بعد أنْ رفضت معظم الدول الغربية، وعلى رأسها ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، تسلّم رعاياها المقاتلين في تنظيم داعش الإرهابي، وعائلاتهم المحتجزين لدى «قوات سوريا الديمقراطية»، تدرس هذه الدول الثلاث إنشاء محكمة دولية خاصة لمقاضاة المتطرفين، وتعهدت بدعم جهود الاستقرار والقطاع التعليمي والصحي. وعقد إيريك جفاليير من الخارجية الفرنسية، وكليمينس هاج ممثل الخارجية الألمانية، قبل يومين، اجتماعاً مع الدكتور عبد الكريم عمر وأمل دادا الرئيسين المشتركين لدائرة العلاقات الخارجية في «الإدارة الذاتية».
وقال عبد الكريم عمر لـ«الشرق الأوسط» إنّ ملف المحتجزين الأجانب وأسرهم يشكل عبئاً كبيراً على كاهل الإدارة التي طالبت مراراً بلدانهم باستعادتهم، ومحاكمتهم على أراضيها، وأضاف: «يوجد في السجون نحو 6 آلاف مقاتل محتجز، منهم ألف عنصر أجنبي ينحدرون من نحو 50 دولة غربية وأوروبية، والبقية سوريون وعراقيون».
وخلال اجتماعهم مع الوفود الأوروبية التي زارت مناطق الإدارة، طالبوا بإنشاء محكمة دولية خاصة، على أن يكون «مقرها هنا في مناطق الإدارة، نظراً لوجود كثير من الأدلة والوثائق والشهود التي تدين هؤلاء الإرهابيين. وستتم محاكمتهم وفق القوانين والمعايير الدولية»، مشيراً إلى أن الاختصاص القانوني للمحكمة سيكون على أساس مكان وقوع الفعل الإجرامي ومكان الاعتقال.
وناقش الوفد الفرنسي - الألماني مع ممثلي دائرة الخارجية بالإدارة الذاتية التحديات الأمنية، والحل السياسي، وتشكيل اللجنة الدستورية، وتعهدا بدعم جهود الاستقرار، والقطاع التعليمي والتربوي، والسعي للاعتراف بشهادات التعليم في مدارس وجامعات الإدارة، ونقل وجهة نظرهم إلى حكوماتهم، حول غياب تمثيل الإدارة و«مجلس سوريا الديمقراطية» في العملية السياسية واللجنة الدستورية.
بدوره، قال جفاليير، مدير مركز الأزمات في الخارجية الفرنسية، إنهم يريدون مساعدة الناس في هذه المنطقة الجغرافية، لتنعم بحياة أفضل، ودعم جهود الاستقرار. وأكد في تصريحات صحافية: «فرنسا دعمت كثيراً من البرامج والمشاريع التنموية منذ نهاية عام 2017، ومنها مشاريع صحية وزراعية وتربوية. كما ندعم المكتب الطبي بمشفى الرقة، وعدة عيادات تخصصية، وفعاليات المجتمع المدني»، مضيفاً أنّ الهدف من زيارة الوفد هو «مناقشة الأعمال الإنسانية في المنطقة، وآلية تطويرها، ونقل وجهة نظر ممثلي الإدارة إلى حكوماتنا».
كما زارَ وفد من البرلمان البريطاني، برئاسة لويد روسيل مويل من حزب العمال البريطاني، وآدم هولاوي عن حزب المحافظين، إلى جانب اللورد موريس كلاسمان وسايمن ديوبنز وكلير بيكر وريان فلجير وآرون ميرت ودان سباجه وبامبوس كارلمبز وكريسبن بلانت، الأسبوع الفائت، مناطق الإدارة الذاتية، وعقدوا اجتماعات في عين عيسى وكوباني (عين العرب) والقامشلي مع قادة الإدارة الذاتية.
وعبر لويد روسيل مويل، عضو البرلمان البريطاني، عن سعادته بزيارة مناطق الإدارة، وأثنى على التضحيات التي قدمتها الوحدات العسكرية دفاعاً عن العالم والإنسانية، وقال: «فيما يتعلق بالمحكمة الدولية الخاصة، استمعنا لوجهة نظر الإدارة، بالتفاصيل وبشكل دقيق، وسنعود إلى بريطانيا باقتراحات وخطوات وأفكار، ولن نقبل باستمرار الوضع على ما هو عليه»، مضيفاً أنهم سيسعون لمساعدة الإدارة في مجال البيئة والخدمات والبنية التحتية، وتابع: «قمنا بزيارة مؤسسات المنطقة، وسنسعى إلى دعم البنية التحتية، وإعادة الإعمار، بهدف تقويض الذهنية المتطرفة التي أنتجت تنظيم داعش الإرهابي، وغيره من التنظيمات المتشددة».
ومن جهتها، قالت دادا، الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية: «تباحثنا في التحديات، والمصاعب التي تواجه الإدارة الذاتية، لا سيما مخيم الهول الذي يضم 72 ألفاً، حيث يعيش فيه عوائل تنظيم داعش الذين يشكلون قنبلة موقوتة موجودة على الأرض، وضرورة إيجاد حلول جذرية».
وطالبت جميع الدول التي لديها رعايا في هذه المنطقة بتحمل مسؤولياتها، والإسراع باستعادة مواطنيها، ونوهت بأنّ ملف سجناء مقاتلي التنظيم ومقاضاتهم يشكل أحد أبرز التحديات التي تواجه الإدارة الذاتية، بعد إلحاق الهزيمة العسكرية بالتنظيم، والقضاء على مناطقه الجغرافية.
وأشارت دادا إلى ضرورة دعم المجتمع الدولي «وتقديم أشكال الدعم كافة لرعاية آلاف الأطفال الموجودين بالمخيمات الذين تشربوا من الفكر المتطرف، للحيلولة دون تحول هذه المخيمات إلى مكان لولادة أجيال جديدة من المقاتلين المتطرفين»، إذ لا يزال تنظيم داعش يهدد أمن المنطقة، لأن الجهود العسكرية وحدها لا تكفي، حيث تحتاج إلى تكثيف الجهود الرامية إلى دفع العملية السياسية، وتفعيل القرارات الدولية لحل الأزمة السورية.
وفود أوروبية تزور شرق الفرات لـ«دعم الاستقرار»
وفود أوروبية تزور شرق الفرات لـ«دعم الاستقرار»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة