تحذيرات سعودية من عمليات احتيال لشركات بريطانية

تلقى قطاع الأعمال السعودي تحذيرات رسمية من وزارة الخارجية السعودية من التعامل مع شركات بريطانية وهمية، وطالبت رجال الأعمال السعوديين والشركات الوطنية في البلاد بضرورة التأكد من نظامية تلك الشركات قبل القيام بأي تعاملات تجارية معها، خصوصا مع تنامي نشاطها الاحتيالي في الفترة الأخيرة.
ووفقا لتعميم تلقته الغرف التجارية الصناعية السعودية فإن «الخارجية» أبلغت وزارة التجارة ومجلس الغرف السعودية، أنها رصدت الكثير من شكاوى رجال الأعمال بسبب تعرضهم لعمليات احتيال عبر شبكة الإنترنت من قبل شركات في لندن، مستغلة بذلك سمعة بريطانيا في مجال المال والأعمال، إلى جانب أنها تقوم بالتسجيل في دائرة السجل التجاري البريطاني وتختفي بعد ذلك، كما تقوم بالضغط على الضحايا من خلال طلب الاتصال على أرقام هواتف مزيفة، وتطالب بتحويل مبالغ مالية كبيرة.
وهنا قال مسؤول من دائرة التسجيل التجاري البريطاني «Companies House» لـ«الشرق الأوسط» – فضل عدم ذكر اسمه - إن إدارتهم لا تتوفر على «السلطة التشريعية» للتأكد من صحة المعلومات المقدمة لها من طرف الشركات، محذرا رجال الأعمال والشركات من أن البيانات المنشورة على السجل العام لا تضمن صحتها.
وفيما يتعلق بعمليات النصب التجاري، والتي تشمل قطاعات الاستثمار والشركات الوهمية وتقمص الهوية التجارية وغسل الأموال، فإن شرطة العاصمة «المتروبوليتان» تحذر من تغير توجه الاحتيال الاستثماري إلى الاستثمارات ذات الدخل المرتفع، والتي تشمل أسهم شركات، وأراضي غير مستثمرة، والسلع النادرة مثل القطع الفنية المختارة، والسيارات الكلاسيكية، مقدرة متوسط خسائر ضحايا هذه العمليات بنحو 20 ألف جنيه استرليني (12.300 دولار).
يقول جيلز ميسون، من مؤسسة «محاربة الاحتيال المالي» (Financial Fraud Action)، لـ«الشرق الأوسط»: «وصلت خسائر الاحتيال على بطاقات الائتمان والخصم إلى ما يعادل 450.2 مليون جنيه إسترليني (أي ما يعادل 740 مليون دولار) في 2013، مسجلة 16 في المائة ارتفاعا مقارنة مع عام 2012». وعن سبل محاربة الاحتيال المصرفي، يقول ميسون: «ترعى مؤسستنا وحدة متخصصة لمحاربة جريمة الشيكات والبطاقات البلاستيكية»، وهي شرطة خاصة تتشكل من ضباط شرطة العاصمة وشرطة مدينة لندن بتعاون مع محققي الاختلاس المالي، وتهدف إلى مواجهة الجريمة المنظمة المسؤولة عن الاحتيال المصرفي في بريطانيا. يتابع ميسون: «تأسست هذه الوحدة الخاصة عام 2002 وتمكنت من توفير ما يقارب 450 مليون جنيه إسترليني واسترجاع 700 ألف بطاقة ائتمان مزورة وأرقام بطاقات مشبوهة. هذا وارتفعت نسبة الإدانات بنسبة 48 في المائة في 2014 بالمقارنة مع العام الماضي».
ويوضح الخبراء أن عمليات النصب والاحتيال المالي تنشط في قطاعات مختلفة، منها المصرفي والتجاري وغيرهما. تتم أغلب عمليات الاحتيال المصرفي عن طريق الاستيلاء على البيانات البنكية السرية وإصدار بطاقات ائتمان مزورة وتداول شيكات مصرفية مضروبة وغيرها.
