احتدام الخلافات في «الأصالة والمعاصرة» المغربي

TT

احتدام الخلافات في «الأصالة والمعاصرة» المغربي

في قرار جديد يؤكد استمرار الخلاف بين «الإخوة الأعداء» داخل حزب «الأصالة والمعاصرة» المغربي المعارض، أعلنت اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الرابع للحزب التي يقودها سمير كودار، أحد قادة «تيار المستقبل» المناوئ للأمين العام للحزب حكيم بنشماش، تحديد موعد نهائي لعقد المؤتمر.
وقالت اللجنة التحضيرية في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه: «بعد نقاش مستفيض، هَمّ (تناول) الجوانب السياسية والتنظيمية واللوجيستية، استقر الرأي على تحديد أيام 13 و14 و15 ديسمبر (كانون الأول) 2019 كموعد رسمي ونهائي لتنظيم المؤتمر الوطني الرابع لحزب الأصالة والمعاصرة، بشكل يليق بمشروع الحزب وبمناضلات ومناضلي الحزب، وبما هو منتظر من الجميع، في أفق التحديات المقبلة».
وأضاف البيان أن اللجنة التحضيرية للمؤتمر ستصدر مذكرة تنظيمية بخصوص «مواعيد انتداب المؤتمرين، وكذلك مناقشة أوراق المؤتمر داخل الجهات، وفتح باب الترشيح للأمانة العامة للحزب، أمام المناضلات والمناضلين الذين لهم رغبة في الترشح لهذه المهمة، حتى يتمكنوا من القيام بحملاتهم وعرض مشاريعهم على أنظار عموم مناضلي الحزب».
ويأتي هذا الموقف بعد يوم واحد من إطلاق الأمين العام لـ«الأصالة والمعاصرة»، حكيم بنشماش، مبادرة تنظيم «مائدة مستديرة تشكل بداية مسار للحوار الداخلي مضبوط من حيث منهجيته ومواضيعه وجدولته الزمنية».
وقال بنشماش في الرسالة التي وجهها إلى خصومه بهدف رأب الصدع معهم: «لهذه الغاية، يشرفني أن أتقدم، بصفتي الأمين العام للحزب، الساهر على سيره العادي، والمؤتمن، اليوم، في هذا الظرف العصيب، على ضمان وحدته، بمبادرة تنظيم مائدة مستديرة تشكل بداية مسار للحوار الداخلي مضبوط من حيث منهجيته ومواضيعه وجدولته الزمنية». وأضاف موضحاً: «حوار نتمناه مثمراً وبناء، ومحققاً لغاية المصالحة ورأب الصدع، وتضميد الجروح التي أصابت حزبنا، والبحث في سبل تقوية مناعة المؤسسة الحزبية وضمان عدم تكرار ما لحق بها وبقوانينها وقيمها من أضرار وما عشناه، طيلة شهور، من تشتيت للجهود وهدر للطاقات».
وأقر بنشماش بأن حزبه يمر بمرحلة وصفها بـ«الدقيقة»، وقال: «يوجد (الحزب) فيها على مفترق طريقين لا ثالث لهما؛ إذ تحدق به مخاطر الانهيار وما يترتب على ذلك من تقويض وتفكيك المشروع السياسي لحزبنا، كما تتراءى له في الأفق بشائر انبعاث جديد وما يفتحه من إمكانات محتملة ومطلوبة لإعادة تأهيل مشروعنا السياسي، ووحده قرار مناضلات ومناضلي حزبنا سيحدد أي الطريقين نسلك؛ طريق الانهيار، أو طريق الانبعاث».
وأشار بنشماش إلى أن استعادة حزب «الأصالة والمعاصرة» وزنه وأدواره تتطلب «بذل مجهود مضاعف وشاق لعلاج ما لحق حزبنا من أعطاب وانحرافات»، في انتقاد واضح منه للأعضاء الذين تمردوا عليه.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم