«مجلس سوريا الديمقراطية» يدعو دمشق للاعتراف بالإدارة الذاتية

رداً على اتهامات الخارجية السورية

TT

«مجلس سوريا الديمقراطية» يدعو دمشق للاعتراف بالإدارة الذاتية

حمّل «مجلس سوريا الديمقراطية» النظام الحاكم فشله، عبرَ تمسكه بالسيادة الوطنية وكيل الاتهامات، وطالب بضرورة تغيير منظومة الاستبداد المركزية، والانتقال إلى عملية سياسية تفضي إلى سلام دائم، رداً على بيان الخارجية السورية باتهام «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة بالعمل على تقسيم سوريا.
وقالت الخارجية السورية في بيان قبل أيام: «تواصل ميليشيا (قسد) ممارساتها الإجرامية والقمعية بحق أبناء الشعب السوري، في محافظات الحسكة والرقة ودير الزور وحلب، مدعومة من الولايات المتحدة الأميركية وقوات التحالف الدولي»، وانتقالها إلى مرحلة جديدة تخدم المخططات الأميركية والإسرائيلية بالمنطقة، وإطالة أمد الحرب: «واتخاذها من اختطاف المدنيين وتعذيبهم وقتلهم وطردهم من أماكن إقامتهم ومنازلهم سياسة لها، فضلاً عن سرقة ممتلكاتهم، وسوق الشباب منهم إلى التجنيد الإجباري غير الشرعي لديها؛ وذلك بهدف فرض واقع جديد».
من جهتها، قالت إلهام أحمد، الرئيسة التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديمقراطية»، لـ«الشرق الأوسط»: «نرفض هذه الاتهامات جملة وتفصيلاً، ولا نفصلها عن اجتماع (ضامني) مسار آستانة في أنقرة، بهدف إرضاء الجانب التركي للبحث عن سبل لإعادة التطبيع والتفاهمات». والمجلس يُعد المظلة السياسية لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، ووجه مراراً دعوات للحكومة السورية إلى استئناف المحادثات والحوار. وأضافت: «أشرنا بشكل مستمر عبر تصريحاتنا، ووجهنا الدعوات المتتالية للحكومة السورية، بأن تبدأ الانخراط في عملية سياسية شاملة لحل الأزمة السورية، والاعتراف بالإدارة الذاتية، وخصوصية قواتها العسكرية».
وشدّدت على أنّ دعواتهم للحوار والتفاوض مع النظام قوبلت باتهامات التقسيم تارة والعمالة للولايات المتحدة الأميركية تارة ثانية، وتابعت: «هذا الأسلوب لن يخدم الحل السياسي وعملية السلام، فالتهديد بالحروب والمعارك في سبيل فرض السيطرة على كامل الأراضي السورية واستردادها على حد زعمهم، يطيل باستمرارية الحرب لأعوام أخرى».
وعقد ممثلو «مجلس سوريا الديمقراطية»، مع مسؤولين أمنيين من النظام السوري، محادثات رسمية منتصف عام 2017 بطلب من الأخير، وجاءت المحادثات بعد تهديدات الرئيس السوري بشار الأسد آنذاك لـ«قوات سوريا الديمقراطية»: إما الجلوس إلى طاولة المفاوضات وإما الحسم العسكري، عبر مقابلة تلفزيونية؛ حيث طلب مسؤولو النظام إدارة المعابر الحدودية، وانتشار القوات الأمنية داخل المدن، وعودة موظفي سد الفرات وإدارته، ومشاركة الأكراد في انتخابات الإدارة المحلية وفق المرسوم 107، إلا أن المحادثات تعثرت وتوقفت.
وقال شاهوز حسن، الرئيس المشترك لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي السوري»، أحد أبرز الأحزاب السياسية التي تدير مناطق شمال شرقي سوريا، والإدارة الذاتية المُعلنة منذ بداية 2014، إنهم يعملون على إيجاد حل حقيقي شامل وتسوية سياسية عامة على مستوى البلاد، وأضاف: «حل يضمن الحرية والكرامة، وإرساء نظام ديمقراطي لا مركزي، وإنهاء عقود الاستبداد والنظام الشمولي والحزب الواحد. نحن منفتحون على المفاوضات والحوارات، سواء مع النظام أو مع كل الأطراف، من دون استثناء».
واعتبر شاهوز حسن إصرار الإدارة الذاتية على التفاوض مع دمشق دون شروط، مردّه وضع حد للنزاع الدائر الذي دخل عامه التاسع. وقال: «يجب أن يكون مستقبل سوريا مبنياً على أساس حقيقي وواقعي، لا بالرهان على بضع من التطورات الميدانية أو التصريحات الإعلامية أو التغيرات التكتيكية البسيطة»، وزاد: «مقاربتنا للحل السياسي تقوم على أساس بناء نظام ديمقراطي لا مركزي؛ كونها مسألة استراتيجية بالنسبة لنا، والحوار هو طريق استراتيجية لحل جميع القضايا العالقة بأشكالها وتشعباتها كافة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».