مصر: نقلة نوعية في تطبيقات الطاقة الشمسية

افتتحت أول معمل للخلايا الكهروضوئية بالتعاون مع الصين

مصر: نقلة نوعية في تطبيقات الطاقة الشمسية
TT

مصر: نقلة نوعية في تطبيقات الطاقة الشمسية

مصر: نقلة نوعية في تطبيقات الطاقة الشمسية

رغم أن الطقس المشمس لأغلب الدول العربية يمنحها أفضلية في تطبيقات الطاقة الشمسية، فإن التكلفة العالية للخلايا الشمسية كانت تقف حجر عثرة في طريق التوسع بتلك التطبيقات، حيث تدخل في تصنيعها مادة السيليكون، التي توصف بأنها مرتفعة الثمن، فضلاً عن كونها مادة سامة غير قابلة للتدوير.
كان التحدي الذي يواجه الدول العربية هو ضرورة البحث عن مواد بديلة تحقق نفس الكفاءة التوصيلية للسيليكون، بتكلفة أقل، وفي نفس الوقت، توفير كوادر وطنية قادرة على التصنيع لامتلاك هذه التكنولوجيا.
ومع ارتفاع أسعار الطاقات التقليدية وجدت الدول العربية أنه ينبغي عليها أن تبدأ سريعا في خوض غمار هذا التحدي، فظهرت محاولات فردية بالمراكز البحثية، إلى أن بدأت تتبلور حلول مؤسسية، ومنها الحل الذي أقدمت عليه مصر أخيرا عبر افتتاح المعمل المصري الصيني المشترك للطاقة المتجددة بجزيرة قرمان في محافظة سوهاج (جنوب مصر)، ليكون تابعاً لمركز تنمية إقليم جنوب الصعيد التابع لأكاديمية البحث العلمي، ويكون أول محطة بحثية في مبادرة طريق الحرير.
و«طريق الحرير» أو الذي يطلق على «الحزام والطريق»، هو مبادرة صينية تهدف إلى تعزيز التعاون الصيني مع 65 دولة، أسوة بطريق الحرير القديم الذي كان تجسيدا للتعاون التجاري بين الصين والعالم. وتعد مصر محور هذه المبادرة في الشرق الأوسط من خلال مجموعة من المشروعات الاقتصادية والبحثية، ومن بينها المعمل المصري الصيني المشترك للطاقة المتجددة، الذي تم افتتاحه في 9 سبتمبر (أيلول) 2019.
ويعد المعمل، وفق بيان لأكاديمية البحث العلمي المصرية، الأول من نوعه بمصر الذي يتخصص في مجال تصنيع الخلايا الكهروضوئية للألواح الشمسية وتطوير صناعة الطاقة الشمسية وزيادة كفاءتها على المستوى القومي والإقليمي. وتخطط الأكاديمية لأن تكون جزيرة قرمان بسوهاج، مقرا إقليميا للبحوث والتطوير والابتكار في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة.
وأكد الدكتور محمود صقر، رئيس الأكاديمية المصرية لـ«الشرق الأوسط»، أن هذا المعمل هو من ثمار زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للصين في ديسمبر (كانون الأول) 2014، ويبلغ حجم الاستثمارات المشتركة فيه بين مصر والصين نحو 3 ملايين دولار حتى الآن.
ويضيف «هذا المعمل هو أول محطة بحثية في مبادرة طريق الحرير ويخدم استراتيجية العلوم والتكنولوجيا والابتكار لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي 2030 التي تركز على نقل وتوطين التكنولوجيا وتعميق التصنيع المحلي».
ويشير صقر إلى أن أجهزة وإمكانيات المعمل ستكون متاحة لمجتمع البحث العلمي في مصر، مبدياً سعادته بأن القائمين عليه أكثر من 20 شاباً وفتاة من خريجي جامعات الصعيد بمصر، وهو ما يؤكد على أهمية العنصر البشري في تحقيق هدف توطين التكنولوجيا.
وتثني الدكتورة نجوى خطاب، الرئيسة السابقة لقسم الطاقة الشمسية بالمركز القومي للبحوث، على فكرة المعمل، واختيار مجال الطاقة الشمسية ليكون باكورة التعاون بين مصر والصين في المجال البحثي من خلال مشروع طريق الحرير.
وتتمنى خطاب في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أن تجد الأبحاث التي سيتم إجراؤها من خلال المعمل، حلولاً عملية تجعل إنتاج الخلايا الشمسية مجدياً من الناحية الاقتصادية، لأن الاتجاه للطاقة الشمسية لم يعد ترفاً، وهو ما تؤكده الاستراتيجية العربية لتطوير استخدامات الطاقة المتجددة (2010 - 2030).
ونوهت إلى أنه «وفق هذه الاستراتيجية فإن الطلب على مصادر الطاقة التقليدية يزيد بمتوسط نمو سنوي يبلغ 6 في المائة، وهو ما يدفع بقوة إلى ضرورة الاستثمار في مشروعات الطاقات المتجددة».



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً