«خراسان» ينشق ويبايع «داعش»

خبراء: نقطة جذب للمقاتلين الأجانب

«خراسان» ينشق ويبايع «داعش»
TT

«خراسان» ينشق ويبايع «داعش»

«خراسان» ينشق ويبايع «داعش»

انشق تنظيم «خراسان» وهو جماعة متشددة تنتمي لتنظيم القاعدة وبايع أمس على لسان أبو دجانة الأفغاني المتحدث الرسمي باسمه، أبو بكر البغدادي زعيم «داعش». ويسلط انشقاق هذه الجماعة الضوء على تزايد المنافسة بين قيادة «القاعدة»، و«داعش»، على زعامة حركة التشدد.وقال أبو دجانة الأفغاني، في شريط صوتي بثه موقع «أبطال الإسلام» تحت عنوان بعنوان «مد الأيادي لبيعة البغدادي» أمس وتناقلته مواقع التواصل الاجتماعي إن «الشيخ أبا يزيد قاهر الخراساني ومن معه من الإخوة قد بايعوا أبا بكر البغدادي». ووجه نداء للذين صبروا وصابروا ورابطوا لنداء الإسلام بالبيعة للبغدادي، وقال إن «(داعش) يحارب اليوم ما سماه تحالف الغرب، والحكومات المرتدة والرافضة»، وقال إن «القتال فرض عين على كل مسلم والدين قام على جماجم الصحابة». مخاطبا زعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي، في بيان: «إن دولتكم تحارب الحكومات الكافرة، فيا خيل الله اركبي، ويأيها الإخوة هبوا لنجدة إخوانكم في (داعش)». ودعا أبو دجانة الأفغاني البغدادي زعيم «داعش» إلى التقدم وتجاوز الحدود وتحطيم عروش الطغاة في كل مكان.
ويعد «خراسان» أحدث فصيل بعد «جند الخلافة» يبايع البغدادي، بعد أن حقق «داعش» مكاسب على الأرض في العراق وسوريا، فيما قال خبراء لـ«الشرق الأوسط» إن «الاندماج الجديد سيجتذب المقاتلين الشباب بشكل أكبر». ويقول خبراء في الشأن الأصولي إن «هذا الإعلان لن يكون له أثر كبير، ما لم يخرج الظواهري زعيم التنظيم ويعلن انضمامه لـ(داعش)، وهو أمر استبعده كثير من الأصوليين في العاصمة لندن». وقال إسلاميون في لندن لـ«الشرق الأوسط» إن «أبو دجانة الأفغاني مغربي الأصل». وكشف مصدر مطلع على شؤون «القاعدة» لـ«الشرق الأوسط» إن «عدد المغاربة في تنظيم أسامة بن لادن يقل عن 20 قياديا، أبرزهم الدكتور أبو حذيفة، وهو طبيب نفساني محكوم عليه بالسجن في المغرب». إلا أنه أشار إلى أن أبو دجانة الأفغاني ربما قد يكون من الجيل الجديد لخلايا «القاعدة» التي تلقت تدريبات عسكرية في معسكرات بن لادن قبل هجمات 11 سبتمبر (أيلول). لكن في الوقت نفسه، يمكن أن يكون هذا الفصيل (خراسان) نقطة جذب للمجندين الإسلاميين الجدد، الذين يسعون للقتال في سوريا والعراق، حيث تسيطر قوات البغدادي على أراض واسعة. وتأتي مبايعة «خراسان» لتنظيم «داعش» عقب مبايعة كتيبة عقبة بن نافع في تونس، وبعد أيام من دعوة فرعي «القاعدة» في المغرب الإسلامي واليمن، المسلحين الإسلاميين المتطرفين في سوريا والعراق إلى الاتحاد ضد التحالف الدولي الذي بادرت واشنطن إلى تشكيله بهدف القضاء على تنظيم «داعش». وكان البغدادي انشق عن تنظيم «القاعدة»، عام 2013، بسبب توسعه في سوريا، إذ قام أتباعه بأعمال ذبح وصلب وعمليات إعدام جماعية.
ويقارن بعض المتشددين بين نجاح تنظيم «داعش»، في إقامة معقل جهادي يمتد بين غرب العراق وشرق سوريا، وفشل تنظيم «القاعدة» في شن هجوم كبير على الغرب، منذ أكثر من 10 سنوات. ويعد تنظيم القاعدة من الفصائل الإسلامية المتشددة في شمال أفريقيا، وكان مصدرا لتجنيد آلاف الشبان، الذين سافروا من ليبيا وتونس والمغرب إلى سوريا والعراق.



«دواء مر»... مخاوف عميقة وشراكة قلقة تجمع مصريين بـ«النقد الدولي»

السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

«دواء مر»... مخاوف عميقة وشراكة قلقة تجمع مصريين بـ«النقد الدولي»

السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي الأحد في القاهرة (الرئاسة المصرية)

رغم قناعتهم بأنه الملجأ وقت الأزمات، وأنه الطريق الذي «لا بديل عنه» عندما تعصف التحديات الاقتصادية بالدولة، تجمع شراكة «قلقة» مصريين بـ«صندوق النقد الدولي»، وسط مخاوف عميقة من تبعات الالتزام بشروطه وتأثيرها في قدرتهم على تلبية احتياجاتهم اليومية، حتى باتت صورة الصندوق لدى كثيرين أشبه بـ«الدواء المر»، يحتاجون إليه للشفاء لكنهم يعانون تجرعه.

على قارعة الطريق جلست سيدة محمود، امرأة خمسينية، تبيع بعض الخضراوات في أحد شوارع حي العجوزة، لا تعلم كثيراً عن صندوق النقد وشروطه لكنها تدرك أن القروض عادةً ما ترتبط بارتفاع في الأسعار، وقالت لـ«الشرق الأوسط» ببساطة: «ديون يعني مزيداً من الغلاء، المواصلات ستزيد والخضار الذي أبيعه سيرتفع سعره».

وتنخرط مصر حالياً في تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي مع صندوق النقد الدولي تم الاتفاق عليه في نهاية 2022، بقيمة ثلاثة مليارات دولار، قبل أن تزيد قيمته في مارس (آذار) الماضي إلى ثمانية مليارات دولار، عقب تحرير القاهرة لسعر الصرف ليقترب الدولار من حاجز الـ50 جنيهاً. وتلتزم مصر في إطار البرنامج بخفض دعم الوقود والكهرباء وسلع أولية أخرى، مما دفع إلى موجة غلاء يشكو منها مصريون.

«دواء مر»، هكذا وصف الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة، قروض صندوق النقد الدولي، مشيراً إلى ما يثيره «الصندوق»، في نفوس المصريين من «قلق»، ارتباطاً بما تولِّده «الديون والقروض» في نفوسهم من «أعباء ومخاوف».

يقول بدرة لـ«الشرق الأوسط» إن «المصريين دائماً ما يتحفزون ضد الصندوق نظراً لمتطلباته التي عادةً ما تؤثر في حياتهم وتزيد من أعبائهم المالية». وفي الوقت نفسه يؤكد بدرة أنه «لم يكن هناك باب آخر أمام الدولة المصرية إلا الصندوق في ظل أزمة اقتصادية بدأت عام 2011، وتفاقمت حدتها تباعاً».

كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد أكد خلال لقائه ومديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، الأحد، في القاهرة أن «أولوية الدولة هي تخفيف الضغوط والأعباء عن كاهل المواطنين».

وتأتي زيارة غورغييفا للقاهرة عقب دعوة السيسي، نهاية الشهر الماضي، لمراجعة قرض صندوق النقد مع مصر «حتى لا يشكل عبئاً على المواطن» في ظل التحديات الجيوسياسية التي تعاني منها البلاد، وأعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أن «المراجعة الرابعة للقرض ستبدأ الثلاثاء»، وهي واحدة من أصل ثماني مراجعات في البرنامج.

الوصفة الاقتصادية القياسية التي يقدمها صندوق النقد عادةً ما ترتبط بالسياسة النقدية والمالية، لكنها «لا تشكل سوى ثلث المطلوب لتحقيق الإصلاح الاقتصادي والهيكلي»، حسب الخبير الاقتصادي هاني توفيق الذي أشار إلى أنه «لا ينبغي ربط كل الأعباء والتداعيات الاقتصادية بقرض صندوق النقد».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «اشتراطات صندوق النقد أو متطلباته أمور منطقية لكن لا بد أن تمتزج بخطوات إصلاح هيكلي اقتصادي لتحفيز الاستثمار والنظر في الأولويات».

بدوره، قال الخبير الاقتصادي المصري، مدحت نافع لـ«الشرق الأوسط» إن «صندوق النقد كأي مؤسسة مالية أخرى هو جهة مقرضة، لديها شروط مرتبطة بحجم مخاطر الدين وبأجندتها التي قد لا تتوافق دائماً مع أجندة الدولة وأولوياتها الوطنية».

ولفت نافع إلى أن «دراسات عدة أشارت إلى أن برامج صندوق النقد عادةً ما تحقق أهدافاً جيدة على المدى القصير من حيث كبح جماح التضخم وتحرير سعر الصرف، لكنها على المدى الطويل قد تؤدي إلى تداعيات سلبية على مستويات النمو الاقتصادي ونسب عجز الموازنة والبطالة».

لكن رغم ذلك يؤكد نافع أن «مصر كانت بحاجة إلى قرض صندوق النقد»، فهو على حد وصفه «شهادة دولية تتيح لمصر الحصول على تمويلات أخرى كانت في أمسّ الحاجة إليها في ظل أزمة اقتصادية طاحنة».

علاقة مصر مع صندوق النقد تاريخية ومعقدة، ويرتبط في مخيلة كثيرين بوصفات صعبة، تدفع نحو اضطرابات سياسية وأزمات اقتصادية، وربما كان ذلك ما حفَّزهم أخيراً لتداول مقاطع فيديو للرئيس الراحل حسني مبارك يتحدث فيها عن رفضه الانصياع لشروط الصندوق، حتى لا تزيد أعباء المواطنين، احتفى بها رواد مواقع التواصل الاجتماعي.

وهنا يرى بدرة أن «الظروف السياسية والاقتصادية في عهد مبارك كانت مغايرة، والأوضاع كانت مستقرة»، مشيراً إلى أن «مبارك استجاب لمتطلبات الصندوق وحرَّك سعر الصرف لتصل قيمة الدولار إلى 3.8 جنيه بدلاً من 2.8 جنيه».

واتفق معه توفيق، مؤكداً أن «الوضع الاقتصادي في عهد مبارك كان مختلفاً، ولم تكن البلاد في حالة القلق والأزمة الحالية».

ووفقاً لموقع صندوق النقد الدولي، نفّذت مصر في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي أربعة برامج اقتصادية بدعم مالي من الصندوق، بقيمة 1.850 مليار دولار، لكنها لم تصرف سوى خمس المبلغ فقط، ما يعادل 421.3 مليون دولار. حيث تم إلغاء وعدم استكمال بعضها، بعد أن مكَّن الاتفاق مع الصندوق مصر من إلغاء 50 في المائة من دينها الرسمي في «نادي باريس».

ولتلافي التداعيات السلبية لقرض «صندوق النقد» أو على الأقل الحد منها، شدد نافع على «ضرورة الموازنة بين متطلبات (صندوق النقد) وبين أجندة الدولة الإصلاحية».

وقال: «تعديل شروط الصندوق أو تأجيل تنفيذ بعضها ليس صعباً في ظل أن الهدف الأساسي من الخطة، وهو كبح التضخم، لم يتحقق»، مشيراً في السياق نفسه إلى أن «الصندوق أيضاً متورط ويرى أن عدم نجاح برنامجه مع مصر قد يؤثر سلباً في سمعته، مما يتيح إمكانية للتفاوض والتوافق من أجل تحقيق أهداف مشتركة».

وانضمت مصر لعضوية صندوق النقد الدولي في ديسمبر (كانون الأول) 1945، وتبلغ حصتها فيه نحو 1.5 مليار دولار، وفقاً لموقع الهيئة العامة للاستعلامات، الذي يذكر أن «تاريخ مصر مع الاقتراض الخارجي ليس طويلاً، وأن أول تعاملاتها مع الصندوق كان في عهد الرئيس الراحل أنور السادات عامَي 1977 و1978 بهدف حل مشكلة المدفوعات الخارجية وزيادة التضخم».

وعقب أحداث 2011 طالبت مصر بالحصول على قرض من الصندوق مرة في عهد «المجلس العسكري» ومرتين في عهد الرئيس السابق محمد مرسي، لكنها لم تحصل عليه. وعام 2016 وقَّعت مصر اتفاقاً مع الصندوق مدته ثلاث سنوات بقيمة 12 مليار دولار. وعام 2020 حصلت مصر على 2.77 مليار دولار مساعدات عاجلة للمساهمة في مواجهة تداعيات الجائحة، وفقاً لهيئة الاستعلامات.