مصر تدعو إلى «محاسبة» إردوغان على دعم «الإرهاب» و«استهداف الأكراد»

TT

مصر تدعو إلى «محاسبة» إردوغان على دعم «الإرهاب» و«استهداف الأكراد»

عبر بيان مباشر وحاد، وجّهت القاهرة اتهامات عدة للرئيس التركي رجب طيب إردوغان، داعية المجتمع الدولي إلى «محاسبته» على ما وصفته الخارجية المصرية بـ«جميع جرائمه؛ خصوصاً دعم الإرهاب، وإمداده بالسلاح، وإيواء المتطرفين، بالمخالفة لقرارات مجلس الأمن، وجرائمه ضد شعبه، وتعمد استهداف الأكراد، ما يدخل في مصافّ الجرائم ضد الإنسانية، التي لا تسقط بمرور الوقت».
وأصدر المتحدث الرسمي للخارجية المصرية، أحمد حافظ، مساء أول من أمس، بيانا مطولاً، رداً على تصريحات إردوغان «خلال إحدى الفعّاليات أخيراً في نيويورك، وما جاء ببيانه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة من ادعاءات مرتبطة بوفاة محمد مرسي (الرئيس المصري الأسبق)».
وأعاد إردوغان، في كلمته أمام اجتماعات الأمم المتحدة، مساء أول من أمس، إثارة الشكوك حول وفاة مرسي، الذي رحل في يونيو (حزيران) الماضي، أثناء مثوله للمحاكمة، وردّت السلطات المصرية مراراً، وعبر جهات مختلفة بعدم وجود شبهات بشأن الواقعة. وأعرب متحدث الخارجية المصرية، عن «بالغ الاستغراب والاستهجان تجاه تصميم إردوغان على مواصلة ادعاءاته وإصداره تصريحات واهية وباطلة، ظاهرها الادعاء بالدفاع عن قِيَم العدالة، وباطنها مشاعر الحقد والضغينة تجاه مصر وشعبها؛ الذي لا يكن سوى كل التقدير للشعب التركي»، وقال حافظ إن إردوغان لديه «إصرار على مواصلة محاولاته لنشر الخراب والدمار في المنطقة».
وخفّضت القاهرة وأنقرة علاقاتهما الدبلوماسية منذ عام 2013 بسبب موقف الرئيس التركي المناهض لـ«ثورة 30 يونيو» التي أطاحت حكم الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، بعد احتجاجات شعبية واسعة ضد استمراره في الحكم، وإطلاقه عدداً من التصريحات التي اعتبرتها مصر «عدائية»، وقررت على إثرها استدعاء سفيرها إلى القاهرة وطرد سفير أنقرة.
بدوره، توقع الدكتور محمد عبد القادر خليل، رئيس تحرير دورية «شؤون تركية» للدراسات، أن «يُطرح ملف اتهامات الرئيس التركي على الساحة الدولية بشكل أوسع خلال الفترة المقبلة»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «اتساع هوة الشقاق في صفوف حزب (العدالة والتنمية) الذي يقوده إردوغان، وتخلي حلفائه عنه، سيدفع بمزيد من الوثائق والمعلومات المرتبطة باتهامه بدعم تنظيمات تمارس أنشطة ذات طابع إرهابي إلى الواجهة».
واستشهد خليل، بموقف رئيس الوزراء التركي الأسبق، أحمد داود أوغلو، الذي هدد بفضح «دفاتر الإرهاب»، وذلك قبيل استقالته (أوغلو) من صفوف الحزب الحاكم.
وربطت مصر في بيان خارجيتها، بين ما قالت إنه «تدهور لوضع نظام (إردوغان)، والخسائر المُتتالية التي يُعانيها حزبياً وداخلياً ودولياً»، وتصريحاته بشأن القاهرة التي اعتبرتها «محاولة يائسة منه لصرف النظر» عن شؤونه الداخلية.
وعدّد متحدث الخارجية المصرية، عبر 6 نقاط ما رأى أنها «جرائم» يرتكبها النظام التركي، وتنوعت بين «وجود ما يزيد عن 75 ألف مُعتقل، ووقوع عشرات حالات الوفاة بين المسجونين، وفصل أكثر من 130 ألف موظف تعسفياً، وحبس وسجن مئات الصحافيين»، على حدّ المعلومات التي ساقها البيان المصري.
ولفت الخبير في الشأن التركي إلى أن «البيان المصري يمكن اعتباره مشحوناً بأمرين، أولهما داخلي، يتعلق بزيادة التحريض من قبل أنقرة أخيراً وعبر وسائل إعلام تبثّ من تركيا ضد مصر؛ خصوصاً فيما يتعلق بالمظاهرات النادرة والمحدودة التي شهدتها القاهرة ومدن أخرى أخيراً».
وقال خليل إن «الأمر الثاني الخارجي الذي سيطر على البيان، يرتبط بتصاعد الخلاف بشأن مساعي تركيا للتنقيب غير المشروع عن مكامن الطاقة في مياه البحر المتوسط ومحاولة فرض الأمر الواقع، ما يؤثر سلباً على المصالح المصرية، فضلاً عن استمرار دعم أنقرة لميليشيات ليبية متطرفة تمثل خطورة على الأمن القومي المصري في حدود البلاد الغربية». وأعربت مصر ودول أخرى، أكثر من مرة عن رفض إعلان أنقرة التنقيب عن الغاز قبالة سواحل دولة «قبرص الشمالية» التي لا تعترف بها سوى أنقرة.
وندّدت مصر في بيانها بـ«احتضانه (إردوغان) لجماعة (الإخوان)، وتوفير الدعم السياسي والمنصات الإعلامية لعناصرها (الإرهابيين) بهدف استمرار الترويج لأفكارهم التخريبية في مصر والمنطقة بأسرها».
ولم يخلُ التنديد المصري بإردوغان من إشارة لسياساته الخارجية، التي قالت القاهرة إنها تتضمن «رعاية للإرهاب في سوريا، ودعماً للميليشيات المُسلحة المتطرفة في ليبيا»، فضلاً عن «جرائمه ضد شعبه، وبحق الأكراد».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.