«أزمة محروقات» تطل برأسها في لبنان مع شح العملة الصعبة

الموزعون يلوحون بإضراب مفتوح الأسبوع المقبل

محطة وقود في العاصمة اللبنانية مغلقة أمس احتجاجا على عدم توافر الدولار لشراء الوقود (رويترز)
محطة وقود في العاصمة اللبنانية مغلقة أمس احتجاجا على عدم توافر الدولار لشراء الوقود (رويترز)
TT

«أزمة محروقات» تطل برأسها في لبنان مع شح العملة الصعبة

محطة وقود في العاصمة اللبنانية مغلقة أمس احتجاجا على عدم توافر الدولار لشراء الوقود (رويترز)
محطة وقود في العاصمة اللبنانية مغلقة أمس احتجاجا على عدم توافر الدولار لشراء الوقود (رويترز)

نفذ قطاع المحروقات اللبناني، أمس الأربعاء، إضراباً تحذيرياً ليوم واحد، شمل شركات استيراد المشتقات النفطية والتوزيع والصهاريج ومحطات المحروقات، في كافة المناطق اللبنانية، وذلك بعد تعثر إيجاد حل لموضوع توفير الدولار للتجار، من أجل شراء بضاعتهم من المشتقات النفطية.
وبينما لم تتطرق الحكومة في اجتماعها أمس إلى هذا الملف، ولم تقاربه بحسب ما أعلن رئيسها سعد الحريري، لوّحت شركات موزعي المحروقات بتصعيد في الأسبوع المقبل، عبر تنفيذ إضراب مفتوح.
وقال ممثّل شركات موزعي المحروقات في لبنان فادي أبو شقرا لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «التزام الشركات المستوردة للنفط في إضراب اليوم (أمس) هو بنسبة 100 في المائة، بينما سجلت محطات المحروقات نسبة التزام وصلت 97 في المائة في كافة الأراضي اللبنانية»، مؤكداً أن «القطاع لن يتراجع عن خطوته هذه، إلا بعد أن يلتمس جدّية في التعاطي مع هذا الملف».
وقال: «في حال لم يتجاوب المعنيون مع مطالب القطاع؛ فقد يصل الأمر إلى حد إعلان قطاع النفط الإضراب المفتوح الأسبوع المقبل»، لافتاً إلى أنّ «وزارة الطاقة لم تتواصل معهم بعد، لوضعهم في صورة أي حل تمّ الاتفاق عليه في هذا الشأن».
وقال أبو شقرا إنّ «الحل الّذي نقترحه، كأصحاب محطات وموزعين للمشتقات النفطية، هو أن ندفع ثمن المحروقات للشركات المستوردة للنفط بالليرة اللبنانية، على اعتبار أنّ أصحاب المحطات والموزعين يستلمون ثمن المحروقات بالعملة اللبنانية، وهكذا يبقى أمام الدولة اللبنانية تأمين الدولار للشركات المستوردة للنفط، التي تستورد بضاعتها بالعملة الأجنبية».
هذا الإضراب أثار بلبلة بين اللبنانيين. فمع انتشار هذا الخبر قبل يومين، شهدت محطات المحروقات ازدحاماً ملحوظاً، ولا سيما أول من أمس الثلاثاء. وقد كان لافتاً أنّ بعض هذه المحطات حدد قيمة البنزين الّذي يمكن شراؤه من قبل المستهلكين، فإحدى المحطات مثلاً، حددتها بـ25 ألف ليرة لبنانية ليس أكثر، كي تلبي حاجات أكبر عدد من الّذين قصدوها.
إلا أنّ تخوف اللبنانيين لا يقف عند إضراب أمس، إذ يخشى كثير منهم تكرار اعتكاف المحطات عن تزويدهم بالوقود في الأيام المقبلة، ما سيعرقل حتماً وصولهم إلى أماكن عملهم، وممارسة غالبية أعمالهم الحياتية، وهذا ما لمح إليه ممثلو قطاع المحروقات، حين لوحوا بالتصعيد في حال لم تحل الأزمة.
وظهرت بوادر الأزمة الشهر الماضي، حين اتهم أصحاب المحطات والشركات الموزعة للنفط محلات الصيرفة ببيعهم الدولار بأسعار تفوق السعر الرسمي للصرف، محذرين من إمكانية تعطيل القطاع، ما لم تتحرك وزارة الطاقة لحل هذه المسألة التي كبدت التجار خسائر كبيرة.
وحصل هذا الأمر في وقت تعثر فيه حصول التجار على الدولار من المصارف اللبنانية، بالسعر الرسمي المعمول به في مصرف لبنان، فما كان أمامهم سوى اللجوء إلى الصرافين الذين استغلوا حاجة التجار، ورفعوا سعر صرف الدولار مقابل الليرة.
وتكمن المشكلة الأساسية لدى شركات النفط اللبنانية، في أنّ «الشركات المستوردة للنفط تشتري المشتقات النفطية بالدولار، وتبيعه لشركات التوزيع ومحطات المحروقات بالدولار أيضاً، ولكن المواطن له الخيار في دفع ثمن المحروقات بالدولار أو بالليرة اللبنانية، وفي أغلب الأحيان تستوفي محطات المحروقات ثمن البضاعة من المستهلك بالليرة اللبنانية»، وفق ما يؤكده أبو شقرا.
ولكن أزمة القطاع النفطي ترتبط بأزمة أكبر يعاني منها الاقتصاد اللبناني، تتمثل في شحّ الدولار في السوق في الفترة الأخيرة، وهي نتيجة «تراجع احتياطات العملات الأجنبية في مصرف لبنان، الذي بات اليوم مرغماً على إحكام القبضة على الدولار من أجل زيادة احتياطاته»، حتى أنّ المصارف اللبنانية لم تعد لديها سيولة كافية لبيع الدولار للتجار والمستوردين، علماً بأن المصرف المركزي يحتاج هذه الاحتياطات من أجل التدخل في السوق، لتثبيت سعر صرف الليرة مقابل الدولار، وفق الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي.
وبدأت متفرعات الأزمة قبل أعوام، مع «تضاؤل تحويلات اللبنانيين المغتربين بسبب زعزعة الاقتصاد اللبناني، وتراجع الاستثمارات الخارجية في لبنان». ويشير يشوعي إلى أنه على جانب آخر، فإنّ اقتصاد لبنان غير المنتج: «كان سبباً في زيادة حجم البضاعة المستوردة من الخارج، وبالتالي الحاجة الدائمة للدولار، بينما كان يفترض وضع سياسات تساهم في تأمين دخول العملات الصعبة إلى لبنان بشكل ثابت، وهذا ما لم تسع إليه الدولة اللبنانية في السنوات الماضية».



ينطلق الأحد... «قطار الرياض» يعيد هندسة حركة المرور بالعاصمة

خلال الجولة في «قطار الرياض» التي نظمتها الهيئة الملكية لمدينة الرياض للإعلاميين (الشرق الأوسط)
خلال الجولة في «قطار الرياض» التي نظمتها الهيئة الملكية لمدينة الرياض للإعلاميين (الشرق الأوسط)
TT

ينطلق الأحد... «قطار الرياض» يعيد هندسة حركة المرور بالعاصمة

خلال الجولة في «قطار الرياض» التي نظمتها الهيئة الملكية لمدينة الرياض للإعلاميين (الشرق الأوسط)
خلال الجولة في «قطار الرياض» التي نظمتها الهيئة الملكية لمدينة الرياض للإعلاميين (الشرق الأوسط)

يوم الأحد، ينطلق «قطار الرياض» الأضخم في منطقة الشرق الأوسط، الذي يتضمن أطول قطار بلا سائق في العالم.

ويتوقع أن يخفف «قطار الرياض» من ازدحام السير في العاصمة السعودية بواقع 30 في المائة، وفق ما أعلنت «الهيئة الملكية لمدينة الرياض» خلال جولة نظمتها للإعلاميين، الجمعة، شرحت فيها تفاصيل المشروع.

وثيقة عمرها 16 عاما

ومن المقرر أن يغيّر هذا المشروع الضخم الذي أعلن افتتاحه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والذي سيبدأ بتشغيل بـ3 مسارات من أصل مساراته الـ6، شكل النقل العام في العاصمة المزدحمة. وهو يشكل (مشروع قطار الرياض) العمود الفقري لـ«مشروع الملك عبد العزيز للنقل العام بمدينة الرياض - القطار والحافلات».

الهيئة الملكية لمدينة الرياض

وقال المدير العام الأول في الإدارة العامة للمدن الذكية والمدير المكلف للبنية التحتية الرقمية لمشروع الملك عبد العزيز للنقل العام، ماهر شيرة، لـ«الشرق الأوسط» أثناء الجولة التي نظمتها الهيئة للإعلاميين، إن تطبيق «درب»، الذي أُطلق الخميس هو منصة رقمية متكاملة تهدف إلى تحسين تجربة التنقل في مدينة الرياض. وأوضح أن التطبيق يجمع بين أكثر من 105 أنظمة تقنية ضمن شبكة النقل العام في المدينة، بما في ذلك أنظمة الحافلات والقطارات وأنظمة التخطيط والتذاكر.

وأوضح شيرة أن تطبيق «درب» يتضمن أربع خصائص رئيسية؛ الأولى هي «الاستعلام»، التي تتيح للمستخدمين التعرف على الشبكة بشكل مفصل، بما في ذلك المحطات وأوقات الرحلات وأسعار التذاكر والمسارات. والثانية هي «تخطيط الرحلات»، التي تمثل أداة متقدمة تقترح على المستخدمين أفضل وسائل التنقل المتاحة في الشبكة من النقطة ألف إلى النقطة باء، بما يشبه الأنظمة المستخدمة في خدمات مثل «غوغل مابس».

أما الخاصية الثالثة، فهي إمكانية «شراء التذاكر»، إذ يمكن للمستخدمين شراء تذكرة موحدة تشمل جميع وسائل النقل المرتبطة بالشبكة، ما يسهل تجربة التنقل ويعزز مفهوم «التنقل كخدمة» في المدن الذكية.

وتشمل الخاصية الرابعة توفير قنوات «التواصل مع خدمة العملاء»، إذ يمكن للمستخدمين اقتراح مسارات جديدة والمساهمة في تحسين الشبكة على نحو مستمر.

وأشار شيرة إلى أن مشروع النقل العام في الرياض يهدف إلى خفض الازدحامات المرورية بنسبة تصل إلى 30 في المائة، وذلك من خلال السعة الركابية العالية للقطار، الذي يمكنه استيعاب أكثر من 3 ملايين راكب يومياً. وتعد هذه السعة جزءاً من 10 ملايين رحلة تُجرى يومياً في طرق المدينة.

وأضاف أن النظام الجديد يتمتع بقدرة على زيادة الطاقة الاستيعابية لمواجهة النمو السكاني المستمر في الرياض.

وقال: «يأتي إطلاق هذا التطبيق ضمن جهود مدينة الرياض لتعزيز حلول التنقل المستدامة وتقليل الازدحامات المرورية، مما يعكس التزام المملكة بتطوير البنية التحتية للنقل الذكي».

ويتكون المشروع من شبكة تشمل 6 مسارات للقطار بطول 176 كيلومتراً، و85 محطة، من بينها 4 محطات رئيسية.

خلال الجولة في «قطار الرياض» التي نظمتها الهيئة الملكية لمدينة الرياض للإعلاميين (الشرق الأوسط)

وتبلغ الطاقة الاستيعابية للمشروع 3.6 مليون راكب يومياً، ويتميز بتكامله مع شبكة الحافلات التي أُطلقت مؤخراً، وكذلك مع بقية منظومة النقل الأخرى في المدينة.

ويعمل «قطار الرياض» في مساراته على تغطية معظم مناطق الكثافات السكانية، ومناطق الجذب المروري، ومنطقة وسط المدينة، ومناطق المرافق الحكومية، والأنشطة التجارية، والتعليمية والعلمية والصحية والرياضية والترفيهية.

خلال الجولة في «قطار الرياض» التي نظمتها الهيئة الملكية لمدينة الرياض للإعلاميين (الشرق الأوسط)

كما تغطي مساراته مطار الملك خالد الدولي ومركز النقل العام وشبكة سكك الحديد، ومركز الملك عبد الله المالي ومشاريع حديقة الملك سلمان، والمسار الرياضي، إلى جانب استاد الملك فهد الدولي، والمشاريع الكبرى، والعديد من مناطق الجذب والأنشطة والفعاليات في المدينة.

تبدأ مواعيد تشغيل مسارات «قطار الرياض»، الأحد، 1 ديسمبر (كانون الأول) 2024، بالمسار الأول «الأزرق» (محور شارع العليا - البطحاء)، والمسار الرابع «الأصفر» (محور طريق مطار الملك خالد الدولي)، والمسار السادس «البنفسجي» (محور طريق عبد الرحمن بن عوف - طريق الشيخ حسن بن حسين).

خلال الجولة في «قطار الرياض» التي نظمتها الهيئة الملكية لمدينة الرياض للإعلاميين (الشرق الأوسط)

ويبدأ تشغيل المسار الثاني «الأحمر» (طريق الملك عبد الله)، والمسار الخامس «الأخضر» (طريق الملك عبد العزيز) بعد أسبوعين؛ أي بحلول 15 ديسمبر 2024.

بينما سيتم تشغيل المسار الثالث البرتقالي (محور طريق المدينة المنورة) بتاريخ 5 يناير (كانون الثاني) 2025.

تُمثّل المحطات الرئيسية في المشروع «قيمة مضافة» لمشروع النقل العام في مدينة الرياض؛ حيث جرى تصميمها باستخدام مواد مُستدامة مع الاعتناء بالنواحي التشغيلية ومتطلبات الصيانة مستقبلاً؛ وذلك بهدف تحسين البيئة العمرانية في المدينة.

محطة المركز المالي (الشرق الأوسط)

التذاكر

وأشارت الهيئة الملكية لمدينة الرياض إلى أنه يمكن تحديد الوجهات على رحلات القطار وشراء التذاكر من خلال تطبيق «درب».

وحسب تطبيق «درب»، فإن أسعار التذاكر تبدأ من 4 ريالات إلى 140 ريالاً، كالتالي:

الفئة الأولى: لمدة ساعتين بقيمة 4 ريالات.

الفئة الثانية: لمدة 3 أيام بقيمة 20 ريالاً.

الفئة الثالثة: لمدة أسبوع وبقيمة 40 ريالاً.

الفئة الرابعة: لمدة 30 يوماً بقيمة 140 ريالاً.

الخدمات التي يقدمها «قطار الرياض»

يضم مشروع «قطار الرياض» 19 موقعاً لمواقف عامة للسيارات على مختلف المسارات في معظم أجزاء المدينة بقدرات استيعابية تتراوح بين 400 و600 سيارة؛ بهدف تسهيل استخدام شبكة القطارات بدلاً من الاعتماد على السيارات الخاصة في التنقل داخل المدينة، إلى جانب إنشاء 7 مراكز لمبيت وصيانة القطارات في أطراف مسارات الشبكة.

كما يضم المشروع 190 قطاراً تحتوي على 452 عربة، جرى تصنيعها من قِبَل 3 من أكبر مصنّعي عربات القطارات في العالم وهي «سيمنز» الألمانية، و«بومباردييه» الكندية، و«ألستوم» الفرنسية.

وفي هذا الإطار، قال أندرو دي ليون، رئيس منطقة أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا الوسطى في شركة «ألستوم»، في بيان يوم الجمعة: «يمثل افتتاح قطار الرياض من قبل الهيئة الملكية لمدينة الرياض علامة فارقة في تعزيز (رؤية المملكة 2030)».

وأضاف: «من خلال الاستفادة من التكنولوجيا المبتكرة والممارسات المستدامة، نعمل على إعادة تشكيل التنقل الحضري بالتعاون مع الهيئة الملكية للجبيل وينبع وتمكين المجتمعات مع تعزيز النمو الاقتصادي... وتتشرف شركة (ألستوم) بلعب دور رئيسي في هذا التحول، والمساهمة في مستقبل أكثر إشراقاً وترابطاً للمملكة وخارجها».

«وجه مبتسم»

وتتميز عربات القطارات بتصميمات عصرية نفّذتها شركة «Avant Premiere of France» الفرنسية، وجاءت مقدمة القطار على شكل «وجه مبتسم» ليجسّد ترحيباً بروّاده.

من الهيئة الملكية لمدينة الرياض

كما تم استخدام لون مختلف لكل مسار على عربات القطار، وعلى جوانب الجسور واللوحات الإرشادية؛ ليتمكن الركاب من الانتقال بسهولة بين المسارات.