السيسي في جامعة القاهرة وسط إجراءات أمنية مشددة وترقب شبابي

ارتباك في موعد الزيارة وتظاهرة «إخوانية» محدودة تستبق وصوله بساعات

السيسي في جامعة القاهرة وسط إجراءات أمنية مشددة وترقب شبابي
TT

السيسي في جامعة القاهرة وسط إجراءات أمنية مشددة وترقب شبابي

السيسي في جامعة القاهرة وسط إجراءات أمنية مشددة وترقب شبابي

مستفيدا من نجاح زيارته إلى نيويورك خلال مشاركته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي، يسعى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على ما يبدو لتدعيم صورته في أوساط الشباب وطلاب الجامعات في كلمة التي ألقاها في ساعة متأخرة من مساء أمس الأحد في جامعة القاهرة (غرب القاهرة). وتمثل الجامعات أحد أبرز التحديات الأمنية الداخلية أمام السلطات التي تسعى لتحقيق الاستقرار، وحشد جهودها لمواجهة التنظيمات الإرهابية التي تسربت إلى الوادي من مركزها في شبه جزيرة سيناء (شرق القاهرة).
وقال ياسر رزق، رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير صحيفة «الأخبار» المصرية، لـ«الشرق الأوسط» إنه «ما من شك أن زيارة الرئيس السيسي للجامعة تهدف إلى لم شمل النظام مع جيل الشباب لتحقيق اصطفاف وطني؛ إنجازه لم يعد رفاهية، بل ضرورة يفرضها مشروع السيسي الوطني».
ونجح السيسي في كسب شعبية واسعة وسط قطاعات واسعة من المصريين في أعقاب انحيازه لثورة 30 يونيو (حزيران)، لكن قطاعات من الشباب بدت أكثر حذرا تجاه الرجل القادم من المؤسسة العسكرية. واتسعت هوة الخلاف مع النشطاء الشباب والسلطة الجديدة على خلفية إقرار قانون تنظيم الحق في التظاهر المثير للجدل.
وأشار رزق إلى أن تعبير المصالحة الذي تحدث عنه الرئيس السيسي قبل وأثناء رحلته إلى نيويورك كان منصبا على تحقيق المصالحة مع كل فئات الشعب ومن بينها الشباب، خصوصا أن الرئيس التقى الإعلاميين والعلماء والخبراء ورجال الأعمال خلال الفترة الماضية، ومن الطبيعي أن يلتقي الشباب أيضا. وأضاف رزق أن «توجيه الرئيس رسالة لشباب مصر من قاعة ناصر في جامعة القاهرة، وهي القاعة التي شهدت الكثير من الأحداث التاريخية، لا شك رسالة مهمة خاصة مع سن تقليد جديد بتكريم أوائل الكليات المدنية للمرة الأولى بعد أن ظل هذا التقليد مقتصرا على الكليات العسكرية».
من جانبه، يقر الدكتور عبد الجليل مصطفى، عضو لجنة الـ50 التي صاغت دستور البلاد الجديد، بـ«دقة المرحلة الحالية». وقال مصطفى لـ«الشرق الأوسط» أمس إنه «من الخطأ تجاهل حرب الاستنزاف التي تواجهها البلاد حاليا، وبالأخص داخل الجامعات، عند الحديث عن الحريات الجامعية».
ويعد مصطفي أحد أبرز رموز حركة أساتذة «9 مارس» التي خاضت صراعا طويلا مع نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك لانتزاع الحريات الجامعة، ونجح مع آخرين في الحصول على حكم قضائي بإقصاء الحرس الجامعي إلى خارج الجامعة عام 2010.
وقال مصطفى الذي شارك في الهيئة الاستشارية لحملة الرئيس السيسي الانتخابية منتصف العام الحالي إن «الحكومة الحالية لديها توجه لا يريد التفاعل مع الجامعات انطلاقا من فهم حقيقي لضرورات الإصلاح وترتكز في معالجتها للقضية على الإجراءات الأمنية دون النظر إلى المشكلات في جملتها، لكن الإشكالية هو أننا نعيش بالفعل حربا إرهابية لا تزال تعمل عملها حتى اليوم، ولا يمكن أن نغفل هذا الظرف الاستثنائي».
وأجلت السلطات بدء العام الدراسي في الجامعات حتى 11 أكتوبر (تشرين أول) المقبل، واتخذت إجراءات متشددة لقبول سكن الطلاب في المدن الجامعية، بعد عام من الصدامات الدامية شهدته الجامعات والمدن الجامعية خلال العام الدراسي السابق. وتدرس الحكومة حاليا منح رؤساء الجامعات سلطة فصل الأساتذة والطلاب، بعد أن أقرت بالفعل قانونا جديدا يلغي انتخاب العمداء ورؤساء الجامعة، الذي طبق العام الدراسي المنقضي.
وتظاهر عشرات الطلاب المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين في ميدان التحرير أمس اعتراضا على زيارة السيسي للجامعة، في فعالية خاطفة لم تدم سوى بضع دقائق، لكنها تحمل مضامين رمزية. كما تظاهر عشرات الطلاب أيضا أمام البوابة الرئيسة لجامعة عين شمس (شرق القاهرة) ورددوا هتافات مناهضة للجيش والشرطة.
ولا يزال الطلاب المنتمين للقوى وتيارات سياسية مدنية داخل الجامعات وخارجها يعملون بمعزل عن طلاب جماعة الإخوان الذين فشلوا حتى الآن في توسيع تحالفها خارج حدود أحزاب إسلامية منضوية تحت مظلة التحالف الوطني لدعم الشرعية الذي تقوده الجماعة، رغم إعلان بعض الحركات الاحتجاجية، وعلى رأسها حركة «شباب 6 أبريل»، انسحابها من تحالف 30 يونيو.
ويذكر أن أجواء الزيارة شهدت تشديدات أمنية غير مسبوقة، ذكرت المصريين بزيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى ذات المكان في مطلع يونيو (حزيران) من عام 2009، حين ألقى خطبته الشهيرة الموجهة إلى العالم العربي من ذات المنصة.
وأكد شهود عيان من محيط الجامعة إغلاق الكثير من الشوارع المحيطة، وأشار بعضهم إلى فرض «حظر تجوال» جزئي حولها. فيما انتشر رجال الحرس الجمهوري في المحيط الداخلي للمكان، حيث تسلموا تأمين الجامعة قبل يومين. بينما انتشرت قوات الأمن في المحيط الخارجي في عدة دوائر.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».