«صندوق النقد»: استمرار المخاطر الداخلية والخارجية على اقتصاد تركيا

أنباء عن قرب التوصل إلى اتفاقية تجارة حرة مع أميركا

«صندوق النقد»: استمرار المخاطر الداخلية والخارجية على اقتصاد تركيا
TT

«صندوق النقد»: استمرار المخاطر الداخلية والخارجية على اقتصاد تركيا

«صندوق النقد»: استمرار المخاطر الداخلية والخارجية على اقتصاد تركيا

أكد صندوق النقد الدولي أن تركيا لا تزال عرضة لمخاطر خارجية ومحلية وأنه سيكون من الصعب تحقيق نمو قوي ومستدام إذا لم تنفذ الحكومة مزيداً من الإصلاحات.
وقال الصندوق، في بيان صدر بعد زيارة فريق من خبرائه إلى تركيا دون إخطار الحكومة إن «الهدوء الحالي في أسواق المال التركية يبدو هشاً. لا تزال الاحتياطات منخفضة، في حين لا يزال الدين الأجنبي للقطاع الخاص واحتياجات التمويل الخارجي مرتفعين».
ولفت البيان إلى أن التحدي الرئيسي فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية يتمثل في تحويل التركيز من النمو قصير الأجل إلى نمو أقوى وأكثر مرونة في الأجل المتوسط.
وكان متوسط النمو السنوي للاقتصاد التركي تجاوز 5 في المائة على مدار الأعوام الخمسة عشر الماضية، لكن التضخم وأسعار الفائدة قفزا بعدما فقدت الليرة 30 في المائة من قيمتها العام الماضي، كما هبط الطلب المحلي بشدة، مما دفع الاقتصاد نحو الركود للمرة الأولى منذ 10 سنوات بعد انكماش بنسبة 3 في المائة في العام الماضي.
وانكمش الاقتصاد التركي بنسبة 1.5 في المائة في الربع الثاني من العام الحالي، وهو ثالث انكماش فصلي على التوالي على أساس سنوي، غير أن المؤشرات الاقتصادية القيادية أظهرت إشارات إلى التعافي، مع انخفاض وتيرة تقلبات الليرة وتباطؤ التضخم.
وأظهرت بيانات وزارة الخزانة والمالية التركية، أن ميزانيتها حققت فائضاً بقيمة 576 مليون ليرة تركية (قرابة 100 مليون دولار) خلال أغسطس (آب) الماضي. وأشارت إلى أن الإيرادات في أغسطس الماضي، سجلت 94.3 مليار ليرة، فيما سجلت النفقات 93.7 مليار ليرة.
ورغم ذلك، بلغ إجمالي ديون حكومة تركيا 1.25 تريليون ليرة تركية (نحو 215 مليار دولار) اعتباراً من أغسطس الماضي.
وبحسب أرقام صدرت عن وزارة الخزانة والمالية التركية، يتكون إجمالي الدين من الديون المستحقة على مؤسسات القطاع العام والبنك المركزي والشركات الخاصة والأسر، ونحو 49.8 في المائة من رصيد الدين مقوم بالعملات الأجنبية (الدولار واليورو) بينما الباقي بالعملة المحلية (الليرة التركية).
كما بلغت قيمة سندات الخزانة المدينة 18.5 مليار ليرة تركية (3.18 مليار دولار) في 31 أغسطس (آب). وبلغ متوسط وقت استحقاق ديون الحكومة المركزية 5.9 سنة اعتبارا من الشهر ذاته.
وأشار البيان إلى أن الحكومة دفعت 859 مليون دولار من الدين المحلي بقيمة 1.5 مليار دولار في أغسطس، في حين أن هذه الأرقام كانت 7.1 مليار دولار و19.3 مليار دولار، على التوالي، خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام.
وفي نهاية عام 2018، بلغ إجمالي ديون الحكومة التركية 1.07 تريليون ليرة تركية (202.5 مليار دولار).
وجاء تقرير صندوق النقد الدولي عكس تصريحات للرئيس التركي رجب طيب إردوغان حول اقتصاد بلاده، حيث قال، الجمعة الماضي، إن الاقتصاد التركي ما زال صامداً بقوة رغم كل الهجمات التي تعرضنا لها.
وقال صندوق النقد الدولي إن المزيد من الخطوات لضبط الميزانيات العمومية للبنوك والشركات من شأنها أن تدعم الاستقرار المالي وأن تعزز نموا أكثر مرونة في الأجل المتوسط. ولفت صندوق النقد، في بيان آخر، إلى أن وفده التقى ممثلين للقطاع الخاص وأحزابا سياسية ومراكز بحثية حتى يتمكن من الحصول على رأي أوسع بشأن عن التطورات الاقتصادية في تركيا.
وانتقدت وزارة الخزانة والمالية التركية اجتماعات وفد الصندوق، التي قالت إنها عقدت من دون إخطار، وأضافت أن من غير المناسب أن يعقد الصندوق اجتماعات أخرى في تركيا دون علمها.
في الوقت ذاته، قالت مصادر تركية إن الولايات المتحدة قدمت رسمياً ما سمته «صفقة كبرى» لتركيا يتم بموجبها توقيع اتفاقية للتجارة الحرة ورفع مستوى التبادل التجاري بين البلدين إلى 100 مليار دولار، مقابل شروط «غير معلنة» لكن يعتقد أن أغلبها يتمحور حول وقف التقارب التركي مع روسيا، لا سيما فيما يتعلق بشراء الأسلحة ومنظومة الدفاع الجوي «إس 400».
وذكر صحيفة «حرييت» التركية ووسائل إعلام أخرى، أمس الثلاثاء، أن الولايات المتحدة قدمت عرضاً بناءً في محاولة لتحسين العلاقات مع تركيا التي تراجعت بشكل كبير عقب شراء أنقرة منظومة إس 400 الروسية والخلافات المتصاعدة حول الملف السوري، لا سيما المنطقة الآمنة شرق نهر الفرات.
ونقلت وسائل الإعلام التركية عن المصادر أن العرض تم تقديمه من قبل السفير الأميركي الجديد في أنقرة، ديفيد ساترفيلد، الذي زار مقر الرئاسة يوم الجمعة الماضي وطرح الموضوع على المسؤولين الأتراك، دون الكشف عما إذا كان التقى الرئيس رجب طيب إردوغان أو معاونيه فقط.
وبحسب المصادر، فإن من أبرز ما يتضمنه العرض الأميركي توقيع اتفاقية للتجارة الحرة بين البلدين جرى إعداد مسودة لبنودها من قبل الجانب الأميركي، وذلك بهدف رفع مستوى التبادل التجاري بين البلدين إلى 100 مليار دولار، وتقليص الضرائب الأميركية على واردات الصلب والألومنيوم التركي الذي يمثل أحد أبرز الصادرات التركية لأميركا، إلى جانب بيع أنقرة منظومة باتريوت الدفاعية.
ولم يكشف عما إن كانت واشنطن قد اشترطت بالفعل على أنقرة الحد من تقاربها المتسارع مع روسيا والتخلص من منظومة «إس 400»، التي وصلت بشكل شبه كامل إلى تركيا وسيجري تفعيلها وإدخالها الخدمة في أبريل (نيسان) من العام المقبل.
وجاء التحضير للعرض الأميركي خلال زيارة وفد اقتصادي كبير برئاسة وزير التجارة الأميركي ويلبر روس لأنقرة، التي استمرت لمدة أسبوع كامل، والتقى خلالها الرئيس رجب طيب إردوغان وعدد من الوزراء الأتراك وممثلي القطاعات الاقتصادية المختلفة في البلاد.
وعقب لقاء إردوغان مع الوزير الأميركي، أكد أنه أدرج ضمن أجندة لقائه مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، بدء محادثات التجارة الحرة، معرباً عن أمله في رؤية المزيد من الشركات الأميركية المستثمرة في تركيا. وقال إن «حجم التبادل التجاري بين البلدين يبلغ 20 مليار دولار، وهذا الرقم أقل بكثير من إمكانيات البلدين»، مشدداً على ضرورة رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 100 مليار دولار.
وجرى اتصال هاتفي بين إردوغان الموجود في نيويورك وترمب، أول من أمس، تطرقا خلاله إلى العلاقات بين البلدين، ورغم أن برنامجي الرئيسين الرسميين خليا من أي تأكيد للقاء بينهما، إلا أن المصادر التركية ما زالت ترجح بقوة احتمال حصول اللقاء على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وسجل سعر صرف الليرة التركية ارتفاعا طفيفا، أمس، مقابل الدولار بفعل الأنباء عن قرب التوصل لاتفاق حول اتفاقية التجارة الحرة مع أميركا، وارتفع سعر صرف الليرة مقابل الدولار من 5.71 إلى 5.68.



