منازلة قضائية جديدة بفبركة ملف الممثل زياد عيتاني

TT

منازلة قضائية جديدة بفبركة ملف الممثل زياد عيتاني

حددت محكمة التمييز العسكرية 30 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل موعداً لإطلاق مرحلة جديدة من محاكمة المقدم في قوى الأمن الداخلي سوزان الحاج، والمقرصن إيلي غبش، بعد أن قبلت الطعن المقدم من النيابة العامة التمييزية، لإبطال الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية الدائمة في 31 مايو (أيار) الماضي، ببراءة الحاج من جرم «التدخل بفبركة ملف التعامل مع إسرائيل ضد الممثل المسرحي زياد عيتاني»، وسجنها شهرين بجرم كتم معلومات، والحكم على غبش بعقوبة مخففة.
وينتظر أن تشهد المحاكمة منازلة قانونية حادة بين ممثل النيابة العامة التمييزية، القاضي غسان خوري، الذي أعد شخصياً مذكرة الطعن بالحكم، وفريق الدفاع عن سوزان الحاج الذي يعد أن «قبول الطعن لم يستند إلى سبب جوهري، بل إلى ضغوط سياسية»، مشيراً بذلك إلى الحملة السياسية والإعلامية التي استتبعت صدور الحكم الذي برأ الحاج من تهمة الفبركة، واكتفى بالحكم بسجنها شهرين، بجرم كتم معلومات عن الدور الذي قام به المحكوم عليه إيلي غبش، لجهة فبركة الملف، وتسليمه إلى جهاز أمن الدولة، الذي أوقف الممثل عيتاني بتهمة «التخابر لصالح العدو الإسرائيلي» نحو 4 أشهر، قبل أن تظهر الحقيقة.
ويتهيب طرفا النزاع صعوبة الموقف، ويعد كل منهما العدة للدفاع عن موقفه، إذ تسعى النيابة العامة التمييزية إلى تشديد العقوبة ضد الحاج وغبش، فيما يحاول فريق الدفاع انتزاع البراءة. وعد رئيس فريق الدفاع عن الحاج، نقيب المحامين السابق رشيد درباس، أن «محكمة التمييز العسكرية قبلت الطعن لسبب غير صحيح»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «وضعنا القانوني سليم، لكنني مرتاب جداً للمنحى الذي تسلكه الأمور، وما دام أن قبول الطعن جاء مخالفاً للسياق القانوني، عليهم أن يتوقعوا مني كل شيء».
ويسعى القضاء إلى حصر النقاش ضمن الأطر القانونية، وإبعاد الملفات القضائية عن التسييس، حتى لا تعطى الأحكام التي ستصدر لاحقاً تفسيرات سلبية. وأوضح مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» أن المحكمة «استندت في قبول الطعن إلى ثغرة في الحكم الصادر بحق سوزان الحاج، تتمثل بتغيير المحكمة العسكرية الوصف القانوني للجرم المدعى به، المتعلق بكتم معلومات، ولم تدرجه في إطار الجريمة المحالة بها المتهمة بموجب قرار الاتهام، وهو التدخل في اختلاق جرم التعامل مع إسرائيل للممثل زياد عيتاني».
وأشار المصدر إلى أن «المحكمة خالفت نص المادة (65) من قانون القضاء العسكري، الذي يتيح لرئيس المحكمة أن يطرح أسئلة بحضور المدعى عليه وممثل النيابة العامة، إذا ظهرت في التحقيقات أن أفعال المدعى عليه يمكن إعطاؤها وصفاً غير الوصف المعطى له بالادعاء أو القرار الاتهامي».
غير أن المحامي درباس يرى أن المحكمة العسكرية «لم تخالف هذه القاعدة، بل قامت بواجبها كاملاً، لجهة طرح الأسئلة في ضوء ما طرأ خارج إطار القرار الاتهامي، وأن رئيس المحكمة، العميد حسين عبد الله، أبلغ فريق الدفاع وممثل النيابة العامة العسكرية بأنه سيطرح أسئلة من خارج سياق قرار الاتهام، ولم يعترض الطرفان على ذلك، وبالتالي فإن ما استندت إليه محكمة التمييز غير صحيح».
أما المحامي جهاد لطفي، وكيل الدفاع عن غبش، فقال لـ«الشرق الأوسط» إن «محكمة التمييز قبلت الطعن المقدم ضد حكم غبش في النقطة الوحيدة المثارة في الطعن، بينما قبلت نقطتين من أصل سبع في الطعن ضد حكم سوزان الحاج».
وأشار إلى أن «الاحتمالات باتت مفتوحة أمام حكم قد يبدأ من البراءة إلى تشديد العقوبة، سواء بالنسبة للمقدم سوزان الحاج أو إيلي غبش، وهذا متوقف على القناعة التي ستكونها المحكمة، بعد جلسات طويلة من المحاكمة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.