وفد عراقي غير مسبوق يزو الصين سعياً لتحقيق «قفزة نوعية» في العلاقات

TT

وفد عراقي غير مسبوق يزو الصين سعياً لتحقيق «قفزة نوعية» في العلاقات

بدأ رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي زيارة للصين، أمس، على رأس الوفد الأكبر في تاريخ الدولة العراقية، أملاً بتحقيق «قفزة نوعية في العلاقات بين البلدين».
وقال عبد المهدي الذي اصطحب نصف تشكيلته الحكومية وكل محافظي العراق الـ18، في رسالة وجهها إلى العراقيين من على متن الطائرة الرئاسية: «أكتب هذه الكلمات ونحن في طريقنا إلى جمهورية الصين الشعبية في زيارة نريد لها أن تكون قفزة نوعية في العلاقات بين البلدين، وقد اصطحبنا وفداً من كبار المسؤولين التنفيذيين يضم عدداً مهماً من الوزراء وكبار المسؤولين ومن بينهم المحافظون من عموم محافظات العراق».
وأشار إلى أن حجم الوفد غير المسبوق «ليس لأهمية الصين للعراق ومكانتها العالمية فحسب، بل لأن العراق يعمل أيضاً منذ فترة على تطوير علاقات استراتيجية إطارية مع الصين المعروفة بقدراتها الاقتصادية والتقنية ومساهماتها الطويلة في إعمار وبناء بلدها المترامي الأطراف والأول عالمياً من حيث عدد السكان».
وأضاف أن الزيارة تسعى إلى «تكوين علاقات إطارية للشراكة الاستراتيجية من أجل أن ينهض العراق ويعيد بناء بنيته التحتية واقتصاده ومجتمعه ويحقق تقدماً ملموساً في التخلص من عوامل البطالة والفقر والأمية والتخلف. وحيث إن طريقنا يمر عبر الهند لذلك توقفنا لوقت قصير في نيودلهي وبحثنا مع مسؤولين في الحكومة الهندية تفعيل اللجنة المشتركة بين العراق والهند والتي لم تجتمع منذ عام 2013».
ورأى أن «الوقت لا يسمح بالانتظار طويلاً وتضييع الفرص، فنحن بحاجة إلى قرارات مدروسة وسريعة ومباشرة تتخذ على أعلى المستويات مع مسؤولي الدول الأخرى التي نطمح في إقامة علاقات منفعة متبادلة وشراكة مستدامة معها تساعدنا في تحقيق برامجنا الطموحة، خصوصاً في مجالات الزراعة والصناعة والتسلح والتعليم والصحة والطاقة والاتصالات والمواصلات والمياه وكل ما له علاقة بإنشاء وإعادة إعمار البنى التحتية الأساسية للعراق».
وأكد النائب عن «ائتلاف دولة القانون» منصور البعيجي أن ائتلافه يدعم زيارة رئيس الوزراء إلى الصين، معتبراً أنها «مهمة وخطوة موفقة وجاءت في وقتها المناسب، وتأتي ضمن سياسة انفتاح العراق على دول العالم العظمى، خصوصاً أن الصين بلد صناعي تجاري، وستشكل هذه الزيارة نتائج كبيرة نأمل بأن تنعكس إيجاباً على الوضع في العراق بأسرع ما يمكن».
وأوضح أن «الزيارة تأتي لعقد المشاريع الخدمية والصحية إضافة إلى فتح التبادل التجاري مع الصين والتباحث في ملفات أخرى كشراء الأسلحة، لذلك هذه الزيارة ستكون لها مؤثرات إيجابية مهمة للعراق خلال المرحلة المقبلة، والبرلمان يدعمها مع مراقبة النتائج من منطلق أن العراق منفتح على جميع دول العالم ويتعامل مع أي بلد يحترم سيادته، وسننوع مصادر التجارة والصناعة والتسليح مع بلدان عدة».
غير أن عضو لجنة الاستثمار والاقتصاد البرلمانية النائب عبد الله الخربيط قال لـ«الشرق الأوسط» إن «التفاوض مع الصين أمر مهم جداً، لكن التوقيع خطر، لأن القرض المالي أرخص بكثير من قروض الأعمال الميسرة». وأضاف أن «العراق يعاني من سوء واضح في البنى التحتية لكننا في الوقت نفسه نعاني أكثر في مجال البطالة». وأشار إلى أن «مسألة اختيار مشاريع كبرى كي تنفذها الصين أمر مهم، مثل ميناء الفاو الكبير أو القناة الجافة وكذلك المحطات الحرارية للكهرباء. أما ما عدا ذلك كأن يكون تكليف الصين بملف الإعمار والبناء، فسيكون بمثابة انتحار سياسي واقتصادي».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.