الخطة الأمنية في بعلبك تتعرض لانتكاسة بعد 6 أشهر من الهدوء

استئناف أعمال الخطف... والقوى السياسية تطالب الدولة بضبط الوضع

TT

الخطة الأمنية في بعلبك تتعرض لانتكاسة بعد 6 أشهر من الهدوء

كشفت التطورات الأمنية في منطقة البقاع في شرق لبنان منذ نهاية الشهر الماضي، أن فترة الهدوء الأمني التي استمرت 6 أشهر انتكست، وعاد التفلت الأمني إلى المنطقة وبالتحديد إلى محافظة بعلبك الهرمل، وعادت عصابات الخطف والقتل والسلب بقوة السلاح لمزاولة نشاطها بعد ستة أشهر من الهدوء الأمني.
وبينما سجلت 3 حوادث خطف مقابل فدية، وسلب بقوة السلاح، على الأقل في هذه الفترة، تحركت القوى السياسية الفاعلة في المنطقة على خط مطالبة الدولة بضبط الوضع الأمني والسلاح المتفلت، ورأى عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب أنطوان حبشي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن كل الأحداث الأمنية التي تحصل في منطقة بعلبك الهرمل «تدل على أن الدولة هي خارج هذه المنطقة، والخطط الأمنية لا تفيد، فيما المطلوب من الدولة ضبط السلاح المتفلت».
وأكد حبشي أن «لعمليات الخطف والسلب سيئات على المستوى الاقتصادي والاجتماعي لأن انتشار الأنباء عن عمليات الخطف والسلب، سيمنع أبناء المناطق اللبنانية الأخرى من زيارة بعلبك، في وقت تعتمد فيه المنطقة على السياحة والصيد». وقال إن «غياب الدولة ليس بالمعنى الأمني، لأن ضبط المسائل ليس بالقدرة العسكرية أو الأمنية فقط، فهؤلاء الناس يعيشون على هامش الدولة لناحية الإنماء، فيما المنطقة هي بحاجة لكل شيء»، موضحاً أن «الدولة المركزية لا تقوم بواجباتها تجاه المواطن وهي تدفعه إلى ما لا يعرف بما يقوم به». وأشار إلى أن الدولة «ليست تطبيقات أمنية وإنما تنمية حقيقية، وهذا ما هو غائب تماما عن المنطقة».
وردا على سؤال حول لجوء المطلوبين إلى الداخل السوري عند كل خطة أمنية، أكد حبشي أن «لدى السلطة السياسية القدرة على ضبط المعابر الحدودية، وعندما تأخذ السلطة القرار بضبط المعابر فلدى الجيش اللبناني القدرة على حسم الموضوع بشكل كامل وبشكل جذري، فالمسألة ليست أمنية فقط، ذلك أن المعابر والتهريب يسببان الأضرار للمزارع، وكل مواطن متضرر والدولة أيضا باقتصادها متضررة لناحية التأثير على مداخيلها».
ويحظى ملف التدهور الأمني في البقاع بمواكبة سياسية كبيرة، وقال عضو كتلة نواب بعلبك الهرمل الدكتور إبراهيم الموسوي لـ«الشرق الأوسط» إن متابعة الوضع الأمني المتفلت هو أولوية لدى نواب بعلبك الهرمل وقيادة «حزب الله» وهو موضع اهتمام ومتابعة خاصة من أمين عام «حزب الله» «نظرا للقناعة العميقة والعلاقة الجدلية التي تربط الإنماء بالأمن»، مشدداً على أنه «لا أمن من دون إنماء ولا إنماء من دون أمن، فالمنطقة التي تفتقر إلى الموارد وضيق سبل العيش والخدمات تدفع الناس لأمن غير اجتماعي كما البعض من الناس لاتجاهات معينة» خارج القانون.
وأكد الموسوي «أن الأمن أولوية والمطلوب من الدولة اللبنانية وأجهزتها والقوى المولجة بحفظ الأمن القيام بمسؤولياتها، لافتاً إلى أن «التدهور الأمني يؤثر على الأمن الاجتماعي». وقال: «هذا التفلت تتحمل مسؤوليته الدولة أولا، والمطلوب من القوى الأمنية بأجهزتها المختلفة تحمل المسؤولية»، لافتاً إلى «إننا رفعنا الصوت عاليا مع حركة أمل من أجل حث الدولة على القيام بواجباتها وملاحقة المطلوبين والمجرمين وسوقهم للعدالة ورفعنا الغطاء عن أي مطلوب أو مخل بالأمن في أي منطقة».
وبات ملف بعلبك - الهرمل تحت الضوء، عندما قامت إحدى العصابات في 24 أغسطس (آب) الماضي بخطف اللبناني جوزف حنوش بعد استدراجه من قبل ثلاثة مسلحين قاموا بخطفه من غربي بعلبك، ونقله من خلال المعابر غير الشرعية إلى الداخل السوري، وما زال مصيره مجهولاً حتى الآن.
وتلقت عائلة حنوش الأسبوع الماضي اتصالا من الخاطفين من منطقة التل الأبيض أحد أحياء مدينة بعلبك التي انتقل إليها أحد الخاطفين وأجرى اتصالا بالعائلة مطالبا إياها بدفع فدية بمبلغ 500 ألف دولار مقابل الإفراج عن ابنهم. ولم تفلح الاعتصامات وحرق الإطارات المشتعلة في تغيير شيء في المشهد حتى الآن.
في معلومات خاصة بـ«الشرق الأوسط»، داهمت الأجهزة الأمنية السورية فجر الجمعة القرى الحدودية مع لبنان في الداخل السوري بحثا عن حنوش، وتخلل عملية المداهمة اشتباكات مع الخاطفين الذين تمكنوا من الفرار، ولم تسفر العملية عن تحرير حنوش.
وخلال الأسبوع الماضي، اختطف السوري مرهف طريف الأخرس ابن رجل الأعمال السوري طريف الأخرس بين عاليه وشتورا في جبل لبنان، وتلقت عائلته اتصالاً من الخاطفين يطالبون بفدية تبلغ مليوني دولار، قبل أن يُفرج عنه الخميس الماضي، من غير تأكيد ما إذا كانت الفدية تم دفعها أم لا.
ولم تعمر الخطط الأمنية في محافظة بعلبك الهرمل طويلا، ومع بداية تنفيذ كل خطة أمنية للمنطقة يلجأ المطلوبون للاختباء في الداخل السوري في قرى قريبة من الحدود مع لبنان، قبل أن يستأنفوا نشاطهم بعد أشهر من الهدوء. ونشطت مؤخرا عمليات سرقة وسلب السيارات بقوة السلاح وتهريبها من خلال المعابر غير الشرعية وبيعها في الداخل السوري. وضبطت دورية من مخابرات الجيش اللبناني الشهر الماضي على أحد المعابر غير الشرعية عصابة محترفة تقودها امرأة سورية كانت تقوم باستئجار السيارات بإخراجات قيد مزورة وتنقلها إلى سوريا لبيعها هناك.
وتعرض الثلاثاء الماضي سعيد يعقوب جبرايل من بلدة راس بعلبك لعملية سلب وإطلاق نار بين بلدتي شعت والحدث في البقاع الشمالي بهدف سلب سيارته بينما كان عائدا من معرض المونة إلى منزله في العاصمة، وتمكن يعقوب من الفرار وتقدم بدعوى ضد مجهولين.



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.