الإنتربول يرصد «دواعش» في البحر المتوسط عائدين من سوريا والعراق

TT

الإنتربول يرصد «دواعش» في البحر المتوسط عائدين من سوريا والعراق

تتواصل الجهود الدولية والإقليمية في ملف رصد عودة «دواعش» إلى أوطانهم، عقب الهزائم التي تعرضوا لها في سوريا والعراق.
وبعد أيام من تصريحات للمسؤولين عن ملف مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي، بشأن التقدم الذي تحقق في التنسيق وتبادل المعلومات، لرصد العائدين من المقاتلين الأجانب من مناطق الصراعات، وخصوصاً من سوريا والعراق، قالت منظمة الشرطة الدولية (إنتربول) الخميس، إنها رصدت أكثر من 12 شخصاً يشتبه بأنهم مقاتلون، في البحر المتوسط، خلال واحدة من عملياتها البحرية الحدودية المنسقة.
وأضافت الوكالة التي تتخذ من فرنسا مقراً، في بيان، أن بين 31 توصل إليهم المحققون، هناك «أكثر من 12 شخصاً مرتبطاً بتحركات أفراد يشتبه بأنهم إرهابيون». وقال الأمين العام للإنتربول، يورغن ستوك: «عندما يتم تبادل المعلومات بين مختلف المناطق في العالم عبر شبكات الإنتربول، فإن كل عملية تفتيش أو مراقبة حدود أو تفتيش عشوائي تشكل فرصة محتملة في سياق التحقيقات المتعلقة بالإرهاب». وأضاف رئيس الإنتربول: «هكذا يتصرف الإنتربول كسلك عالمي، من خلال تعطيل حركة الأفراد المرتبطين بالأنشطة الإجرامية والإرهابية».
يذكر أنه وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2178 لعام 2014، فإن تبادل المعلومات من خلال منظمة الإنتربول «أمر حيوي لتحديد هوية المقاتلين الإرهابيين الأجانب المشتبه بهم، وذلك للحد من إمكانية تحركهم».
والجدير بالذكر أن قواعد بيانات الإنتربول تحوي حالياً تفاصيل لأكثر من 50 ألف مقاتل أجنبي، ونحو 400 ألف وثيقة من المعلومات المتعلقة بالإرهاب.
ويعتبر الإنتربول أكبر منظمة شرطية في العالم، وعدد أعضائه 192 دولة، وتقع الأمانة العامة للمنظمة في ليون بفرنسا، ولديها أيضاً سبعة مكاتب إقليمية في العالم، ومكتب يمثلها لدى الأمم المتحدة في نيويورك، وآخر يمثلها لدى الاتحاد الأوروبي في بروكسل.
وقبل أيام أطلق الاتحاد الأوروبي أول سجل قضائي أوروبي لمكافحة الإرهاب، بناء على مبادرة من وكالة العدل الأوروبية (يوروغست) التي تتخذ من لاهاي الهولندية مقراً لها، وتلقت الدعم من المؤسسات الاتحادية في بروكسل، وحرص كثير من الفعاليات الأوروبية المهمة على المشاركة في المؤتمر الصحافي الذي انعقد بهذه المناسبة، لتأكيد الدعم للمبادرة الجديدة، التي تأتي بغرض تعزيز وتسريع الإجراءات القضائية لمكافحة الإرهاب وتحسين الأمن؛ حيث سيتم تبادل المعلومات بين المدعين والقضاة، حول المشتبه بهم والمتورطين في جرائم الإرهاب، للتحرك بشكل استباقي وتفادي إفلات هؤلاء من العقاب.
وحسب المشاركين في المؤتمر الصحافي، فإن هذا أول سجل قضائي أوروبي في إطار مكافحة الإرهاب. وظهرت فكرته للمرة الأولى عند اجتماع أمني وقضائي جمع سبع دول أوروبية في أعقاب تفجيرات 2015 في باريس، والدول هي فرنسا وبلجيكا وإيطاليا وهولندا وإسبانيا ولوكسمبورغ وألمانيا. والآن أصبحت الفكرة حقيقة واقعة. وقال لاديسلاف هامران، مدير وكالة العدل الأوروبية (يوروغست): «سنقوم بتسجيل التحقيقات والملاحقات القضائية في ملفات تتعلق بالإرهاب، إلى جانب المعلومات الأخرى عن المشتبه بهم والمتورطين. وسنجمع هذه المعلومات من الدول الأعضاء، وفي الوقت نفسه ستكون متوفرة لكل الدول للاستفادة منها، واتخاذ خطوات استباقية. وبعد ستة أشهر سنقوم بتقييم ما حدث ومدى فعاليته».
والسجل القضائي الجديد سيقتصر على دول الاتحاد، على أن يكون التعاون مع أطراف خارجية، ومنها دول عربية، في إطار اتفاقيات منفصلة لتعزيز العمل المشترك في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف.


مقالات ذات صلة

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

المشرق العربي جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي حديث جانبي بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال العربية حول سوريا في العاصمة الأردنية عمان السبت (رويترز)

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

أكدت تركيا أن «وحدات حماية الشعب الكردية» لن يكون لها مكان في سوريا في ظل إدارتها الجديدة... وتحولت التطورات في سوريا إلى مادة للسجال بين إردوغان والمعارضة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.