السيسي يؤكد دعم مصر أمن السودان واستقراره

أسباب فرنسية «قاهرة» تؤجل زيارة حمدوك لباريس

السيسي وحمدوك خلال محادثاتهما في القاهرة أمس (أ.ف.ب)
السيسي وحمدوك خلال محادثاتهما في القاهرة أمس (أ.ف.ب)
TT

السيسي يؤكد دعم مصر أمن السودان واستقراره

السيسي وحمدوك خلال محادثاتهما في القاهرة أمس (أ.ف.ب)
السيسي وحمدوك خلال محادثاتهما في القاهرة أمس (أ.ف.ب)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال استقباله رئيس وزراء السودان عبد الله حمدوك، في القاهرة، أمس، «دعم بلاده لأمن السودان واستقراره، ومساندتها لإرادة الشعب السوداني الشقيق وخياراته». واتفق الجانبان على سرعة تنفيذ المشروعات التنموية المشتركة، كالربط الكهربائي وخط السكك الحديدية، ودعم التعاون الثنائي في إطار المصلحة المشتركة.
وتعد زيارة حمدوك هي الأولى له عربياً منذ تنصيبه رئيساً للوزراء الشهر الماضي. وأعرب رئيس الوزراء السوداني عن «تقديره للدعم المصري ثنائياً وإقليمياً ودولياً، والتطلع للاستفادة خلال المرحلة الحالية من الخبرات المصرية في مجال المشروعات التنموية والإصلاح الاقتصادي».
وقال الناطق باسم الرئاسة المصرية بسام راضي إن السيسي هنأ حمدوك على توليه منصبه والإعلان عن تشكيل الحكومة السودانية الجديدة، مؤكداً «الروابط الأزلية التي تجمع شعبي وادي النيل، والترابط التاريخي بين مصر والسودان، ووحدة المصير والمصلحة المشتركة».
وأعرب السيسي، وفق بيان الرئاسة، عن «تقديره لنجاح السودان في تجاوز المرحلة الراهنة المهمة من تاريخه وبدء مسار العمل الحقيقي نحو تحقيق آمال وتطلعات الشعب السوداني الشقيق في التنمية»، مؤكداً حرص مصر على عودة السودان لدوره الطبيعي في محيطه الإقليمي والعربي والأفريقي، فضلاً عن مواصلة التعاون والتنسيق مع السودان في الملفات كافة محل الاهتمام المتبادل، والدفع نحو سرعة تنفيذ المشروعات التنموية المشتركة، كالربط الكهربائي وخط السكك الحديدية، بما يحقق الرخاء والتقدم لشعبي البلدين، في إطار ثابت من الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة.
وأوضح البيان أن السيسي أكد دعم مصر الكامل لأمن واستقرار السودان، ومساندتها لإرادة الشعب السوداني الشقيق وخياراته في صياغة مستقبل بلاده، والحفاظ على مؤسسات الدولة، واستعدادها لتقديم سبل الدعم كافة للأشقاء في السودان في هذا الخصوص.
ونقل عن حمدوك تأكيده «التقارب الشعبي والحكومي الراسخ بين مصر والسودان»، وإشادته بـ«الجهود القائمة المتبادلة للارتقاء بأواصر التعاون المشترك بين البلدين، والدعم المصري المخلص، ثنائياً وإقليمياً ودولياً، للحفاظ على سلامة السودان واستقراره في ظل المنعطف التاريخي المهم الذي يمر به، بما أسهم في تجاوز السودان صعوبات تلك المرحلة، مع الإعراب عن التطلع للاستفادة خلال المرحلة الحالية من الخبرات المصرية في مجال المشروعات التنموية والإصلاح الاقتصادي وإعادة الهيكلة». وجرى خلال اللقاء استعراض تطورات الأوضاع في السودان والجهود المبذولة للتعامل مع المستجدات في هذا الصدد، ونوّه حمدوك بدور مصر من خلال رئاستها الحالية للاتحاد الأفريقي، والذي أفضى مؤخراً إلى صدور قرار رفع تعليق عضوية السودان داخل الاتحاد، وساهم بالتبعية في دفع الجهود القائمة لمؤازرة السودان على النجاح في تحقيق استحقاق المرحلة الراهنة.
وأشار البيان المصري إلى أن الجانبين توافقا خلال اللقاء على استمرار التنسيق المتبادل والتشاور المكثف بهدف دفع التعاون المشترك لصالح البلدين والشعبين عن طريق الاستغلال الأمثل للفرص والآليات المتاحة لتعزيز التكامل بينهما على مختلف الأصعدة، لا سيما الاقتصادية والتجارية، وكذا الربط الكهربائي والربط السككي، إلى جانب دعم وبناء القدرات السودانية في القطاعات كافة.
ومنذ بداية الأحداث في السودان، حرصت مصر على تأكيد دعمها الكامل لخيارات الشعب السوداني، ورفض التدخل في شؤونه. وقام رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان، بزيارة القاهرة، كأول زيارة خارجية له، نهاية مايو (أيار) الماضي، حيث التقى السيسي، وأكد «عمق الروابط الأزلية بين البلدين» وسعيه لتوطيدها.
وفي السياق ذاته، تأجلت الزيارة التي كان مقرراً أن يقوم بها عبد الله حمدوك إلى فرنسا اليوم الخميس، بعد إكمال زيارته إلى مصر، على نحو مفاجئ، وقالت سفارة فرنسا في الخرطوم أمس، إن أسباباً قاهرة في جدول الرئيس إيمانويل ماكرون أدت لتأجيل زيارة «عبد الله حمدوك» إلى باريس.
ونقل حساب السفارة الرسمي على موقع «تويتر» أن المشاورات جارية لتحديد موعد جديد للزيارة في القريب العاجل، مبدية أسفها لما أسمته بالمضايقات التي تسبب فيها التأجيل، وأكدت رغبة الرئيس الفرنسي في استقبال رئيس الوزراء السوداني، وفي تقوية دعم فرنسا للسودان في هذه المرحلة المهمة من تاريخه.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.