حشدت الميليشيات الحوثية الآلاف من أتباعها للاحتفال في ساحة «باب اليمن»، وسط صنعاء، أمس، في ظل تدابير أمنية قطعت جراءها العديد من الشوارع الرئيسية.
وفي حين ضجت شوارع صنعاء بشعارات الجماعة الطائفية، اتهم موظفون حكوميون خاضعون للميليشيات، عناصر الجماعة في المؤسسات، بأنهم أجبروهم على الحضور والتظاهر.
ودعا الحوثيون إلى ما سموه مبادرة وقف الاعتداء على السعودية، وتضمن العرض الحوثي، الدعوة إلى «الانخراط الجاد في مفاوضات تفضي إلى مصالحة وطنية شاملة لا تستثني أي طرف من الأطراف»، كما زعم رئيس المجلس السياسي مهدي المشاط.
وفي محاولة من الميليشيات لاستدراج معارضيها في صفوف الشرعية الحوثية، قالت الجماعة إنها «تجدد العفو العام، وتدعو الجميع من أفراد وقيادات إلى العودة إلى صنعاء».
وبشأن الأعمال الإرهابية للجماعة الموالية لإيران، زعمت الميليشيات أنها ستوقف «استهداف أراضي السعودية بالطيران المسير والصواريخ الباليستية والمجنحة وكل أشكال الاستهداف»، وقالت إنها تنتظر من المملكة إعلان موقف مماثل بوقف كل أشكال الاستهداف والقصف الجوي على المناطق الخاضعة للجماعة.
واشترط الحوثيون فتح مطار صنعاء، إلى جانب وقف التدابير الحكومية بشأن تحصيل رسوم المشتقات النفطية التي يتم توريدها إلى ميناء الحديدة، مقابل أن تستمر الجماعة في جبايتها إلى حساب خاضع لها في فرع البنك المركزي اليمني في الحديدة.
ودعت الجماعة الحوثية إلى بدء عمل آلية التحقيق والتفتيش التابعة للأمم المتحدة من ميناء الحديدة، زاعمة أنها نفذت ما نسبته 90 في المائة من التزاماتها فيما يخص اتفاق الحديدة وإعادة الانتشار بموجب اتفاق استوكهولم، وقال إنها ترحب «بالانتقال مباشرة إلى مفاوضات جادة في ظل وقف تام لإطلاق النار تفضي إلى الحل السياسي الشامل»، على حد زعمها.
وعلى الرغم من إعلان الجماعة عفوها المزعوم عن المعارضين لها، عادت لتؤكد على لسان رئيس مجلس حكمها مهدي المشاط، أنها تستثني من ذلك نزلاء السجون من المختطفين والأسرى لديها، ومن تتهمهم بـ«التورط بالخيانة».
ودفعت الجماعة الموالية لإيران، مساء الجمعة، بالمئات من طلبة الكشافة والمرشدات للاحتشاد وسط ميدان التحرير في صنعاء بحضور كبار قياداتها، حيث قامت بإشعال ما سمته «شعلة الثورة»، في إشارة إلى ذكرى انقلابها على الشرعية.
وأكد تجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن عناصر الجماعة فرضوا عليهم دفع إتاوات لتمويل احتفالات الجماعة بذكرى انقلابها، كما جرت عليه العادة في مناسبات الميليشيات الأخرى. وتسعى الجماعة الحوثية، من خلال فعاليتها الطائفية وإحياء ذكرى انقلابها على الشرعية، إلى تكريس وجودها في أوساط المجتمع وشرعنة حكمها، الذي تحاول تصويره في «هيئة وطنية» مزعومة.
وادعى المتحدث باسم الجماعة ووزير خارجيتها الفعلي محمد عبد السلام فليتة، في تغريدة على «تويتر»، أمس، أن انقلاب جماعته على الشرعية يوم 21 سبتمبر (أيلول) هو «يوم سقوط الوصاية الأجنبية وسقوط حكم السفارات الأميركية والسعودية وغيرها»، التي زعم أنها «كانت تتحكم بمفاصل البلاد، وتهيمن هيمنة مطلقة على كل شيء في مؤسسات الدولة».
