تشديد يمني على تثبيت قيمة العملة ومواجهة سياسات الانقلابيين

يمنيون يتسوقون في المدينة القديمة بالعاصمة صنعاء (إ.ب.أ)
يمنيون يتسوقون في المدينة القديمة بالعاصمة صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تشديد يمني على تثبيت قيمة العملة ومواجهة سياسات الانقلابيين

يمنيون يتسوقون في المدينة القديمة بالعاصمة صنعاء (إ.ب.أ)
يمنيون يتسوقون في المدينة القديمة بالعاصمة صنعاء (إ.ب.أ)

في الوقت الذي استمرت فيه الميليشيات الحوثية في تجريف الاقتصاد الوطني ومضاعفة معاناة اليمنيين عبر إجراءاتها الانقلابية، شدّدت الحكومة اليمنية الشرعية على أهمية تحقيق استقرار العملة الوطنية (الريال) ووقف التدهور، وذلك ضمن تصريحات حكومية خلال لقاء في الرياض جمع رئيس مجلس الوزراء معين عبد الملك مع محافظ البنك المركزي المعيّن أخيراً في المنصب أحمد عبيد الفضلي.
وذكرت المصادر الحكومية الرسمية أن عبد الملك أكد «ضرورة استمرار البنك المركزي اليمني ومضاعفة جهوده للحفاظ على الاستقرار النقدي وثبات أسعار صرف العملة الوطنية، بما يخفف الأعباء المعيشية عن جميع المواطنين اليمنيين دون استثناء». وحذر عبد الملك من المخاطر المحدقة جراء سياسات ميليشيات الحوثي الانقلابية الراهنة والخطيرة على الأمن الاقتصادي واستقراره، ومن ذلك المضاربة بالعملة الوطنية وتزويرها وعمليات غسل الأموال. كما شدد على «ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من تلك المخاطر، بما يضمن عدم التأثير أو المساس بلقمة عيش جميع اليمنيين» الذين قال إن «الميليشيات الانقلابية لا تأبه لمعاناتهم الكارثية التي تسببت فيها».
ونقلت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية «سبأ» عن رئيس الحكومة تأكيده الدعم الحكومي لكل الخطوات والإجراءات التي يتخذها البنك المركزي اليمني لتأمين الاستقرار المالي والنقدي، بما ينعكس على ضمان الأمن الاقتصادي الوطني وتحقيق قدر معقول من الاستقرار.
وفي حين دعا رئيس الحكومة إلى الاستمرار في عمل البنك والقيام بدوره ومسؤولياته بحيادية تامة، واستقلالية كاملة تضمنها جميع التشريعات والقوانين النافذة، ثمّن الدعم السعودي للحكومة والبنك المركزي اليمني للحفاظ على قيمة العملة الوطنية التي قال إن تدهورها «يؤثر على حياة ومعيشة جميع المواطنين من أقصى اليمن إلى أقصاه دون استثناء».
في السياق نفسه، أوضح الفضلي أن استراتيجيته في المرحلة المقبلة سوف تعتمد على محاور رئيسية عدة، وذلك بعد تقييم ما هو معمول به حالياً، والأسس التي يعمل عليها البنك المركزي، وعلى ضوء هذا سيتم اتخاذ السياسات النقدية والمالية بالتنسيق مع وزارة المالية. وأكد الفضلي أن البنك سيعمل، ضمن الخطوات الأولى لتولي المهام في الإدارة، على عدم تدهور سعر العملة بدرجة أساسية، من خلال إجراءات عدة، سيعكف البنك على تطبيقها لضمان ثبات سعر الصرف.
وتأتي المساعي الحكومية لوقف تدهور العملة اليمنية في ظل استمرار الجماعة الحوثية في التضييق على المصارف المحلية وشركات الصرافة وتحويل الأموال، ونهب الموارد الحكومية في مناطق سيطرتها، لمصلحة المجهود الحربي. وكانت الجماعة الموالية لإيران أقدمت أخيراً على إصدار قرار قضى بوقف أنشطة 6 شركات للصرافة وتحويل الأموال في مناطق سيطرتها، وهي من كبرى الشبكات المالية المحلية في عموم اليمن.
