«داعش» يحاصر 240 جنديا عراقيا في الأنبار

فشل أحدث محاولة للتنظيم للاقتراب من بغداد

ضباط في البحرية العراقية في مسيرة خلال حفل تخرجهم في البصرة أمس (أ.ف.ب)
ضباط في البحرية العراقية في مسيرة خلال حفل تخرجهم في البصرة أمس (أ.ف.ب)
TT

«داعش» يحاصر 240 جنديا عراقيا في الأنبار

ضباط في البحرية العراقية في مسيرة خلال حفل تخرجهم في البصرة أمس (أ.ف.ب)
ضباط في البحرية العراقية في مسيرة خلال حفل تخرجهم في البصرة أمس (أ.ف.ب)

جدد مجلس محافظة الأنبار مطالبته بتغيير قائد العمليات هناك، الفريق الركن رشيد فليح، بسبب ما عده ضعفا في إدارته للملف الأمني بالمحافظة في وقت كشف فيه المجلس عن محاصرة تنظيم «داعش» 240 جنديا بين منطقتين شمالي الرمادي.
وقال عضو مجلس المحافظة، عذال الفهداوي، في تصريح، أمس، إن «240 جنديا من الفوج العاشر التابع للواء 30 كتيبة الدبابات محاصرون من قبل تنظيم (داعش) بين منطقتي الجسر الياباني والبوعيثة، شمالي مدينة الرمادي»، مبينا أن «الجنود محاصرون منذ 3 أيام، ونفد لديهم الطعام والمؤن»، وطالب الفهداوي القادة الأمنيين بـ«ضرورة التدخل في أسرع وقت من أجل فك الحصار عن الجنود وتفويت الفرصة على تنظيم (داعش) لأسر أو قتل هؤلاء الجنود».
وبينما لم يصدر رد فعل من قيادة عمليات الأنبار أو وزارة الدفاع بشأن الجنود المحاصرين، وطبيعة الظروف التي أدت إلى ذلك، وما إذا كان قد جرى التحرك من أجل إنقاذهم، فقد أكد الشيخ غسان العيثاوي، أحد رجال الدين وشيوخ العشائر، في الرمادي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحصار لهذه القطعات العسكرية مستمر في الحقيقة منذ 5 أيام؛ إذ كانت قد انسحبت بعض القطعات، وبعد أن جرى فك الحصار لمدة قصيرة عاد (داعش) ليطوق مجددا القوة العسكرية القريبة من الطريق السريع وإحكام الحصار عليها مجددا»، وأضاف أن «هناك قطعا كاملا للإمدادات عن المحاصرين من عتاد ومؤن وسلاح؛ وهو ما يعني حصول مشكلة كبيرة في حال لم يجر فك الحصار عنهم في أقرب وقت ممكن».
وكان تنظيم «داعش» تمكن من اقتحام مقر للجيش العراقي في منطقة الصقلاوية بالفلوجة، الأسبوع الماضي؛ الأمر الذي أدى إلى محاصرة ومقتل نحو 300 جندي عراقي.
وتأتي هذه التطورات الأمنية شمالي الرمادي بعد فشل أحدث محاولة لـ«داعش» لاقتحام بلدة عامرية الفلوجة القريبة من بغداد والمحافظات الوسطى، لا سيما كربلاء وبابل، وبينما أقر رئيس مجلس إنقاذ الأنبار حميد الهايس بوجود مشكلة على الطريق السريع شمال الرمادي تتمثل في حصار مجموعة من الجنود هناك، إلا أنه وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أكد أن «هجوم تنظيم (داعش) على عامرية الفلوجة كان الأخطر خلال المعارك الأخيرة، لأن السيطرة على عامرية الفلوجة يعني عزل بغداد وبابل عن المنطقة الغربية، وتأسيس موقع قدم خطير للتنظيم في أقرب مسافة لبغداد بعد مدينة الفلوجة»، وأضاف الهايس أن «المعارك مستمرة في مختلف مدن الأنبار، لكن دون نتيجة تذكر؛ حيث لم تحقق القوات الأمنية حتى الآن تقدما باتجاه تحرير أي مدينة، ما عدا وقف الهجمات التي يقوم بها (داعش) لاستهداف المدن التي يرى أنها يمكن أن تضيف له على صعيد عملياته العسكرية»، وأشار إلى أنه «في ظل عدم إمكانية الحسم العسكري من خلال القطعات العسكرية؛ فإن الجميع الآن يرون أن الحل يمكن أن يأتي عن طريق استمرار الضربات الجوية لطيران التحالف».
وردا على سؤال بشأن أهمية عامرية الفلوجة بالنسبة لـ«داعش»، قال الهايس إن «عامرية الفلوجة واحدة من المدن المهمة التي تشكل عملية السيطرة عليها أهمية استراتيجية نظرا لقربها من بغداد ومن بابل؛ حيث إن كل عمليات التسلل إلى جرف الصخر التابعة لمحافظة بابل تأتي عن طريق عامرية الفلوجة، كما أنها تعد خط الإمدادات الحقيقي للجيش العراقي».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».