مسح «بنك إنجلترا»: الشركات البريطانية تتوقع زيادة الأسعار وتقليص العمالة

نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)
نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)
TT

مسح «بنك إنجلترا»: الشركات البريطانية تتوقع زيادة الأسعار وتقليص العمالة

نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)
نظرة عامة على الحي المالي في لندن (رويترز)

أظهر مسحٌ أجراه «بنك إنجلترا»، يوم الخميس، على أكثر من ألفَي شركة، أن الشركات البريطانية تتوقَّع رفعَ الأسعار وتقليص أعداد الموظفين رداً على زيادة مساهمات أصحاب العمل في الضمان الاجتماعي التي ستدخل حيز التنفيذ في أبريل (نيسان) المقبل.

وأشارت النتائج إلى أن 61 في المائة من الشركات تتوقَّع انخفاضاً في الأرباح، و54 في المائة تخطِّط لزيادة الأسعار، و53 في المائة تتوقَّع تقليص العمالة، في حين تعتزم 39 في المائة منها تقليص زيادات الأجور؛ نتيجة لزيادة التأمين الوطني، التي تم إعلانها في موازنة 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وقد أظهرت استطلاعات أخرى انخفاضاً في معنويات الأعمال وتراجعاً في نوايا التوظيف والاستثمار، منذ إعلان وزيرة المالية، راشيل ريفز، زيادة قدرها 25 مليار جنيه إسترليني (31 مليار دولار) في ضرائب الرواتب. وقد أسهم تباطؤ الاقتصاد في إثارة القلق في الأسواق المالية بشأن مستويات الدين العام في المملكة المتحدة، مما دفع تكاليف الاقتراض إلى الارتفاع بشكل حاد هذا الأسبوع. كما أظهرت أرقام منفصلة، يوم الخميس، من «جمعية وكالات التوظيف» انخفاضاً في الطلب على الموظفين الجدد، وهو الانخفاض الأكبر منذ أغسطس (آب) 2020.

ومن جانبه، يراقب «بنك إنجلترا» - الذي يدرس احتمالية خفض أسعار الفائدة مجدداً - تأثير تكاليف التوظيف المرتفعة على التضخم من خلال زيادة الأسعار أو تقليص الوظائف، وانخفاض الاستثمار، ونمو الأجور، مما قد يبطئ من النشاط الاقتصادي.

وعلق روب وود، كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة في «بانثيون ماكرو إيكونوميكس»، قائلاً إن مسح بنك إنجلترا يشير إلى أن الزيادات الضريبية تؤدي إلى دفع الأسعار للأعلى بشكل أكبر، بينما التأثير في التباطؤ أقل مما أظهرته استطلاعات مؤشر مديري المشتريات.

وأضاف: «لا تزال الأسئلة الأساسية للمسح تشير إلى تضخم مستمر وزيادة في الأجور، مع ضعف أقل حدة في سوق العمل مقارنة بالمسوحات النوعية، وهو ما يستدعي أن تتبنى لجنة السياسة النقدية خفض أسعار الفائدة بشكل تدريجي فقط».

وارتفع تضخم أسعار المستهلكين البريطاني إلى أعلى مستوى له في 8 أشهر ليصل إلى 2.6 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، مع توقعات من «بنك إنجلترا» بأن التضخم سيواصل الارتفاع في 2025، ولن يعود إلى هدفه البالغ 2 في المائة حتى عام 2027، مما يحد من احتمالية خفض أسعار الفائدة عن مستواها الحالي، البالغ 4.75 في المائة.

وأظهر مسح «بنك إنجلترا»، الذي أُجري بين 6 و20 ديسمبر (كانون الأول)، أن الشركات تخطط لرفع الأسعار بنسبة 3.8 في المائة على مدار الأشهر الـ12 المقبلة، بزيادة قدرها 0.1 نقطة مئوية عن التوقعات في الأشهر الثلاثة حتى نوفمبر. وظل نمو الأجور المتوقع للعام المقبل ثابتاً عند 4 في المائة على أساس المتوسط المتحرك لثلاثة أشهر في ديسمبر.