يذكر أن حجم إنفاق البريطانيين عن طريق بطاقات الائتمان وبطاقات الخصم وصل إلى 47 مليار جنيه إسترليني في يونيو (حزيران) 2014، مسجلا ارتفاعا 7.2 في المائة مقارنة مع يونيو 2013، يعتبر النصب المصرفي في مقدمة اهتمامات السلطات.
وفي هذا الشأن يؤكد خبير من مؤسسة «جمعية البطاقات البريطانية» لـ«الشرق الأوسط» على أهمية تبادل المعلومات بين مختلف الهيئات والمؤسسات المالية، وصرح في هذا السياق: «أنشأنا في 2010 بتعاون مع مؤسسة محاربة الاحتيال المالي (مكتب الاحتيال المالي) ليكون بمثابة منصة فعالة تبادل المعلومات بين صناعات بطاقات الائتمان والقطاعات البنكية والمصرفية». يتابع ميسون «يقود المكتب مبادرات شاملة تنشر بيانات الاحتيال المصرفي والمعلومات الأساسية بين البنوك والمؤسسات المصرفية وشركات البطاقات البنكية وشركائهم الرئيسيين».
وتعد المملكة المتحدة من أكثر البلدان تطورا في مجال محاربة الاحتيال المصرفي والتجاري. لكن على الرغم من تعدد أجهزة صد عمليات الاحتيال وأنظمة حماية المستهلك فإن القطاع المصرفي لم ينج تماما من محاولات النهب من طرف جماعات إجرامية منظمة.
وبالعودة إلى التحذيرات السعودية فقد طالب مجلس الغرف السعودي رجال الأعمال بضرورة التأكد من الشركات البريطانية ومدى مصداقية وجودها من خلال التواصل مع القسم التجاري في السفارة السعودية أو السجل التجاري البريطاني، وذلك لحمايتهم من التعرض لحالات النصب والاحتيال من قبل تلك العصابات المشبوهة.
ودعا عبد الرحمن الراشد، رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالمنطقة الشرقية سابقا، رجال الأعمال إلى ضرورة تبليغ الغرف بعمليات النصب والاحتيال التي يتعرضون لها في حال وقوعها، سواء كانت من داخل السعودية أو من خارجها، محذرا من الآثار السلبية الكبيرة لتزايد عمليات الغش والنصب على الاقتصاد، وما تحدثه العصابات والشركات الوهمية من ابتزاز لرجال الأعمال وزعزعة الثقة والأمانة بين الشركات ورجال الأعمال.
وتعد هذه المرة الثانية التي يتعرض فيها قطاع الأعمال السعودي لعمليات نصب واحتيال من قبل شركات أجنبية، حيث تعرض عدد من رجال الأعمال، بحسب الملحقية التجارية السعودية في الصين، لعدد من حالات النصب والاحتيال، مرجعة ذلك إلى احتمالية مراقبة وسرقة المعلومات الخاصة والرسائل الإلكترونية المتبادلة بين الطرفين عبر شبكة الإنترنت، ويجري استخدامها من قبل بعض الأشخاص في عمليات النصب والاحتيال، أو قد يكون أحد الأشخاص داخل الشركة المصدرة هو من يقوم بهذه العملية، سواء بمعرفة الشركة أو دون معرفتها، وهذا ما تنكره الشركة تماما.
وبحسب السفارة البريطانية في السعودية، فإن مجموع المشروعات البريطانية السعودية المشتركة وصل إلى 150 مشروعا، حيث نجحت المشاريع المشتركة في إيصال حجم التبادل التجاري إلى 20 مليار ريال، متوقعة أن تشهد الفترة المقبلة مزيدا من التعاون والعمل المشترك.
ويعمل القطاع الخاص في البلدين على تنمية وتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية التي أثمرت عن تأسيس قاعدة مشتركة للتعاون تمثلت في زيارات وفود أصحاب الأعمال بالبلدين وقيام مشروعات استثمارية مشتركة وعقد المنتديات والملتقيات الاقتصادية وإبرام الاتفاقيات التجارية.
وتعد بريطانيا من أكبر الشركاء التجاريين الرئيسيين للسعودية بحسب الإحصاءات الأخيرة لحجم التبادل التجاري بين البلدين، وشهد التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين خلال السنوات الأخيرة نسقا تصاعديا وتطورا ملموسا على جميع الأصعدة.