دفاع البشير يتراجع عن شهادة نائب قائد «الدعم السريع»

حركة عبد الواحد نور ترفض التفاوض قبل إطلاق الأسرى

البشير خلال احدى جلسات محاكمته (أ.ف.ب)
البشير خلال احدى جلسات محاكمته (أ.ف.ب)
TT

دفاع البشير يتراجع عن شهادة نائب قائد «الدعم السريع»

البشير خلال احدى جلسات محاكمته (أ.ف.ب)
البشير خلال احدى جلسات محاكمته (أ.ف.ب)

واجه الرئيس السوداني المعزول عمر البشير في الخرطوم أمس، جلسة سادسة في محاكمته بتهمة الفساد المالي وحيازة أموال بطريقة غير مشروعة، فيما غادر رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الدورة 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة ممثلاً لبلاده، وذلك في أول مشاركة لمسؤول سوداني بهذا المستوى منذ سنوات. وقبل عزل نظام عمر البشير بثورة شعبية في 11 أبريل (نيسان) الماضي، ما كان بمقدور الرئيس السوداني المشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بسبب مذكرتي القبض عليه الصادرتين ضده من قبل المحكمة الجنائية الدولية، واتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة وتطهير عرقي في إقليم دارفور.
وتخلت هيئة الدفاع عن الرئيس المعزول عن شهادة نائب قائد قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو، الذي زعم المعزول أنه سلمه دعماً قدرة 5 ملايين يورو، بينما تمسكت هيئة الاتهام بأهمية حضوره وطلبت اعتباره شاهد محكمة، فيما رفضت المحكمة طلباً بتكليف المرجع العام بمراجعة عهدة البشير، على أن تتواصل جلسات المحاكمة وسماع مزيد من شهود الدفاع في جلسة حدد لها يوم السبت المقبل. جاء ذلك في الجلسة السادسة من جلسات محاكمة البشير، في اتهامات تتعلق بحيازة والتعامل بالنقد الأجنبي بصورة غير مشروعة والثراء الحرام، على خلفية العثور على مبالغ مالية تزيد على 5 ملايين يورو في مسكنه الرئاسي عقب الإطاحة به.
وقال قاضي المحكمة الصادق عبد الرحيم الفكي، في تبريره لرفض تكليف المراجع العام بمراجعة العهدة، إن المراجع ليس طرفاً في القضية، ولا يمكن تكليفه بمراجعة أموال لم تدخل خزينة الدولة. وشدد رئيس هيئة الاتهام، رئيس النيابة العامة ياسر بخاري، على أهمية مثول ممثل عن الدعم السريع كشاهد محكمة، لكونه تسلم مبلغ 5 ملايين يورو من المبلغ موضوع الدعوى، بحسب زعم المتهم. وشهدت الجلسة الخامسة لمحاكمة البشير على اتهامات تتعلق بالثراء الحرام وحيازة أموال بطريقة غير مشروعة، والتعامل بالنقد الأجنبي وحيازته، وتصل عقوبتها إلى السجن أكثر من 10 سنوات، سماع 3 من شهود الدفاع، وهم وزير الدولة بوزارة شؤون الرئاسة السابق أبوبكر عوض، ونائب مدير دائرة الأمن الاقتصادي اللواء طارق عبد القادر، والموظف بقسم السياسات ببنك السودان المركزي بدر الدين حسين.
ونفى الشاهد عن الرئاسة أبوبكر عوض أن تكون رئاسة الجمهورية قد خصصت تبرعات بالنقد الأجنبي لأي من الجهات التي زعم المتهم أنه تبرع لها، مؤكداً أن التبرعات التي خرجت من رئيس الجمهورية خارج الموازنة المصدقة من وزارة المالية، فيما نفى شاهد الدفاع الثاني طارق عبد القادر، تخصيص دعم لشركتي «سين» و«سيقا» للغلال، وأكد شراء جهاز الأمن الاقتصادي قمحاً بقيمة 5 ملايين دولار من شركة «سيقا» للغلال، على عكس ما ذهب إليه البشير في اعترافه أمام المحكمة. فيما قال ممثل البنك المركزي بدر حسين إن قانون بنك السودان يمنع التعامل بالنقد الأجنبي إلاّ للمصارف والجهات الحائزة على تراخيص من محافظ البنك المركزي، وهي المنوط بها استيراد وتصدير النقد الأجنبي، مؤكداً أن دخول مبالغ بالنقد الأجنبي للبلاد من دون علم البنك المركزي يعد مخالفة صريحة للقانون.
من جهة أخرى، علمت «الشرق الأوسط» من مصدر مقرب من مكتب رئيس الوزراء، أن حمدوك يتوجه إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة ممثلاً للسودان. وبحسب المصدر، فإن الزيارة ستكون مناسبة يجري خلالها مباحثات على هامش القمة مع عدد من زعماء العالم. ويتوقع حسب المصدر، أن يلتقي المسؤول السوداني الأمين العام للأمم المتحدة، لا سيما بعد التصريحات الإيجابية التي أطلقها أنطونيو غوتيريش عن التغيير في السودان ودعوته لحذفه من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، فيما ينتظر أن يجري مباحثات مع قادة رفيعي المستوى في الإدارة الأميركية، يبحث خلالها العلاقات الثنائية بين البلدين، وحذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
من جهة ثانية، رفضت حركة «تحرير السودان» بقيادة عبد الواحد محمد نور، الدخول في مفاوضات مع أي جهة في ظل وجود أسرى ومعتقلين من صفوفها في السجون إلى جانب مفقودين لا يعرف مصيرهم. واعتبرت قرارات المجلس السيادي التي قضت بإسقاط عقوبة الإعدام في حق 8 من أسراها أنها مساومة وابتزاز ولا تعكس جدية التوجه في تحقيق السلام.
وقال الناطق الرسمي باسم الحركة، محمد عبد الرحمن الناير، في بيان، إن قضية الأسرى والمعتقلين تتعلق بالنظام السابق وتسقط بسقوطه، مضيفاً: «هذه قرارات فاقدة القيمة وهي أساليب النظام البائد نفسها القصد منها التشويش على الرأي العام والتنصل من التزاماته التي توجبها القوانين والمواثيق الدولية بتجريم محاكمة أسرى الحرب أو إساءة معاملتهم وتعذيبهم، كما أن هذه القرارات لا تعكس أي جدية في تحقيق السلام». وأشار إلى أن عدد الأسرى يبلغ 34 أسيراً بطرف الحكومة لم يتم الإفراج عنهم وهم موزعون في سجون العاصمة الخرطوم وبورتسودان في شرق البلاد، والفاشر في غربها.
وقال الناير إن المجلس السيادي يسير على خطى النظام السابق ويدعي في الوقت نفسه أنه يعبر عن الثورة وأهدافها، وأن هذا الاتجاه لن يوفر الثقة اللازمة للتعاطي الإيجابي مع القضايا الوطنية الملحة، لا سيما قضية الحرب، مشيراً إلى أن نظام الرئيس السابق عمر البشير كان قد جمد تنفيذ حكم الإعدام على أسرى يقبعون في سجن بورتسودان. وأضاف أن المجلس السيادي في قراره يهدف لابتزاز الحركة للتفاوض معه على تسوية لا تلبي شروط التغيير وبناء دولة المواطنة المتساوية.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».