التزام الحكومة النأي بالنفس يعزز الرعاية الدولية لاقتصاد لبنان

تفاؤل بتفعيل اللجنة السعودية ـ اللبنانية المشتركة

TT
20

التزام الحكومة النأي بالنفس يعزز الرعاية الدولية لاقتصاد لبنان

قالت مصادر وزارية مواكبة للأجواء التي سادت المحادثات التي أجراها رئيس الحكومة سعد الحريري في باريس مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وكبار المسؤولين الفرنسيين ومن بينهم المعنيون بوضع مقررات مؤتمر «سيدر» لمساعدة لبنان للنهوض من أزماته الاقتصادية والمالية على سكة التطبيق، بأن اجتماع هيئة المتابعة الاستراتيجية المنبثقة عن المؤتمر سيخصص لإطلاق الضوء الأخضر للبدء بتنفيذ رزمة من المشاريع الإنمائية تبلغ تكلفتها نحو مليار و400 مليون دولار تأمَّن تمويلها.
وأكدت المصادر الوزارية لـ«الشرق الأوسط» أن اجتماع الهيئة الاستراتيجية سيُعقد في باريس في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل في حضور الحريري ووزراء فرنسيين وممثلين عن الدول والمؤسسات المالية المشاركة في مؤتمر «سيدر»، وقالت إن الحكومة ستبادر خلال المهلة الزمنية الفاصلة عن انعقادها إلى توظيفها في الإسراع في إنجاز الإصلاحات المالية والإدارية وصولاً إلى ترشيق القطاع العام وخفض تكلفته المالية، إضافة إلى إمكانية إقرار الموازنة للعام المقبل في موعدها الدستوري على أن تنم عن وجود إرادة حكومية لخفض العجز فيها الذي يؤدي حكماً إلى خفض خدمة الدين العام.
واعتبرت أن إطلاق الهيئة الاستراتيجية الإشارة لانطلاق التنفيذ، يعني أن لبنان ليس متروكاً لوحده في خضم التطاحن الإقليمي والدولي والوضع المتفجّر في عدد من دول الجوار، وقالت إن الرعاية الدولية للبنان ما زالت قائمة من أصدقائه على المستويين الدولي والعربي.
ولفتت إلى أن من شروط الحفاظ على هذه الرعاية الدولية، التزام لبنان بسياسة النأي بالنفس عن الحروب والنزاعات المشتعلة التي ما زالت تدور من حوله وصولاً إلى تعزيزها وتثبيتها من خلال وضع الخطوات العملية لمنع انزلاق البلد في متاهات من شأنها أن تقحمه في الصراعات الإقليمية.
وقالت المصادر الوزارية إن لا مصلحة للبنان في إسقاط سياسة النأي بالنفس لأن البديل سيكون في جره إلى الفوضى ليست الأمنية فحسب وإنما إلى حالة من الفلتان السياسي، ورأت أن تحييد لبنان يستدعي من كل الأطراف اتباع سياسة الاعتدال في الخطاب السياسي وعدم استخدامه على أنه ساحة لإطلاق الصواريخ السياسية وتمرير الرسائل من قبل هذه الجهة أو تلك لأنها ستضع تحييده عن الصراعات في خبر كان.
وأكدت أن التحضير للاجتماع المرتقب للهيئة الاستراتيجية المنبثقة عن مؤتمر «سيدر» في نوفمبر المقبل سيتلازم مع التحضير للاجتماع المرتقب للجنة اللبنانية - السعودية على الأرجح في الشهر المقبل في المملكة العربية السعودية الذي سيخصص للتوقيع على عدد من الاتفاقيات، إضافة إلى الإعلان عن خطوات اقتصادية هامة لدعم الاستقرار النقدي في لبنان، وهو اجتماع غير مسبوق يعقد للمرة الأولى.
ورأت المصادر الوزارية أن معظم المكوّنات السياسية المشاركة في الحكومة تُبدي تفاؤلها بما قاله أخيراً وزير المال السعودي محمد الجدعان من أن هناك حواراً مع الحكومة اللبنانية حول ماهية الدعم المالي للبنان، وقالت إن الرئيس الحريري يتولى شخصياً الاتصالات مع الجانب السعودي من أجل التحضير لاجتماع الهيئة المشتركة بين البلدين.
وكان رئيس الحكومة سعد الحريري أجرى أمس اتصالا من مقر إقامته في باريس بالوزير الجدعان، تم خلاله التداول في التحضيرات الجارية لعقد الاجتماع الأول للجنة المشتركة اللبنانية - السعودية ومناقشة جدول الأعمال الذي يتضمن الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المنوي توقيعها بين لبنان والسعودية. كما تم التطرق إلى السبل الآيلة لدعم الاقتصاد اللبناني ومشاركة القطاع الخاص السعودي في المشاريع المندرجة ضمن مقررات مؤتمر «سيدر».
من جهة أخرى، سألت المصادر الوزارية عن مصير تعهد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال مشاركته في القمة العربية الاقتصادية التي استضافتها بيروت منذ أكثر من 9 أشهر، خصوصاً لجهة ما أذيع رسمياً بأن قطر ستقوم بمبادرة لدعم الاستقرار المالي.
وكان تردّد بلسان الفريق الوزاري المقرّب من رئيس الجمهورية ميشال عون بأن المساهمة القطرية ستكون في إيداعها مصرف لبنان وديعة بـ500 مليون دولار، لكن سرعان ما جرى تعديلها في ضوء وجود رغبة لديها بالاكتتاب بسندات خزينة بالمبلغ نفسه.
ولم يُعرف حتى الساعة ما إذا كانت قطر بادرت إلى الاكتتاب بسندات خزينة أم لا، خصوصاً أنه ليس هناك جهة رسمية تؤكد حصوله، رغم أن بعض الأطراف المنتمية إلى «محور الممانعة» كانت سارعت إلى المزايدة الشعبوية مبدية ارتياحها للخطوة القطرية التي ما زالت تتراوح بين التأكيد والنفي، فيما يلوذ هذا المحور بالصمت ومعه الجهات الرسمية التي كانت عبّرت عن ابتهاجها لهذه الخطوة.



