الفلسطينيون سعداء «بخسارة» نتنياهو ولا يتوقعون تغييرات جوهرية

السلطة تنتظر «شريك سلام» و«حماس» تدعو إلى مواصلة «النضال»

فلسطيني من جنوب غزة يقرأ أخبار الانتخابات الإسرائيلية أمس (رويترز)
فلسطيني من جنوب غزة يقرأ أخبار الانتخابات الإسرائيلية أمس (رويترز)
TT

الفلسطينيون سعداء «بخسارة» نتنياهو ولا يتوقعون تغييرات جوهرية

فلسطيني من جنوب غزة يقرأ أخبار الانتخابات الإسرائيلية أمس (رويترز)
فلسطيني من جنوب غزة يقرأ أخبار الانتخابات الإسرائيلية أمس (رويترز)

على الرغم من امتناع السلطة الفلسطينية عن التعليق رسمياً على الانتخابات الإسرائيلية باعتبارها «شأناً داخلياً»، لم يخف نائب الرئيس محمود عباس في قيادة حركة «فتح» محمود العالول، الاغتباط بـ«خسارة» رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.
وقال العالول، إن «نتنياهو مُني بهزيمة وتراجع كرمز للعدوانية». وأضاف: «التراجع والهزيمة التي مُني بها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي كان رمزاً للعدوانية والعنصرية، تأتي بعد أن ركزت حملته الانتخابية على استمرار المزيد من الانتهاكات، وعلى رأسها ضم أجزاء من الضفة الغربية وشمال البحر الميت في حال فوزه في هذه الانتخابات».
وتصريحات العالول تعكس اغتباط القيادة الفلسطينية بخسارة بنيامين نتنياهو للانتخابات، وهي أمنيات صامتة ضد الرجل الذي يدير الظهر لكل الاتفاقيات، وذاهب إلى ضم أجزاء مهمة من الضفة الغربية، منهياً بذلك أي احتمال لإقامة السلام في المنطقة.
ويدرك الفلسطينيون أنهم ليسوا أمام تغيير كبير حتى إذا رحل نتنياهو. وعلى الأقل لن يكون هذا التغيير مرتبطاً بالقضايا الخلافية الساخنة في عملية السلام مع الفلسطينيين، لكن يعتقد الفلسطينيون أنه إذا رحل نتنياهو فإن خلفه لن يذهب على الأقل إلى ضم الضفة الغربية. وقال العالول «الكتل الانتخابية الصهيونية وإن اختلفت في برامجها، إلا أنها تتفق على تكريس الاحتلال وتوسع الاستيطان، وإرضاء المستوطنين، ومحاولات إلغاء الوجود الفلسطيني.
ويوجد سيناريوهات كثيرة في إسرائيل من أجل تشكيل الحكومة الجديدة، وهي سيناريوهات مفتوحة حتى على إعادة انتخابات ثالثة. وينتظر الفلسطينيون أكثر من غيرهم النتيجة كيف يعرفون ماذا ستكون خطوتهم القادمة.
من جهته، قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات «الانتخابات الإسرائيلية كانت بين خيار إبقاء الأوضاع على ما هي عليه أو تعميق الابرثايد، لكن لتحقيق السلام، على أي حكومة إسرائيلية قادمة أن تدرك أن لا أمن ولا سلام دون إنهاء الاحتلال: فلسطين إلى جانب إسرائيل على حدود 1967».
ويبدو البحث عن شريك سلام هو الهاجس الفلسطيني الذي لن يتحقق.
وقال عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» وزير الشؤون المدنية، حسين الشيخ، إن موقف السلطة الفلسطينية الثابت، بأن هذه الانتخابات شأن داخلي إسرائيلي. وأضاف: «نبحث عن شريك حقيقي للسلام ينهي الاحتلال ويؤمن بحل الدولتين وفقاً لقرارات الشرعية الدولية والاتفاقيات الموقعة».
لكن هذا الشأن الداخلي، له انعكاس مباشر وكبير ومصيري أحياناً على الفلسطينيين، وهو واقع لم تنفِه وزارة الخارجية الفلسطينية التي قالت: «إن الانتخابات الإسرائيلية هي شأن إسرائيلي داخلي، لكن تلقي بظلالها الكبيرة على فرص حل الصراع، وعلى مستقبل العلاقة بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي»، مضيفة، أنه مهما كانت طبيعة تلك النتائج والائتلاف القادم في إسرائيل، فإن محاولات الهرب من حل القضية الفلسطينية عبر المماطلة وكسب الوقت وإطالة أمد إدارة الصراع، أو محاولات فرض الاستسلام على شعبنا وتمرير مشاريع تصفوية للقضية الفلسطينية وحلول مجتزئة منقوصة لن تمر.
وأكدت الخارجية «أنه وفي الوقت الذي تتمسك فيه القيادة الفلسطينية بنهج السلام والحل السياسي للصراع والمفاوضات الجادة، والبحث عن شريك سلام حقيقي في إسرائيل، فإنها ستواصل بذل جهودها السياسية والدبلوماسية لتدويل القضية الفلسطينية، عبر تكريس الشخصية القانونية الدولية لدولة فلسطين، والحضور الدائم لحقوق شعبنا في أروقة الأمم المتحدة ومؤسساتها ومنظماتها المختلفة». ولفت البيان إلى «استمرار الجهد الدبلوماسي الفلسطيني وصولاً إلى مساءلة ومحاسبة المسؤولين الإسرائيليين على انتهاكاتهم وجرائمهم بحق شعبنا، في تأكيد متواصل على أن حقوق شعبنا كما أقرّتها الشرعية الدولية وقراراتها ليست للمساومة والمقايضة بين الأحزاب الإسرائيلية».
وبخلاف السلطة، ترى «حماس» أن الحل هو في استمرار المواجهة مع أي حكومة ستتشكل. وقال حازم قاسم، الناطق باسم «حماس»: «إن الجمهور الإسرائيلي كان بين اختيار الحزب المتطرف أو الأكثر تطرفاً، وإن جميع الأحزاب كانت واضحة في معاداة شعبنا وإنكار حقوقه».
ولفت قاسم في تصريح صحافي له، إلى أن كل الأحزاب تحرّض على العدوان على قطاع غزة وضم الضفة الغربية، وتوسيع الاستيطان، وانتهاك حرمة المسجد الأقصى، وإنكار حق العودة. وأضاف: «بغض النظر عمن سيقود الكيان الصهيوني»، إن شعبنا، «يواجه كل مشاريع تصفية القضية الفلسطينية، ويقيم دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وسيواصل نضاله لكسر الحصار عن قطاع غزة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.