حملة عراقية ضد العشوائيات تثير احتجاجاً في كربلاء

TT

حملة عراقية ضد العشوائيات تثير احتجاجاً في كربلاء

تظاهر مئات العراقيين في كربلاء، مساء أول من أمس، احتجاجاً على هدم منازلهم في إطار حملة تشنها السلطات منذ أسابيع في محافظات عدة ضد المساكن العشوائية المبنية على أراضي الدولة وممتلكاتها والأنشطة التجارية والحرفية غير المرخصة في الشوارع وعلى الأرصفة.
وشهدت محافظتا كربلاء والبصرة، أول من أمس، حملة غير مسبوقة ضد التجاوزات، فيما تقوم أمانة بغداد بشكل يومي بإزالة كثير من التجاوزات في مختلف أحياء العاصمة.
وأثارت حملة إزالة التجاوزات الأخيرة جدلاً بين من يرون أن على الدولة محاسبة كبار المتجاوزين والفاسدين من الساسة وتوفير البدائل المناسبة لسكان العشوائيات، ومن يدعمون حملات الإزالة ويعتقدونها ضرورية وتساهم في تطبيق القانون وفرص سلطة الدولة.
وعلّق زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، أمس، على حملة إزالة التجاوزات، داعياً إلى «فتح المقرات الحزبية والحشدية والتيارية» للفقراء الذين تم تهديم منازلهم. وقال في تغريدة عبر «تويتر» «أن تقف بوجه الفقير وتهدم بيته الذي هو عبارة عن سقف يكاد لا يحميه من حر وبرد ومطر وتراب، وهو لا يملك منزلاً بديلاً ولا عملاً أو راتباً يستطيع معه تأجير منزل آخر أو إيجاد منزل آخر، فهذا أمر قبيح».
وأضاف أن «الأمر قبيح أخلاقياً وشرعياً، (فالأرض لمن أحياها) ومعه يحق له المطالبة بالتعويض ولا أنصح بالتعويض مالياً، بل البدء بحملة إزالة التجاوزات تدريجياً بعد إيجاد أحياء سكنية حسب الطبقات الاجتماعية وهذا ينطبق على الجميع. نعم ينطبق على الخضراء (مقر الحكومة والبرلمان) قبل الفقراء».
وطالب الصدر الحكومة بـ«البدء بإنشاء الأحياء السكنية كل بحسبه مع كامل البنى التحتية والملحقات الحياتية الضرورية ثم نقل الأهالي إليها وأخذ البيوت والمحال وغيرها من التجاوزات». ورأى أنه «يجب أن تشتمل الحملة على مداهمة الفاسدين الذين اغتصبوا منازل الفقراء والمسيحيين واستولوا على الأراضي والمزارع والمعامل وما شاكل ذلك، لتكون الحكومة عادلة في قراراتها».
وحيال موجة الضغط التي تعرضت لها حكومة كربلاء على خلفية حملة الإزالة، قررت أمس التوقف عن هدم منازل الأسر الفقيرة حصراً، لكنها أكدت استمرارها في رفع التجاوزات عن الشوارع والأرصفة وتهديم منازل الأشخاص الذين «يتاجرون ويتعاطون المواد الممنوعة» والذين يملكون قطع أراض خاصة أو أصحاب الدخول الجيدة.
وأصدر محافظ البصرة أسعد العيداني الذي يقوم بحملة مماثلة لإزالة التجاوزات، أمس، بياناً، قال فيه إنه وجه قسم العقود الحكومية «بإعلان مشروع إنشاء دور سكنية اقتصادية في منطقة السيبة للفقراء من أهالي محافظة البصرة»، في إشارة إلى عدم شمول النازحين إلى البصرة من المحافظات الجنوبية القريبة بتلك المنازل.
وذكر بيان العيداني أن «المشروع هو ضمن استراتيجية التخفيف من الفقر وبرنامج تنمية الأقاليم لعام 2019، والحكومة المحلية ستختار الشركات الرصينة والتي لديها الخبرة والمؤهلات لإقامة مشاريع كهذه للفقراء».
وتعد مشكلة السكن والتجاوزات عموماً واحدة من أعقد المشاكل التي تواجه حكومة عبد المهدي الحالية والحكومات التي سبقتها، من دون أن تتمكن أي من هذه الحكومات من إيجاد الحلول المناسبة لها، نظراً إلى حجم المشكلة الكبير، إذ تشير التقديرات الرسمية إلى حاجة البلاد إلى نحو مليوني ونصف المليون وحدة سكنية للتغلب على مشكلة أزمة السكن في عموم محافظات العراق، باستثناء إقليم كردستان.
كانت وزارة التخطيط، أعلنت في مارس (آذار) الماضي، عن إحصائيات وصفت بالصادمة لأعداد المجمعات العشوائية في عموم المدن العراقية وعدد الساكنين فيها، واحتلت بغداد الصدارة.
وذكرت الوزارة أن «عدد المجمعات العشوائية في عموم المدن العراقية يبلغ 3700 مجمع عشوائي، وأن بغداد جاءت في صدارة المدن بواقع 1002 منطقة عشوائية تليها محافظة البصرة ونينوى بـ700 عشوائية». ولفتت إلى أن «محافظتي كربلاء والنجف أقل المحافظات بواقع 98 منطقة عشوائية، وأن عدد الوحدات السكنية في جميع المجمعات العشوائية يصل إلى 522 ألف وحدة سكنية، تضم أكثر من ثلاثة ملايين نسمة».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.