وفي معرض تعليق الحكومة على القرار الحوثي، قال وزير الإعلام في الحكومة اليمنية معمر الإرياني إن «ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران أصدرت تعميماً بإيقاف شبكات التحويلات المالية ضمن سياسات الضغط والابتزاز التي تمارسها على رؤوس الأموال والبيوت التجارية وشركات الصرافة، لجني مليارات الريالات لتمويل حربها على اليمنيين وإقلاق أمن دول الجوار والمنطقة وتهديد الملاحة الدولية». ووصف الإرياني في تغريدات على «تويتر» هذه الممارسات الحوثية التعسفية وغير القانونية بأنها «جزء من الحصار الاقتصادي الذي تفرضه الميليشيات الحوثية الإيرانية على الشعب». وقال الإرياني إن مساعي الجماعة الحوثية لتقييد حوالات المغتربين والتحكم في حركة الأموال بين المحافظات اليمنية، «تأتي ضمن سياسة تجويع وإفقار متعمدة لإخضاع وتركيع المواطنين القاطنين في مناطق سيطرتها».
وكانت الجماعة الحوثية تسببت خلال الأيام الماضية في أزمة وقود حادة في مناطق سيطرتها، حيث ارتفعت أسعار مادتي البنزين والديزل إلى 3 أضعاف ما كانت عليه قبل الأزمة في السوق السوداء. وتضغط الجماعة على التجار الخاضعين لها لعدم تنفيذ التدابير الحكومية الشرعية فيما يخص دفع الرسوم الضريبية والجمركية على شحنات الوقود الواردة إلى ميناء الحديدة، من أجل أن تتولى الجماعة جبايتها بنفسها.
واتهمت الحكومة اليمنية في وقت سابق الجماعة الحوثية بالتسبب في أزمة الوقود بمناطق سيطرة الجماعة والمتاجرة بها إنسانياً في أروقة المنظمات الدولية، بعد أن رفضت الجماعة الخضوع للتدابير الحكومية لتحصيل رسوم الجمارك والضرائب على المشتقات النفطية الواردة إلى ميناء الحديدة. وقالت اللجنة الاقتصادية في بيان رسمي إن «توقف السفن المحملة بالوقود قبالة ميناء الحديدة ناتج عن إجبار ميليشيات الحوثي الانقلابية تجار الوقود على مخالفة قرارات الحكومة وضوابط تنظيم تجارة المشتقات النفطية وجهود صرف مرتبات المدنيين في المناطق الواقعة تحت سيطرة الميليشيات». وذكرت اللجنة في بيانها أن «جزءاً من أولئك التجار قد التزموا بنفس القرارات والضوابط في الموانئ المحررة وحصلوا من اللجنة على تسهيلات واستثناءات ولم تتعرض شحناتهم في تلك الموانئ لأي تأخير». وأوضحت أن هدف ميليشيات الحوثي من وراء خلقها الأزمات هو المتاجرة بالتدهور الإنساني الذي يتسببون فيه في أروقة المنظمات الدولية.
وأكدت اللجنة لجميع تجار المشتقات النفطية أنه في حال تم الالتزام بضوابط القرار «49» فإن اللجنة تتعهد بالتعجيل في إصدار وثائق الموافقة ومناقشة التسهيلات والاستثناءات المعقولة للتخفيف من معاناة المواطنين. وينص القرار الحكومي «49» على دفع رسوم الضرائب والجمارك لمصلحة الحكومة الشرعية على جميع المشتقات النفطية المستوردة إلى الموانئ اليمنية بما فيها ميناء الحديدة الخاضع للميليشيات.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.