في غضون ذلك، هاجم مسؤولون وناشطون في الحكومة الشرعية، الجماعة الحوثية، وعبروا عن سخطهم البالغ جراء ما آلت إليه الأمور في البلاد منذ انقلاب الجماعة التي قالوا إنها تريد تحويل اليمن إلى «مستعمرة إيرانية». وقال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، في سلسلة تغريدات على «تويتر»، إن الميليشيات المدعومة من إيران لم تجد ما تتحدث عنه من إنجاز، وتسوق له لدى اليمنيين، بعد خمس سنوات من الانقلاب والفساد والفشل العارم في المناحي السياسية والاقتصادية والإنسانية، سوى التلويح والمزايدة بتمرد «المجلس الانتقالي في عدن وبعض المحافظات». ووصف الإرياني ذكرى الانقلاب الحوثي بأنها ذكرى «النكبة اليمنية»، وقال إنها «من أيام الجمهورية الحالكة السواد، التي بقدر ما شهدنا فيها من نضال كبير واصطفاف وطني، إلا أنها كانت شاهدة على الخيانة الكبيرة الذي تعرض لها اليمن ليصبح تاريخ 21 سبتمبر 2014 هو اليوم الأسود». وأضاف: «في 21 سبتمبر 2014 اجتاحت الميليشيات الحوثية، المدعومة من إيران، العاصمة صنعاء، وأسقطت مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، وحاصرت الرئيس عبد ربه منصور هادي والحكومة، وانطلقت مسيرتها الفوضوية قادمة من جروف صعدة، وبدعم ممن خانوا الدولة».
واعتبر الوزير اليمني أن هذا اليوم «سيظل ذكرى سيئة ويوماً أسود على كل يمني عندما سيطرت عصابة مسلحة قادمة من كهوف صعدة وغبار التاريخ على العاصمة صنعاء، واحتلت مؤسسات الدولة ومقرات الجيش والأمن، وقوضت السكينة والاستقرار، وجرت البلاد لحروب عبثية راح ضحيتها ملايين القتلى والجرحى والنازحين»، حسب تعبيره. وأعاد الإرياني التذكير بالأفراح الإيرانية يوم سقوط صنعاء، وقال «نتذكر في هذا اليوم المشؤوم كيف أعلن ملالي طهران السيطرة على العاصمة العربية الرابعة، وكيف استخدمت إيران ذراعها الحوثية لاستهداف أمن اليمن ودول الجوار وخطوط الملاحة الدولية لتحقيق مصالحها، فيما شلال الدم اليمني يتدفق واليمنيون يتضورون جوعاً وفقراً وبؤساً». وأثنى الوزير الإرياني على دور التحالف الداعم للشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، الذين قال إنهم «لبوا نداء إخوانهم في اليمن، وسخروا كل إمكاناتهم السياسية والاقتصادية والإعلامية والعسكرية لدعم اليمنيين في معركة استعادة الدولة وإسقاط الانقلاب».
وأكد على أن اليمنيين بقيادتهم الشرعية «ماضون في معركة استعادة الدولة، وإسقاط الانقلاب، رغم كل العراقيل والتحديات التي تفرض عليهم لصرفهم عن معركتهم الأساس»، وقال: «مهما طال الزمان أو قصر، سنستعيد اليمن من مخالب إيران، وأداتهم الحوثية، وستعود اليمن عربية أصيلة». ودعا الإرياني، كل اليمنيين، «لطي صفحة الماضي، بكل آلامه وأوجاعه، وتوحيد صفوفهم تحت مظلة الشرعية الدستورية»، وقال: «الوقت قد حان لنتوحد جميعاً، ونكون يداً واحدة لإنقاذ وطننا وأهلنا في باقي مناطق سيطرة الميليشيات واستعادة اليمن الذي يتسع للجميع». وفيما امتدح الوزير اليمني تضحيات عناصر القوات المسلحة اليمنية وتحالف دعم الشرعية ضد الميليشيات الانقلابية، أكد أنهم «لن يتوقفوا حتى تحرير العاصمة المختطفة صنعاء وكل شبر من تراب اليمن».
في الأثناء، وصف وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، الذكرى الخامسة للانقلاب الحوثي، بالمناسبة «الحزينة»، وقال إن الانقلاب أدى إلى «تقويض بناء الدولة المستندة إلى الحوار اليمني». وأشار إلى «أن المعاناة الإنسانية حصيلة هذا الانقلاب»، داعياً إلى «إعادة توحيد الصفوف ضد الحوثي بعد أن تأكد خطره على المشهد الداخلي وعلى الاستقرار الإقليمي».
اتهام للحوثيين بإجبار سكان صنعاء على المشاركة في احتفالاتهم
اتهام للحوثيين بإجبار سكان صنعاء على المشاركة في احتفالاتهم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة