فاتي... مِن لعب الكرة بشوارع الأحياء الفقيرة إلى الاحتراف في برشلونة

لاعب برشلونة أنسو فاتي (أ.ف.ب)
لاعب برشلونة أنسو فاتي (أ.ف.ب)
TT

فاتي... مِن لعب الكرة بشوارع الأحياء الفقيرة إلى الاحتراف في برشلونة

لاعب برشلونة أنسو فاتي (أ.ف.ب)
لاعب برشلونة أنسو فاتي (أ.ف.ب)

من طفل ترعرع في الأحياء الفقيرة في غينيا بياسو، ومارس كرة القدم على الأراضي الترابية، إلى أكبر ملاعب وأندية العالم في برشلونة... هذا هو الطريق الذي سلكه المراهق أنسو فاتي، الذي وصل عام 2009 إلى إسبانيا مهاجراً من أفريقيا، وأصبح بعمر الـ16 حديث عالم «المستديرة».
«أنسو فاتي لاعباً في برشلونة»، هي الجملة التي يرددها أصدقاؤه في ضواحي العاصمة بيساو حيث ترعرع، والفرحة تغمرهم عندما يرددون اسم صديقهم «البطل».
ولد فاتي في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) من العام 2002 وأمضى السنوات الست الأولى من حياته في غينيا بيساو.
في ذاك المكان مارس كرة القدم مع رفاقه بالشوارع منتعلاً الجوارب أو الصنادل البلاستيكية ومراوغاً الأقوى والأكبر منه سناً، وفق ما يروي مدربه الشاب في حينها، مالام روميسيو، لوكالة الصحافة الفرنسية، معترفاً: «كنت أشجع ريال مدريد، ولكن غيرت انتمائي عندما عرفت أن أنسو بات لاعباً أساسياً في برشلونة».
وأصبح فاتي في 31 أغسطس (آب) الفائت أصغر هداف في تاريخ برشلونة، خلال التعادل 2 - 2 مع أوساسونا في الدوري المحلي، قبل أن يصبح يوم الثلاثاء الماضي بعد مشاركته في مباراة برشلونة ضد دورتموند أصغر لاعب يحمل ألوان النادي الكاتالوني في المسابقات الأوروبية، وفق موقع «أوبتا» للإحصاءات.
وتشكل هذه الأرقام مدعاة فخر لأبناء بلده الأم الصغير، الواقع غرب القارة الأفريقية والغني بغاباته ومناظره الخلابة والمصنف ضمن أفقر بلدان العالم.
وفي المنزل الواقع في أحد الأحياء الفقيرة حيث ترعرع أنسو، يشير عمه دجيبي فاتي إليه في صور العائلة، فتى صغيراً باللباس التقليدي خلال المناسبات، قائلاً إنه في «كل مرة كان يعود فيها فاتي من كرة القدم، كان يطالب بأكل الخبز».
هاجر والده بوري فاتي إلى البرتغال، ومن ثم إلى إسبانيا باحثاً عن وظيفة.
ويروي أمادور سافيردا، الذي تعرف إلى بوري في بلدة هيريرا الأندلسية (البالغ عدد سكانها 6000 نسمة) والواقعة في مقاطعة إشبيلية جنوب إسبانيا، أن والد فاتي عمل في مجالات مختلفة، «في موقع بناء القطار السريع، في حصاد الزيتون، ونادلاً في ملهي ليلي».
وأشار سافيردا إلى أنه لم يكن يدرك أنه سيأتي يوماً ويشرف فيه على تدريب ابن بوري.
ويروي جوردي فيغاروا، أول مدرب إسباني أشرف على أنسو، أنه حين وصل الأخير إلى هيريرا في السابعة من العمر شكّل حالة خاصة بين رفاقه.
ويقول فيغاروا: «لقد كان الفارق كبيراً مع أصدقائه، من الناحيتين التكتيكية والفنية. في الفئات الصغرى، من الصعب أن تجد لاعباً يجمع الاثنتين، ولكنه كان مختلفاً».
انضم أنسو عام 2010 إلى أكاديمية نادي إشبيلية، قبل أن يضمه برشلونة إلى صفوفه عام 2012 (رفقة شقيقه الأكبر برايما)؛ حيث التحق بأكاديمية «لا ماسيا» الشهيرة، التي ما يزال فيها حتى الآن.
ويقول مارك سيرا، أول مدرب أشرف عليه في برشلونة، إن «أنسو كان من بين أصغر اللاعبين الذين تم قبولهم في لا ماسيا، لقد كان من الفتيان الذين يخترعون كرة القدم، وأحد أكثر اللاعبين الموهوبين الذين أتوا إلى لا ماسيا منذ (ليونيل) ميسي».
ويتابع سيرا أنه بعد مشاركته في إحدى البطولات، استقل أنسو القطار وحده عائداً إلى إشبيلية، وبعث رسالة إلى مدربه، يقول فيها إنه «نادم كثيراً لأنه لم يلعب جيداً، وإن ذلك لن يتكرر»، وختم سيرا قائلاً إنه «في سن العاشرة، كان ناضجاً جداً ومتطلباً تجاه ذاته».
ورغم أن أنسو يحمل جنسية غينيا بيساو، فإن بإمكانه أن يلعب في صفوف المنتخب الإسباني، وبات محط أنظار المدرب روبرتو مورينو، الذي اعتبر أنه قام «ببداية مذهلة» مع برشلونة.
ويرغب فاتي بتمثيل «لا روخا» عوضاً عن بلده الأم، وبدأ بتحضير إجراءات الحصول على الجنسية للمشاركة في كأس العالم لدون 17 عاماً الشهر المقبل في البرازيل، وذلك بحسب ما أكد مدرب المنتخب ديفيد غوردو لإذاعة «كادينا سير»، بالقول: «أنسو كان أمام فرصة تمثيل منتخب وطني آخر، لكنه اختار إسبانيا. نحن نفعل كل ما هو ممكن لتحقيق هذا الأمر، ونتطلع ليكون بتصرفنا في أقرب وقت ممكن».
أما مدربه في النادي الكاتالوني، إرنستو فالفيردي، فقد وصفه بـ«اللاعب المتوازن»، آملاً في «أن يتعلم ويتعرف على دوري الدرجة الأولى ويعي أنه صعب ويستوعب عبء العمل والضغط».
وقد صرح والده، بوري فاتي، لإذاعة «أوندا سيرو» في أغسطس الفائت: «نحن عمال متواضعون. أقول كل يوم لفاتي؛ هذه وظيفتك. عندما تمتلك الكرة، أدر وجهك نحو المرمى وسدد. لا تنظر خلفك».



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».