على صعيد آخر، هبطت أسهم شركة «ماركس آند سبنسر» البريطانية وبعض شركات التجزئة الأخرى يوم الخميس، حيث فقد القطاع مليارَي جنيه إسترليني (2.45 مليار دولار) من قيمته، مع تأثر التجارة الجيدة خلال موسم عيد الميلاد بتراجع ثقة المستهلك والضعف الاقتصادي.

ويستعد تجار التجزئة، الذين يواجهون أصلاً ضعفاً في معنويات المستهلكين، لتكاليف أعلى اعتباراً من أبريل المقبل، حيث من المتوقع أن ترتفع ضرائب أرباب العمل والحد الأدنى للأجور. كما ألقت قفزة في تكاليف اقتراض الحكومة البريطانية في الأيام الأخيرة بظلال من القلق على التوقعات الاقتصادية، مما ضاعف الضغوط على المالية العامة، ودفع المحللين إلى التحذير من احتمال الحاجة إلى زيادات ضريبية إضافية. ومع التوقعات بارتفاع التضخم، يتوقَّع تجار التجزئة عاماً صعباً.

وقال ستيوارت ماشين، الرئيس التنفيذي لشركة «ماركس آند سبنسر»، للصحافيين بعد إعلان تحقيق الشركة أعلى مبيعات للأغذية خلال موسم عيد الميلاد: «هناك ثقة حذرة من جانب العملاء». وعلى الرغم من النمو الأعلى من المتوقع بنسبة 8.9 في المائة في مبيعات المواد الغذائية و1.9 في المائة في مبيعات الملابس والمستلزمات المنزلية، فإن أسهم الشركة تراجعت بنسبة 6.5 في المائة. في المقابل، سجَّلت «تيسكو»، أكبر مجموعة سوبر ماركت في البلاد، زيادة في مبيعاتها بنسبة 4.1 في المائة، لكن أسهمها انخفضت بنسبة 1.3 في المائة.

وقال مات بريتزمان، محلل الأسهم في «هارغريفز لانسداون»: «لن يكون العام المقبل سلساً تماماً لشركات التجزئة الكبرى، حيث يستعد القطاع لمواجهة الزيادات الضريبية الوشيكة».

وبينما ساعدت مبيعات المواد الغذائية المزدهرة على دعم أداء «ماركس آند سبنسر» و«تيسكو»، إلا أن فئات أخرى شهدت تراجعاً. فقد تباطأ نمو شركة «غريغز» المتخصصة في الأطعمة السريعة في الأشهر الأخيرة من عام 2024، بينما سجَّلت شركة «بي آند إم» للتخفيضات انخفاضاً في المبيعات بنسبة 2.8 في المائة؛ مما أدى إلى انخفاض أسهمها بنسبتَي 10 في المائة و12 في المائة على التوالي.

وفي الوقت الذي شهدت فيه شركات التجزئة تراجعاً، ارتفع مؤشر الأسهم القيادية البريطانية الذي يركز على الأسواق العالمية بنسبة 0.5 في المائة.

وتستمر التحديات، إذ تقول الرئيسة التنفيذية لشركة «غريغز»، رويسين كوري، إن المستهلكين أصبحوا أكثر حذراً بشأن الإنفاق. وأضافت أن «النصف الثاني من عام 2024 كان مليئاً بالتحديات، وأعتقد أننا يجب أن نفترض أن هذا الأمر سيستمر حتى عام 2025».

وعلى الرغم من أن شركة «غريغز» قد حققت أداءً جيداً في السنوات الأخيرة، فإن نمو مبيعاتها الأساسي انخفض إلى 2.5 في المائة في الرُّبع الأخير من عام 2024، مقارنة بـ5 في المائة في الفترة السابقة.

من جانبها، حذَّرت أكبر شركة لتجارة الملابس في المملكة المتحدة من حيث القيمة السوقية، يوم الثلاثاء، من أن نمو المبيعات سيتباطأ في عام 205 - 2026؛ نتيجة لتأثير زيادة الضرائب الحكومية على مستويات التوظيف ورفع الأسعار.

وفيما يخص «تيسكو»، أظهر كين مورفي، رئيس الشركة، تفاؤلاً ملحوظاً. وأوضح أنه على الرغم من أن المستهلكين الذين «احتفلوا فعلاً بعيد الميلاد» سيكونون أكثر حرصاً على القيمة في يناير (كانون الثاني)، فإن هذه الظاهرة تُعدّ سمة تقليدية دائماً في بداية العام.