه الدول في الانسحاب من المنظمة بشكل نهائي، ولكنه في المقابل يرسم ملامح الصراع الدولي في المنطقة. فتحالف دول الساحل يمثّل المحور الموالي لروسيا، أما منظمة «إيكواس» فهي الحليف التقليدي لفرنسا والغرب.

ورغم أن منظمة «إيكواس» في آخر قمة عقدتها خلال ديسمبر الحالي، تركت الباب مفتوحاً أمام تراجع دول الساحل عن القرار، ومنحتها مهلة 6 أشهر، إلا أن القادة العسكريين لدول الساحل ردوا على المنظمة بأن قرارهم «لا رجعة فيه».