القضاء التونسي يرفض كل الطعون في نتائج انتخابات الرئاسة

الشاهد يعرض على الزبيدي تحالفاً سياسياً

TT

القضاء التونسي يرفض كل الطعون في نتائج انتخابات الرئاسة

رفضت المحكمة الإدارية التونسية الطعون الستة التي قدمها مرشحون سابقون خاسرون في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية، مما يعني أن الدورة الثانية ستكون محصورة على الأرجح بالمرشحين قيس سعيّد (مستقل) ونبيل القروي (حزب قلب تونس).
وأكد عماد الغابري، المتحدث باسم المحكمة الإدارية، لـ«الشرق الأوسط» أن مطالب سيف الدين مخلوف وعبد الكريم الزبيدي وسليم الرياحي رُفضت من حيث الشكل، أي لكونها غير مستوفية الجوانب الشكلية لتقديم ملف الطعن، فيما رفضت أصلاً المطالب التي تقدم بها حاتم بولبيار وناجي جلول ويوسف الشاهد. وبذلك تكون المحكمة الإدارية المختصة في فض النزاعات الانتخابية قد أصبغت الشرعية مبدئياً على نتائج الدورة الأولى من السباق الرئاسي، في انتظار احتمال الاستئناف من قبل المرشحين الطاعنين في النتائج.
وكانت تلك الطعون القانونية في نتائج الدورة الأولى قد اتهمت المرشحين الفائزين بالاعتماد على الإشهار السياسي في الحملة الانتخابية، وارتكاب هيئة الانتخابات أخطاء في احتساب أصوات الناخبين، علاوة على خرق ضوابط الحملة الانتخابية. وفي المقابل، عد نبيل بافون، رئيس الهيئة الانتخابية، عند التصريح بنتائج الاقتراع الذي أجري الأحد قبل الماضي، أن المخالفات المرتكبة لا تعد جرائم انتخابية، ولا تؤثر على النتائج المعلنة.
وكانت الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية قد أفرزت فوز كل من قيس سعيّد، أستاذ القانون الدستوري المرشح المستقل، بالمرتبة الأولى بين 26 مرشحاً لكرسي الرئاسة، وحاز نسبة 18.4 في المائة من أصوات الناخبين، فيما حصل نبيل القروي، رئيس حزب «قلب تونس» القابع في السجن، على المرتبة الثانية بنسبة 15.6 في المائة من الأصوات. وبذلك يكون سعيد والقروي هما المرشحان المتنافسان في الدورة الثانية المنتظر تنظيمها إما في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل أو يوم 13 منه.
وعلى صعيد آخر، عرض يوسف الشاهد، رئيس حزب «تحيا تونس»، على عبد الكريم الزبيدي، وزير الدفاع المستقيل المدعوم من حزب «النداء» بزعامة حافظ قائد السبسي وحزب «آفاق تونس» وحزب «الوطن الجديد» وحركة «مشروع تونس»، التحالف السياسي من جديد في الانتخابات البرلمانية، إثر نكسة النتائج المسجلة في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية، حيث فشل كل من الشاهد والزبيدي في المرور إلى الدورة الثانية. ويرى مراقبون أن كلا الطرفين في حاجة للآخر للملمة الجراح، والعودة إلى المنافسة في الانتخابات البرلمانية التي غايتها الأساسية تقاسم السلطة خلال المرحلة المقبلة.
ووفق بعض التوقعات، فإن فوز قيس سعيّد بالسباق الرئاسي لن يسمح له نتيجة ترشحه مستقلاً بالانفراد بالسلطة، في ظل فقدانه الدعم البرلماني الضروري لتقديم مبادرات تشريعية، وهو أمر يمكن أن يحد من قدرته على تنفيذ وعوده الانتخابية. وفي المقابل، نفى علي بكار، المكلف بالإعلام في حركة «تحيا تونس»، ما راج عن عقد لقاء بين قيادات من الحركة وقيادات من حزب «قلب تونس» الذي يرأسه المرشح الرئاسي المسجون نبيل القروي، كما نفى وجود توافقات سياسية مزعومة بين الطرفين، في إشارة إلى إمكانية دعم الشاهد لترؤس الحكومة المقبلة، مقابل إطلاق سراح نبيل القروي، ودعمه في مواجهة قيس سعيّد. والقروي متهم بارتكاب مخالفات مالية، لكنه ينفي تورطه بها.
وفي غضون ذلك، كذّب الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) ما راج حول إعلان نور الدين الطبوبي ترجيح كفة نبيل القروي في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، على حساب قيس سعيّد. وأكد الاتحاد وقوفه على المسافة نفسها من المرشحين المتنافسين.
يذكر أن اتحاد الشغل كان قد أعلن دعمه عبد الكريم الزبيدي في الدورة الأولى من الانتخابات، غير أن خسارته وعدم مروره إلى الدورة الثانية جعلت الاتحاد يغيّر استراتيجيته. ولا ترغب أحزاب سياسية في دعم ترشح قيس سعيّد المحسوب على الشق المحافظ، غير أنها في المقابل تجد حرجاً سياسياً في إعلان دعمها لمنافسه القروي المتهم بتبييض الأموال والتهرب الضريبي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».