نتنياهو أراد حرباً على غزة... والجيش الإسرائيلي رفض

في تفاصيل جديدة تنشر حول قضية الصاروخين على أسدود

TT

نتنياهو أراد حرباً على غزة... والجيش الإسرائيلي رفض

في تفاصيل جديدة نشرت، أمس (الثلاثاء)، في تل أبيب، أكدت مصادر سياسية وعسكرية أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، عمل بشكل جدي للغاية كي يفرض على الجيش الإسرائيلي شنّ حرب على قطاع غزة. وقالت هذه المصادر إن نتنياهو لم يرد بذلك الانتقام الشخصي فقط من إطلاق صاروخين على أسدود خلال وجوده في المدينة، بل أيضاً لكي يؤجل الانتخابات، لأنه يشعر بأنه سيهزم فيها.
وقالت هذه المصادر، في تسريبات نشرتها وسائل الإعلام العبرية، أمس، إن نتنياهو أرسل رئيس مجلس الأمن القومي في مكتبه، مئير بن شبات، إلى رئيس لجنة الانتخابات المركزية، القاضي حنان ميلتسر، يبلغه بأن هناك احتمالاً لتأجيل الانتخابات، لأن الحكومة تنوي الرد بقسوة على القصف الصاروخي باتجاه مدينتي أشكلون وأسدود. وأكد له أن هذه الحرب ضرورية لصيانة الردع الإسرائيلي للتنظيمات الفلسطينية.
المعروف أن صاروخين من نوع «غراد» كانا قد أطلقا على المدينتين، مساء الثلاثاء الماضي، قبل أسبوع. وكان نتنياهو ساعتئذ، يلقي خطاباً في مهرجان انتخابي بمشاركة 1000 شخص. وكان يتحدث عن قوة الردع التي حققها بسياسته الحازمة تجاه حركة «حماس». وقد دفعه حراسه إلى الهرب من القاعة واللجوء إلى مكان آمن. وتحول هربه هذا إلى موضوع سخرية من خصومه؛ خصوصاً أنه في الوقت ذاته كان زعيم آخر من المعارضة، هو النائب غابي إشكنازي، يتكلم في مهرجان انتخابي آخر في أشكلون ولم يهرب من القاعة.
وعلى إثر ذلك، قرر نتنياهو الانتقام بعملية واسعة في قطاع غزة. وعرض فكرته على قادة الأجهزة الأمنية، وهم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، تمير هايمان، ورئيس المخابرات العامة (الشاباك)، ناداف أرغمان، ورئيس المخابرات الخارجية (الموساد)، يوسي كوهين، ورئيس مجلس الأمن القومي، مئير بن شبات. وحسب تلك المصادر، أبلغه كوخافي وأرغمان بأن الخطة التي يقترحها ستؤدي إلى اشتعال حرب واسعة، وربما شاملة مع القطاع، وأنهما لا يريان أن القصف المذكور يحتاج إلى ردّ غير عادي كهذا. وقال كوخافي إن لديه خطة لتوجيه ردّ معتدل أكثر. وبدأت قواته فعلاً تقصف في قطاع غزة، وفق خطة كوخافي هذه.
وفحص نتنياهو عندئذ إمكانية فرض قرار الحرب على الجيش، وهنا رفض المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، الفكرة، وذكّر نتنياهو بأن حكومته انتقالية، وأنه يحتاج إلى قرار الكابنيت، أي المجلس الوزاري الأمني المصغر. فاتصل نتنياهو مع وزراء الكابنيت تليفونياً وبحث معهم الأمر، فوافقوه الرأي، لكن مندلبليت أوضح أنه يحتاج إلى اجتماع رسمي منظم للكابنيت، وأنه يجب أن يحضر الجلسة رئيس أركان الجيش ورئيس المخابرات، ويقدما توصية تؤيد هذه الحرب. ولما وجد نتنياهو أن هذه الإمكانية غير واردة، تراجع عن فكرته.
وذكرت هيئة البثّ الإسرائيلية (كان) أن «إسرائيل كانت أقرب لعملية عسكرية واسعة ضد قطاع غزة، أكثر من أي وقت مضى، وذلك قبل أسبوع من الانتخابات العامة للكنيست الـ22». وأضافت أن العملية العسكرية التي اقترحها نتنياهو تعتبر تصعيداً في مستوى الهجمات التي نفذها الجيش الإسرائيلي في الأشهر الأخيرة ضد القطاع. ونقلت القناة عن مسؤولين في أجهزة الأمن الإسرائيلية تقديراتهم بأن إطلاق قذيفة صاروخية باتجاه أشدود لا يستدعي رداً إسرائيلياً بهذا الحجم الذي أراده نتنياهو، والذي من شأنه أن يؤدي إلى اندلاع حرب واسعة النطاق، يتضمنها إطلاق مئات القذائف الصاروخية من القطاع واتساع دائرة النيران لتصل إلى منطقة تل أبيب. وأنهم عبّروا عن خطورة الشروع بعملية عسكرية واسعة ضد القطاع المحاصر، في ظل «الحساب الذي لا يزال مفتوحاً»، على حد وصف القناة، مع «حزب الله» اللبناني وإيران على الجبهة الشمالية. ونقلت القناة عن مصدر آخر، أن قادة في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية خرجوا من المشاورات الأمنية بانطباع أن «قرارات نتنياهو باتت مدفوعة باعتبارات حزبية وسياسية وشخصية». وقال مصدر أمني آخر، ذكرت القناة أنه يعمل مع نتنياهو منذ سنوات: «حدث له شيء، لم يعبث نتنياهو بالأمن هكذا من قبل، من أجل اعتباراته السياسية».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.