اليمن: موجة نزوح واسعة جراء تصاعد القمع الحوثي... وتدهور الأوضاع

عنصران حوثيان يقفان على آثار إحدى الغارات الأميركية في صنعاء (أ.ف.ب)
عنصران حوثيان يقفان على آثار إحدى الغارات الأميركية في صنعاء (أ.ف.ب)
TT
20

اليمن: موجة نزوح واسعة جراء تصاعد القمع الحوثي... وتدهور الأوضاع

عنصران حوثيان يقفان على آثار إحدى الغارات الأميركية في صنعاء (أ.ف.ب)
عنصران حوثيان يقفان على آثار إحدى الغارات الأميركية في صنعاء (أ.ف.ب)

دفع تدهور الأوضاع المعيشية وحملات الاعتقال الحوثية والضربات الأميركية المكثفة، سكاناً في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إلى ترك منازلهم ومناطقهم والنزوح القسري إلى أماكن بديلة بحثاً عن الأمان وسبل العيش الممكنة.

وأفادت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بمغادرة مئات الأسر خلال الأيام الأخيرة مناطق عدة في شمال صنعاء وجنوبها، مرجعة ذلك إلى انقطاع سبل العيش، وتصاعد حملات القمع والاعتقال والمخاوف من احتمالية تعرُّض أحيائهم لغارات أميركية تستهدف منازل القادة الحوثيين.

وأبدى سكان في صنعاء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، خشيتهم من تفاقم الظروف الإنسانية والأمنية جراء التصعيد والضربات الجوية، مؤكدين أنهم يعتزمون النزوح برفقة أسرهم.

إضافة إلى ذلك، تحدثت المصادر عن حالة من السخط في أوساط العائلات المشردة من مساكنها في المدينة ضد قادة الجماعة الحوثية بفعل استدعائها الضربات الأميركية ومسارعتها بعد ذلك إلى تأمين نفسها وذويها، وتركهم عرضة للمخاطر.

لقطة جوية لمخيم الجفينة في محافظة مأرب الذي يُعدّ أكبر مخيمات النزوح في اليمن (إكس)
لقطة جوية لمخيم الجفينة في محافظة مأرب الذي يُعدّ أكبر مخيمات النزوح في اليمن (إكس)

ويفيد أحمد الذي نزح حديثاً من صنعاء إلى إب، لـ«الشرق الأوسط»، بأنه لم يعد هناك أي أمان في صنعاء نتيجة التدهور في كل الجوانب المعيشية والأمنية والإنسانية، وهو الأمر الذي أرغمه وكثيراً من العائلات على ترك المدينة.

وأكدت مصادر عاملة في شركات النقل الداخلي بصنعاء وجود إقبال ملحوظ باليومين الماضيين على شراء تذاكر سفر للمغادرة من صنعاء إلى محافظات أخرى منها إب وتعز، ومدن أخرى تحت سيطرة الحكومة الشرعية.

موجة نزوح

أكدت مصادر إغاثية ارتفاع موجة النزوح منذ مطلع الشهر الحالي لأسر قادمة من مناطق عدة تحت سيطرة الانقلابيين الحوثيين منها صنعاء وعمران وصعدة، وتوقعت المصادر أن تكون هذه الموجة من النزوح بداية لموجة أوسع إذا استمر التصعيد العسكري الحوثي والأميركي في الأيام المقبلة.

واستقبلت محافظة مأرب (شرق صنعاء) - بحسب المصادر - أعداداً من الأسر النازحة جراء التصعيد والغارات والانتهاكات الحوثية، حيث استقر البعض منها في المخيمات، بينما ذهب البعض الآخر للعيش عند الأقرباء والأصدقاء داخل مدينة مأرب.

وسبق أن حذرت تقارير دولية من تصاعد جديد في موجة النزوح الداخلي باليمن، متوقعة أن يصل عدد النازحين بحلول نهاية العام الحالي إلى 5.1 مليون شخص.

مجموعات من النازحين اليمنيين في صعدة تعيش في مناطق يصعب الوصول إليها (إعلام محلي)
مجموعات من النازحين اليمنيين في صعدة تعيش في مناطق يصعب الوصول إليها (إعلام محلي)

وبتقرير حديث لها، كشفت منظمة الهجرة الدولية عن نزوح 70 أسرة يمنية خلال الأسبوع الفائت، لأسباب أمنية واقتصادية، وذكرت أن مصفوفة تتبُّع النزوح الخاصة بها، رصدت نزوح 70 أسرة (420 فرداً) بالفترة من 13 إلى 19 أبريل (نيسان) الحالي.

وأوضحت المنظمة أن أغلبية الأسر النازحة كانت تقيم في صنعاء وسط مخاوف من الضربات الجوية.

واتجهت الأسر النازحة إلى مناطق أكثر استقراراً، منها تعز التي استقبلت العدد الأكبر منها بواقع 38 أسرة، ثم مأرب بعدد 28 أسرة، والحديدة بـ4 أسر.

وذكر التقرير أن 91 في المائة من إجمالي حالات النزوح الجديدة؛ (64 أسرة) نزحت جراء العوامل المتعلقة بالسلامة والأمن نتيجة الصراع، بينما نزحت 6 أسر وبنسبة 9 في المائة لأسباب تتعلق بالعوامل الاقتصادية المرتبطة بالصراع.

وأوضح التقرير أن 60 في المائة من الأسر النازحة بحاجة إلى الدعم المالي، و32 في المائة بحاجة لخدمات المأوى، و6 في المائة بحاجة للمواد الغذائية، بينما تحتاج البقية للمواد غير الغذائية ولسبل العيش.

ومع تسجيل هذه الدفعة الجديدة من النازحين، يرتفع إجمالي عدد الأسر التي أُجبرت على مغادرة منازلها منذ مطلع العام الحالي إلى 703 أسر، أي ما يعادل 4218 فرداً.